" المجلة " تبحث جدوي نزع الجنسية لمواجهة الإرهاب في أوروبا

الخميس 03/ديسمبر/2020 - 09:52 ص
طباعة  المجلة  تبحث جدوي روبير الفارس
 
إن نزع الجنسية من الذين التحقوا بالقتال في صفوف التنظيمات المتطرفة، يعتبر حقا قانونيا، يمنح الحكومات تنفيذ ذلك، طالما ان الدساتير تنص على الولاء للوطن وعدم الانضمام إلى منظمات متطرفة أو القتال إلى جانب حكومات أو دول ضد البلد الأم أو الذي يحمل جنسيته. وتنص القوانين على أنه بإمكان نزع الجنسية من العناصر التي تحمل جنسية مزدوجة، ولا يمكن للحكومات نزع الجنسية من أشخاص يحملون جنسية واحدة، كونه يتعارض مع قوانين الأمم المتحدة.
و اعتمدت دول عديدة قانون نزع الجنسية من المقاتلين في صفوف التنظيمات المتطرفة أبرزها تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، محاولة منها لردع العناصر والمجموعات من الالتحاق بالجماعات المتطرفة.
كما إن أغلب المتورطين في عمليات إرهابية في الغرب وفي أوروبا، هم من أصول عربية وربما آسيوية، وهذا هو ما يعقد الأمر على الحكومات الغربية، في موضوع ترحيل الموجودين على أراضيها من عناصر تورطت في الإرهاب إلى الدول التي يحملون جنسيتها بالولادةـ البلد الأم. وهذا ما دفع دول أوروبا تحديدا إلى العمل بشكل جاد لإيجاد اتفاقات وربما تفاهمات مع بعض الددول أبرزها: الجزائر، والمغرب، وليبيا، وتونس، والعراق، و سوريا، وأفغانستان، من أجل قبول تلك الحكومات باستقبال مواطنيها.
لكن السؤال هو مدى تأثير ذلك في منع أو «ردع»الشباب عن الالتحاق بالجماعات المتطرفة أو النزوح نحو التطرف؟ هذا التساؤل طرحتها مجلة المجلة التي تصدر في لندن كملف عددها الجديد الذي كتبه الباحث جاسم محمد المتخصص في قضايا الإرهاب والاستخبارات وقال فيه 
إن الأشخاص الذين ينتمون إلى الجماعات المتطرفة لا تضع في حساباتها إسقاط أو نزع الجنسية، طالما، هو انخرط في التطرف، هذه الجماعات ظهرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وهي تمزق جوازاتها، وكأنما هي أسقطت خط العودة إلى أوطانها، هذه العناصر تعتبر «مشاريع قتل»وانتحاريين.
 واضاف جاسم قائلا إن الخطورة تكمن في رعاية وتمويل الجماعات المتطرفة من قبل أطراف سياسية وحكومات، وهذا يعني أن الأطراف الراعية والممولة للإرهاب، هي مصدر تأجيج الإرهاب والتطرف، وأن الدور الذي تقوم به تلك الدول والأطراف، هو أخطر مما تقوم به «الجماعات الجهادية»من عمليات إرهابية.
ـإن الجماعات المتطرفة والإسلام السياسي تحولا إلى أوراق ضغط تستخدمها حكومات إقليمية ودولية إلى جانب أطراف سياسية، من أجل الضغط على دول أخرى، وهذا ما يثير الشكوك كثيرا حول توقيت حدوث عمليات إرهابية، وربما تتزامن مع تقارير استخبارية وتسريبات من حكومات أخرى. 
وإن قرارات الأمم المتحدةـ مجلس الأمن واضحة جدا، وتنص هذه القرارات على أن تقدم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أيضا ما لديها من قوائم أسماء مطلوبين، أو حركة أموال تمر خلالها أو على أراضيها، كذلك تطلب الأمم المتحدة أن تقوم الحكومات بمقاطعة قرارات مجلس الأمن بما لديها من معلومات، إلى جانب تقديم الدول تقارير حول ما أنجزته من أعمال في مجال محاربة الإرهاب وغسل الأموال.
لكن يبدو أن المشكلة تكمن في آلية تنفيذ القرارات الصادرة من مجلس الأمن وتفعيلها، فما جدوى إصدار «ترسانة»من القوانين، دون متابعة وتفعيل، وهذا «العجز»يعود، ربما إلى النقص الحاد في النظام الإداري التشغيلي إلى لجنة مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، وإلى النقص في الميزانية، أكثر من أي شيء آخر، وهذا ما يجعل العديد من الدول المتورطة في دعم الإرهاب، تعطي ظهرها إلى قرارات مجلس الأمن.
