التحديات الضاغطة أمام "أحزاب الإخوان" في دول المنطقة العربية‬

الإثنين 02/نوفمبر/2020 - 11:17 ص
طباعة التحديات الضاغطة حسام الحداد
 
تواجه فروع أحزاب الإخوان تحديات ضاغطة في العديد من الحالات العربية، بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة، تخلص إلى ذلك ورقة بحثية منشورة في مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، موردة أن موجة الانحدار المتزايد لتلك الفروع سوف تستمر عام 2021، بعد تصدع المشاركة في السلطة في تونس، وتفكيك تحالفات النفوذ في السودان، ومناوأة خيار المشاركة وترجيح المغالبة في ليبيا، وتمرير محتمل للتعديلات الدستورية في الجزائر التي تعترض عليها حركة "حمس"، وحل الجماعة الأم في الأردن.
وحول هذا الموضوع نشر موقع هيسبريس تقريرا تحليليا لفت فيه الانتباه  إلى أن الأحزاب المنتمية إلى فروع جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة العربية تواجه أزمات متصاعدة عام 2020، تؤثر على تماسكها أو ربما تهدد بقاءها، وفقاً لما عكسته خبرات مختلفة. وتتمثل تلك الأزمات في الاتهام بالتآمر الخارجي، والربط التلقائي بين الإخوان وجماعات التطرف وتنظيمات الإرهاب، وخلافات أجنحة المليشيات الداعمة لأجندة الإخوان، وازدياد الانشقاق التنظيمي، والتعرض للحل القانوني، وعرقلة نظم الحكم الانتقالية، الأمر الذي يزيد من تعثر وجودها في الداخل وتشويه سمعتها بشأن علاقاتها مع الخارج، لاسيما في ظل عدم إدراك كوادرها وقواعدها للخطوط الفاصلة بين مصالح الإسلام السياسي والمصالح الوطنية لكل دولة على حدة.
وتشير تفاعلات عام 2020 إلى أن فروع جماعة الإخوان المسلمين في كل من مصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر والأردن تواجه حزمة من التحديات، تلخصها الورقة في ما يلي:
دعم أجنبي
1- الاتهام بالتآمر الخارجي: كشفت وسائل الإعلام، في منتصف أكتوبر الجاري، من خلال المراسلات الخاصة بوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، عن لقاءات ومراسلات بين مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية، وأبرزهم جيفري فيلتمان وبوب هورماتس وبوب تايلور، مع أعضاء تنظيم الإخوان، قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر عام 2012، فضلاً عن لقاءات مع عناصر إخوانية من تونس والمغرب.
وفي هذا السياق، أشارت كتابات عديدة إلى أن إدارة الرئيس السابق باراك أوباما كانت تقود مخططاً لتمكين الإخوان من الحكم في المنطقة العربية، وهو ما يفسر التوجهات المناوئة لما جرى في مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، التي أوقفت مسار مشروع "الحكومات الملتحية" الذي كانت تدعمه تركيا وقطر بعد الحراك الثوري الذي شهدته المنطقة عام 2011. كما أن تلك الثورة وما تلاها من مظاهر مقاومة إخوانية سلطت الضوء على المخاطر الكامنة وراء تمكين فصيل سياسي هو أقرب إلى "الفاشية الدينية".
وكلاء الفوضى
2- الربط التلقائي بين الإخوان وجماعات التطرف وتنظيمات الإرهاب: يسود توجه لدى قطاعات من المجتمع الليبي بأن الإخوان المسلمين يعملون على الهيمنة على المشاركة في الحوار السياسي لوضع نهاية للصراع الليبي الممتد منذ عدة سنوات، إذ أعلن عدد من المشاركين رفضهم حضور جلسات الحوار المقررة في تونس بدءاً من يوم 9 نوفمبر القادم، ومن أبرزهم رئيس لجنة المصالحة بالمجلس الأعلى لقبائل ليبيا زيدان معتوق الزادمة.
وهنا تجدر الإشارة إلى تصريح الزادمة لموقع "العربية نت"، في 28 أكتوبر الجاري، ومفاده أن انسحابه من المشاركة في الحوار لا رجعة فيه، موضحاً أن قراره جاء بعد اطلاعه على قائمة الشخصيات المشاركة، التي تبيّن أنها غير متوازنة وفيها محاباة للإخوان المسلمين، ومشدداً على أنه لن يجلس إلى طاولة واحدة مع ممثلي تنظيم الإخوان وشخصياتهم المرتبطة بالإرهاب وبأجندات خارجية وغير مرغوبة من الليبيين، لتشكيل حكومة من الإخوان، رافضاً أن يكون شريكاً في هذا المخطط.
فضلاً عن ذلك، أصدر المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية بياناً بشأن المؤتمر الذي تعتزم الأمم المتحدة تنظيمه في تونس، حيث لاحظ "هيمنة التنظيمات الإسلامية وحلفائها على قائمة المدعوين للحوار، في وقت تم استبعاد الأطراف الوطنية الفاعلة والتكوينات الاجتماعية المؤثرة". ويعد من أبرز رموز الإخوان في المؤتمر محمد الرعيض ونزار كعوان ومحمد آدم الفايد وتاج الدين محمد الرزفلي وعبدالقادر عمر حويلي وعبدالمجيد مليقطة، وفوزي رجب العقاب وفاطمة الزهراء أحمد محمد علي لنقي وماجدة محمد الفلاح وإبراهيم صهد.
