داعش في الصحافة الكردية

الأربعاء 06/مايو/2020 - 11:11 م
طباعة داعش في الصحافة الكردية حسام الحداد
 
يعد كتاب "داعش في الصحافة الكردية" واحد من الكتب المهمة التي ناقشت أثر تنظيم داعش على الإعلام بشكل عام والصحافة بشكل خاص وأكثر خصوصية كيفية تناول الصحف الكردية لهذا التنظيم الذي ارتكب مجازر ضخمة في سوريا والعراق وتركز استهدافه في وقت ما للأقلية الكردية في البلدين، والكتاب يعد بحث ميداني للباحثة سارا محسن قادر، وهو صادر عن المكتب العربي للمعارف 2018، ولا شك أن الإرهاب ليس أمرا جديدا على البشرية، بل تعود جذوره التاريخية إلى القرون الوسطى، ومن أبشع آفات عصرنا على الرغم مما وصل إليه البشرية من حضارة ولربما صح القول بأنه أصبح معروفا في بلدان العالم كافة، المتقدم منها والمتخلف، وفي الدول الكبيرة والصغيرة على السواء. ولكن الجديد هو أن هناك دولةً تسمي نفسها بالدولة الإسلامية في العراق والشام (تنظيم داعش)، والتي أمست في الوقت الراهن ظاهرة عالمية، لا ترتبط بمنطقة أو بثقافة أو بمجتمع أو جماعات دينية معينة، بل بعوامل جتماعية وثقافية وسياسية وتكنولوجية، وبالتطورات السريعة المتلاحقة في العصر الحديث، فأتباع "تنظيم الدولة داعش" يزعمون الدفاع عن الإسلام، لكنهم بعيدون كل البعد عن مبادئ الإسلام وتعاليمه السمحاء، بل هم جماعة مرتزقة مدعومة من أعداء الإسلام، بغية تشويه صورة الإسلام والمسلمين، فهم يبثون نشاطاتهم الإجرامية كالقتل والذبح والاغتصاب في وسائل الإعلام المختلفة، لترهيب الناس وتخويفهم.
وحسب الباحثة فإن تنظيم داعش، هو المنفذ لمخططات وأجندات بعض الدول الإقليمية والعالمية، تبعا لحصة ومساهمات تلك الدول ضمن التنظيم، وقد تشكل هذا التنظيم وفق مخطط مبرمج، ويعمل أيضا وفق برنامج مدروس، ولن يتلاشى هذا التنظيم إلا عندما تنتفي مصالح الأجندات الخارجية التي خططت للسيطرة والهيمنة على الدول التي ينتشر بها تنظيم داعش.
 إن تشابك العوامل الداخلة في المعالجة الصحفية وتعدد أساليب إعداد الخبر ونشره، أدى بدوره إلى تعدد أنواع الصحافة، فلم يعد هناك صحافة واحدة تقليدية تتولى معالجة الأحداث والظواهر والمواقف بالشكل التقليدي، بل أمسى هناك اليوم أنماط متنوعة من الصحافة تسعى كل واحدة منها إلى التخصص والتميز في ميدان المنافسة على تقديم المعلومات إلى المتلقي .
تعد أحداث (تنظيم داعش) من أبرز الأحداث التي شغلت اهتمامات وسائل الإعلام بشكل عام والصحافة بشكل خاص، حيث أحتل هذا الحدث بؤرة اهتمام وسا ئل الإعلام الكردية، فقد عملت الصحف الكردية في إطار سعيها للتفاعل مع هذه الأحداث على تقديم معالجات صحفية متعددة (أخبار، تقارير، مقالات..الخ ،) معالجات صحفية للأحداث في مرحلتيها، عند بدء الهجمات على إقليم كردستان، وما أعقب ذلك من حرب على داعش، في ضوء الإطار الذي يحكم الممارسات الإعلامية .
وتقوم هذه الصحف بعرض المعالجة الصحفية لقضية داعش على المناطق المختلفة في العراق وإقليم كردستان، وذلك لرصد الجمهور بالمعلومات والأخبار، أي إنها تقوم بخلق وعي سياسي لدى الجمهور وتشكيل اتجاهاته. وأكدت الدراسات السابقة على أن التعرض لوسائل الإعلام، يزيد من اهتمام الفرد بالأحداث والقضايا السياسية التي تحدث في بيئته وتدفعه إلى البحث عن المعلومات التي تشبع فضوله، وهذا الاهتمام بدوره ينعكس أيضا، على حجم التعرض لوسائل الإعلام هذه 
ونظرا لكون الأحداث السياسية الجارية التي تهتم بمعالجتها وسائل الإعلام، تثير ردود أفعال متباينة، فإن هذه الدراسة تسعى من هذا المنطلق، إلى التعرف على آراء واتجاهات الجمهور نحو الصحف الكردية 
