مصر واليونان وبدعم فرنسي يواجهان المطامع التركية فى البحر المتوسط

الجمعة 23/أكتوبر/2020 - 08:46 ص
طباعة مصر واليونان وبدعم هاني دانيال
 
أثار التفاهم المصري مع اليونان وقبرص غضبا فى الأوساط التركية، وسط مخاوف من تصعيد ثلاثي ضد الانتهاكات التركية فى شرق البحر المتوسط، خاصة مع إدانة القمة المصرية اليونانية القبرصية  للتنقيب التركي عن الطاقة في شرق البحر المتوسط و "الاستفزازات" العديدة التي تؤكد أنها تهدد السلام الإقليمي.
خلال القمة الإقليمية الثلاثية حث الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس أنقرة على إنهاء أعمالها "العدوانية"، كما طلب البيان المشترك من تركيا قبول دعوة قبرص للدخول في مفاوضات للتوصل إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية.
وسبق أن وقعت اليونان وقبرص اتفاقيات حدودية بحرية مع مصر بينما رفضتا اتفاقًا مشابهًا وقعته أنقرة مع الحكومة الليبية التي تتخذ من طرابلس مقراً لها ووصفته بأنه "باطل قانونياً".
ويري مراقبون أن تركيا تناقض نفسها، وتناور بعدة خطوات مع الاتحاد الأوروبي للهروب من العقوبات، حيث قررت تركيا بقاء سفينتها "أوروتش ريس" وسفينتين أخريين حتى 27 أكتوبر الجاري للتنقيب عن الغاز فى شرق البحر المتوسط، فى الوقت الذى سبق واعلنت فيه وقف أى محاولة للتنقيب كبادرة حسن نية قبل اجتماع دول الاتحاد الأوروبي بداية الشهر الجاري.
وسبق دعا وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إلى الحوار من أجل التوصل إلى تسوية في شرق المتوسط وبحر إيجة.
فى الوقت الذى مددت تركيا من بقاء هذه السفن، والاستمرار فى خطواتها التصعيدية  وعدم الالتفات إلى الانتقادات والتحذيرات الأوروبية خلال الأسابيع الماضية، وهو ما دعا الاتحاد الاوروبي للتحذير من فرض عقوبات على تركيا بمطالبة من قبرص. وفي الأثناء، تصر تركيا على أن عملياتها تجري داخل الجرف القاري التابع لها.
وتعليقا علي التوافق المصري مع اليونان وقبرص فى ما يحدث بشرق البحر المتوسط، إلى جانب الانتقادات الفرنسية لتركيا، أكدت الدكتورة مني مكرم عبيد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية لـ "بوابة الحركات الإسلامية" أن هذه الخطوة مهمة من أجل حصار تركيا وعدم منحها حرية الحركة فى البحر المتوسط واستمرار الاستفزازات سواء فى التنقيب عن الغاز، أو العبث بالأمن القومى العربي من خلال التدخل فى ليبيا.
شددت على أن فرنسا من جانبها تقود جبهة أوروبية قوية مع اليونان وقبرص وهولندا لمنع تركيا من التعدى على حقوق الدول الأوروبية، ويتخذ الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون موقفه نتيجة محاولة السفن التركية إطلاق النارعلى سفن فرنسية بالبحر المتوسط، أثناء قيامها بمهام منع إرسال سلاح إلى ليبيا عبر البحرالمتوسط، وهو ما اعتبرته فرنسا تدخلا عنيفا من تركيا، وتزامن مع ذلك حرب كلامية بين باريس وأنقرة، ولكن فى هذا الموقف تحديدا تحافظ فرنسا على كبرياء أوروبا عامة، وحفاظا على المصالح الفرنسية أيضا، فالعبث الذى تقوم بها تركيا فى البحر المتوسط وليبيا له تداعيات خطيرة على تدفق المقاتلين الأجانب من سوريا إلى ليبيا، ومن ثم إمكانية تنقلهم إلى أوروبا عبر الحدود الإيطالية والفرنسية القريبة من السواحل الليبية.
اعتبرت أن الموقف الفرنسى يتماشى مع المصالح المصرية والأمن القومى العربى، التدخل التركى فى سوريا وليبيا فاق كل التوقعات، ولم يعد بالإمكان الصمت إزاء الخروقات التركية فى الشرق الأوسط، ومنذ اندلاع الأزمة السورية فى 2011، وانشغال مصر بالأحداث التى شهدتها بداية من 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيو 2013، ثم العمليات الإرهابية التى أنهكت رجال الشرطة والجيش طوال السنوات الماضية، حتى تم اقتلاع جذور الإرهاب من مختلف أنحاء الجمهورية، تواصل تركيا التحريض على الدولة المصرية من خلال استضافة عدد من الشخصيات والأبواق الإعلامية، إلى جانب التعاون مع حكومة فايز السراج فى ليبيا

