الدكتور مهندس ماهر عزيز : الأصولية قوة هائلة فى الوعى الشعبى القبطى الأرثوذكسى

الإثنين 25/أكتوبر/2021 - 12:10 م
طباعة الدكتور مهندس ماهر روبير الفارس
 
الدكتور مهندس ماهر

 

-مواجهة الاصولية بشعار الثقافة تنوير لأجل التدين السليم

- الأصولية القبطية الأرثوذكسية  يقودها حالياً سَدَنَة الرجعية الروحية والتفسير الكتابى المغلوط والمتعسف

- كتابى "بيريسترويكا كنسية" روشته للإصلاح الكنسي

 

يمثل الدكتور مهندس/ مـاهــر عــزيــز واحد من اهم رواد الخدمة الكنسية التي رفعت شعار "الثقافة تنوير لأجل التدين السليم"، وأهمية الحوار مع الدكتور ماهر ترجع الي عقليته العلمية المنظمة حيث شغل مواقع ومناصب عديدة منها استشاري الطاقة والبيئة وتغير المناخ  وعضو مجلس كلية العلوم جامعة عين شمس  وعضو سابق لمجلس إدارة شركة وسط الدلتا لإنتاج الكهرباء وعضو سابق بالمجالس القومية المتخصصة.

وقد حصل علي دكتوراه الفلسفة فى "الهندسة البيئية"- جامعة عين شمس، والدبلوما الخاصة في "التربية وعلم النفس" – جامعة عين شمس، وعمل استشاري الأمم المتحدة (UNDP) وخبير بيئى لجامعة الدول العربية، وخبير استشاري لاجتماع الخبراء للاتحاد الأوربي، وخبير استشاري "للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لدول غربي آسيا " التابع للأمم المتحدة (ESCWA).

 

كما أنه  مؤلف ومؤلف مشارك، لما يربو على 115 ورقة بحثية منشورة فى أعمال المؤتمرات الدولية والإقليمية والقومية، ومن أهم كتبه "قضايا استهلاك الطاقة فى مصر"، و"القوى النووية والتنمية المستدامة"، و"المعضلة الأرضية...عن الطاقة والبيئة والمستدامية"، و"رسالة فى حرية المرأة " فى إطار الاهتمام بقضايا التقدم الإنسانى والاجتماعى ، صدر عام 2005. وغيرها الكثير. وترجم العديد من الكتب والدراسات ومؤخرا اصدر كتاب عن الاصلاح الكنسي بعنوان "بيريسترويكا كنسية"..

 

·       متى وكيف بدأت خدمتك الكنسية؟ وما هى ثمارهــا؟  وهل مازالت مستمرة؟ أو توقفت؟ ولماذا؟

 

-   بدأت خدمتى الكنسية عقب تخرجى مباشرة فى إعداد الخدام عام 1967 بكنيسة مارجرجس بخماروية بشبرا وأنا فى الثامنة عشرة من عمرى، وتدرجت فى جميع مسئوليات الخدمة الكنسية بدءاً من خدمة النشء في المرحلة الابتدائية ثم الشباب إلى أمين عام الخدمة، وكانت لى مساهمات مؤثرة فى خدمة إعداد الخدام والخادمات، وخدمة شباب الجامعات، حيث خدمت أميناً لأسرة الملاك ميخائيل بهندسة القاهرة، وخدمت على منبر الكنيسة، بالإضافة إلى خدمة التأليف والمراجعة والنشر لمؤلفات كنسية بواسطة بعض الآباء المباركين، وفى السنوات الأخيرة خدمت من خلال القنوات التليفزيونية المسيحية، وكان من أهم آثار الخدمة على مدى 54 سنة إنشاء اللجنة الثقافية بكنيسة مارجرجس بخماروية بشبرا خلال الفترة: 1978 – 1990، التى كانت علامة فريدة فى خدمة الشباب لأول مرة بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وكان لها صدى كبير فى كل فروع الخدمة سعياً إلى ترسيخ مبدأ مهم فى الفهم الروحى والكتابى تحت شعار "الثقافة تنوير لأجل التدين السليم".

ولقد أفرزت هذه الخدمة جيلاً من الخدام الذين صاروا طلائع ملهمة للخدمة فى كل مكان ذهبوا إليه.. فى تنزانيا وكينيا وجوهانسبرج وسيدنى ومدن متعددة فى أوربا وأمريكا.