ما بات مطلوبا، هو المعالجات الحقيقية لمحاربة التطرف والإرهاب، ومنها الأطراف الراعية والممولة للإرهاب، من خلال تفعيل قرارات مجلس الأمن، ووجود آلية متابعة بالتوازي مع رفع دعاوى قضائية  في المحاكم الوطنية والدولية ضد الأطراف الراعية والممولة للإرهاب.
وجاء في الملف المهم 
أن  الجدل مازال قائما، داخل العديد من دول أوروبا والغرب، في موضوع نزع الجنسية من الأشخاص والجماعات المتورطة بالالتحاق بصفوف التنظيمات المتطرفة، أو التورط بتنفيذ عمليات إرهابية من  الداخل. 
ورغم الانتقادات الموجهة من منظمات المجتمع المدني، فإن عددا كبيرا من دول أوروبا والغرب، حسمت أمرها بنزع الجنسية، من مزدوجي الجنسية، محاولة منها لردع الشباب من الالتحاق بالجماعات المتورطة أو الانخراط في عمليات إرهابية، لكن تبقى الجدوى من هذا القرار موضع شكوك.
 وقدم جاسم محمد بعض 
تجارب  الدول بتبني قانون نزع الجنسية
من ذلك  
ألمانيا حيث
ينص قانون الجنسية في ألمانيا، والذي تم تعديله في فبراير  عام 2009، على إمكانية سحب الجنسية من الشخص المتجنس خلال 5 سنوات بعد حصوله على الجنسية إذا كان التجنيس «ناتجاً عن احتيال أو تهديد أو تقديم الرشوة أو إعطاء معلومات غير صحيحة أو غير كاملة عن قصد»... القانون شمل أيضا «الجهاديين»بقرار غير رجعي.وعند انطباق أحد هذه الشروط، يسمح القانون بسحب الجنسية من الشخص، حتى لو بقى دون جنسية. وعندما يكون لسحب الجنسية تأثير على وضع الأقارب- بحسب القانون- ينبغي عندئذ اتخاذ «قرار تقديري»، مع مراعاة مصالح الأطفال. وفي أعقاب ذلك ناشدت رئيسة الحزب المسيحي الديمقراطي الشريك بالائتلاف الحاكم في ألمانيا 2019، وزيرة العدل الاتحادية كاتارينا بارلي السماح بتمرير مشروع القانون الذي يمكن من خلاله سحب الجنسية الألمانية من مقاتلي تنظيم داعش الألمان ذوي الجنسية المزدوجة.
 وفي 
هولندا
تعتبر هولندا من الدول التي اتخذت إجراء سحب الجنسية فى حالة ازدواجية الجنسية لمرتكبي الجرائم الإرهابية لحماية أمنها الداخلي والخارجي. وطبق القانون في مارس  2017. ومن اشهر الحوادث التى تتعلق بهذا الشأن إعلان شميمة بيغوم «عروس داعش» عقب سحب جنسيتها البريطانية بأنها ستطالب بجنسية زوجها الهولندية، لكن رفض مسؤولون هولنديون طلبها. في هذا الصدد قال أحمد مركوش عمدة مدينة أرنهيم الهولندية: «ليس من حقها الإقامة في هولندا طالما ارتكبت جرائم إرهابية»،ولكن كانت هناك موافقة لعدم حرمان زوجها ياغو ريدجيك البالغ من العمر 27 عاما من جنسيته ودعوا لعودته ليواجه العدالة.
 وفي 
بريطانيا
جردت السلطات البريطانية، وفقا لـ«الشرق الأوسط»في 10 مارس 2019 «داعشيتين»من الجنسية البريطانية، وقد غادرتا إلى سوريا عام 2013 بعد زواجهما من مقاتلين بالتنظيم المتطرف على «علاقة وثيقة»بجرائم القتل المصورة للرهائن الأجانب. وبحسب أرقام أوردها موقع للمهاجرين نقلاً عن الوزارة فقد تم تجريد (104) أشخاص من الجنسية البريطانية عام 2017 مقابل (50) شخصاً على مدار العقد الذي قبله.وأكد «نيل باسو»المنسق الوطني لسياسات مكافحة الإرهاب في بريطانيا تطبيق سياسة «الاستبعاد»على نحو (200) من إجمالي (300) من الإرهابيين مزدوجي الجنسية، وهي الفئة التي يمكن نزع الجنسية البريطانية عنها، ومن المحتمل محاكمتهم بتهمة جنائية أو تقييد حركتهم أو إجبارهم على الخضوع لبرامج فكرية لمكافحة الإرهاب.