لتضييق الخناق على مصر، حتى خرج التصريح الشهير للرئيس عبد الفتاح السيسى بأن سرت والجفرة خط أحمر، ومصر لن تسمح لأى قوات أجنبية بتجاوز هذه النقاط.
ركزت على أن المرحلة الراهنة تتطلب تعاونا مصريا فرنسيا يونانيا قبرصيا، من أجل تضييق الخناق على التحركات التركية فى المنطقة، وتفكيك المصالح التى أسسها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان خلال السنوات الماضية، وإذا كان هناك محاولات ابتزاز على أوروبا بملف اللاجئين والهجرة غير الشرعية، من الممكن أن تتعاون هذه الدول الأربعة المشار إليها فى زيادة الدوريات وتنشيط الحدود البحرية لمنع تدفق اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، بدلا من الخضوع للابتزاز التركى ومنحه مزيدا من ملايين اليورو فى مقابل عدم وفاء أنقرة بتعهداتها.
كشفت انه منذ سنوات طالب أردوغان بالحصول على 3 مليارات يورو سنويا من أجل وقف تدفق اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من تركيا إلى أوروبا، وتلقى المزيد من الأموال قبل أن يتراجع عن اتفاقه، الآن هناك دول تحاول امتصاص الغضب الفرنسى اليونانى وتسعى لإقناع تركيا بقبول بعض الشروط فى مقابل مساعدات مالية وحوافز، والقبول بالابتزاز التركى، وهو الأمر الذى كان محل خلاف بين باريس وبرلين طوال الأسابيع الماضية، ولكن أعتقد أن توافق كل من فرنسا، مصر، اليونان، قبرص على تشكيل قوة بحرية وعسكرية واقتصادية بالبحر المتوسط، من شأنه وقف كل المحاولات الأردوغانية فى ابتزاز أوروبا بملف اللاجئين، كذلك وضع حد لتسليح الجماعات الإرهابية والعناصر المسلحة فى ليبيا، وتهديد الأمن القومى المصرى.

اعتبرت أن التشاور المصرى العربى مع القادة الأوروبيين ضرورة، التدخلات التركية فاقت كل الحدود، ومصر دفعت الثمن كثيرا بداية من عصر الخلافة العثمانية التى وضعت مصر فى مرحلة حرجة وزادت فى هذه الحقبة الديون، وحتى وقتنا الحالى من دعم أنقرة للإرهابيين، إلى جانب أنه لا بد أن يكون لنا موقف واضح من التعنت التركى ضد المصالح اليونانية، اليونان تربطها مع مصر علاقات تاريخية قديمة، وعلينا الحفاظ عليها أكثر من أى وقت مضى.
شددت على أهمية تحقيق توافق بين مصر واليونان وقبرص من جانب، وبين مصر وفرنسا وألمانيا من جانب ىخر، باعتبارهما القوى الرئيسية فى الاتحاد الأوروبي، حتى يتم وقف المطامع التركية فى البحر المتوسط ووضه نهاية للتدخل التركى فى سوريا وليبيا، وربما مع استفاقة فرنسية مؤخرا والبدء فى تسليح اليونان، وتضامن الاتحاد الأوروبي مع اليونان باعتبرها عضوا مهما بالاتحاد، سيتم تغيير موازين القوى فى البحر المتوسط، وعدم ترك الساحة لانقرة للعبث بما تريد ضد مصالح الدول الصديقة وخاصة اليونان.

شارك