ولا أزال أخدم حيثما دعيت لإلقاء محاضرات فى اللاهوت والروحيات والتعليم الكتابى، كما أن الخدمة تتركز الآن فى التأليف والكتابة حول قضايا الإصلاح الكنسى وإعادة البناء الروحى في الكنيسة التي تتعرض حالياً من فرط الهوان والاستهانة والضعف إلى التآكل والانهيار.

 

·  انتشر مؤخراً مصطلح الأصولية المسيحية فما هو تعريفكم لهذا المسطلح؟  وكيف نشأت وتغلغلت هذه الأصولية بين الأقباط؟ وكيف يمكن معالجتها؟  وهل هناك بالفعل سلفية أرثوذكسية متشددة لدى الأقباط حالياً؟  وكيف يمكن مواجهتها؟

 

-   الأصولية هى مصطلح مشتق من "الأصول" ومفردها "أصل"، وعلى ذلك يكون المقصود بالأصولية المسيحية "مجموعة الأفكار والايمانيات والمعتقدات والطقوس والممارسات التى تشكل "الأصل" الذى صدرت عنه المسيحية"، غير أن الاستخدام السائد للمصطلح صار مرتبطاً بالبشر الأولين أكثر من ارتباطه بالأفكار والايمانيات والمعتقدات والممارسات الأولى، وهو ينفصل عن المبادئ الإنجيلية الأساسية ليرتبط في الجوهر بمجموعة الأفراد الذين من فرط الابتعاد عنهم صاروا محاطين بهالة خرافية من القداسة المزعومة جعلت كل ما ينسب إليهم - إن حقاً أو باطلاً - هو المرجعية الوحيدة لدى الأصوليين للعقيدة المسيحية، وعلى ذلك فالأصولية المسيحية هي "مجموعة الأفكار والايمانيات والمعتقدات والطقوس والممارسات التي قال بها وسجلها رهط من البشر الأقدمين الذين أحيطوا بهالة خرافية من القداسة المزعومة، التى تجعل مجرد مناقشة ما يُظَن أنه موروث عنهم جريمة كبرى"، وبالتالى فإن كل ما هو مزعوم بالانتقال عنهم إلى يومنا هذا هو الصواب الوحيد، وأى نقد أو حتى مناقشة له تذهب بمن يقوم بها من دائرة الإيمان والدين إلى دائرة الكفر والزندقة، بغض النظر عن اتفاق ما ينقل عنهم ليومنا هذا مع النصوص الإنجيلية المقدسة أو اختلافه عنها، ورغم ما قد يكون قد انحرف فيها عبر مئات السنين أو اختلط منها بالخرافة والشعوذة.

 

ولقد اكتسبت هذه الأصولية قوة هائلة في الوعى الشعبي القبطي الأرثوذكسي الدارج من فرط تركيز الإكليروس (رجال الدين )عبر السنين، على الأخص فى العقود الحديثة التى شهدت تكريساً غير مسبوق للسلطان الغاشم للإكليروس، أقول من فرط تركيز الإكليروس على قداسة مزعومة للسلف الصالح باعتبارهم القديسين وحدهم مصدر الشفاعة والإلهام والقداسة والمعجزة الخرافية المتجددة أبداً.

 

ولقد مَكَّنت هذه القوة الهائلة للأصولية القبطية الأرثوذكسية لكثير من الغيبيات والشعوذات الخرافية المتعارضة تماماً مع الإيمان المسيحى القويم  أن تتغلغل فى حياة وإيمان وعقيدة ملايين المسيحيين الأقباط الأرثوذكس، ما تراجعت معه حقائق الإنجيل نحو الطمس والاغتراب، وتراجع معه شخص السيد المسيح ليتقدم عليه أولئك الرهط المزعوم بالقداسة من البشر السالفين المنتقلين منذ زمان بعيد، الذين لا وجود لهم سوى فى الصور والأيقونات والطقوس الغليظة، وفى عقول وأفئدة الملايين التى علموها أن تصلى لهم، وتستنجد بهم، وتلجأ إليهم، وتتمسح بعظامهم وصورهم وتراب مقابرهم، بعيداً جداً عن السجود للسيد الرب المخلص المجيد.

 

بل إن الأمر تعدى اليوم تقديس البشر السالفين منذ القدم إلى تقديس البشر الراحلين فى عصرنا الراهن، وجعل كل ما صدر عنهم – مهما أُخِذَ عليه من ملامة أو تحفظات – جزءاً من هذا التراث الغيبى المتوارث الذى يتصدر جوهر الدين لدى ملايين الأقباط الأرثوذكس، بديلاً عن الجوهر المقدس للكتاب العظيم والإيمان القويم. 

