طالبان وأثار سيطرتها على أفغانستان

الثلاثاء 05/أكتوبر/2021 - 01:41 م
طباعة طالبان وأثار سيطرتها حسام الحداد - ليلى عادل
 
التمثيل بالجثث.. بتر الأيدي.. إعدام الأطفال.. تحريم حلق اللحى.. منع الموسيقى.. 
التضييق على تعليم وعمل المرأة
الجنائية الدولية تعيد فتح التحقيق مع طالبان
تغذية الهجمات الإرهابية في باكستان

منذ استيلاء طالبان على الحكم في أفغانستان 15 أغسطس الماضي وأنظار العالم تتوجه إلى هذا البلد الفقير لترى ما سوف تفعله تلك الجماعة الإرهابية والتي لها تجربة سابقة في الحكم يعلمها العالم جيدا ويعلم ما حدث بها من دموية وارهاب وتأخر للشعب الأفغاني إلا أن هناك أصوات تعالت وبررت السكوت الدولي على استيلاء طالبان بالقوة على الحكم، بأن طالبان اليوم مختلفة عن تلك التي حكمت في تسعينيات القرن الماضي إلا أن للواقع والممارسة الأخيرة، في الأسابيع الأخيرة تبدد أطروحة تغير طالبان عن الماضي.  
التمثيل بالجثث وإرهاب الأفغان 
أفاد عدد ليس قليل من التقارير الإخبارية الأتية من أفغانستان بأن حركة طالبان علقت جثثا لخاطفين مزعومين في أحد الشوارع العامة بمدينة هِرات الغربية كإجراء تحذيري واضح، وجاء هذا العرض المروع للجثث بعد يوم من تحذير مسؤول في الحركة بأنها ستستأنف تطبيق العقوبات الجسدية القاسية مثل الإعدام وقطع الأطراف.
وحول هذا الموضوع وفي حادثة ليست غريبة على طالبان وتعيدنا إلى تذكر فترة حكمها الأولى في تسعينيات القرن الماضي، علق حكام طالبان في أفغانستان جثث أربعة من الخاطفين المشتبه بهم كانوا قد أطلقوا النار عليهم في وقت سابق في مدينة هرات الغربية الأسبوع الماضي.  
وقال نائب محافظ هرات، شير أحمد مهاجر، إن تعليق الجثث على الرافعات يجب أن يكون "درسًا" لمنع التسامح مع عمليات الاختطاف.
 وعرض الجثث هو أعنف عقاب علني منذ وصول طالبان إلى السلطة في منتصف أغسطس . 
أظهر مقطع فيديو أحد الرجال الذين أصيبوا بالرصاص وهو معلق من رافعة وكتب تحذير على صدره: "هكذا يعاقب الخاطفون".
وكان الملا نور الدين الترابي، أحد مؤسسي حركة طالبان، والذي يُعتبر متشددًا، قد أعلن بالفعل أن الإجراءات العقابية العلنية مثل الإعدام أو بتر الأيدي ستتكرر، ومنذ الاستيلاء على السلطة في 15 أغسطس، كانت هناك مخاوف من إعادة بناء أنظمة طالبان المتشددة.
 وقال الترابي وزير العدل السابق في عهد طالبان  "انتقدنا الجميع بسبب العقوبات لكننا لم نقل أي شيء عن قوانينهم وعقوباتهم".  لن يخبرنا أحد بما يجب أن تكون عليه قوانيننا.  سوف نتبع الإسلام ونجعل قوانيننا وفقًا للقرآن."
في التسعينيات، استخدمت طالبان الملعب الأولمبي في كابول لإجراء عمليات إعدام علنية أمام مئات المتفرجين الذكور.  في الأسابيع القليلة الماضية ، أصدر مقاتلو طالبان بالفعل عقوبات علنية ، مثل إظهار اللصوص وأيديهم مقيدة ومهينة.

