العملية السياسية فى ليبيا.. بين المخاوف الأمريكية والتحذيرات الأممية

الجمعة 28/مايو/2021 - 05:23 ص
طباعة العملية السياسية أميرة الشريف
 
تشير كافة المعطيات إلى وجود خلافات حادة بين أعضاء الملتقى السياسي الليبي، ولا سيما فيما يتعلق برغبة جماعة الإخوان وحلفائها في البحث عن ذريعة لتأجيل الانتخابات الرئاسية عبر الدفع نحو استباق موعدها المحدد في الرابع والعشرين من ديسمبر، بتنظيم استفتاء على مسودة الدستور المثيرة للجدل والمرفوضة من أغلب أطياف المجتمع، أو إقرار مبدأ انتخاب رئيس البلاد من البرلمان، وليس عن طريق الاقتراع الشعبي الحر والمباشر، وهو ما يرفضه أغلب الليبيين ولا يدافع عنه إلا تيار الإسلام السياسي والمتحالفون معهم من أمراء الحرب وقادة الميليشيات، حيث أعرب المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش عن أسفه أمام مجلس الأمن لكون جهود إعادة فتح الطريق الساحلي بين سرت ومصراتة وانسحاب القوات الأجنبية من ليبيا "تراوح مكانها"، في حين شددت واشنطن على أن تركيا معنية بالأمر.
وقال كوبيش خلال اجتماع عبر الفيديو للمجلس إن "التقدم في قضايا رئيسية مثل إعادة فتح الطريق الساحلي بين سرت ومصراتة وبدء انسحاب المرتزقة الأجانب والمقاتلين والقوات الأجنبية يراوح مكانه".
وأضاف أن "التأخير أكثر في إعادة فتح الطريق يصب ضد الجهود المبذولة لبناء الثقة بين الجانبين ويمكن أن يقوض الجهود المبذولة للمضي قدما في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار ودفع عملية الانتقال السياسي".
من جهتها أعربت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد عن أسفها لعدم إحراز تقدم سياسي. وقالت "حان الوقت لتوضح القيادة الليبية الأساس الدستوري للانتخابات" المقررة في 24 ديسمبر المقبل و"إقرار التشريعات المطلوبة وضمان عدم إرجاء الانتخابات"، مطالبة بتحقيق تقدم في هذا الصدد قبل الأول من يوليو.
وحذر كوبيش من أن "استمرار استخدام آلاف المرتزقة والمقاتلين الأجانب والجماعات المسلحة ووجودهم وأنشطتهم يمثل تهديدا كبيرا ليس فقط لأمن ليبيا، ولكن للمنطقة ككل".
وتابع المبعوث الأممي إلى ليبيا "من الأهمية بمكان ضمان الانسحاب المنظم للمقاتلين الأجانب والمرتزقة والجماعات المسلحة إلى جانب نزع سلاحهم وتسريحهم وإعادة دمجهم في بلدانهم الأم".
وقالت السفيرة الأميركية "على جميع الأطراف الخارجية المشاركة في النزاع وقف تدخلها العسكري والبدء بالانسحاب من ليبيا على الفور"، معتبرة أنه "لا مجال للتأويل، الجميع تعني الجميع".
وفي الأثناء، حذّر سفير الولايات المتحدة الأمريكية ومبعوثها الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند من وجود محاولات لعرقلة تنظيم الانتخابات المقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر القادم، وقال بالطبع هناك مفسدون يريدون عرقلة الانتخابات ولفت إلى أن على هؤلاء سواء كانوا أفراداً أو منظمات، أن يشعروا بالقلق من رد فعل الشارع عليهم، مشيراً إلى البند الخاص في قرارات مجلس الأمن التي صدرت بشأن هذا الموضوع، والذي ينص على عقوبات سيتم إلحاقها بالمعرقلين للمشروع السياسي، إضافة إلى موقف الولايات المتحدة الداعم للانتخابات والرافض لأي معوقات.
و تقول تركيا إن قواتها المنتشرة غرب ليبيا أرسلت بموجب اتفاق ثنائي مع حكومة الوفاق الوطني السابقة، ما يعني وفقا لأنقرة أنهم غير معنيين بخروج القوات الأجنبية.
وبحسب الأمم المتحدة، لا يزال في ليبيا أكثر من 20 ألفا من المرتزقة والجنود الأجانب، بينهم عسكريون أتراك ومرتزقة روس وسودانيون وتشاديون.
وأعرب العديد من أعضاء مجلس الأمن مجددا عن خشيتهم من أن تغادر الجماعات المسلحة ليبيا وتنتشر في المنطقة، مشيرين إلى الاضطرابات الأخيرة في تشاد التي أدت إلى مصرع رئيسها إدريس ديبي في ساحة المعركة مع متمردين.
في هذا السياق، قال سفير النيجر عبدو عباري "نخشى أن يتردد صدى الأسلحة الصامتة في ليبيا بشكل يصم الآذان في منطقة الساحل التي تعاني موجة ثانية من تأثير الأزمة الليبية".
من جهته، ذكر سفير ليبيا لدى الأمم المتحدة طاهر السني في كلمته بالعربية بأن بلاده طلبت من جميع الدول "التزام" بما تم الاتفاق عليه في قرارات مجلس الأمن "وبالأخص خروج جميع القوات والمرتزقة الأجانب، حتى تتحرر الإرادة الوطنية من أي ابتزاز وتَبسط الدولة سيادتها على كامل التراب الليبي".
ويري مراقبون أن هناك توافقات على أكثر من صعيد محلي وإقليمي ودولي بأن أطرافاً داخلية ذات امتدادات خارجية تعمل بقوة على عرقلة الاستحقاق الانتخابي، سواء لأسباب سياسية تتعلق بالخوف من الفشل فيها، أو لحسابات خاصة مرتبطة بمصالح شخصية وتنظيمية وجهوية، مشددين على أن جماعة الإخوان لا تريد للانتخابات أن تنتظم في موعدها، كما أن أغلب أعضاء مجلسي النواب والدولة يتخذون الموقف ذاته خوفاً على فقدان الامتيازات التي ينعمون بها منذ سنوات.
ويشير المراقبون إلى أن إصرار بعض الأطراف على تنظيم استفتاء على الدستور قبل الانتخابات هو إحدى أبرز الآليات المعتمدة لعرقلة الحل السياسي دون التوصل إلى الاستحقاق الانتخابي في موعده.

شارك