محمد بن زايد رئيسًا للإمارات.. صخرة صلبة في مواجهة أطماع إيران

السبت 14/مايو/2022 - 02:05 م
طباعة محمد بن زايد رئيسًا أميرة الشريف
 
انتخب المجلس الأعلى للاتحاد في الإمارات اليوم بالإجماع ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد ال نهيان رئيسا للإمارات خلفا للشيخ خليفة بن زايد الذي توفي أمس عن عمر ناهز 73 سنة.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية " وام" ان المجلس عقد اجتماعا في قصر المشرف بأبوظبي برئاسة نائب رئيس الدولة وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم وبحضور أعضاء المجلس لانتخاب رئيس للدولة.
ويضم المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات السبع "الشارقة وأبوظبي ودبي والفجيرة ورأس الخيمة وام القوين وعجمان".
وقالت وكالة "وام" إنه "تم بموجب المادة 51 من الدستور انتخاب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالإجماع رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة خلفاً للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان".
وقد اكد أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حرصهم البالغ على الوفاء لما أرساه الشيخ خليفة من قيم أصيلة ومبادئ استمدها من المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والتي رسخت مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة على المستويين الإقليمي والعالمي وتعززت إنجازاتها الوطنية المختلفة".
وأعرب المجلس عن "ثقته التامة بأن شعب دولة الإمارات سيبقى كما أراده الشيخ زايد والمؤسسون دوما حارساً أميناً للاتحاد ومكتسباته على جميع المستويات".
بدوره أعرب الشيخ محمد بن زايد عن تقديره للثقة الممنوحة له "راجياً المولى عز وجل أن يوفقه ويعينه على حمل مسؤولية هذه الأمانة العظيمة وأداء حقها في خدمة وطنه وشعب الإمارات الوفي".
ويعتبر المجلس الأعلى للاتحاد أرفع سلطة دستورية في الامارات وهو أعلى هيئة تشريعية وتنفيذية، وهو الذي يرسم السياسات العامة ويقرّ التشريعات الاتحادية.
وقبل انتخاب الشيخ محمد بن زايد رئيسا للإمارات بايعه الشيخ محمد بن راشد من خلال قصيدة نشرها عبر "تويتر"، ورثى فيها رئيس الإمارات الراحل وأرفقها بصورة له مع الشيخ محمد.
وقد عزز محمد بن زايد مكانة الإمارات الدبلوماسية في المنطقة والعالم، حيث حققت أبوظبي وفق نظرته العديد من الانجازات وقامت الإمارات، المؤلفة من اتحاد مجموعة من الإمارات الخليجية والمشهورة بناطحات السحاب وجزرها المشيّدة على شكل أشجار نخيل ومناطق الجذب السياحية الفخمة، في وقت قصير ببناء برنامج للطاقة النووية وأرسلت رائدًا إلى الفضاء.
وتحت قيادة الشيخ محمد،  عززت أبوظبي علاقاتها التجارية والسياسية في المنطقة، ووقفت الى جانب الولايات المتحدة والسعودية ضد أطماع إيران كما عقدت الإمارات اتقاق تاريخي للسلام مع إسرائيل.
وقاد الشيخ محمد بن زايد عملية لتغيير التحالفات في الشرق الأوسط وأسس محورا جديدا معاديا لإيران مع إسرائيل وتصدى لتيار متصاعد من الإسلام السياسي في المنطقة.
وحول الشيخ محمد والبالغ 61 عاما، الذي اعتبر لسنوات الحاكم الفعلي للإمارات، جيش بلاده إلى قوة مزودة بتقنيات متطورة مما أدى، إضافة لثروة البلاد النفطية ووضعها كمركز للأعمال، إلى توسيع نفوذ الإمارات على الساحة الدولية.
وبدأ بن زايد في توسيع نطاق سلطاته في فترة عانى فيها أخوه غير الشقيق، الشيخ خليفة بن زايد رئيس الإمارات الذي توفي يوم الجمعة، من اعتلال صحته إثر إصابته بجلطة في 2014.