حلق اللحي وتحريم الموسيقى
ويوما بعد يوم يتاكد ما كتبناه مبكرا عن اكاذيب تغير طالبان.الامر الذى ردده البعض ان الحركة الارهابية عادت لحكم افغانستان بشكل مختلف هذه المرة، فقد اكدنا ان أيديولوجية الحركة لم تتغير, ويتضح ذلك من موقفها ضد المراة وكذلك جرائمها التى تتكرر الان وتظهر بوضوح، حيث يري العالم بشاعة الوجه الحقيقي لها كجماعة ارهابية  فبعد عمليات القتل وتعليق الجثث على الرافعات قد  أصدرت الحركة المتشددة توجيهات إلى الحلاقين، وبحسب التعميم الصادر حديثا من قبل مسؤولي الحركة في مقاطعة هلمند جنوب البلاد، يمنع على الحلاقين قص اللحى، أو حتى وضع الموسيقى في المحال أثناء العمل.
وأوضحت السلطات المحلية في المقاطعة الجنوبية، في بيان عُمم على محلات الحلاقة، بحسب ما نقلت وسائل اعلام محلية، أنه "من اليوم فصاعدا أصبح حلق اللحى وعزف الموسيقى في صالونات الحلاقة أو الحمامات العامة ممنوعا منعا باتا".
كما لوحت بمعاقبة المخالفين في الحال، مضيفة أنه لن يكون أمام هؤلاء الحق في تقديم أي شكوى.
ويأتي هذا التعميم ليضاف إلى سلسلة إجراءات اتخذتها وفرضتها الحركة مؤخراً، أعادت إحياء شبح الماضي يوم حكمت طالبان البلاد في حقبة التسعينيات، فارضة قبضة من حديد على الأفغان، ومنفذة قوانينها المتطرفة.
يذكر أن تلك الإجراءات تزيد من مخاوف المجتمع الدولي الذي أكد أكثر من مرة على ضرورة احترام حقوق الإنسان والمرأة في البلاد، من ضمن حزمة شروط موضوعة للاعتراف بالحركة والتعامل معها رسمياً.

اعدام الأطفال
أعدمت حركة طالبان الثلاثاء 28 سبتمبر 2021، طفلا في ولاية تخار بأفغانستان بعد أن اشتبهت في أنه نجل أحد عناصر المقاومة التي خاضت قتالاً منذ الاستيلاء عليها.
وجاء في تغريدة نشرتها بانجشير أوبزرفر: "أعدم مقاتلو طالبان طفلاً في ولاية تخار بعد الاشتباه في أن والده كان من صفوف المقاومة". مقطع الفيديو المروع المرفق بالتغريدة، جسد الطفل الساكن ملقى في الشارع بينما يبكي ثلاثة أطفال آخرين جالسين بجانب الجسد.
وهزمت قوات المقاومة، التي حاربت طالبان في الأيام التي تلت سيطرتها على كابول ، بعد أن شنت معركة حامية في وادي بنجشير.
غير أن طالبان حاصرت جماعة المقاومة المسلحة من جميع الجهات وسيطرت على بنجشير واكتسبت السلطة الكاملة على أفغانستان.

تغذية الهجمات الإرهابية في باكستان
طوال أربع سنوات لم تشهد باكستان هجمات إرهابية قاتلة كالتي شهدتها مع مغادرة القوات الأمريكية لأفغانستان واستيلاء طالبان على السلطة، في مؤشر على تنامي عدم الاستقرار في المنطقة الذي يمكن أن يضر بالأعمال والاستثمارات.
فقد شهدت باكستان 35 هجوماً خلفت 52 قتيلاً مدنياً على الأقل في أغسطس، وهي أعلى نسبة منذ فبراير 2017، وفقاً لبيانات جمعتها بوابة الإرهاب في جنوب آسيا. ونُسبت معظم أعمال العنف إلى حركة طالبان باكستان، وهي فرع من الجماعة الأفغانية المسلحة التي شجعتها التطورات في الجوار.
وقال عمر كريم، الزميل الزائر في معهد رويال يونايتد سيرفيسز ومقره لندن، لصحيفة التايم الهندية، إن الجماعة الباكستانية المسلحة "ازدادت جرأة بسبب ما حدث في أفغانستان". "كانت الجماعة الإرهابية بالفعل تزداد قوة قبل الوضع في أفغانستان مع اندماج الجماعات المنشقة خلال العام الماضي أو نحو ذلك".
مع سيطرة طالبان على أفغانستان، هناك مخاوف في إسلام أباد من أن انتشار الأنشطة الإرهابية يمكن أن يؤثر على الاستثمارات، بما في ذلك مبادرة الحزام والطريق الصينية التي شهدت ضخ 25 مليار دولار في محطات الطاقة ومشاريع الطرق. تواجه باكستان بالفعل ضغوطا من بكين التي دعت الحكومة إلى حماية مثل هذه المشاريع بعد أن أدى انفجار حافلة في يوليو إلى مقتل 12 عاملا، من بينهم تسعة مواطنين صينيين.
عدم الاستقرار المتزايد وزيادة خطر في المنطقة قد دفعت بالفعل مستثمر أجنبي واحد على الأقل لعقد مرة أخرى على الاستحواذ على شركة الباكستانية، وفقا لشخصين على دراية بالأمر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، مشيرا إلى الطبيعة الخاصة للمعلومات .
قال أسفنديار مير، الخبير البارز في معهد الولايات المتحدة، إن باكستان لا تتحدث عن ذلك علانية، لكنها قلقة بشأن عودة ظهور تهديد طالبان الباكستانية، التي سحقها مزيج من ضربات الطائرات الأمريكية بدون طيار والعمليات العسكرية المحلية. ولم يرد وزير الإعلام الباكستاني فاروق حبيب على طلب للتعليق.
ينبع جزء من مخاوف باكستان من حقيقة أن العديد من المسلحين المطلوبين من قبل حكومتها قد تم إطلاق سراحهم من السجون في أفغانستان عندما اجتاحت طالبان السلطة. وأكدت الجماعة الأفغانية المسلحة لإسلام أباد أن أراضيها لن تستخدم كقاعدة إرهابية لكن هذا لم يحدث حتى الآن.
وقتل مسلحون يطلقون النار من أفغانستان جنديين باكستانيين الشهر الماضي في اشتباك أسفر عن إصابة العديد. وقتل سبعة جنود آخرين في سبتمبر عندما هاجم الجيش إرهابيين في جنوب وزيرستان ، بحسب بيان أرسله الجناح الإعلامي للجيش.

