التدخل التركي في ليبيا على الأجندة العالمية

الإثنين 15/يونيو/2020 - 02:15 ص
طباعة التدخل التركي في حسام الحداد
 
ارتفعت الأصوات الدولية المنددة بالتدخل التركي في الشأن الليبي بمعاونة جماعة الإخوان الإرهابية وتنظيمها الدولي، وردا هذا التدخل قال المتحدث باسم الجيش الليبي أحمد المسماري، مساء الأحد 14 يونيو 2020، إن جرائما ضد الإنسانية ترتكب بليبيا تحت المظلة التركية، مشددا على ضرورة محاكمة أردوغان على جرائم الحرب في ليبيا.
وأردف المسماري أن الرئيس التركي يحلم بالسيطرة على حقول النفط في ليبيا، وسيفشل في تحقيقِ ذلك، كما فشل في محاولاته لدخولِ سرت، مؤكدا أن مناطقَ النفط تضم شركاتٍ نفطية أجنبية، وهذا يعني عدواناً دوليا على هذه المناطق.
وأضاف المسماري أن الموقف العسكري يسير حسب الخطط الموضوعة من القيادة العامة وأن هناك خطة لكل مرحلة، مشيرا إلى أن الميليشيات المتطرفة تعاني كثيرا الآن وتسجل خسائر كبيرة جدا في الأفراد والمعدات.
وأردف المتحدث باسم الجيش الليبي قائلا إن "أردوغان يحاول لملمة الموقف بالزج بقوات وأسلحة تركية أخرى"، منوها إلى أنم هنالك سبع بارجات قبالة سواحل ليبيا وأن "أردوغان ينزل بكل ثقله للمعركة".
وأوضح المسماري في سياق حديثه أن موافقة حكومة الوفاق على الذهاب لمفاوضات موافقة صورية لكنها تواصل تحشيد القوات، مشيرا إلى أن هناك جسر جوي وبحري مفتوح من تركيا إلى مصراتة ومعيتيقة وزوارة.
ماكرون والتدخل التركي:
وفي هذا السياق صعدت باريس موقفها تجاه التدخلات التركية في ليبيا، واصفة إياها بـ"غير المقبولة"، ومؤكدة أن "فرنسا لا يمكنها السماح بذلك"، وفق ما صدر عن قصر الإليزيه.
 وقالت فرنسا التي تكثف منذ أشهر انتقاداتها للطموحات الإقليمية التركية، إنّها "سياسة أكثر عدوانية وتصلبا من قبل تركيا مع نشر سبع سفن قبالة ليبيا وانتهاك الحظر المفروض على التسليح".
وأضافت الرئاسة الفرنسية أنّ "الأتراك يتصرفون بطريقة غير مقبولة عبر استغلال حلف شمال الأطلسي، ولا يمكن لفرنسا السماح بذلك".
وأوضحت أنّ الرئيس ايمانويل ماكرون تباحث بهذا الشأن خلال الاسبوع الحالي مع نظيره الأميركي دونالد ترامب "وستجري مباحثات خصوصا خلال الأسابيع المقبلة مع شركاء حلف شمال الأطلسي المنخرطين ميدانياً".
وسبق لماكرون أن أعرب عن أسفه لصمت الحلف الذي يضم تركيا، عن الهجمات العسكرية التركية على الجماعات الكردية المسلحة في سوريا، حليفة القوى الغربية في مكافحة الجماعات الإرهابية في سوريا. وقال في نوفمبر إنّ حلف شمال الأطلسي صار يعاني من "موت سريري".
وكان الاتحاد الأوروبي طلب الجمعة مساعدة الحلف في فرض احترام حظر التسليح على ليبيا، وذلك بعد منع القوات التركية لسفنه من تفتيش سفينة مشبوهة.
وفي ظل الأطماع التي تثيرها عمليات التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط، تقدّم تركيا الدعم إلى حكومة طرابلس برئاسة فايز السراج.
وتوصلت تركيا في نوفمبر إلى اتفاق مثير للجدل مع حكومة السراج، يتيح لها توسيع نطاق التنقيب عن الغاز شرق المتوسط.
لكن الاتفاق واجه رفض اليونان وعدد من الدول المعنية بالحدود البحرية في تلك المنطقة.
ونفذت أنقرة حديثاً عمليات تنقيب قرب جزيرة قبرص، ما اثار احتجاجات الدول المجاورة، وهي جمهورية قبرص واليونان ومصر، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي الذي هدد تركيا بعقوبات.
الموقف الروسي:
وعن الموقف الروسي فقد تم إلغاء زيارة كانت مقررة لوزير خارجيتها، سيرغي لافروف، ووزير دفاعها سيرغي شويغو، إلى مدينة إسطنبول لمناقشة تطورات الوضع في ليبيا مع المسؤولين الأتراك الأحد 14 يونيو 2020.
وكان من المقرر أن يصل إلى لافروف وشويغو إلى إسطنبول صباح يوم الأحد 14 يونيو الجاري، طبقا لما أوردت وسائل إلإعلام تركية.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إنه جرى تأجيل الزيارة، مشيرة إلى أنه :"تم الاتفاق على تحديد موعد لاحق لزيارة الوزيرين". 
