تيار التغيير.. شباب الشيعة يقلب الطاولة على عمائم العراق وإيران

السبت 05/يونيو/2021 - 03:17 م
طباعة تيار التغيير.. شباب علي رجب
 
أوضح استطلاع للرأي أن شباب الشيعة في العراق، غاضب وساخط  من الأحزاب الحاكمةُ، وعدم الثقة والتعاسة بشأن نظامهم السياسي ، وسط مخاوف من اندلاع انتفاضة شعبية محتملة بين الشيعة المستائين من القوى والتيارات الشيعية في السلطة.
وفقا لاستطلاع محرار الرأي العام العراقي(IOT) الذي أجرته المجموعة المستقلة للأبحاث ومؤسسة غالوب الدولية في أبريل 2021، يُظهر الشيعة بكل المقاييس، معدلات أعلى من عدم الرضا وعدم الثقة والتعاسة بشأن نظامهم السياسي مقارنة بالسنة والأكراد!
الشباب الشيعة بدأ يدركون أن أحلامهم في حياة افضل ونظام سياسي قوي، قد تمت سرقتها من قبل الأحزاب السياسية، فخلال العامين الماضيين بدأت تتبلور حركات وتوجهات سياسية تهدد حضور الاسلام السياسي في العراق.
والتيار الجديد  يضم أكاديميين ومثقفين وعموده الفقري الشباب من جيل ما بعد سقوط نظام صدام حسين، يحمل أفكاراً مدنية وليبرالية وتحررية للتخلص من النفوذ الإيراني وسطوة رجال الدين الذين بدأت قبضتهم ترتخي ويفقدون الهالة والقدسية التي أحيطوا بها على مدى سنوات.
التيار الجديد ينظر بشكل أقل إيجابية تجاه النظام السياسي الحالي. وبلغ استياءهم ذروته في أكتوبر 2019 عندما خرج مئات الآلاف إلى الشوارع في المحافظات ذات الأغلبية الشيعية للتعبير عن استيائهم ورغبتهم في استبدال النظام السياسي الحالي بالكامل.
وأوضح أحدث استطلاع للرأي أجرته المجموعة المستقلة للأبحاث ومؤسسة غالوب الدولية، والذي استند إلى مقابلات شخصية مع عينة تمثيلية شملت 1200 مقابلة على مستوىالمدن العراقية، انه وبعد عامين تقريبًا من اندلاع انتفاضة أكتوبر، لا يزال العراقيون عمومًا والشيعة على وجه الخصوص غير راضين عما يجري في بلادهم. وفى كانون الثاني /يناير 2021، هبطت ثقة الشيعة في الحكومة الى 27٪، في حين بلغت ثقة السنة بالحكومة 46 %، وثقة الأكراد 55%.
ثورة تشرين او احتجاجات أكتوبر، اظهرت نمو تيار ثالث وهو تيار الشباب بشكل كبير وسريع داخل الوسط الشيعي كرد فعل على الإسلام السياسي الحاكم منذ 17 سنة، والذي ينقسم الى التيار الإسلامي التقليدي الذي يمثله التيار الصدري وتيار السيد عمار الحكيم وأحزاب أخرى معتدلة مقابل التيار الراديكالي الذي تمثله الأحزاب الموالية لإيران والتي تتبع ولاية الفقيه .
ووفقا لاستطلاع محرار الرأي العام العراقي(IOT) الذي أجري في بريل 2021، فقد تراجعت الثقة العامة في الحكومة الى أدنى مستوياتها على الإطلاق، حيث أن 22 ٪ فقط من العراقيين بشكل عام يثقون بها، منهم 17٪ فقط من الشيعة! وفى حين يُظهر الاستطلاع الأخير أن 75٪ من العراقيين بشكل عام يعتقدون أن العراق يسير في الاتجاه الخاطئ، فإن النسبة بين الشيعة أسوأ حيث وصلت الى (80٪)، ما يعكس أعلى معدل للتشاؤم على الإطلاق بشأن البلاد منذ بدء استطلاعات الرأي في العراق عام 2003.

 ووفقًا لنتائج (IOT)، يُظهر الشيعة، بكل المقاييس، معدلات أعلى من عدم الرضا وعدم الثقة والتعاسة مقارنة بالسنة والأكراد! فبينما يشعر 5٪ من الأكراد و16٪ من السنة بعدم الأمان في مدنهم، فإن النسبة تقفز إلى 25٪ بين الشيعة. أي أن واحد من كل 4 من الشيعة يشعر بعدم الأمان في مدينته. يمكن فهم هذا الرقم الصادم بشكل أفضل إذا عرفنا أن 60٪ من الشيعة يعتقدون أن الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة، أي الميليشيات الشيعية المنتشرة في مدن جنوب العراق وبغداد، أقوى من الحكومة.
ن جانب أخر، فبينما يعتقد ما يقرب من 50٪ من السنة والأكراد أنهم لا يستطيعون التأثير على القرارات المتخذة في العراق، فإن النسبة تقفز إلى 60٪ بين الشيعة. وعلى نفس المنوال، يشعر 60٪ من السنة أنه ليس كل الناس يعاملون معاملة عادلة ومتساوية من قبل الحكومة، بينما تقفز النسبة الى 70٪ بين الشيعة. أن من الواضح أن هناك أزمة ثقة هائلة في العراق عندما يتعلق الأمر بكيفية نظر الشعب إلى الحكومة. ويتعمق هذا الشعور أكثر بين الشيعة في العراق، وهم الفئة الأكثر أهمية التي تحتاجها الحكومة لدعمها السياسي. أن هذا يعني أن الأساس المجتمعي لشرعية الحكومة والنظام السياسي المحاصصي في العراق قد فُقد بشكل كبير. إنها وصفة لمزيد من عدم الاستقرار السياسي في البلاد. كما يعني أن الرأي العام العراقي ينظر إلى حكومته على أنها سبب المشاكل وليس الحل للعديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في العراق.