 

ولقد أسفرت هذه الأصولية القبطية الأرثوذكسية عن إنتاج "سلفية متشددة" يقودها حالياً سَدَنَة الرجعية الروحية والتفسير الكتابى المغلوط والمتعسف، لتكريس ظوهر السلطان الغاشم ومكاسبه الدنيا على حساب صحيح الكتاب المقدس وصحيح الإيمان، وهم السَّدَنَة الذى جَنَّدُوُا لهم ومعهم حراس المعبد الجدد ممن يَدَّعون بأنهم "حماة الإيمان" و"مثبتو العقيدة"، وما هم سوى حراس الأصولية الأرثوذكسية التى تقدس الشخص البشرى على الرب السماوى، وتطمس الحق الصريح بافتراءات وأكاذيب الهوى، متخفية فى زعم الدفاع عن الإيمان والتمسك بأسطورة السلف.

 

أما السؤال الصعب عن: كيف يمكن معالجة الأصولية، ومواجهة السلفية المتمكنة الآن من المجال الكنسى كله، والمسيطرة فى الوقت ذاته على الشعب الساكن فى الظلمة معظمه، فإن إجابته ليست ميسورة البَتَّة..

الأمر جَلَلْ ولا يمكن معالجته من الظواهر أو بالمسكنات.. فالأوضاع كلها تحتاج إلى ثورة روحية وإيمانية.. ثورة تزلزل الجذور لتعود بالكنيسة إلى الحق الكتابى.. حق المسيح الأعظم.

 

·  أصدرت كتاب "بيريسترويكا كنسية"..  ماذا تعنى كلمة "بيريسترويكا"؟  حَدِّثنا عن هذا الكتاب، وأهم فصوله وأهدافه 

 

-   نعم.. فى صدد البحث عن كيفية معالجة الضعف الراهن فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الذى تسببت فيه الأصولية المسيحية الأرثوذكسية فى نسختها القبطية، وما تفرع عنها من السلفية المتشددة..

 

أقصد فى صدد البحث فى وثيقة للثورة الروحية والإيمانية والكنسية المطلوبة للتصحيح والعودة إلى الحق الكتابى وحق المسيح، جاءت فكرة كتاب "البيريسترويكا"، وفى الواقع وثيقة الثورة المنتظرة للإصحاح الكنسى.

 

وإذا سألنا: ما هى "البيريسترويكا"؟

فإننا نجب: البيريسترويكا هى "إعادة البناء".. فبعد 2020 سنة من ميلاد السيد المسيح، ثم تأسيس الكنيسة فى القرن الأول الميلادى، صارت القبطية الأرثوذكسية بحاجة ماسَّة لإعادة البناء فى كل شئ.. فى كل شئ روحى أو زمانى..

 

فلقد عجز الترهل الحالى للكنيسة عن الدفاع عن مبادئ الله، أو الوقوف بحزم أمام الاتجاهات الخاطئة داخل الكنيسة، وساد أسلوب تغطية البعض لأخطاء وتجاوزات وافتراءات البعض، على الأخص فى مستوى القادة الروحيين المنوط بهم أصلاً الحفاظ على الحق، وانتشر التسيب فأفسد الانضباط الروحى مادامت بعض الإجراءات الشكلية والمنقوصة والمعيبة تتم، وظهر فى مستوى الإكليروس والمجالس الكنسية والخدام والشعب عدم احترام للقيم الإنجيلية، وتشجيع للكلام المُضَلِّل والشللية، والخنوع والتمجيد للنماذج الضعيفة روحياً وإدارياً.

 

وصار الشعب الغارق فى ظلمة الجهل والشعوذات والخرافة منقسماً على ذاته بين مؤيد ومدافع عن الضعف كله.. وبين ساخط حقاً على سلوك الإكليروس والأشخاص الذين يحظون بالمسئولية والثقة، بينما يسيئون استخدام السلطة، ويقمعون النقد، ويجمعون الثروات، بل ويتحول بعضهم إلى شركاء أعمال متدنية ساقطة، أو منظمين لها، تحت غطاء من أسقف أو فرد إكليروس أو فرد من الشعب ذى سطوة وطغيان، ليكرس وجودهم فى معظم الأحوال: إما خوفاً من بطش وعِوَج أحدهم، وإما لعجزه عن أن يدفع جهداً منظماً لاختيار أفضل العناصر، وإما لحرصه على استقرار الأوضاع مهما كان الفساد حاكماً أو متشعباً، وإما لمصلحة شخصية ترتبط بأولئك المرتزقة الفسدة الذين يشوهون كنِيسة الله.. وينبغى أن نعترف بأنه لا يوجد جَهْد فَعَّال لسدّ الطريق على غير الأمناء والمشعوذين والمحابين والمنافقين، الذين يسعون وراء مصالحهم الخاصة، وليست هنالك إرادة للتخلص مرة واحدة وإلى الأبد من الإكليروس والأفراد الذين يطمسون حق الله فى كنائس كثيرة لأجل المال الحرام، ولأجل حفنة من المرتزقة تتآزر مصالحهم معاً لتقوية سلطانهم والتوائهم ومظالمهم!!!

