ثمن ثروات السودان.. المال القطري في جلباب «البشير»

الخميس 06/فبراير/2020 - 08:24 م
طباعة ثمن ثروات السودان.. دعاء إمام
 
لم ينجح المال القطري في إخماد الاحتجاجات السودانية التي اندلعت نهاية عام 2018؛ للمطالبة بسقوط نظام عمر البشير؛ وهو ما واجهته الدوحة بزيادة تحركاتها في موانئ البحر الأحمر، لتقديم الخدمات الممكنة لإنقاذ جماعة الإخوان في السودان، والحفاظ على مصالحها من جهة أخرى.
وبسبب ميول «البشير» السياسية والأفكار التي تجمع بينه وبين الدول الداعمة للإرهاب، توصل الرئيس السوداني السابق إلى مشاركة اقتصادية وعسكرية مع كلٍ من تركيا وقطر، وبدأ التحالف بين الدول الثلاث في العمل منذ أوائل عام 2017، حينما استضافت الخرطوم اجتماعًا مشتركًا لوزراء دفاع تركيا وقطر والسودان.
وفي ديسمبر 2017 أبرم السودان وتركيا اتفاقًا لتأجير ميناء سواكن على البحر الأحمر لأنقرة، وتسيير السفن البحرية التركية قبالته، ما يمنح تركيا قاعدة بحرية أخرى في البحر الأحمر بالإضافة إلى تلك التي تعمل بها بالفعل في الصومال.
وفي مارس 2018، وقعت قطر مع السودان اتفاقية بقيمة 4 مليارات دولار، لتطوير ميناء سواكن؛ ما يوحي بتمديد التحالف «القطري ــ التركي» إلى البحر الأحمر. 
وفي سبتمبر 2018، أبرمت تركيا مع السودان أيضًا صفقة للتنقيب عن النفط بقيمة 100 مليون دولار.
وأشار تقرير لوكالة «آسيا تايمز» صدر في يناير 2019، إلى أن كلًا من قطر والسودان وتركيا تحكمها أنظمة متعاطفة مع جماعة الإخوان، ويؤوون عناصر إخوانية هاربة من مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013.
ومع سقوط نظام الرئيس السابق وصعود المجلس العسكري السوداني لموقع الحُكم، تغيرت سياسات الخرطوم الإقليمية، وكان العامل الأهم فيها  انحسار نفوذ قطر على خلاف السنوات الماضية حين كانت الدوحة ركيزة أساسية، وفاعلة مهمة في سياسات الخرطوم.
وفي هذا الإطار يذكر الرئيس السوداني السابق البشير زار الدوحة أثناء تصاعد الأحداث الاحتجاجية، بهدف تلقي دعم مالي في هيئة منح نقدية، أملًا في الحصول على مليارات الدولارات؛ التي قد تُمكنه من تخطي أزمة التظاهرات في الشوارع، عبر إطلاق سلسلة إجراءات لخفض الأسعار والتراجع عن رفع أسعار الوقود وتعويم العملة المحلية، الذي كان أحد عوامل احتجاج المتظاهرين.
وجاء اختيار البشير لقطر وفق سياسة قائمة على تقديم الدوحة الدعم لحكومته، وظهر ذلك في بيان رسمي أثناء اندلاع التظاهرات، وتلقيه اتصالًا هاتفيًا من أمير قطر تميم بن حمد، اطمأن فيه الأخير على أوضاع البلاد مع تزايد حدة الاحتجاجات الشعبية، وعبّر عن «وقوف بلاده مع السودان وجاهزيتها لتقديم كل ما هو مطلوب لمساعدتها على تجاوز هذه المحنة مؤكدًا حرصه على استقرار السودان وأمنه».
ولم تكتف قطر بالتلويح بالملف الاقتصادي، بل عكف نظامها على إعادة التدخلات في السودان القديم وإحيائها في السودان الجديد؛ فعمدت وسائل إعلام الدوحة على تكثيف الحديث عن كيفية استفادة إدارة السودان الجديد من «وثيقة الدوحة للسلام»، ما يثير العديد من التساؤلات حول الدور الذي تحاول قطر القيام به مؤخرًا في السودان عقب سقوط البشير.
وأظهرت دول المنطقة رفضًا متزايدًا للسياسة القطرية، وابتعدت عنها الكثير من الدول، وقاطعتها أخرى في شكل تدريجي، على الرغم من أن الدوحة ضخت مليارات الدولارات في الدول المشتعلة، ومولت جماعات سياسية ودينية متطرفة لبناء نفوذ سياسي واقتصادي، وخلق جماعات ولوبيات لتنفيذ السياسة القطرية في داخل تلك الدول.
وبحسب الباحث اللبناني، أمين قمورية، في تصريحات صحفية، فقد تجاوز الاستياء الشعبي في السودان مسألة الأزمة الاقتصادية؛ لذا كان رهان الرئيس خاسرًا، لا سيما أنه كان يعول على بعض المساعدات المالية من قطر ودول أخرى، دون أن ينتبه إلى أن الوضع في السودان كان نتاج تراكمات عمرها عقود ومعالجتها تحتاج تغييرات جذرية في طبيعة النظام نفسه.
ولفت إلى أن قطر حاولت التدخل لحل الأزمة في السودان، لحماية مصالحها في منطقة البحر الأحمر، هذا بالإضافة إلى الطبيعة العقائدية للنظام السوداني والتي تتماشى مع الإخوان أصدقاء قطر.

شارك