قطر والسودان.. أسباب تأخر «الدوحة» في دعم الحراك الشعبي ومحاولات إنقاذه

السبت 01/فبراير/2020 - 01:06 م
طباعة قطر والسودان.. أسباب محمد عبد الغفار
 
تزعم الحكومة القطرية دعمها لحرية الشعوب العربية ونشر مبادئ الديمقراطية، متخذة من ذلك ستارًا للتدخل في شؤونها بدعوى تأييد المظاهرات والثورات، إلا أن الحالة السودانية كانت كاشفة لأكاذيب الدوحة، والتي تأخرت كثيرًا في دعم ثورة الشعب السوداني ضد نظام الرئيس السابق عمر البشير، وهو ما يطرح تساؤلًا حول الأسباب، وكيف حاولت قطر إنقاذ رجلها في السودان؟.

لماذا؟ 

بعد اندلاع المظاهرات الشعبية في السودان، كانت الدوحة أول وجهة خارجية للرئيس السابق عمر البشير، حيث زارها، يناير 2019، للالتقاء مع أميرها تميم بن حمد؛ لبحث القضايا المشتركة والعلاقات الأخوية بين البلدين، وفقًا للإعلان الرسمي، ولكن كان هناك ما هو أبعد من ذلك.



يعد الرئيس عمر البشير كنزًا ثمينًا للدولة القطرية، حيث عمل على زيادة نفوذ الدوحة في منطقتي شوق القارة الأفريقية، بالإضافة للقرن الأفريقي، بهدف خلق مناطق نفوذ لقطر على سواحل البحر الأحمر.



كما اقترب من المحور القطري التركي، بهدف مساعدة الدولتين على بناء وجود دولي واضح في المنطقة، ومنها قبوله بالوساطة القطرية في أزمة الحكومة السودانية مع متمردي إقليم دارفور.



كما اصطف البشير إلى جانب الدوحة في الأزمة الخليجية، وهو ما أكده محمد مصطفى الضو، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان السودان ونائب رئيس القطاع السياسي في حزب المؤتمر الوطني، في تصريحات لصحيفة السودان اليوم.


وكان الرئيس السوداني يحصل على مقابل مادي نظير ذلك، حيث بلغ حجم الاستثمارات القطرية في السودان خلال عام 2017 نحو 3 ملايين دولار، وهو ما ارتفع بصورة واضحة في السنوات التالية.

مليارات لدعم البشير

مع اندلاع المظاهرت وخروج المسيرات في شوارع المدن منذ 19 ديسمبر 2018، اعتراضًا على ارتفاع الأسعار والتدهور الكبير في الحالة الاقتصادية تحت حكم البشير، وارتفع سقف المطالبات بعزل الرئيس من منصبه، سارعت الدوحة إلى الوقوف إلى جانب رجلها في السودان، وذلك عبر مساقين أساسيين، الأول تقديم الدعم المالي، حيث هاتف أمير قطر تميم بن حمد نظيره السوداني منذ اليوم الأول، وفقًا لما نقلته وكالة السودان للأنباء.



وأكد أمير قطر عن تقديمه دعمًا ماديًّا للسودان للخروج من «محنتها»، وأضاف تميم «تقف بلادي مع السودان، ونحن جاهزون لتقديم كل ما هو مطلوب»، وأوضحت صحف سودانية محلية، 23 ديسمبر 2018، عن تقديم الدوحة لمليار دولار كمنحة عاجلة للسودان لمواجهة المظاهرات المحلية.



وتعهدت الدوحة بضخ مليارات من الدولارات إلى النظام السوداني على هيئة استثمارات، بهدف مساعدته في مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يثور الناس من أجلها.

اعتراف متأخر



وتمثل المسار الثاني في تأخير الدعم العلني لقطر للمظاهرات الشعبية السودانية، واستمر ذلك لعدة شهور، على الرغم من أن الدوحة كانت تعلن تأييدها للحراكات الشعبية في الدول العربية الأخرى منذ اليوم الأول.



وحاولت الدوحة من ذلك أن تعطي قبلة الحياة لنظام البشير، حتى يستمر في منحها امتيازات كبيرة داخل الأراضي السودانية، وقربه من المعسكر الإخواني الذي تدعمه قطر منذ سنوات في الدول العربية.


تجاهل إعلامي




وما يؤكد عدم رغبة قطر في دعم الحراك الشعبي السوداني، أن الآلة الإعلامية التي اعتمدت عليها الدوحة لسنوات طوال خلال مظاهرات ما يسمى بالربيع العربي في الدول المختلفة، ممثلة في الجزيرة، لم تعمل مطلقًا في الحالة السودانية.



وعلى غير العادة، التزمت قناة الجزيرة الصمت لفترات طويلة مع بداية الثورة السودانية وتطور أحداثها، ولم تفرد سوى مساحات خبرية صغيرة للحديث عن الحراك الشعبي في مدن السودان وخصوصًا العاصمة الخرطوم.



ومع نجاح الثورة السودانية، بدأت الجزيرة في شن حملات ممنهجة ضد المجلس العسكري الحاكم للبلاد، واتهامه بالرغبة في البقاء للسلطة، حيث أطلقت ودعمت هاشتاجات معارضة له، مثل FreeSudan وBlueForSudan.



وظهر توتر العلاقة ما بين القناة القطرية والمجلس العسكري في أوج لحظاته، عندما أعلن المجلس عن غلق مقر القناة في العاصمة السودانية الخرطوم، ومنعها من ممارسة نشاطها، بعد عملها على تزييف الأحداث بالداخل.

شارك