نيرون تركيا... احرق 30.000 كتاب وأُغلق 45 صحيفة و16 محطة تليفزيونية

الإثنين 16/مارس/2020 - 12:31 م
طباعة نيرون تركيا... احرق روبير الفارس
 
تمتد القبضة الأمنية الحديدية التي يستعملها خليفة الارهاب اردوغان  لتصفية المعارضين، وفرض ديكتاتورية شاملة  واجراءات قمعية الصارخة تطال كل مَن تسوّل له نفسه انتقاد أردوغان  وجماعته الارهابية  الامر الذى يؤدي الي انتهاك الحقوق والحريات والقوانين والتعسف في عدّة اشكال يشهدها الواقع التركي عقب محاولة الانقلاب الفاشلة 15 يوليو 2016م.

وكشف تقرير جديد أصدرته منظمة  نسمات للدراسات الاجتماعية والحضارية بعنوان “تركيا محرقة الكتب ومقبرة دور النشر” حرب أردوغان على العقل التركي المعاصر حيث  أكد التقرير أن الثقافة التركية لم تكن بمعزل عن الإبادة القمعية الشاملة التي تشنها حكومة أردوغان تجاه معارضيها.

فقد قامت الحكومة -على غرار ما حدث في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين- بالتخلُّص من أعداد هائلة من الكتب والمنشورات والمطبوعات التي لها صلة بحركة “كولن”. وعجَّت صناديق القمامة العامة، والغابات والشوارع في الأحياء بأطنان من الكتب التي ألَّفها فتح الله كولن أو نُسبت إليه، وقد بلغ القمع حدًّا جعل حيازة كتاب من تأليف “كولن” أمرًا كافيًا لإيداع حائزه في السجن.

هذه النظرة العدائية لمؤلفات كولن، أجبرت الأكاديميين والباحثين الدارسين لحركة الخدمة وزعيمها أن يتخلصوا على الفور من هذه الكتب، ففي إحدى الحوادث المعروفة، تمّ اعتقال مؤرخ في جامعة “تونجيلي” بعد أن عثرت الشرطة على كتاب لكولن في مكتبه الجامعي. ورغم أن هذا الأكاديمي نفسه مناهض لكولن ومعلن لإلحاده، فقد وُجِّهت له اتهامات بالعضوية في حركة الخدمة.



قمع الأفكار الحرّة
رغم أن الهدف الرئيس كان “كولن” وحركته، إلا أنه لم تسلم أي مجموعة أو منظمة من حملة الحكومة على الإصدارات الثقافية والفكرية. حيث كانت جزءًا من سياسة أوسع لسحق أي شكل من أشكال النقد والتفكير الحرّ، ولقد تأثرت في هذا الصدد جميع الأكاديميات والمدارس ودور النشر والمنافذ الإعلامية تأثرًا عميقًا بعمليات القمع التي حدثت بعد الانقلاب.

إن خنق عالم النشر عن طريق القمع والاضطهاد الأبدي، وحرق كتب “كولن”، واعتقال مئات الأشخاص بسبب حيازتهم لتلك الكتب، وتجديد الحظر على المجلات والصحف الكردية، ومداهمات الشرطة ضد الناشرين اليساريين، تمثل بحق حقبة مظلمة جديدة للمشهد الثقافي والأدبي في تركيا أردوغان.



لغة الأرقام تتحدث
وجاء بالتقرير ان  الأرقام تتحدث  عن نفسها في وصف المشهد الثقافي في تركيا في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية؛ فقد تم إغلاق ما جملته أكثر من 160 منفذًا إعلاميًّا بينما تمت مصادرة أو إغلاق أكثر من 1150 في أعقاب انقلاب 2016، كما أُزيل من أرفف المكتبات 135.000 كتابًا، وأُتلف 100.000 كتاب، وتم إحراق 30.000 كتاب، وأُغلقت 45 صحيفة يومية وأسبوعية، وتم إغلاق 39 دارا للطباعة والنشر، 15 مجلة شهرية ودورية، 23 محطة إذاعية، 16 قناة تلفزيونية.

اعتقالات لحيازة كتب كولن
عرض التقرير الذي أصدرته نسمات روايات مؤكدة لأشخاص قاموا بحرق كتبهم أو تمزيقها إلى أجزاء خشية اكتشاف السلطات لها، وكثير من أصحاب هذه الروايات تم اكتشافهم أثناء حرق الكتب وتعرضوا للاعتقال، ففي حي “كمال باشا” أحد أحياء “بورصا”، اعتقلت الشرطة رجلاً يبلغ من العمر 53 سنة، لمحاولة حرق عشرات من الكتب التي لها صلة بـ”كولن” في أرض فضاء في شهر أغسطس 2016.

