اتفاق «إيست ميد».. تقويض الآمال التركية في الهيمنة على «غاز المتوسط»

الأحد 05/يناير/2020 - 02:45 م
طباعة اتفاق «إيست ميد».. شيماء يحيى
 
جاء اتفاق مد خط أنابيب غاز شرق المتوسط «إيست ميد» الموقع بين كل من إسرائيل وقبرص واليونان، في الثاني من يناير 2020، في ظل التدخلات التركية غير المشروعة من خلال عمليات التنقيب عن الغاز، وهو ما قد يقوض الطموح التركي في السيطرة على إمدادات الطاقة في المنطقة.



وجاء توقيع اتفاق خط أنابيب «إيست- ميد» بعد أسابيع من إبرام تركيا وحكومة الوفاق الليبية بزعامة فايز السراج اتفاقيتين بحرية وأمنية لترسيم الحدود في البحر المتوسط.


ويهدف الاتفاق لتكوين حلقة وصل ثلاثية مهمة في سلسلة إمدادات الطاقة لأوروبا، وأيضًا لمواجهة محاولات تركيا بسط سيطرتها على موارد الطاقة في شرق المتوسط.


ويتيح خط «إيست ميد» البالغ طوله 1872 كيلومترًا نقل ما بين 9 و11 مليار متر مكعب من الغاز سنويًّا من الاحتياطيات البحرية لحوض شرق المتوسط قبالة قبرص وإسرائيل إلى اليونان وإيطاليا، ودول أخرى في جنوب شرق أوروبا عبر خط أنابيب الغاز «بوسيديون» و«إي جي بي».


الدافع
هناك كثير من الدوافع السياسية والاقتصادية والعسكرية لتوقيع هذا الاتفاق، وإن كان الشق الاقتصادي يحتل المرتبة الأولى، ويمكن إرجاء هذا التوافق في مجمله إلى حجم الاكتشافات التي قادت تلك الدول إلى تكوين هذه الشراكة؛ خاصةً في ظل وجود العديد من اكتشافات الغاز من جانب قبرص وإسرائيل التي تستهدف من خلالها تصدير الغاز إلى أوروبا.



وبالنسبة لليونان، الطرف الثالث في الاتفاق، فبرغم قلة الاكتشافات النفطية في المنطقة الاقتصادية الخاصة فإنها تتجه نحو لعب دور مهم في تأمين انتقال الطاقة إلى الجانب الأوروبي، ففي مارس 2014، قامت أثينا بإطلاق مناقصة دولية لدراسة جدوى مُقترح خط أنابيب يصل حقل ليفياثان الإسرائيلي بأوروبا عبر اليونان.



وكان الاتحاد الأوروبي قد أبدى تأييده لمشروع خط شرق المتوسط في العام 2013، حين اختارته المفوضية الأوروبية كمشروع ذي أهمية، وفي سبيل تحقيق ذلك وقعّت اليونان اتفاقية ترسيم حدود بحرية مع مصر في عام 2015، وتم التوافق مع الجانب القبرصي والإسرائيلي نحو التعاون من خلال خط الغاز «إيست ميد» لنقل الغاز المكتشف إلى أوروبا.


البديل



من المؤكد أن توقيع الاتفاق الثلاثي بين كل من إسرائيل واليونان وقبرص، سيقضي على الطرح التركي المتعلق بإنشاء خط أنابيب للغاز الطبيعي بينها وبين إسرائيل، بل إن إسرائيل لجأت إلى اليونان وقبرص كبديل عن تركيا في الاعتماد على خطوط نقل الغاز.



ولعل الطرح التركي كان من شأنه أن يسمح لأنقرة بالحد من اعتمادها على الطاقة من روسيا، وكذلك لفتح سوق جديدة لمشروعات الغاز الطبيعي الإسرائيلي قبالة سواحلها، وإضافةً إلى ذلك، عرضت أنقرة بناء «خط أنابيب السلام» لنقل الغاز القبرصي إلى الأسواق الأوروبية عبر الأراضي التركية.



وعلى الرغم من أن نيقوسيا لم ترفض هذه الخطة شريطة أن يكون هناك حل لـ«قضية قبرص»، بما في ذلك إعادة توحيد الجزيرة، وانسحاب القوات التركية من القسم الشمالي منها، إلا أن تركيا لم تلتزم بذلك.


ومن جانب آخر فإن مشروع السيل التركي «ترك ستريم 2016»، الذي يشمل مد خطي أنابيب لنقل الغاز الروسي عبر تركيا إلى أوروبا، وسينقل كل خط 15.75 مليار متر مكعب سنويًّا، يواجه العديد من الضغوط الأمريكية والعقوبات، الأمر الذي يضع تركيا بين صعوبة الاختيار بين الجانب الأمريكي أو الروسي، ففي حال رضوخها لواشنطن ستتوتر العلاقات مع موسكو، وفي حال استمرارها في المشروع بالتعاون مع الجانب الروسي ستتعرض العلاقات مع الولايات المتحدة إلى ضغوط عدة؛ خاصةً أن الكونجرس الأمريكي ألغى في 17 ديسمبر 2019 الحظر العسكري المفروض على قبرص، في خطوة تنطوي على تحدٍ واضح لتركيا.



وبدءًا من عام 2025، تعتزم إسرائيل نقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر خط الأنابيب، الذى من المقرر أن يمتد من إسرائيل إلى قبرص، ومن هناك إلى جزيرة كريت، ومن ثم إلى بر اليونان الرئيسي، وبعدها سيتم نقله إلى إيطاليا عبر خط أنابيب آخر.



ويحظى المشروع بدعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتشدد واشنطن على أنه يجب أن تصبح أوروبا أقل اعتمادًا على إمدادات الغاز الطبيعي القادمة من روسيا.

شارك