صدام أوروبي تركى على خلفية مطامع أردوغان فى ليبيا

الأحد 21/يونيو/2020 - 03:05 ص
طباعة صدام أوروبي تركى هاني دانيال
 

دخلت علاقة الاتحاد الأوروبي مع تركيا مرحلة التصعيد، فى ضوء الشطحات التركية فى ليبيا، وخرق المساعي الأوروبية بوقف العمل العسكري فى ليبيا، ومن المنتظر أن يناقش وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي العلاقات مع تركيا في اجتماعهم المرتقب في 13 يوليو المقبل، وبحث سبل الخطوات التصعيدية ضد أنقرة، وربما فرض عقوبات اقتصادية وكذلك سياسية إذا استمرت أنقرة على مواقفها.

من جانبها شكت فرنسا الخطوات التركية غير الشرعية فى البحر المتوسط لحلف الناتو، وما ترتب على ذلك من كسر العملية "ايريني" وهى  عملية بحرية في البحر الأبيض المتوسط بهدف إلى المساعدة على فرض حظر الأسلحة، واستغلت تركيا انشغال المجتمع الدولى بمكافحة جائحة كورونا، فى تزوير ليبيا بالسلاح ونقل عدد من الجيش التركى ومرتزقة من جنسيات مختلفة، كانوا متواجدين فى سوريا وتم نقلهم إلى ليبيا.

الملف الليبي ربما يتصاعد خلال الأيام المقبلة، فى ضوء الخروقات التى قامت بها أنقرة، وليس فقط من خلال نقل ميليشيات مسلحة إلى الغرب الليبي خلال الأسابيع الماضية، وإنما بدء التخطيط فى التغول بالعمق الليبي والانتقال للشرق، بزعم مواجهة الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر، وهو ما تبعه من رد حاسم من الجانب المصري، وتأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أن الشرق الليبي وخاصة سرت خطا أحمر، ولن تسمح مصر لأى طرف بتخطيه.

البرلمان الليبي وكذلك الجيش الوطني الليبي يسطيران على الشرق، وباعتباره برلمانا شعبيا يمكنه اتخاذ العديد من الخطوات لوقف المطامع الأجنبية بقيادة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وهو ما تفهمته أوروبا مؤخرا، بعد أن كانت متساهلة فى هذا الأمر، ولم تمنع انتقال القوات التركية والميليشات إلى ليبيا عبر البحر المتوسط بحرا، أو عبر المجال الدولى جوا، حتى تعامل القوات التركية البحرية بشكل حاد مع قطع حربية فرنسية ويونانية.

هنا تغير الموقف الأوروبي، وبدأ حلف الناتو بمراقبة الأمر بجدية، وتحديد الخروقات التى قامت بها أنقرة لدول الحلف، ومن ثم بدء التفكير فى اتخاذ قرارات تصعيدية جراء المطامع التركية، التى بدأت واضحة فى التعدى على المخزون النفطى الليبي فى البحر المتوسط، وكذلك خلق جبهة صراع جديدة فى الحدود الغربية المصرية، بعد أن ساهمت من قبل فى نقل عناصر إرهابية من سوريا إلى سيناء، وخلق مناطق صراع فى الحدود الشرقية لمصر.

وعن هذه النقطة تحديدا، سبق أن حذرت "البوابة" خلال حوار مع الدكتور عوض شفيق أستاذ القانون الدولى بجنيف فى أغسطس 2019، من مطامع أردوغان فى ليبيا، وإنه يهدف إلى خلق مناطق صراع جديدة فى ليبيا، ومحاولة فرض سياسة الأمر الواقع كما فعلها من قبل فى سوريا، واستغلال انشغال أوروبا بقضايا داخلية، ومن ثم إجبار بقية الأطراف على القبول بشروطة أو المساومة على هذا الأمر لتحقيق مكاسب مادية، كما استغل أزمة تنظيم داعش الإرهابي من قبل، وساوم أوروبا فى الحصول على 9 مليار يورو، مقابل استقبال اللاجئين والنازحين من سوريا بدلا من إغراق أوروبا باللاجئين.