كما ذكرت الصحافة التركية: أن أحد العمال المشتركين في جريدة “زمان” قرر التخلص من الكتب التي تهديها الجريدة لقرائها، لكن مسعاه فشل عندما اتصل أحد الجيران بالبلدية للإبلاغ عن وجود حريق في أرض فضاء، وعندما أدرك عمال البلدية أن الكتب المحروقة تنتمي إلى “كولن” قاموا بالاتصال بالشرطة، وبعد استجواب الشرطة لهذا الرجل واتهامه بالانتماء لحركة “كولن”، أطلقت سراحه حيث أكد أنه كان يحوز هذه الكتب لأنها كانت تصله مع الجريدة التي كان مشتركًا فيها ليس إلا.

الروايات التي رصدها التقرير هي نماذج فقط من بعض الحالات، وإن كان هناك مئات من حالات أخرى صودرت فيها كتب الفكر في عديد من مدن وبلدات تركيا، فقد بلغ خوف المواطنين من التعرض للاعتقال حدًّا جعلهم يلقون بمئات من الكتب في مواقع القمامة.

يؤكد التقرير أن حزب العدالة والتنمية قد استولى بشكل ممنهج على المسارح وهيئات فنية غربية أخرى، وحاول نفي فنانين يعملون في هذه الهيئات. ومنذ احتجاجات جيزي بارك، قطعت الحكومة التمويل عن عدد من المسارح ودور الأوبرا، وتراوغ في تجديد العقود السنوية للعازفين والمنتجين.

ويذكر التقرير كذلك أن سجل حكومة العدالة والتنمية في ترميم المعالم التاريخية مثل المساجد والمتاحف والكنائس والمعالم الأثرية الأخرى، هدفه في المقام الأول البحث عن الربح والدوافع التجارية، حيث يمنح نظام المحسوبية للشركات المرضي عنها مشروعات الترميم دون النظر إلى الفنيات، وأحيانًا التكلفة، مما يلقي بظلاله على تشويه تلك المواقع الأثرية وعدم الاهتمام بالشكل الأصلي لها. وقد ذكر التقرير العديد من المواقع الأثرية التي تم تشويهها.
القمع 
منذ محاولة الانقلاب عام 2016، فصلت السلطات أو أوقفت أكثر من 45,000 من أفراد الشرطة والجيش وأكثر من 130,000 موظف مدني، وفصلت ثلث القضاء.

واعتقلت أو سجنت أكثر من 80,000 مواطن، كما أغلقت أكثر من 1500 منظمة غير حكومية لأسباب تتعلق بالإرهاب، وفي المقام الأول بسبب صلات مزعومة بحركة رجل الدين فتح الله غولن، الذي تتهمه الحكومة بتدبير محاولة الانقلاب، والذي صنفته الحكومة كزعيم لـ “منظمة إرهابية”.

كما لفت إلى أن الخروقات الهامة المتعلقة بحقوق الإنسان شملت ما يلي:

تقارير عن عمليات قتل تعسفي، حالات وفاة مشبوهة لأشخاص محتجزين، الاختفاء القسري، التعذيب، اعتقال واحتجاز تعسفي لعشرات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم أعضاء سابقون في البرلمان من المعارضة، ومحامون، وصحافيون، ومواطنون أجانب، وموظفون في البعثة الأميركية، بسبب صلات مزعومة بجماعات “إرهابية”.

كما كشف التقرير عن وجود سجناء سياسيين، بمن فيهم مسؤولون منتخبون وأكاديميون، عدم استقلالية القضاء، فرض قيود صارمة على حرية التعبير والصحافة والإنترنت، بما في ذلك تعنيف وتهديد صحافيين، وإغلاق وسائل إعلام، واعتقالات غير مبررة أو ملاحقة جنائية لصحافيين وغيرهم لانتقادهم السياسات الحكومية أو المسؤولين، والرقابة، وحجب المواقع، ووجود قوانين جنائية للتشهير وفرض قيود مشددة على حرية التجمع وتكوين الجمعيات والتنقل، ووجود حالات إعادة قسرية للاجئين، والعنف ضد النساء وأفراد الأقليات الأخرى.

إلى ذلك، أشار إلى أن الحكومة اتخذت خطوات محدودة للتحقيق مع أفراد قوات الأمن وغيرهم من المسؤولين المتهمين بانتهاكات حقوق الإنسان ومقاضاتهم ومعاقبتهم وظل الإفلات من العقاب يشكل مشكلة.

شارك