تتكون الدراسة من مقدمة وخمسة فصول وخاتمة، يتناول الفصل الأول منها مشكلة الدراسة، وأهميتها ومراجعة بعض الدراسات العربية والأجنبية السابقة، وفرضية الدراسة وتحديد مفاهيمها والإجراءات المنهجية المتبعة في كل من الدراسة التحليلية والدراسة الميدانية في تطبيق الدراسة، وذلك من حيث تحديد مجتمع وعينة الدراسة وأسلوب جمع البيانات ووحدات التحليل وإجراءات الصدق والثبات .
ويتناول الفصل الثاني المدخل النظري للدراسة ويتم فيه استعراض المفاهيم المرتبطة بتنظيم الدولة "داعش"، في العراق والشام وأيضا أبو بكر البغدادي
وقيادات داعش والمقاتلين الأجانب في الدولة الإسلامية وأخيرا تنظيم الدولة في  العراق .
ويتناول الفضل الثالث خلفية نظرية عن مفهوم اتجاه الجمهور وأنواعه
ووظائفه وخصائصه وأيضا جمهور وسائل الإعلام، و يتضمن الفصل الرابع
 عن الصحافة الكردية وينقسم إلى نبذة تاريخية للصحافة الكردية والصحافة
الكردية في كردستان العراق وأيضا نبذه عن صحيفتي الدراسة. كما يتعرض
لنتائج وتفسير الدراسة التحليلية ويتكون من الخصائص الشكلية للمعالجة
الصحفية تحليل المضمون الكمي والكيفي لصحيفتي ( هاولاتى"مواطن" +
كردستاني نوى"كوردستان الجديد") والخصائص الموضوعية للمعالجة
الصحفية لقضية داعش. أخيرا يتناول الفصل السادس نتائج وتفسير الدراسة
الميدانية لعينة من طلاب الجامعة إزاء قضية داعش في تشكيل الاتجاه نحو
المعالجة الصحفية، وذلك من خلال عرض النتائج العامة للدراسة الميدانية
واختبار الفروض الدراسة .
أهم النتائج الخاصة بالدراسة الميدانية :
1- اثبتت النتائج بأن درجة مصداقية ما تنشره الصحيفتان عينة الدراسة من أخبار ومواضيع تتعلق بـ (تنظيم داعش) لم تكن متغيرا مؤثرا في تحديد العلاقة بين قراءة الصحف وتكوين الاتجاهات لدى القراء بخصوص قضية داعش، وتعزو الباحثة هذه النتيجة إلى كون الانتظام في قراءة الصحف تعبيرا أو دلالة على مدى اقتناع القارئ بمصداقية ما تنشره الصحف من أخبار ومعلومات.
2- أغلب المبحوثين يرون أن الصحف التي يقرأها تعالج قضية داعش بشكل غير متوازن وغير موضوعي خاصة الصحف الحزبية، في حين ترى الأقلية أن الصحف تعالج هذه المسألة بشكل موضوعي خاص .
3- أكدت النتائج المتعلقة بأسباب تراجع القراء عن مطالعة الصحف، تنامي الوعي عندهم بمدى تحيز صحيفة "كوردستاني نوي " كما أيقنت الدراسة بأن الاعتماد على هذه الصحف كمصدر للأخبار أمر غير دائم، وإنما يتوقف على وسائل إعلام أخرى .
4- استنادا لنتائج الدراسة تبين لنا بأن هناك وجود مجموعة من الأسباب التي ساهمت في قلة نسبة القارئين، وحسب رأي الباحثة هناك بعض الأسباب وأهمها أن هناك وسائل إعلام أخرى، مثل مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، وهذه الوسائل أيضا منافسة شديدة بينهما لنقل الأخبار والمعلومات والأحداث الخاصة (بقضية تنظيم داعش) لجذب انتباه الجمهور.
5- حسب نتائج الدراسة الميدانية بان الصحف الكردية ليست موحدة في خطاباتها على حرب داعش، وكل صحيفة حسب اتجاهاتها السياسية في هذا الأمر وتعمل على نشر الأخبار وخصوصا في الصحف الحزبية منها التي تعمل ضمن الإطار المحدود ولا يخرج منها .
6- بخصوص رؤية الجمهور لأولويات الفنون الصحفية المستخدمة بالصحيفة الكردية، يأتي (المقال الصحفي) بالدرجة الأولى وهذا الأمر يعود إلى أن المقال يحمل رأي ورؤية مختلفة في عرض قضية داعش وخصوصا في الصحف الأهلية، وفن (الخبر) من أكثر الفنون الذي ينشر المعلومات والأحداث عن قضية داعش، لكن ما نلاحظه أن متابعي الأخبار في القنوات الفضائية هم أكثر من قارئين الخبر في الصحيفة، وذلك لان عنصر السرعة بمشاهدة الخبر في القنوات أسرع من القراءة في الصحف.  

شارك