صدام أوروبي تركى

من جانبه يسعي جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي الذى تولى منصبه منذ أشهر قليلة، فى تأمين دعم "الناتو" للجهود البحرية للاتحاد الأوروبي، ويتحرك دبلوماسيا من أجل اتفاق تعاون بين الاتحاد الأوروبي والناتو في فرض حظر الأسلحة على ليبيا، بدلا من الاتحاد الأوروبي وحده.

وفى تحليل للمجلس الأطلسي، ‏وهي مؤسسة أمريكية بحثية متخصصة في الشؤون الدولية، تري أن التحركات التركية الأخيرة أزعجت  مصر، وخرج اعلان القاهرة في 6 يونيو بشأن دعم الحل السياسي، ورفض الحل العسكري، وهو ما توافقت معه دول أجنبية وعربية.

اعتبر التحليل المنشور بالإنجليزية على موقع المؤسسة، أن الأزمة الليبية تمثل حاليا تحديًا كبيرًا لاستقرار مصر الداخلي ، والإشارة إلى أنه على مدى السنوات القليلة الماضية ، اتخذت مصر عددًا من الإجراءات الأمنية ، مثل نشر الجيوش الميدانية في مهمة لمكافحة الإرهاب وبدء مناورة عسكرية ضخمة باسم "رعد 24" في المنطقة الغربية بالقرب من حاجز السلوم ، بهدف حماية الحدود التي يسهل اختراقها ومنع الاختراقات الجهادية الخطيرة لمصر من شرق ليبيا.

كما تم التركيز بشكل خاص على حماية شمال سيناء ، وهي منطقة إستراتيجية عانت من عدة هجمات إرهابية من قبل تنظيم داعش، ومخاطر خلق جبهات فى الشرق والغرب تقودها جماعة الإخوان المسلمين المتطرفة التي تحاول إيجاد قدم لها  في شرق ليبيا وفي الصحراء الغربية في مصر.

نوه التحليل على أن المعركة تظهر ملامحها من خلال اعتماد حكومة الوفاق على دعم تركي قطري، وما يمثلانه من دعم لقوى الاسلام السياسي بالمنطقة، وهو بالطبع لا يمكن لمصر أن تسمح بظهوره، وكذلك قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، ومن ثم المعركة لها جوانب عديدة ومتشابكة.

وفى هذا السياق اتفقت ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا على ضرورة مواجهة المطامع التركية فى ليبيا، واتخاذ موقف موحد مع فرنسا، جراء ما قامت به قطع بحرية تركية اخترقت مناطق حظر التسلح، ومن ثم ستكون الأيام المقبلة فى كيفية التصعيد ضد أنقرة على هذه الخطواة، خاصة وأن برلين ترى النموذج التركى أصبح شاذا عن الاتفاقيات الدولية، وتراجع انقرة عن اتفاقها مع الاتحاد الأوروبية بخصوص اللاجئين يكشف ذلك، وهو ما ظهر من خلال فتح الحدود التركية اليونانية أمام اللاجئين والنازحين، وهو ما خلف مشكلة كبيرة للاتحاد الأوروبي، حتى جاءت جائحة كورونا، وعملت على تهدئة النظر فى هذا الملف، ولكنه لم يغلق، ولن تتركه أوروبا يمر دون عقاب، خاصة وأن انقرة سبق وأن حصلت على مليارات من اليورو لتنفيذ هذا الاتفاق، وبالتالى اى تراجع عنه يترتب إعادة الأموال التى حصلت عليها أنقرة، وهو ما سبب خلافا كبيرا بين برلين وأنقرة.

إيطاليا أيضا تري أن محاولة انقرة فى الاستيلاء على الغاز بالبحر المتوسط خطوة غير شرعية، خاصة وأن هناك اتفاقيات تضمن الحدود البحرية بين اليونان وقبرص وإيطاليا من جانب، وبين مصر واليونان وقبرص من جانب آخر، وبالتالى محاولة تركية فرض سياسة الأمر الواقع والاستيلاء على الغاز لن تمر دون مساءلة، وبالتالى هناك تنسيقا كبيرا بين دول شرق المتوسط لوقف الشطحات التركية، خاصة وأنه غير معروف مصير الاتفاقيات البحرية بين ليبيا وإيطاليا وفرنسا واليونان، وبالتالى على أى اساس تسعي أنقرة للدخول فى هذه المنطقة، وتحت أى مظلة شرعية ترفعها تركيا.

شارك