 اما في
بلجيكا
قال وزير العدل البلجيكي، جينس كوين، يوم 15 مارس  2020، إنه تم سحب الجنسية العام الماضي 2019 من 13 شخصاً، بسبب تورطهم في قضايا إرهاب، وبسبب قتالهم ضمن صفوف داعش. ونوه الوزير، في هذا الصدد، لوجود نهج هيكلي قائم، على أساس المبادئ التوجيهية ذات الصلة، التي صدرت بتاريخ الثالث من مايو  2018.
 أما في
أستراليا
بعد إعلان الوزير السابق للأمن الداخلي بيتر داتون عن سحب الجنسية الأسترالية من 5 أشخاص انضموا للقتال في صفوف تنظيم داعش، بات عدد الأشخاص الذين سحبت منهم الجنسية الأسترالية منذ بدء العمل بقانون الجنسية الأسترالية عام 1948 Australian CitizenshipAct 1948، أربعة وأربعين  شخصاً، بحسب ما أعلنه متحدث باسم وزرة الأمن الداخلي.ويتم سحب الجنسية الأسترالية من مزدوجي الجنسية في عدة حالات بحسب البند 34 من القانون. ويضيف المتحدث باسم الوزارة أن مجمل الأشخاص الذين سحبت منهم جنسيتهم بسبب الانضمام إلى داعش أصبح 6 أشخاص، إذ تم سحب جنسية خالد شروف الأسترالية منه في السابق.
 ورصد ملف جاسم محمد 
قرارات أممية لمحاربة التطرف والإرهاب
يطلب القرار 2178 من دول العالم أن تتخذ خطوات معينة لمواجهة تهديدالمقاتلين الإرهابيين الأجانب، بما في ذلك اتخاذ تدابير لمنع هؤلاء من دخولأو عبور أراضيها وتطبيق تشريعات تؤدي إلى ملاحقتهم أمام القضاء. كما يدعوالقرار الدول كي تتبنى خطوات مختلفة لتحسين التعاون الدولي في هذا المجال،مثل تبادل المعلومات حول التحقيقات الجنائية، ومنع حركة المقاتلين وملاحقتهم قضائيًا. 
صوت مجلس الأمن،يوم 12 فبراير 2015 بالإجماع على القراررقم 2199 الذييقضي بتجفيف منابع تمويل المتطرفين، ويشمل القرار محاصرة مصادر تمويل داعش والنصرة. وفقا لقرارمجلس الأمن 1373 لعام2001ـالفقرةالسادسة من القرارتفرضعلىالدولأن تتخذ جميع التدابير التي قد تكون ضرورية وملائمة وفقاً لالتزاماتهابموجب القانون الدولي من أجل مكافحة التحريض على ارتكاب الأعمال الإرهابيةبدافع التطرف والتعصب. 
وأصدر مجلس الأمن، خلال مؤتمر برلين، يناير  2020 قرارات جديدة من أجل وقف توريد الأسلحة إلى ليبيا. وكان القرار 2346 والقرار 2510 في يناير  2020، كافيين، لكن ما ينقصهما هو التفعيل، وعدم التزام الأطراف الداخلية في الصراع الليبي، تحديدا حكومة السراج، والأطراف الخارجية تحديدا إردوغان، بمخرجات مؤتمر «برلين-1»، ويفترض أن تكون هناك متابعة وتفعيل إلى القرارات الأممية.
وقد تعدَّدت القرارات الأممية التي استهدفت مواجهة الإرهاب، وسياسات تمويله؛ فيمكن الإشارة إلى القرار رقم 2017 لسنة 2013، الذي اعتبر تنظيم داعشمجموعة إرهابيَّة، وطالب بمكافحتها، وأكد أن هذا التنظيم يخضع للحظر على الأسلحة، وتجميد الأصول المفروضة بموجب قرار مجلس الأمن 1267 لعام 1999، والقرار 2083 لعام 2012، ويُشدِّد على أهمية التنفيذ الفوري والفعال لهذه التدابير.
واتخذ مجلس الأمن الدولي قراره 2170 في 15 أغسطس 2014، بشأن فرض العقوبات على  داعش. وفي 20 نوفمبر 2015 أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2249، الذي دعا الدول إلي القيام بكلِّ ما في وسعها؛ لمضاعفة وتنسيق جهودها لمنع وإحباط الأعمال الإرهابيَّة.

شارك