«العودة من مخيم الهول».. إدماج عوائل داعش العراقية بين المخاطر الأمنية ومتطلبات العدالة

الإثنين 31/مايو/2021 - 01:11 م
طباعة  «العودة من مخيم علي رجب
 
 «العودة من مخيم

كشف تقرير حقوقي عن مخاطر إدماج عوائل داعش العراقية، مخاطر العوائل على  مستقبل العراق والاجيال القادمة من تفاقم الفكر المتطرف والانتقام والكراهية والعنف، متبنيا إجراء إصلاح فكري وتأهيل نفسي للعوائل يعاد فيه بناء المواطنة في نفوس العائدين، ويسعى لاندماجهم في المجتمع مراعيا تجنب المخاطر المحتملة التي تهدد أمن واستقرار العراق، داعيا للابتعاد عن فكر المحاسبة خارج اطار القانون وايقاع العقوبة إلا على الأفراد الذين تثبت عليهم الجرائم الجنائية.

وأوضح تقرير حقوقي بعنوان " العودة من مخيم الهول -إدماج عوائل داعش العراقية بين المخاطر الأمنية ومتطلبات العدالة  " نشرته المؤسسة الإيزيدية الدولية لمناهضة الإبادة الجماعية ومن إعداد الإستاذ نهاد القاضي ، عن مخاطر  العوائل على  مستقبل العراق والاجيال القادمة من تفاقم الفكر المتطرف والانتقام والكراهية والعنف .

وافقت الحكومة العراقية أخير ا على طلب اللجنة الدولية للصليب الأحمر على عودة واستقبال العوائل العراقية المتصور انتماؤها لداعش بمختلف صنوفهم شديدة ومتوسطة وضعيفة الخطورة المحتجزين في مخيم الهول في الحسكة السورية بعد سنوات من رفض العراق على عدم الموافقة بعودتهم لما يشكلونه من خطورة أمنية واجتماعية، استجابة لدعوات كثيرة من منظمات أممية ودولية بترحيل عوائل داعش العراقيين البالغ عددهم 8215 عائلة عراقية والتي تشكل 30872 فرد ا، يعيشون في ظروف بائسة ومخيمات يهددها الخوف من مخاطر جائحة كوفيد 19، المخيم الذي تسكنه العوائل كبير يضم 16998 من العوائل المحتجزة فيه اذ يبلغ عدد أفرادها 61876 يشكل العراقيون نصفهم ، غالبيتهم من النساء والأطفال بنسبة 80 % تذكر التقارير أن هناك على أقل تقدير 400 امرأة إيزيدية وطفل، في حين يبلغ عدد العوائل السورية المحتجزة 6113 عائلة ( يبلغ عدد أفرادها 21930 فردا)، وعدد العوائل الأجنبية 2662 (عدد أفرادها 9066 فرد ا ) من جنسيات اذربيجان وجورجيا وكازاخستان وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان وجنسيات غربية وعربية أخرى، فضلا عن ثماني عوائل (غير معروفة الجنسية )  يبلغ عددها 8 أفراد" تدير المخيم قوات قسد السورية.

ولفت التقرير إلى انه من من المنطقي أن توافق الحكومة العراقية على استقبال عودة العوائل العراقية المحتجزة في مخيم الهول بحكم مسؤوليتها القانونية عن أبنائها حيثما كانوا، مما يتوجب عليها استقبالهم سواء أكانوا مواطنين صالحين أو طالحين، مما يستدعي التعامل الجدي عبر توظيف امكانات مؤسساتها المختلفة في وضع الخطط العلمية والبرامج العملية في مفاصلها كافة ، عبر رؤية استراتيجية طويلة المدى استجابة لتحدي مجموعات بشرية تعاني من غسيل دماغ ، سممت بأفكار متطرفة عنيفة إرهابية ومفاهيم دينية زائفة وأساليب حياة راديكالية منغلقة ، أفرزت أحكاما بدائية تتعارض مع لوائح حقوق الإنسان، ناهيك عن الاضطرابات النفسية التي عاشتها هذه العوائل تحت تسلط وقهر الحكم الإرهابي الداعشي وما بعدها، مما يتطلب حال عودتهم إلى العراق حجزهم في أماكن إصلاحية وتأهيلية يخضعون فيها لبرامج تأهيلية مكثفة تشمل جوانب الحياة النفسية والاجتماعية والدينية، سعيا لضمان اعادتهم إلى الحياة السوية عبر خارطة طريق تجذر الثقة بهويتهم الوطنية والإنسانية.

وحثت المؤسسة الإيزيدية الدولية لمناهضة الإبادة الجماعية،  الشرائح الإجتماعية في تقبل أندماجهم مرة أخرى عبر منحهم فرصة التعايش السلمي ، من خلال اعتماد مجموعة من البرامج.

وقالت انه لتحقيق للوصول إلى الأهداف أن تبنى علية اعادة الدمج، عبر  التسامح والاعتذار والاعتراف بالخطأ، وتصحيح الأفكار الدينية الخاطئة، والمحاسبة القانونية للجناة وتحقيق العدالة.