وأضافت في البيان أنه "بالنيابة عن رئيسي البلدين تعمل وزارتا الخارجية والدفاع في روسيا وتركيا بشكل نشط لدعم التسوية في ليبيا".
وتابعت "يواصل الخبراء اتصالات مكثفة من اجل التوصل إلى اتفاق سريع لوقف النار. وإنشاء الية تفاوضية بين الأطراف الليبية في المجالات المختلفة سياسيا واقتصاديا تحت رعاية الأمم المتحدة وفقا لمخرجات مؤتمر برلين والقرارات الدولية".
وقالت وزارة الخارجية التركية إن الوزير مولود جاويش أوغلو ونظيره الروسي سيرجي لافروف قررا تأجيل المحادثات خلال مكالمة هاتفية اليوم الأحد.
وأضافت الوزارة في بيان "نائبا وزيري البلدين سيستمران في التواصل والمحادثات في الفترة المقبلة. المحادثات على المستوى الوزاري ستنعقد في موعد لاحق".
ولم تذكر الوزارة سبب إلغاء الزيارة التي كانت مقررة الأحد، لكن الخطوة قد تشير إلى استمرار الخلافات بين الدولتين في الملف الليبي.
وكان وزير الدفاع الروسي قد شارك الأحد في افتتاح كاتدرائية تابعة للقوات المسلحة، وذلك في إشارة أوضح إلى إلغاء زيارته إلى إسطنبول.
وقبل يومين، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتن مكالمة هاتفية مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، بشأن الملف الليبي، عبرا فيها عن قلقهما من تصاعد العنف في البلد الأفريقي الغارق في الفوضى.
وتقدم تركيا دعما عسكريا متواصلا لميليشيات موالية لحكومة فايز السراج في طرابلس، في تحد للقرارات الدولية التي تحضر إمداد البلد بالسلاح. 
وكانت موسكو اتخذت موقفا معارضا للتدخل العسكري التركي، الذي تصاعد بعد توقيع الاتفاقيتين البحرية والعسكرية بين أنقرة وحكومة السراج في نوفمبر الماضي.
وقالت محطة "تي.آر.تي خبر" التركية الحكومية أن الوزراء سيناقشون أيضا الوضع في سوريا.
الخارجية الأمريكية:
فيما أكدت الخارجية الأميركية في تصريحات لـ"العربية" و"الحدث" أن المحادثات السياسية والأمنية التي تقودها الأمم المتحدة ومباحثات برلين هي الأطر المتفق عليها دوليًا لمتابعة حل الأزمة الليبية.
وقالت الخارجية الأميركية إنه يجب إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا، مشددة على أن جميع الجهات الخارجية سحب معداتها العسكرية من ليبيا.
وأعربت الخارجية الأميركية عن تقديرها لجهود القاهرة في إعلان مبادرة لوقف النار في ليبيا برعاية الأمم المتحدة، داعية جميع الأطراف الليبية إلى الانخراط بجدية في محادثات 5+5.
وأشارت واشنطن إلى أن الوجود العسكري الروسي في الجفرة وسرت لا يساعد على حل أزمة ليبيا.
وأكدت أن إنعاش قطاع الطاقة أمر حاسم للاستقرار الليبي، داعية جميع الليبيين إلى رفع الإغلاق فورا عن منشآت النفط.
وتتقاطر الدعوات الدولية لاستئناف الحوار في ليبيا والتمسك بالحل السياسي بعيدا عن القتال.
يذكر أن اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 (5 أعضاء من الجيش الليبي و5 أعضاء من قوات حكومة الوفاق) أقرت ضمن حوار جنيف في فبراير 2020، بهدف الوصول إلى وقف إطلاق نار دائم.
والمسار العسكري واحد من ثلاثة مسارات، إلى جانب المسارين السياسي والاقتصادي، تهدف إلى استكمال ما توصل إليه مؤتمر برلين حول ليبيا، إلا أن اللجنة العسكرية علقت أعمالها عقب جولتَي محادثات بسبب خلافات.
ورحبت الأمم المتحدة قبل أسبوع بقبول طرفي النزاع في ليبيا باستئناف مباحثات اللجنة العسكرية المشتركة.
ويأتي هذا الإعلان الأممي عقب سيطرة قوات الوفاق على مناطق في غرب ليبيا، وإعلانها مطلع الأسبوع الجاري عملية عسكرية لاستعادة سرت.
في حين تستمر تركيا بدعم الوفاق، وتزكية الخلافات، لا سيما بعد إعلان رئيسها رجب طيب أردوغان سعيه للسيطرة على سرت والجفرة.

شارك