مراجعات غائبة
3- خلافات أجنحة المليشيات: أشارت بعض وسائل الإعلام العربية والليبية، في 22 أكتوبر الجاري، إلى تقديم استقالة جماعية لأعضاء الإخوان في مدينة مصراتة، وتم اعتبار فرعها بالمدينة منحلاً، وهو ما يأتي في سياق التوتر بين مليشيات طرابلس ومليشيات مصراتة على خلفية اعتقال محمد بعيو، رئيس مؤسسة الإعلام. وفي هذا السياق، قال المستقيلون في بيان إن قرار الاستقالة جاء حتى لا يكونوا "شماعة يعلق عليها مشروع مصادر حرية هذا الشعب وإخماد ثورته وسجن إرادته، واستجابة لنصح الغيورين على مصلحة الوطن، وقناعة بهذا المسار".
وأضاف البيان أن "جماعة الإخوان قامت بمراجعات منذ عام 2015 بشأن مستقبل التنظيم وبناءً على ذلك قررت إحداث تغيير في وجودها يُغلِّب المصلحة العليا للوطن والمواطن"، مشيرة إلى اتخاذ فرع مصراتة قرار الاستقالة منفرداً بسبب مماطلة قيادة الجماعة في تنفيذ تلك المراجعات.
وفي 13 أغسطس الماضي، أعلن أعضاء الجماعة بمدينة الزاوية استقالتهم الجماعية أيضاً، معتبرين أن فرعها بالمدينة منحل، وذلك "استجابة لنداء الكثير من المخلصين من أبناء الوطن بشأن عدم ترك فرصة لمن يتربص بالشعب الذي أراد الحرية وإقامة دولة مدنية"، حسب بيانهم.
استقالات متزايدة
4- ازدياد الانشقاق التنظيمي: وتعبر حالة الأزمة التي تعيشها حركة النهضة في تونس عن ذلك التحدي، على نحو ما بدا جلياً في أكتوبر الجاري، إذ توجد رؤيتان متناقضتان داخل الحركة في ما يخص ما تعرف بخلافة الغنوشي، الذي يتولى رئاسة النهضة لدورتين متتاليتين. فالرؤية الأولى تدافع عن تنقيح النظام الأساسي للحركة بما يُمكِّن الغنوشي من الترشح للرئاسة لمدة ثالثة، في حين أن الرؤية الثانية، التي تقودها "جماعة المائة"، تطالب بتجديد النخبة وتداول قيادي على منصب رئيس الحركة خلال المؤتمر القادم، الذي يتحدد انعقاده في نهاية العام الجاري.
ولم يكن ذلك الوضع حديث النشأة، إذ سبق أن شهدت حركة النهضة خلال الأشهر الماضية تصاعد الاستقالات في صفوف أعضائها، احتجاجاً على ميول الغنوشي إلى الانفراد بالقرار، ومن بينهم نائب رئيس الحركة عبدالفتاح مورو، وعبدالحميد الجلاصي والأمين العام زياد العذاري؛ فضلاً عن قيادات نهضاوية أخرى مثل رياض الشعيبي وزبير الشهودي وحمادي الجبالي، إلى جانب استقالة بعض القيادات الشبابية، مثل زياد بومخلة وهشام العريض، الأمر الذي يعكس الانشقاق والتصدع الذي تشهده الحركة، والذي من المرجح أن يتزايد في ظل إصرار الغنوشي على البقاء في الرئاسة.
شق قانوني
5- التعرض للحل: وهو ما أبرزه جلياً إصدار محكمة التمييز (أعلى هيئة قضائية) حكماً بحل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، في 16 يوليو الماضي، نظراً لعدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية. ويتوازى ذلك مع تصاعد حدة التحديات التي يواجهها حزب جبهة العمل الإسلامي- الذراع السياسية للجماعة- والتي تتمثل في ضغط الإنفاق المالي المحدد وفقاً للقانون الانتخابي الأردني، ومناوأة الأحزاب المدنية للدخول في تحالفات معه، فضلاً عن السياق الإقليمي المعزز لإضعاف نفوذ فروع الإخوان.
إعاقة الانتقال
6- عرقلة نظم الحكم الانتقالية: في وقت تقوم مؤسسات الحكم الانتقالي (مجلس السيادة الوطني – الحكومة الانتقالية) في السودان بتسخير كافة قدراتها وإمكانياتها لمواجهة المشكلات الداخلية والتحديات الخارجية، تحاول العناصر الموالية للنظام السابق من الإخوان المسلمين وقيادات حزب المؤتمر الوطني (الحاكم سابقاً) التخطيط للانقلاب على الحكم في ظل رغبتها في تصدر المشهد السياسي مرة أخرى، غير أن إجراءات إزالة التمكين وتفكيك نظام الإنقاذ والوعي الشعبي والدعم الإقليمي والدولي للحكومة الانتقالية في مواجهة إخوان السودان تحد من قدراتها على تنفيذ أي محاولات انقلابية جديدة.
وقد ساهمت قرارات لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الإنقاذ، خاصة في ما يتعلق باسترداد أراضي واستعادة أسهم في بنوك وإقالة موظفين وإعفاء قيادات في الحكومة، وإلغاء سجل منظمات وجمعيات مدنية، في تضييق الخناق على تنظيم الحركة الإسلامية وقيادات حزب المؤتمر الوطني في السودان، كما ساهمت في حصار قيادات الإخوان المسلمين وتجريدهم، إلى حد كبير، من إمكانياتهم المالية وأفقدتهم قدرتهم على إعادة ترتيب صفوفهم.

شارك