قد يتوقع المرء أن انتخابات تشرين الأول /أكتوبر المقبلة قد تغير هذا النقص الحاد في رضا وثقة الجمهور في الحكومة العراقية. لكن المعطيات للأسف لا تدعم هذا التفاؤل. ففي حين أن من غير المرجح أن يصوت 50٪ من السنة في الانتخابات المقبلة، فمن غير المرجح أيضا أن يصوت 60٪ من الشيعة. بناءً على التجربة السابقة، سترتفع نسبة الناخبين المقاطعين أكثر مع اقتراب يوم الانتخابات.

تعزز هذه الأرقام من الاستطلاعات الأخرى، نتائج محرار الرأي العام العراقي الأخيرة IOT، والتي أظهرت أنه في حين أن 53٪ من السنة يوافقون على أن الانتخابات لا تمنحهم صوتًا في القرار السياسي، تقفز النسبة بشدة بين الشيعة لتصل الى 71%! وبناءً على ذلك، يبدو أن الانتخابات المقبلة ستشهد إقبالًا ضعيفًا، مع توقع نسبة مشاركة أقل في المناطق الشيعية. ومن بين العراقيين الذين يعتقدون أن بإمكانهم التأثير في القرارات السياسية، هناك 14% من السنة،31% من الكرد، وفقط 11% من الشيعة يؤمنون أن الانتخابات هي وسيلتهم لتحقيق ذلك التأثير! أن من الواضح أن العراقيين بشكل عام والشيعة على وجه الخصوص مقتنعون بشكل متزايد بأن الطرق العادية والمؤسسية لمحاولة التأثير على السياسة والسياسة في العراق لا تعمل لصالحهم.
ويقول الدكتور منقذ داغر، مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعضو مجلس إدارة مؤسسة جالوب الدولية، إن كل المعطيات تشير إلى السيناريو القائل بأن الأشهر القليلة المقبلة ستشهد تسارعاً في زخم الأنواع المختلفة من الاحتجاجات والتعبير عن عدم الرضا، لا سيما بين الشيعة، بما يجل بلاد الرافدين حبلى بالثور شبابية جديدة قد تقوض وتحجم قوة ونفوذ تيار الاسلام السياسي في العراق.
كما رجح "داغر" في تقرير له نشره  معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أنه في ظل مخاوف الجماعات الرديكالية والموالية لطهران والتيار المعتدل في تجاوز الشباب لهم وترادع نفوذهم، ان تشهد العراق مزيدا من اغتيالات النشطاء السياسيين.
واَضاف مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعضو مجلس إدارة مؤسسة جالوب الدولية، أنه خلال الاسابيع الماضية لعب الشباب والقادة الجدد في تيار التغييردورًا مهمًا في تغيير اللعبة السياسية في العراق، استُهدفوا في محاولة يائسة لوقف زخم ما يسمى بانتفاضة "تشرين".
وقال داغر:"في حين أن تحقق هذا السيناريو سالف الذكر وارد - وذلك في وقت تتراجع فيه محاولات إيقافه تدريجيا- فإن الفرصة ما زالت سانحة أمام الكاظمي وحكومته لإصلاح الأوضاع، حيث يمكنه الاستفادة من عدم انتمائه للأحزاب السياسية الحالية، وتعرضه للهجوم المستمر من قبل بعض هذه الأحزاب، لتحقيق ذلك. فغالبا ما يتلقى الكاظمي انتقادات لاذعة بشكل خاص من قبل أطراف مقربة من إيران".
واضاف :" ومن ثم، وحتى يتسنى له وقف زخم الغضب الشعبي بين أوساط الشيعة، سيتعين عليه استكمال عدة إصلاحات مهمة على ثلاث جبهات: أولا. مكافحة الفساد، وهناك أدلة جيدة تشير الى انه قد حقق بالفعل تقدما ملموسا على هذه الجبهة. ثانيا. تحسين الوضع الاقتصادي، حيث قد يساعد الارتفاع الأخير في أسعار النفط في ذلك. ثالثا. وهو الأهم العمل على إضعاف نفوذ وقوة الميليشيات الشيعية. قد يكون هذا التحدي الأخير هو المدخل الرئيسي لجميع محاولات الإصلاح الأخرى حيث سيضمن للكاظمي إمكانية استعادة حكومته السيطرة على الدولة وهو ما يمثل التحدي الأكبر له خلال الأشهر القليلة المقبلة"



شارك