استقالة وزير المالية... موجة استقالات وتنحيات تعصف بالحكومة التركية

الإثنين 09/نوفمبر/2020 - 11:44 ص
طباعة استقالة وزير المالية... فاطمة عبدالغني
 
موجة استقالات وتنحيات تعصف بالحكومة التركية، وأحدثها استقالة وزير المالية وصهر الرئيس التركي بيرات ، إذ أعلن البيرق عن استقالته من منصبه.
قرار برره الوزير المستقيل بمشاكل صحية يعاني منها، غير أن هذه الخطوة تأتي في وقت اشتدت فيه الانتقادات التي تحمل الوزير مسئولية ما يشهده القطاع المالي التركي من تدهور،  بل وزاد غضب المعارضة التركية خلال الأيام  الأخيرة عندما نفى البيرق مرور البلاد بأزمة اقتصادية.
وتجاهلت تصريحات البيرق واقع الأرقام التي تشير إلى تراجع الليرة التركية إلى مستويات متدنية قياسية مقابل الدولار، إذ هبطت العملة التركية بنسبة 30% أمام الدولار خلال هذا العام، في حين بلغ معدل التضخم السنوي ما يقارب 12%.
وفي محاولة لوقف نزيف الليرة أقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محافظ البنك المركزي في البلاد مراد أويصال وفي المقابل عين وزير المالية السابق ناجي إقبال خلفًا له.
ومعروف أن محافظ البنك المركزي الجديد هو الرجل الذي كان يعتمد عليه أردوغان في شؤون الاقتصاد قبل تولي البيرق الوزارة، في إشارة إلى قبول أردوغان فشل صهره في قيادة دفة الاقتصاد، والحاجة إلى رجل خبير لتصحيح المسار.
وعلى مدى الأشهر الماضية شنت الأوساط السياسية التركية حملة ضد الرئيس التركي متهمة إياه بالفشل في تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد، وانضم للحملة بعض مقربي أردوغان من حزب العدالة والتنمية الذين انتقدوا سوء تدبيره للأزمات الأخيرة.
ومطلع أغسطس، أطلق ناشطون أتراك عبر وسائل التواصل الاجتماعي هاشتاغ "استقالة بيرات البيرق" على تويتر في ظلّ تراجع الليرة، مع دعوات مماثلة من كافة أحزاب المعارضة للرئيس التركي لإقالة زوج ابنته.
ودعا زعيم المعارضة الرئيسية في تركيا، كمال كليجدار أوغلو، أردوغان إلى إقالة صهره البيرق، حيث قال رئيس حزب الشعب الجمهوري، في اجتماع مجموعة برلمانية: "إذا كنت لا تزال تحب هذه الأمة ولا ترغب في أن تصبح هذه الأمة بائسة، فإن أول شيء ستفعله هو إنهاء واجب ذلك الصهر الاجتماعي".
وأضاف "إقالته ستريح المجتمع وقاعدة ناخبيك". وانضم إلى كليجدار أوغلو النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد جارو بايلان في الدعوة إلى إقالة البيرق. 
وقال بايلان: إنّ المواطنين الأتراك أصبحوا فقراء بينما ارتفعت معدلات البطالة، وأصبحت تكلفة المعيشة لا تُحتمل خلال فترة تولي البيرق لمنصبه.
وبحسب تقارير صحفية تعني استقالة أو إقالة البيرق أن نار الأزمة الاقتصادية وصل إلى أردوغان، وتسبب في أزمة بينه وبين أكثر من يثق بهم في حزبه.
وحتى لو عوض أردوغان صهره بمنصب آخر كمستشار للرئيس أو نائب له، فإن هذا لن يمحو حقيقة أن أردوغان أصبح اليوم في أزمة، بعد أن انفض عنه جميع من كانوا معه من قيادات حزبه، وانشقاقهم وتشكيلهم أحزابا معارضة.
واليوم يصل الخلاف إلى قمة الهرم السياسي، مما سيكون له تداعيات جسيمة على استقرار حكم أردوغان.
من ناحية أخرى قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن رحيل وزير المالية التركي، بيرات البيرق، قد يشير إلى إعادة تقويم من قبل الرئيس التركي للحكومة التركية، كرد فعل على فوز المرشح الديمقراطي، جو بايدن، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
واستندت الصحيفة الأمريكية على تاريخ البيرق الذي كان يتمتع بصداقة مع ابنة الرئيس الأميركي الخاسر، دونالد ترامب، إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر، وقالت "إن جزء من حقيبة البيرق هو التعامل مع البيت الأبيض من خلال تلك الصداقة".
وتقول نيويورك تايمز إن البيرق حافظ على الاتصال بصديقه كوشنر عبر تطبيق "واتس اب"، وأن الاثنين أدارا اتصالاً غير رسميًا بين ترامب وأردوغان، في تجاوز للبروتوكولات الرسمية، كما أكدت أن الصهر الأمريكي ساعد الصهر التركي في ترتيب لقاء مع ترامب بالمكتب البيضاوي العام الماضي.

ونقلت الصحيفة عن مدير برنامج البحوث التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، سونر كاجابتاي، قوله "أعتقد أن الدافع الرئيسي لاستقالة البيرق هو انهيار الاقتصاد، ولكن ربما سبب آخر هو انتهاء صلاحيته الوظيفية".
وتعامل أردوغان مع الصعوبات الاقتصادية والسياسية المتزايدة التي يواجهها جزئيًا من خلال فوائد صداقته مع ترامب. وهو ما ظهر في تجنب الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن فرض العقوبات على تركيا بعد شرائها نظام الصواريخ الروسي "إس-400"، وكذلك تجنبها فرض غرامات كبيرة على "بنك خلق" التركي لدوره في انتهاك العقوبات الأمريكية على إيران.
وترى الصحيفة أنه "يمكن لإدارة بايدن ممارسة مزيد من الحزم في التعامل مع تركيا وأردوغان، الذي لم يهنئ السيد بايدن بعد على فوزه، ربما يعمل على وضع الاقتصاد التركي في أيدٍ أكثر ثباتًا".
وجاء قرار أردوغان بتعيين ناجي أغبال، وزير المالية السابق الذي يُنظر إليه على أنه مدير مخلص لرئاسة البنك المركزي، لأن عرف بمعارضته لسياسات البيرق الاقتصادية خلال العامين الماضيين.
وتضيف الصحيفة الأمريكية أنه يُنظر إلى البيرق، المتزوج من إسراء، الابنة الكبرى لأردوغان، على أنه وريث سياسي محتمل للسيد أردوغان. لكن نبرة خطاب الاستقالة أشارت إلى خيبة أمل صادقة من جانب البيرق، ولم يذكر أردوغان إلا بشكل عابر. وشكر البيرق زملائه والله والمجتمع المسلم الأوسع للسماح له بخدمة بلاده ، لكنه لم يشكر أردوغان بشكل خاص.
كما أشار البيرق بشكل غير مباشر إلى الاقتتال الداخلي داخل القيادة، قائلا إنه من الصعب التفريق بين الأصدقاء والأعداء والصواب من الخطأ.

شارك