دراسة حديثة اعلام الاخوان يعاني “الموت الإكلينيكي”

الإثنين 18/أبريل/2022 - 01:38 م
طباعة دراسة حديثة اعلام روبير الفارس
 
اصدر مركز تريندز كتاب  حول "النشاط الإعلامي والاتصالي. لجماعة الإخوان المسلمين.. الرؤية، الأهداف، المستقبل"  اكد خلاله ان إعلام الإخوان يواجه  في هذه المرحلة أزمة حقيقية كبرى تضعه على طريق الاختفاء أو “الموت الإكلينيكي” بالنظر إلى مجموعة من العوامل؛ من بينها: فقدانه بيئته الأصلية التي كان يعمل فيها وهي البيئة المصـرية، وغياب التعاطف من قِبل الشعب المصـري، وخسارته الملاذ الذي وفرته تركيا له، وصعوبة إيجاد ملاذ آخر له، وتحوُّله إلى مجرد منصة ممولة بمال سـياسـي بهدف التشهير بالخصوم، بالإضافة إلى الخلافات الداخلية التي تعانيها الجماعة، وفشلها في تحقيق أهدافها  وجاء في الدراسة ان جماعة الإخوان المسلمين  أولت أهمية كبيرة للإعلام منذ نشأتها عام 1928؛ وقد جعلته إحدى أهم الركائز التي تقوم عليها بنيتها التنظيمية والدعوية. وتتمثل وظائفه في مجموعة من الأهداف التي تسعى الجماعة لتحقيقها والتي تتمحور حول نشـر فكر الجماعة، والدعوة إلى أستاذية العالم والترويج لفكرة إحياء الخلافة الإسلامية، والدعوة لتطبيق الشـريعة الإسلامية.
ونجحت الجماعة في تطوير ممارستها الإعلامية حتى تكون في مستوى التجاوب مع متطلباتها في الانتشار الجماهيري وخوض المعارك السـياسـية، وقد أدركت مدى أهمية ازدواجية الخطاب والمناورة في صقل العبارة والتوظيف البراغماتي للأحداث المأساوية من تاريخ الأمة وملاحم قياداتها التاريخية منذ البعثة المحمدية في إقرار منظومة مفاهيمية منسجمة مع المرجعية الأيديولوجية لتنظيمها السـياسـي ومطامحه.
كما راعت الجماعة المرحلية في أدائها الإعلامي، فكان تنقلها من مرحلة الدعوة إلى السـياسة ومن مرحلة المعارضة إلى الحكم ينعكس على مستوى خطابها الإعلامي، غير أنه ظل يتمحور حول أطروحتين مركزيتين تختزلان الرؤية الأيديولوجية للجماعة لكل من الدين والدولة؛ تتمثل الأولى في “سمو الدعوة وقدسـية الرسالة”، بينما تتجلى الثانية في “ترابط الدين والسـياسة”.
أتاحت أطروحة “سمو الدعوة وقدسـية الرسالة” للجماعة تدبير علاقتها بالرأي العام الإسلامي بما يخدم تمددها في المجتمع واختراق مؤسساته، بوصفها خادمة للدين وراعية لمصالحه، وأنها تمثل تجديداً في ممارسة التدين بما يشكل نموذجاً يُحتذى به للأجيال المعاصـرة من المسلمين. وإذا كانت الجماعة من حيث المبدأ لم تَحِدْ عن الرؤية الشـرعية للدعوة والرسالة كما أجمع عليها علماء الأمة، باعتبارها من “المعلوم من الدين بالضـرورة” فإن الخطورة تكمن في تحويلها باستراتيجية الجماعة إلى مفاتيح أيديولوجية توظَّف في سـياق حزبي ينشد التأثير في وعي المواطن وإقامة نوع من التماهي لديه بين الجماعة والدين.
وقالت الدراسة ان أطروحة “ترابط الدين والسـياسة” سمحت للجماعة بالولوج إلى السـياسة بواسطة الدين والتدخل في الدين بواسطة السـياسة، وهي أطروحة تأسست على جملة شعارات روجتها الجماعة عبر أدواتها الإعلامية والاتصالية، مثل شعار “الإسلام هو الحل” الذي بات يعبر عن لازمة في خطاباتها الأيديولوجية؛ وبهذا أتاحت هذه الأطروحة للجماعة ممارسة التَّقِيَّة والبراجماتية في خطاها نحو التغيير السـياسـي، ومن ثم التعبير عن مفهومها لحاكمية الشـريعة وجاهلية المجتمع بلغة تحظى بالمقبولية في الأوساط المسلمة.
وظفت جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها وسائل الاتصال والإعلام التي كانت متاحة في ذلك الوقت، وعلى رأسها الصحافة الورقية، في نشـر أفكار الجماعة وتحقيق أهدافها في التعبئة والتحشـيد وكسب الرأي العام، ولتمكين الجماعة من التغلغل في المجتمع المصـري والمجتمعات العربية والإسلامية الأخرى.