 

ولذا فالبيريسترويكا تشكل محور الإصلاح والتجديد فى الكنيسة كلها.. لأنها تخص مستقبل الأرثوذكسية فى مصر والعالم.. بل ومستقبل المسيحية قاطبة.

 

إما أن نتغير بحق الإنجيل ونهجه الصريح دون اصطناع تفسيرات ضد روحه ورسالته وسلطانه.. وإما أن تقصينا النقائص والمفاسد عن نعمة الله إلى الأبد.

 

إما أن نتجدد فنطرد عنَّا كل ممارسة ملتوية تنأى بنا بعيداً عن الاستقامة والبراءة وخلوص القلب لله.. وإما أن نتجه سريعاً إلى التفسخ والانقسام والتشرذم فتسقط كنيسة الله صريعة لؤمنا ونفاقنا وأطماعنا ونفعيتنا..

 

إن إعادة بناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يعنى الاعتراف بالضرورة الموضوعية للتجديد، والحتمية الراهنة لقهر كل ضعف وكل انحراف وكل تسلط.. بل وكل انتهازية ترتكن فى التبرير لأنانيتها على التفسيرات القهرية المغلوطة والملتوية لآيات الكتاب المقدس.

 

إن الدافع إلى البيريسترويكا هو عدم رضى عميق عما هو كائن فى الكنيسة والشعب الآن.. ورغبة عارمة جسور نحو إثبات النُبْل الإلهى فى الكنيسة، وطبعها من جديد على دعوة يسوع الهادرة بالحق والعدل والنور والحرية عبر التاريخ الإنسانى كله.

 

وفصول كتاب "بيريسترويكا كنسية" هى كما يلى:

 

الفصل الأول

:

... وأما أنتم فلا تُدْعَوا سيدى

الفصل الثانى

:

كهنوت لاوى؟ أم كهنوت للعهد الجديد؟

الفصل الثالث

:

لا مقدس إلا اللـه

الفصل الرابع

:

"الطقس" يقتل أما الروح فيحيى

الفصل الخامس

:

الرهبنة القبطية بين التكريس والشعوذة

الفصل السادس

:

معضلة الأحوال الشخصية: زنى الجسد أم زنى الروح؟

الفصل السابع

:

الثابت والمتحول: وحدة ممكنة أم افتراق أبدى؟

الفصل الثامن

:

المال والكنيسة: مال اللـه أم الشيطان؟

الفصل التاسع

:

الأرثوذكسية بين التنوير والخرافة

الفصل العاشر

:

الأنثروبولوجيا القبطية.. وعبقرية البقاء "في الحضيض"

 

·       كيف أثر الفكر النسكى والرهبانى على واقع الأقباط المُعاش؟  

 

-   كان للفكر النسكى والرهبانى القبطى أسوأ الأثر على واقع الأقباط المعاش، فلقد اختلط هذا الفكر منذ البداية بغنوسية بغيضة تعادى الحياة، وتقف منها موقفاً رافضاً ومشوهاً بدعوى العزوف عن متع الدنيا، فصارت ممارسات إذلال الجسد ومعاداته واستنكار طبيعته واحتياجاته هى القيم التى تسربت من الصحراء إلى حياة الناس وشوهتها، وتركت معظمهم مرضى بكراهية الحياة وازدرائها واحتقار رسالتها، ومرضى بالأكثر فى فهم معانى الحياة، والعجيب فى ذلك أن هذا الفكر قد شَيَّدَ هياكله الشاذة على نفاق مكين، أخفى فيه الذين ابتدعوه محاولاتهم المستمرة داخل الأديرة ذاتها للفوز بحظ وافر من متع الحياة، التى صاروا يتكالبون بسببها على جمع المال الوفير من عطايا البسطاء والسذج ونذورهم وهباتهم، ويسعون من ورائها إلى صنع علاقات وثيقة مع كثيرين ممن يرتادون الأديرة، بزعم التبرك من الأسمال الرهبانية، بينما هم راحوا يوثقون ارتباطهم بهم من خلال آليات أخذ الاعترافات، والصلاة لأجل حاجيات المعوزين للمعجزات والخوارق فى حل مشكلاتهم الخاصة، وعلى الأخص من البنات والنساء.

