الشافعي الشيخ... شهادات بالوحشية واغتصاب الرهائن والتهديد بالقتل

الثلاثاء 12/أبريل/2022 - 03:02 م
طباعة الشافعي الشيخ... حسام الحداد
 
ينظم القضاء الأميركي منذ 10 أيام محاكمة الشافعي الشيخ (33 عاماً)، المتهم بالانتماء إلى مجموعة من ثلاثة متطرفين اتسموا بـ"الوحشية" وأطلق عليهم سجناؤهم اسم خلية "البيتلز" بسبب لهجتهم البريطانية.
ومنذ بدء المحاكمة، قدم ثمانية من رهائنهم السابقين إفاداتهم أمام هيئة المحلفين. وقد وصفوا جميعاً بالتفصيل أعمال التعذيب التي ارتكبها هؤلاء أو أماكن احتجازهم، لكن لم يكن أي من هذه الشهود قادراً على وصف ملامحهم. والسبب هو أن هؤلاء الرجال الثلاثة كانوا يغطون وجوههم بالكامل باستثناء شق صغير لأعينهم، ويضعون قفازات.
الشافعي الشيخ:
ألقت القوات الكردية في سوريا القبض على الشيخ ومواطن بريطاني سابق آخر هو أليكساندا آمون كوتي البالغ 37 عاما في كانون الثاني/يناير 2018 خلال محاولتهما الفرار إلى تركيا.
وفي أكتوبر 2020، تم تسليمهما إلى القوات الأميركية في العراق ثم نقلهما إلى فيرجينيا لمواجهة تهم احتجاز رهائن والتآمر لقتل مواطنين أميركيين ودعم منظمة إرهابية أجنبية. وأقر كوتي الملقب ب"رينغو" بالذنب، سبتمبر 2021، وبموجب الاتفاق الذي أبرمه مع المحكمة سيمضي 15 عاما في سجن في الولايات المتحدة قبل أن يسلّم مجددا إلى بريطانيا لمحاكمته هناك.
لكن الشيخ الملقب ب"جورج" اختار مواجهة التهم في محكمة فدرالية في مدينة الكساندريا في ولاية فيرجينيا، وهو يواجه حكما بالسجن مدى الحياة دون إفراج مشروط. وخلية "البيتلز" الجهادية التي حملت هذا الاسم بسبب لكنة أعضائها الاربعة البريطانية متورطة في اختطاف 27 شخصا على الاقل في سوريا بين عامي 2012 و2015، غالبيتهم من الولايات المتحدة والدنمارك وفرنسا واليابان والنروج وإسبانيا. وقد أفرج عن بعض المختطفين بعدما دفعت حكوماتهم فدية مقابل الإفراج عنهم.
وصوّرت الخلية عمليات الإعدام، بقطع الرأس خصوصا، التي نفّذتها بحقّ رهائنها في مقاطع فيديو نشرها تنظيم الدولة الإسلامية لأغراض دعائية. وقُتل زعيم الخلية محمد أموازي المعروف باسم "الجهادي جون" بهجوم بطائرة مسيرة في سوريا في نوفمبر عام 2015، بينما يقبع الرابع في سجن في تركيا بعد إدانته بالإرهاب. 
وكان كوتي والشيخ يشرفان على مواقع احتجاز الرهائن وينسقان مفاوضات الحصول على فدية مقابل إطلاق سراح الرهائن عبر البريد الإلكتروني، وفق السلطات الأميركية، ومارسا "عنفا جسديا ونفسيا مطولا" على الرهائن تضمنت الإيهام بالغرق والصدمات الكهربائية وعمليات إعدام وهمية.
اغتصاب وتهديد بالقتل
وأكدت شابة أيزيدية في شهادتها أمام محكمة بالولايات المتحدة، أن عاملة الإغاثة الأميركية كايلا مولر قالت لها، إنها تعرضت للاغتصاب من الزعيم السابق لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» أبو بكر البغدادي، وهُددت بالقتل إذا ما حاولت الهرب.