الجنائية الدولية تعيد فتح التحقيق في جرائم طالبان
ونتيجة لما سبق وغيره طلب المدعي العام الجديد للمحكمة الجنائية الدولية من المحكمة إعادة فتح تحقيق في الجرائم المزعومة ضد الإنسانية التي ارتكبتها حركة طالبان وأنصار تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان منذ عام 2003.
تُظهر خطوة كريم خان تصميمًا على استخدام القانون الدولي للتحقيق ليس فقط في الجرائم الماضية ولكن أيضًا في الجرائم المعاصرة ضد الإنسانية، وقد أخطرت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي طالبان عبر سفارة أفغانستان في هولندا بأنها تنوي استئناف التحقيق.
وكان قد تم تأجيل تحقيق سابق للمحكمة الجنائية الدولية في أبريل 2020 عقب طلب من الحكومة الأفغانية آنذاك برئاسة أشرف غني بمنحه الوقت لجمع الأدلة بالتعاون مع محامي المحكمة الجنائية الدولية.
قال خان، وهو مراقِب بريطاني لمدة ثلاثة أشهر من ولايته التي امتدت لتسع سنوات كمدعي عام في المحكمة الجنائية الدولية، إن "الأعمال البغيضة والإجرامية يجب أن تتوقف فورًا وتبدأ التحقيقات لإثبات المبادئ التي تم وضعها قبل 75 عامًا في نورمبرج ولتلبية المسؤولية الإنسانية الأساسية بحد ذاتها".
ويشير تقريره إلى أنه لم يعد هناك احتمال لإجراء تحقيق محلي حقيقي وفعال في الجرائم داخل أفغانستان، يتضمن اقتراحه خطة لإلغاء الأولوية، وليس إسقاط أي جرائم حرب مزعومة ارتكبتها الولايات المتحدة والجيش الأفغاني لأنها ليست مستمرة.
وجاء في التقرير أن "السيطرة الفعلية الحالية لحركة طالبان على أراضي أفغانستان، وآثارها (بما في ذلك إنفاذ القانون والنشاط القضائي في أفغانستان)، تمثل تغييرًا جوهريًا في الظروف التي تتطلب التطبيق الحالي".
وسيواجه المدعي العام انتقادات لعدم منح الأولوية للولايات المتحدة في التحقيق. لكنه يذكر أن "خطورة الجرائم المزعومة التي ارتكبتها حركة طالبان والدولة الإسلامية، وحجمها وطبيعتها المستمرة، والتي تشمل الهجمات على المدنيين، والإعدامات خارج نطاق القضاء، واضطهاد النساء والفتيات، والجرائم ضد الأطفال، تتطلب تركيزًا وموارد مناسبة من مكتبي إذ علينا أن نبني قضايا ذات مصداقية يمكن إثباتها بما لا يدع مجالاً للشك المعقول في قاعة المحكمة ".
ويقول خان في رسالته إن تحقيقه لا يتطلب من المحكمة الجنائية الدولية أن تتوصل إلى رأي بشأن الحكومة القانونية أو الحكومة الفعلية في البلاد. كما يقول إنه لا توجد مؤسسة داخل أو خارج البلاد يمكنها في رأيه أن تسعى بشكل شرعي إلى أي إرجاء إضافي لتحقيق المحكمة الجنائية الدولية.

شارك