 

على أن أكبر الأكاذيب والمصائب التى تسربت من هذه النسكية المنافقة للعالم كله كانت هى أكذوبة أفضلية البتولية على الزواج، موظفين فى ذلك على نحو مخاتل مخادع غادر بعض الآيات البريئة بالكتاب المقدس، فى عملية لى ذراع هائلة للمعانى المقدسة الحقيقية المقصودة..

 

ورغم كلمات المسيح الصريحة عن البتولية للذين أُعطيت لهم هذه الموهبة – مثل مواهب كثيرة غيرها لخدمة الحياة – فإن كثيرين بلا حصر ولا عدد من غير المؤهلين قد تسربوا للأديرة بزعم النسكية الظاهرة، ولكنهم لأجل عدم تأهلهم راح عديدون منهم يقعون فى ممارسات شاذة وعلاقات مشينة، سواء مع أفراد من نفس الجنس أو أفراد من الجنس الآخر، ولقد تفاقمت هذه الأوضاع الشريرة فى أوقات متفاوتة بانفجارات فضائح غير متوقعة، بلغت الجنسية المثلية، والزواج السرى، والزنى المختفى عن الأنظار، بل وتجاوزت ذلك كله إلى مقتل رئيس أحد الأديرة.. لكن الشعب الساكن فى الظلمة ظل بتأثير تعليم فاسد كاذب مخاتل عن علو وسمو البتولية على الزواج أسير خرافات القداسة المزعومة، يتدفق بالمال ليلقيه فى حجرهم بخدعة التطهر من الخطايا، ويتمسح بالأسمال الرهبانية للتبرك بهم، ويستمع لنصحهم الغريب أبداً عن إرادة الحياة.. بل بلغت المهزلة أن زعم النسكية الديرية هذه قد صار تكئة للقفز منها سريعاً إلى الأسقفية بنماذج داست كل الفضيلة الإنجيلية بسلوك لا يأتيه سوى أعتى الخطاة الذين يرتعون فى العالم.

 

وإذا كان التاريخ قد حفظ لنا بعض النماذج  الصادقة الطاهرة حقاً، من سكان الصحارى والأديرة، وهى النماذج التى استوعبت المعنى الكتابى العميق لنذر الذات لله، دون أن تصطدم بإرادة الحياة وسموها وفضائلها ومقاصدها المقدسة، فإن الغالبية قد تركت لنا للأسف تعليماً فاسداً مشوهاً منافقاً قائماً على مصادمة الحياة، والهروب منها، وتشويه قداستها ومغزاها وروعتها، مما أسفر عن اضطراب شديد فى حياة معظم المسيحيين وعلى الأخص الأقباط الأرثوذكس.

 

 

·       فى رأيك لماذا تفشل كل محاولات الإصلاح الكنسى؟  

 

-   تفشل فشلاً ذريعاً كل محاولات الإصلاح الكنسى؛ وستظل تفشل دائماً إلى أن يحدث زلزال يقوض الأركان كلها ليغيرها ويصلحها؛ تفشل لسببين جوهريين:

 

أولهما:      الإكليروس الذى يدافع عن مكاسبه الدنيوية وسلطانه بكل ما يملك، حتى بأى تشويه للنصوص الكتابية وأى تفسير مخاتل نحو تمكين السلطان والافتراء به، وبأى تعليم منافق كذوب.

 

وثانيهما: الشعب الساكن فى الظلمة الذى يأبى أن يتخلى عن السجود للبشر الإكليروس، والتمسح فى أسمالهم، وإلقاء المال تحت أقدامهم، ظناً منه أن ذلك سبيل التطهر الوحيد من الآثام والخطايا والأدناس والنجاسة.. بينما دم المسيح الأعظم ينزف على الصليب دون أن يمكنهم غَسْلَ أدرانهم فيه ونوال الغفران الحقيقى. 

 

·       هل يمكن أن تضع لنا روشتة شاملة للإصلاح الكنسى المنتظر؟  

 

-   لا أجد روشتة ملائمة سوى الفصول العشرة لكتابى "بيريسترويكا كنسية" التى حَاَوَلْتُ بكل أمانة لله وكل إخلاص للكنيسة أن أحدد فيها الأوجاع كلها، وأقدم لها العلاج الباتر الحاسم الجريء الذى تنتظره.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

 

 

شارك