وأدلت الشابة ليا ملّا، التي احتجزها عناصر التنظيم في أغسطس 2014، لدى محاولتها الهرب من جبل سنجار في العراق مع أسرتها، بشهادتها من خلال مترجم أمس الإثنين 11 أبريل 2022، في محاكمة الشافعي الشيخ الذي يُعتقد أنه كان أحد سجاني مولر، وفق وكالة «فرانس برس».
وأدلى الكثير من الصحفيين الأوروبيين والرهائن السابقين في سورية، بشهاداتهم في الأيام القليلة الماضية، في إطار محاكمة الشافعي الشيخ العضو في الخلية التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية المعروفة باسم «البيتلز»، بسبب لكنة أفرادها البريطانية.
ويُتهم الشيخ بقتل أربعة أميركيين، هم: مولر والصحفيين المستقلين جيمس فولي وستيفن سوتلوف، وعامل الإغاثة الآخر بيتر كاسيغ.
واحتجز التنظيم عاملة الإغاثة مولر وهي من ولاية أريزونا، في أغسطس 2013، بينما كانت ترافق صديقها السوري في زيارة إلى مستشفى في حلب حيث جرى الاتصال به لتصليح صحن لاقط.
في البداية احتجزتها خلية «البيتلز» لكن يُعتقد أنها سُلمت لاحقا إلى البغدادي، الذي قتل في عملية لقوات خاصة أميركية العام 2019.
تواصل بـ«إشارات اليدين»
وقالت ملّا في شهادتها إنها نُقلت إلى مواقع عدة للتنظيم مع شابات أخريات اختُطفن، وانتهى بها الأمر في سجن كانت تحتجز فيه كايلا مولر، موضحة أنهما كانتا تتواصلان عن طريق «إشارات اليدين في الغالب» وببعض الكلمات بالعربية.
وأفادت المحكمة أنه «ذات يوم أخذوا مولر ولما أعادوها كانت خائفة جدا»، موضحة «قالوا لها إن تنظيم الدولة الإسلامية يريد تزويجنا وإذا حاولنا الهرب سيقتلوننا».
وبعد يومين اُخذت مع مولر وشابة أيزيدية أخرى إلى منزل أبو سياف، القيادي الكبير في التنظيم حيث «عاملونا مثل عبيد»، وفق ملّا.
بعد أسبوع هناك قالت إنهن نقلن إلى «المنزل الوسخ.. المكان الذي يأخذون إليه شابات ويغتصبونهم». وجاء البغدادي ذات ليلة وأخذ معه مولر، بحسب ملّا.
وتابعت أنه لما عادت مولر في صباح اليوم التالي «كانت حزينة جدا، ومتوترة جدا وتبكي»، مضيفة «تعرضت للاغتصاب وهُددت بأنها إذا حاولت الهرب سيقتلها».
محاولة ناجحة للهرب
وقررت ملّا أن تحاول الهرب وسألت مولر أن تنضم إليها لكنها رفضت، وقالت «كانت خائفة من أنه إذا قُبض عليها سيُقطع رأسها»، غير أن مولر طلبت من ملّا أن «تخبر العالم» بقصتها إذا نجحت في الهرب.
وقالت ملّا إنها تسللت من نافذة وصعدت على مولد كهرباء، لتتسلق جدارا ثم راحت تركض لمدة طويلة، وبعد هروبها ساعدها شقيقها للاتصال بصديق كان يعمل مترجما لدى الأميركيين، وأبلغتهم بالمعلومات حول مولر.
وأعلن تنظيم الدولة وفاة مولر في فبراير 2015، وقال إنها قضت في ضربة جوية أردنية، وهو ما شككت فيه السلطات الأميركية، فيما قتل فولي وسوتلوف وكاسيغ، على أيدي عناصر «داعش»، الذي نشر تسجيلات مروعة لعمليات إعدامهم لأغراض الدعاية للتنظيم.
"سادية"
روى ريكاردو غارسيا فيلانوفا، وهو مصور إسباني احتجز لدى الخلية لمدة ستة أشهر عام 2014، لوكالة فرانس برس أن "التعذيب والقتل كانا حدثين يوميين في جو من السادية". ويتوقّع أن يدلي العديد من الرهائن الأوروبيين السابقين بشهاداتهم في المحاكمة بالإضافة إلى امرأة أيزيدية كانت محتجزة مع مولر.
