مسرحية بلا جمهور.. مهزلة الانتخابات الإيرانية تعجل بسقوط الملالي

الإثنين 24/فبراير/2020 - 11:08 م
طباعة مسرحية بلا جمهور.. إسلام محمد
 
بعد التضييق والتشديد الذي مارسه الجناح المحافظ «الأكثر تشددًا»، خلال الانتخابات البرلمانية السابقة، والتي أدت لاستبعاد 90% من مرشحي التيار الإصلاحي- حسبما أعلن المجلس الأعلى لهذا التيار- يجد النظام الإيراني نفسه وحيدًا أكثر من أي وقت مضى،  بعدما بتر- بمحض إرادته- الجناح الإصلاحي؛ ما أدى لانفضاض شريحة واسعة من المواطنين، كانت تراهن على الأمل الضئيل في إصلاح النظام، لكنها اليوم تعزف عن مجرد المشاركة في المسرحية الانتخابية.

وقد أتى إقصاء المحافظين للإصلاحيين في وقت يعاني النظام من انكشاف الغطاء الشعبي، وتصاعد الاحتجاجات التي تجد باستمرار أسبابا جديدة لمعاودة الاشتعال، فـ«الملالي» يراكم الأخطاء والتصرفات الرعناء، ويوغل في دماء المواطنين في كل مناسبة؛ ما عمَّق مشاعر الاستياء بين كافة الشرائح، حتى بين أوساط كانت في السابق من مؤيديه التقليديين.



ويعد عزوف الناخبين عن التصويت في الانتخابات التشريعية، وترك البرلمان لسيطرة المتشددين، مؤشرًا مهما على عدم تعويل المواطنين على تلك الآليات التي يتحكم بها عملاء النظام؛ نتيجة انعدام الثقة؛ لاسيما بعد أحداث على غرار إسقاط الطائرة الأوكرانية، التي تورط بها ميليشيات الحرس الثوري في يناير 2020.



مراكز الاقتراع كانت شبة خاوية، بعدما انتهت لعبة الإصلاحيين والمحافظين، ومحاولة النظام إنتاج لعبة جديدة محورها التنافس بين المحافظين المنفتحين والمحافظين المتشددين، والتي لم تنطل على الشعب الذي كفر بكل أشكال المهاترات السياسية، وصار همه الصراع من أجل تأمين لقمة العيش؛ للبقاء على قيد الحياة، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، وغلاء أسعار السلع الأساسية، وهو ما يغذي تجاوب المواطنين على اختلاف أطيافهم مع أي احتجاجات قد تندلع ضد النظام في الفترة المقبلة.



فانسداد الأفق السياسي، يفتح المجال أمام لجوء المواطنين للتحاكم إلى ساحات الاحتجاج، بعدما لم يبق أمامهم إلا الشارع فقط، كمكان لإيصال أصواتهم المنهكة إلى النظام الذي يبالغ في العناد والاستكبار؛ خاصة وأن الانتخابات الرئاسيّة المقبلة، المقرر لها سنة 2021، ستكون حظوظ المرشّحين المعتدلين فيها ضئيلة، قياسًا على ما وقع في انتخابات الشورى، فعمليّة الترشّح ستخضع لأعضاء مجلس صيانة الدستور، الذين استبعدوا أكثر من 7000 مرشح الأسبوع الماضي.

 

ولم تعد الانتقادات الموجهة للنظام مقتصرة على الطبقات الكادحة أو أحزاب المعارضة ،بل إن ياسر رفسنجاني، الابن الأصغر للرئيس السابق على أكبر هاشمي رفسنجاني، اعترف في مقابلة إعلامية له، أن المجتمع الإيراني صار مريضًا جسديًّا وسياسيًّا.



ولم يقتنع الشعب بأداء النظام في إدارة أي أزمة، بدايةً من الأزمة مع واشنطن وما تبعها من فرض العقوبات، وكذلك التدخلات التخريبية في دول الجوار، والتي استنزفت أموالًا طائلة، البلاد بأمس الحاجة لها، فضلًا عن الفشل في التصدي لانتشار فيروس كورونا، الذي جعل من إيران، صين الشرق، وثاني أكبر بلد في العالم في عدد الوفيات به، ولذا بات بديهيًّا لدى أغلبية الشعب، أن النظام انتهى، ولم يعد قادرًا على أداء مهامه، وأن محاولات الإصلاح غير مجدية، مع كيان يصم آذانه، ويعتبر النصيحة والنقد جريمة لا تغتفر.

شارك