تحويل بوصلة الغضب.. مقتل «سليماني» ينقذ الملالي من الغرق في طوفان الثورة

السبت 11/يناير/2020 - 12:55 م
طباعة تحويل بوصلة الغضب.. نورا بنداري
 
عقب مقتل  قاسم سليماني في غارة أمريكية، خيم الحزن على نظام الملالي بأكمله إلا أن هذا كان الظاهر، إذا أن هذا النظام يعلم أن واشنطن ساعدته بمقتل «سليماني» دون أن تدري، وبات الناشطون الإيرانيون يعلنون أن إيران بعد مقتل «سليماني» غير إيران قبل مقتله، في إشارة إلى تغير الأوقايل عن سياسة الملالي التي كانت منبوذة من قبل الشعبين العراقي واللبناني بل وأيضًا الإيراني، الذين خرجوا في احتجاجات منددة بسياسات النظام الإيراني في المنطقة، ورافضة لأفعالها، وهذا ما كان يسبب مأزقًا لإيران التي كانت تبحث عن حل للخروج من هذه الأزمة، وبمقتل «سليماني» حصلت على ذلك.

توظيف لصالح الملالي

بعد مقتل سليماني تحولت لغة مسؤولي الملالي وبدأوا يطالبون شعبهم الإيراني بالاتحاد لمواجهة القوة الخارجية المتمثلة في الولايات المتحدة التي تستهدف دولتهم، وأن يسعوا جاهدين لتدعيم نظامهم للوقوف ضد أي محاولة خارجية تهدف للقضاء على ثورتهم الإيرانية 1979 والتشبث بالعقيدة الإيرانية التي تنص على أن إيران تستحق أن يموت من أجلها أكثر من قائد في سبيل تحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية والعقائدية.


بل توجهت إلى بلاد الرافدين وطالبت الشعب العراقي- الذي ثار ضدها - بالتصدي للقوة الأمريكية التي تريد إدخال المنطقة في حروب، ومارسوا ضغوطا من خلال أذرعهم ومسؤوليهم بالعراق على جعل البرلمان العراقي يصدر قرار يطالب برحيل القوات الأمريكية من بلده، وهذا ما تريده إيران كي تنفرد بالسيطرة على العراق وحدها، وفي نفس الوقت تحول أعين الحراك العراقي ضدها تجاه أمريكا.


مكاسب إيرانية

كيف استفادت إيران من موت «سليماني»؟ كيف وظفت عملية اغتياله لصالح النظام، الذي يعاني داخليًّا وخارجيًّا وبات في أضعف حالاته؟ تساؤلات يجيب عنها «أسامة الهتيمي» الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الإيراني، في تصريح  له، حيث يقول: إنه ربما سلط الكثيرون الضوء على الخسارة التي منيت بها إيران جراء العملية الأمريكية لاغتيال «سليماني» قائد فيلق القدس و«أبو مهدي المهندس» نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي، فيما لم يلتفت هؤلاء كثيرًا إلى وجوه الاستفادة التي ربما تحققت لإيران من وراء هذه العملية.

ولفت «الهتيمي» أن أوجه الاستفادة الإيرانية تمثلت في لفت النظر بعيدًا عن الحراك الشعبي العراقي الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق مطالبه وأهدافه وإجبار النخبة السياسية العراقية الموالية لإيران على الاستجابة له وتكليف رئيس وزراء تنطبق عليه شروط هذا الحراك، وفي ذلك بالطبع انتصار للتيار الموالي لإيران وإبعاد شبح إضعاف النفوذ الإيراني في العراق.

وأضاف أن ارتفاع أسعار النفط بنسبة تتجاوز الـ4% وهو ما سيسبب أزمة في السوق العالمية للنفط ما سيصب في صالح إيران وهو ما أكده وزير النفط الإيراني نفسه، ليس ذلك فقط بل أن خفوت صوت الحراك الإيراني بعدما صدر النظام الإيراني خطاب المواجهة ضد أمريكا ومخططاتها لضرب إيران، كان من المكاسب الإيرانية.

وبين «الهتيمي» أن من بين هذه المكاسب أيضا؛ التأكيد على مكانة إيران في المنطقة والعالم وأن أمريكا بتصريحاتها ومواقفها أكدت أنها تتحاشى الدخول معها في حرب واسعة أو شاملة، والعمل على التقليل من شأن بعض الدول العربية المناوئة للمشروع الإيراني إذ حرصت إيران على إبراز بعض المواقف التي تكشف ذعر البعض مما يحدث، كما أجبرت إيران بعض الدول المشاركة في التحالف الدولي إلى التفكير جديًّا في الانسحاب من العراق والمنطقة وهو ما يؤكد نفوذ إيران.

وفقًا لـ«الهتيمي» فإن إيران ضمنت وإلى حد كبير أن ترهن بعض الفصائل الفلسطينية بها وبسياساتها إذ قامت هذه الفصائل "حماس والجهاد" وبالمخالفة لمشاعر القطاع الأغلب من الجماهير العربية إلى إبداء الحزن على مقتل «سليماني» فضلًا عن وصفه بالشهيد الأمر الذي اعتبره البعض تجاوزًا في حق دماء عشرات الآلاف الذين تسبب «سليماني» في مقتلهم.

وعلى صعيد الاتفاق النووي، بين الصحفي المتخصص في الشأن الإيراني؛ أن مقتل «سليماني» سيؤدي لحدوث حالة من التدافع لكل القوى الدولية من أجل التوصل لصيغة تهدئة بين الأميركيين والإيرانيين خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي.

شارك