خطفت مولر في حلب بشمال سوريا في أغسطس 2013. وبحسب والديها، تعرضت للتعذيب أول مرة على يد سجانيها وسلّمت في نهاية العام 2014 إلى البغدادي الذي اغتصبها نهاية العام 2014 بشكل متكرر قبل قتلها. وبحسب لائحة الاتهام، ولد الشيخ في السودان وانتقل إلى بريطانيا عندما كان طفلا. وهناك اعتنق التطرف، قبل الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا عام 2012.
إخفاء هويتهم
وقال المصور الفرنسي إدوار إلياس الذي احتجز رهينة من يونيو 2013 إلى أبريل 2014، في المحكمة، "كانوا يحاولون دائماً إخفاء هويتهم". وأضاف، "مع الحراس الآخرين، تمكنت من رؤية بعض التفاصيل، لكن ليس معهم. بالكاد تمكنت من كشف لون بشرتهم الداكن قليلاً".
وأوضح الإيطالي فيديريكو موتكا الذي يعمل في المجال الإنساني واحتجز لدى الخلية 14 شهراً، أن الرجال الثلاثة فرضوا عليهم "قاعدة". فبمجرد دخولهم "كان علينا أن نركع، ووجوهنا نحو الجدار، وألا ننظر إليهم"، على حد قوله.
أما النساء، حسب فريدا سايدة، العاملة السابقة في منظمة "أطباء بلا حدود" التي احتجزت ثلاثة أشهر، فكان عليهن "تغطية وجههن" بمنديل.
وقال المراسل الفرنسي السابق نيكولا إينان، "ظنوا على الأرجح أن ذلك سيجنبهم الملاحقات". وأضاف، "لم يكن ذلك فكرة جيدة على ما يبدو".
نفي التهم
حتى من دون رؤيتهم، يستطيع الرهائن السابقون التعرف على الثلاثة بسهولة. وقال إدوار إلياس، "كانت لديهم طريقة خاصة للطرق على أبوابنا". وأضاف، "كنا نشعر بهم". وتابع أنهم كانوا "مجهزين بشكل أفضل" من الحراس المحليين بمسدساتهم وأحذيتهم.
لكن في محاكمة يمتلك فيها المتهم الحق في لزوم الصمت وارتداء ملابس مدنية، لا تؤثر هذه الذكريات. وعلى غير العادة، لم يطلب الادعاء من الرهائن السابقين التعرف على الرجل الجالس أمامهم بنظارته الكبيرة، لشكه بقدرتهم على ذلك.
واستناداً إلى مشكلة التعرف على الهوية هذه، ينوي محامو الدفاع التركيز على أن موكلهم كان بالفعل عنصراً في تنظيم "داعش"، لكنه لم يكن من أفراد "البيتلز".
لكن من الصعب أن تصمد حجة الدفاع، فقد اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية الشافعي الشيخ في عام 2018 مع أليكساندا كوتي المتهم بأنه من أعضاء "البيتلز" أيضاً، وأقر هذا الأخير بالتهم الموجهة إليه في سبتمبر 2020.
حجة ثانية
كذلك أجرى الشافعي الشيخ مقابلات بعد اعتقاله اعترف فيها بأنه "كان على تواصل" مع عدد من الرهائن الغربيين. ومع ذلك، حاول إلقاء اللوم على العضو الثالث محمد إموازي المعروف باسم "الجهادي جون"، وقتل في هجوم بطائرة من دون طيار في عام 2015.
وهذه الحجة قد لا تصمد أيضاً. فخلال الجلسات أصر الرهائن السابقون جميعاً على أن "البيتلز" شكلوا ثلاثياً متضامناً.
وقال إدوار إلياس "كانوا يعرفون بعضهم وشكلوا فريقاً". من جهتها، أكدت فريدا سايدة أنهم "بدوا أصدقاء مقربين".
وعندما يتعلق الأمر بتعذيب سجنائهم، لم يكن أي منهم يحجم عن ذلك. وقال فيديريكو موتكا، "كان جورج يفضل اللكم، وجون الركل، ورينغو العراك الجسدي".

شارك