«الكراغلة».. جسر استدعاء التدخل التركي في ليبيا

الخميس 09/يناير/2020 - 07:36 م
طباعة «الكراغلة».. جسر سارة رشاد
 
مازال الحديث الذي طرحه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، نهاية 2019، وبرر فيه تدخل بلاده في ليبيا، بوجود مليون تركي بها، على يحتاجون لمساعدته، حد قوله، يلقى بظلاله على المشهد الليبي.
وباستدعاء ورقة الليبيين أصحاب الأصل التركي التي تستغلها أنقرة في تبرير تدخلها في ليبيا، يتضح إنها ليست وليدة المشهد الراهن، بل قديمة وتلجأ إليها كلما اقتضت الحاجة.
تعود أولى المحطات السياسية لليبيين أصحاب الأصول التركية إلى عام 2011، وتحديدًا مع وصول ما تعرف بموجات الربيع العربي إلى ليبيا؛ إذ اشتعلت نبرات عنصرية، آنذاك، تمييز القادمين من أصول تركية، والمعروفون بـ«الكراغلة» عن نظرائهم المنتمين للقبائل العربية.
ولم يقتصر الأمر عند ذلك بل زاد، حينما وقف «الكراغلة» في صدارة صفوف الميليشيات التي حاربت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي.

«الكراغلة».. جسر
ووفقًا لساسة ليبيين فدور «الكراغلة» في 2011 لم يكن اعتباطيًّا، ولا مصادفة، متوقعين أن يكون لتركيا مساهمة في تحريك هذه الفئات لتمرير مشروعها بإزاحة القذافي والسيطرة على ليبيا.

من هم؟
الكراغلة، هي إحدى المظلات القبلية الكبرى في ليبيا، ويندرج تحتها حوال 13 قبيلة، هم: يدر، المقاصبة، الشراكسة، الجهانات، الفراطسة، الرملة، الدرادفة، عباد، الشواهدة، المقاوبة، قرارة، الزوابي، البلابلة.
والانحدار من الأصول التركية هي السمة المجتمع حولها قبائل الكراغلة، حتى أن اسمها ينشق عن المسمى التركي (كول أوغلي)، وكول هي صفة للجندي الانكشاري باعتباره من جنود السلطان العثماني، أما أوغلي فهي ابن باللغة التركية.
ويرى المنتمون لهذه القبائل في أنفسهم مرتبة أعلى من الليبيين العرب، إذ وصل الأمر لإطلاقهم على المنحدرين من جذور عربية «البدو».
تكون «الكراغلة» فى نهاية الحكم العثماني بليبيا، عندما تزاوج جنود الانكشارية المقيمين في مدينة مصراتة بداية من سنة 1556 ميلاديًّا، من نساء محليين فأنجبوا جيلًا مزدوج الهوية.
ومنذ ذلك الوقت يغلب المنحدرون عن هذا التزاوج هويتهم التركية، رغم انسجامهم مع المجتمع الليبي المحتضن لهم، حتى جاء عام 2015 لتدشن جمعية تنال من استقرار المجتمع الليبي، عرفت بـ«الجمعية الليبية الكورغلية».
وفي تعريفها لنفسها فور تأسيسها، أوضحت أنها كيان هدفه إحياء التراث العثماني في شمال أفريقيا، مطالبة تركيا بالاعتراف بالكراغلة الليبيين كأتراك لهم حقوق المواطنة.
ونحو مزيد من التمسك بالهوية التركية عكفت الجمعية على نشر ما تعتبره أمجاد الحكم العثماني في ليبيا، زاعمة أن ليبيا تحت حكم الولاة العثمانيين كانت تملك جيوش برية وبحرية قوية.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ انضمت الجمعية لعضوية منظمة «Turksoy» وهي منظمة هدفها تجميع العرقيات التركية في جميع أنحاء العالم.
ورغم ما لاقته الجمعية من انتقادات من قبل الليبيين، فإن القراءات لم تعطيها قدرًا من الأهمية إلا بعد ما ردده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن أتراك يتدخل لحمايتهم.

خطورة الكراغلة
يقدّر الباحث في الشأن الليبي، محمد الزبيدي، فى تصريح له حجم خطر الكراغلة بالكبير، مُقارنًا بينه وبين التجربة التركية في قبرص عام 1974.
ويوضح أن تركيا دخلت في السبعينيات من القرن الماضي إلى قبرص بدعوى الدفاع عن القبارصة الأتراك، ورغم أن المنحدرين من جذور تركية لا تزيد نسبتهم عن 20%، فإنها تدخلت ونفذت عملية إبادة ضد القبارصة اليونانيين.
ولفت الباحث فى الشأن الليبي، إلى أن القبارصة الأتراك وقتها كانوا يلعبون نفس دور الكراغلة في ليبيا، وهو الترويج للأجندة التركية، ممهدين الطريق بذلك أمام مصالح أنقرة، مُحذرًا من التشابه بين الدور التركي في قبرص في سبعينيات القرن الماضي وبين ليبيا اليوم، محملًا الليبيين المنتمين لتركيا مسؤولية تمرير التدخل التركي.

شارك