كذلك يجب التعامل مع الجناة قضائيا ومنع الاستثمارالسياسي بقضيتهم، والا تجاوز عقد الانتقام وتوريث الأحقاد والكراهيات والتمييز.

ولفتت الى انه من المؤمل أن تحدد الحكومة العراقية الاستراتيجية المرجوة من عودة العوائل لتحقيق تلك الأهداف عبر ابتكار الخطط بأدق تفاصيلها ووضع الخطط البديلة، إن عودة عوائل داعش إلى العراق يتطلب التعامل معه بأقصى درجات الحذر لما يستبطنه هذا الملف الخطيرمن تداعيات كارثية ، ان تمت معالجته عشوائيا، مما يستلزم تهيئة أرضيات الإرادة والحزم وجدية التنفيذ ومتابعة شؤون المخيمات أو مكان الإقامة الدقيقة درء ا للمخاطر وفقدان السيطرة.

وشدد على انه يجب ان حسن اختيار الأماكن أو مجمعات الإقامة، فلا بد  أن تكون في مناطق محصنة وآمنة بعيدة عن الصراعات والتشنجات، التي يسودها عدم الاستقرار الأمني والاجتماعي، ، مع وضرورة أخذ الحذر في منطقة مازالت تأوي الخلايا النائمة أو المتعاونة مع داعش، ومناخات جغرافية واجتماعية مضطربة .

كما شدد على ضرورة تنظيم قوائم العائدين، عبر  تصنف العوائل يبدأ بجرد قوائم أسماء العائدين من مخيم الهول، والراغبين بالعودة حسب الحالة الاجتماعية ، الأرامل مع أطفالهن والشباب بصورة منفردة وحسب الأعمار، كما يفرز الأطفال اليتامى ومجهولو النسب وحسب الفئة العمرية. وتجهيز قاعدة بيانات عن حياة هذه العوائل من الناحية الأمنية والاجتماعية ونشاطاتهم السابقة في تنظيم داعش سيئ الصيت.

كما طالبت بالبحث عن المختطفين والمختطفات والأطفال من اتباع الديانة الإيزيدية من بين هذه العوائل من خالل الطرق العلمية والطبية الحديثة والتعامل معهم كضحايا وتأهيلهم للعودة إلى عوائلهم ومدنهم الأصلية.

وأوضحت المؤسسة الايزيدية، ان اعادة تأهيل عوائل داعش، قد تواجه العديد من المعوقات في مقدمتها ضعف الإدارة والتنسيق جهات ومؤسسات، وتدني أهلية الكوادر العاملة في هذا المجال، وتغول شعور العداء والانتقام.

ومن المعوقات ايضا، التحصين الأمني لحماية أماكن العائدين من انتقام اهالي ضحايا جرائم داعش، وضمان حماية الكادر العامل في تلك المراكز، وتأمين سالمتهم وعوائلهم من خشية اختطافهم او تعرضهم إلى الاغتيالات على ايدي مندسين داعشيين.

وكذلك  تعدد مصادر القرار ، والتأثيرات من خارج المنظومة المؤسساتية تعوق برامج، مشددة على التوعية المجتمعية من مخاطر الأفكار المتطرفة ولغة العنف وخطابات الكراهية والتمييز و نبذ المختلف، ضرورة ملحة تلتزم بها وسائل الإعلام وتقع على عاتق منظمات المجتمع المدني ومراكز القوى السياسية الدينية والاجتماعية ، مسؤولية التعامل بمبادئ حقوق الإنسان وغرس الممارسات الحقيقية لمفهوم المواطنة ، وتحجيم دور بعض العشائر في حماية حقوق ابنائها ومفهوم التعصب القبلي المتنامي بشكل خطير .

كما شدد على  الاستفادة من خبرات المنظمات الحقوقية الدولية المتخصصة بقضايا جرائم الإبادات في ضوء تسلمها ملف الابادة الجماعية للإيزيديين منذ سنوات، وقد تمكنت من جمع الشهادات والأدلة التي تدين جرائم داعش وتنصف الضحايا الإيزيديين ، ومازال العمل جاري ا في التوثيق وملاحقة المتهمين .

كذلك شددت المؤسسة على الاستفادة من تجارب دول عالمية عانت صراعات دموية، كتجربة راواندا ودول القارة الأوروبية.

وأخيرا ،شدد المؤسسة الإيزيدية الدولية لمناهضة الإبادة الجماعيةعلى أن العراقيون العائدون من مخيم الهول وبمختلف شرائحهم وأنماطهم ، يشكلون تحديا كبيرا ، واختبارا لحكومة العراق وشعبه،.

وتساءلت المنظمة :"هل نحن جاهزون لتغيير أفكارنا ورؤانا بعد أزمة داعش الإجرامي وتداعياته عبر تبني قبول الآخر والعفو عند المقدرة في ظل وجود العدل والقانون وأستنهاض الاجيال بمفاهيم إنسانية بعيدة عن التعصب القبلي العشائري والتخلي عن غرس الكره والانتقام والثأر عبر انتهاج التسامح واحترام الآخر والعيش معا بسلام ، والتنافس في البناء والتطور والتنمية، لنصع معا مستقبلنا المشترك الذي يسع تنوعنا الخلاق.

شارك