كما لم تتأخر جماعة الإخوان المسلمين عن اللجوء إلى وسائط التواصل الاجتماعي الحديثة والإعلام الرقمي وامتلاك أدواته ووسائله، حيث وجدت فيه أداة ناجعة تساعدها من جانب في كسـر احتكار الدول لهذا المجال ولنشـر أفكارها بصورة أسـرع في المجتمعات العربية، ووسـيلة مهمة للدفاع عن الجماعة وتحسـين صورتها بالترويج لنفسها بوصفها جماعة معتدلة تؤمن بالديمقراطية والحريات العامة من جانب آخر.
ربما يكون الإخوان المسلمون من أكثر الجماعات والحركات وحتى التنظيمات عموماً التي لديها القدرة على التعبئة الجماهيرية من خلال وسائل الإعلام، وكثيراً ما كان لها دور في خروج التظاهرات ضد الأنظمة الحاكمة.
وسخرت جماعة الإخوان المسلمين الوسائل الممكنة كلها، ومن بينها وسائل الإعلام بشقيه التقليدي والجديد لضم أعضاء جدد وكسب تعاطف الرأي العام، باعتبار ذلك أحد الأهداف الرئيسـية للإعلام إلى جانب هدف الدعوة ونشـر أفكار الجماعة والترويج لها.
وتعامل إعلام الإخوان المسلمين مع المعارضة أو الخصوم بأساليب مختلفة، بعضها ينطوي أحياناً على التقليل من القدر أو الشأن أو حتى التسخيف، كما لجأ هذا الإعلام إلى أسلوب بث الشائعات بغرض التأثير في هؤلاء الخصوم.
أجاد الإخوان استخدام الإعلام في صناعة البطولة وخاصة خلال الفترة التي تولوا فيها الحكم في مصـر؛ حيث جرى إظهار الأشخاص الذين تولوا الشأن العام على أنهم أبطال ويتميزون عن غيرهم ممن ينافسونهم.
لا ينفصل الخطاب الإعلامي للإخوان المسلمين عن منظومة القيم الرئيسـية للجماعة التي تسعى إلى ترسـيخها بين المنتمين إليها، وخاصة قيم الولاء والسمع والطاعة، باعتبارها تشكل ركيزة الحفاظ على البناء التنظيمي والإداري للجماعة.
اتسم الخطاب الإعلامي للإخوان المسلمين بالاعتماد غالباً على المشايخ والدعاة وعلماء الدين وليس على الخبراء والمتخصصـين، وتقديم ذوي الثقة على أصحاب الخبرات والكفاءات.
أفرط الإعلام الإخواني في الاهتمام بالجوانب السـياسـية والصـراعات القائمة، وأهمل هموم الناس ومتابعة الجهات المعنية بها؛ وهذا من أهم أسباب تراجع شعبيته.
كانت البراجماتية سمة أساسـية من سمات إعلام الإخوان؛ حيث غدت وسائل الإعلام المختلفة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين أدوات للدفاع عن أفعال أو قرارات الجماعة، حتى لو كانت متناقضة مع الأسس التي قامت عليها أو المبادئ التي شكلت أدبياتها.
ابتعد إعلام الإخوان عن أخلاقيات العمل الإعلامي، حيث افتقد المصداقية، ودأب على بث بعض الأخبار المزيفة وتضخيم الأخبار وتهويلها، وغابت عنه الدقة والموضوعية، كما حرض بعد ثورة 30 يونيو وعزل محمد مرسـي على العنف ضد نظام الحكم في مصـر وضد بعض المؤسسات وأصحاب مهن معينة، ودعم الجماعات المسلحة التي مارست العنف والإرهاب في البلاد، وسعى كذلك لتغذية التوتر في المجتمع المصـري.
واستخدم إعلام الإخوان لغة غير لائقة في مواجهة خصومه والمختلفين معه، وقد جلبت هذه اللغة عليه انتقادات شديدة، وخاصة أنها اعتُبرت خارجة عن المهنية وعن أخلاقيات العمل الإعلامي.
إن ابتعاد إعلام الإخوان عن أخلاقيات العمل الإعلامي واعتماده على التهويل والتحريض على العنف واستخدام لغة غير لائقة- أسهم في فقدانه المصداقية وتراجع تأثيره، ومن ثم عدم قدرته على تحقيق أيٍّ من الأهداف التي أُسِّس من أجلها.
برزت مجموعة من المؤشـرات على عدم قدرة إعلام الإخوان بعد عام 2013 على الاستمرارية؛ ومنها: الصـراعات والانقسامات الداخلية التي انعكست على هذا الإعلام، وانتشار الفساد داخله كما في قناة “الشـرق”، وضعفه وعدم قدرته على مواجهة القنوات المصـرية المنافسة له، وتحوله إلى أداة في يد تركيا.

شارك