وتقول باربرا ليف سفيرة الولايات المتحدة السابقة في الإمارات إن الشيخ محمد بن زايد كان مدفوعا "برؤية معينة" ملخصها أن قادة دول الخليج العربية لم يعد بمقدورهم الاعتماد على الولايات المتحدة داعمهم الرئيسي خاصة بعد أن تخلت واشنطن عن رئيس مصر حسني مبارك خلال انتفاضات الربيع العربي في 2011.
ووفقا لمذكرات الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي كان رئيسا وقتها فقد أصدر الشيخ محمد من العاصمة أبوظبي تحذيرا "هادئا وباردا" لأوباما من مغبة دعم انتفاضات قد تنتشر وتهدد عروش الأسر الحاكمة في منطقة الخليج. وتصف مذكرات أوباما تلك الشيخ محمد بأنه الزعيم "الأكثر دهاء" في الخليج.
ووصفه مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية يخدم حاليا في إدارة الرئيس جو بايدن، التي تدهورت علاقاتها بالإمارات في الأشهر القليلة الماضية، بأنه استراتيجي يضفي على المناقشات منظورا تاريخيا.
وقال المسؤول: "يتحدث ليس فقط عن الحاضر، بل يعود لسنوات ولعقود وفي بعض الأحيان يتحدث عن التوجهات على مر الزمن".
ودعم الشيخ محمد بن زايد إسقاط الرئيس المصري السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين وساند ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى تقلده المنصب في 2017 ووصفه بأنه رجل يمكن لواشنطن أن تتعامل معه والوحيد القادر على أن يحقق انفتاح المملكة.
وسعى الزعيمان الخليجيان، اللذان شجعهما وجود علاقات دافئة مع الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، لحشد الدعم لحملة واشنطن لممارسة أقصى الضغط على إيران وفرضا مقاطعة على قطر المجاورة لدعمها جماعة الإخوان المسلمين وشنا حربا مكلفة في محاولة لكسر قبضة الحوثيين المتحالفين مع إيران على اليمن.
كما تدخلت الإمارات في صراعات بأنحاء المنطقة من الصومال إلى ليبيا والسودان قبل أن تخرج على إجماع عربي قائم منذ عقود وتقيم علاقات مع إسرائيل في 2020 هي والبحرين بموجب اتفاقات بوساطة أمريكية عرفت باسم اتفاقات إبراهيم مما أثار غضب الفلسطينيين.
ويرى دبلوماسيون ومحللون أن التحالف مع الرياض وواشنطن ركيزة لاستراتيجية الإمارات، فإن الشيخ محمد بن زايد لم يتردد في التحرك المستقل عندما فرضت ذلك المصالح أو الأسباب الاقتصادية.
وكشفت الأزمة الأوكرانية عن تصدعات في العلاقات مع واشنطن بعد أن امتنعت الإمارات عن التصويت في مجلس الأمن على مشروع قرار يدين الغزو الروسي.
وبصفتها دولة منتجة للنفط إلى جانب الدولة الكبرى المنتجة للخام وهي السعودية، رفضت الإمارات أيضا نداءات غربية من أجل زيادة الإنتاج.
وتجاهلت أبوظبي أيضا مخاوف أمريكية من قيامها بتسليح ومساندة خليفة حفتر في ليبيا ضد الحكومة المعترف بها دوليا وكذلك التعامل مع الرئيس السوري بشار الأسد.
يذكر أن الإمارات كانت أعلنت، أمس ، وفاة رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد، كما أعلنت وزارة شؤون الرئاسة الحداد الرسمي وتنكيس الأعلام مدة 40 يوماً، اعتباراً من أمس الجمعة، وتعطيل العمل في الوزارات والدوائر والمؤسسات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص 3 أيام، اعتباراً من اليوم السبت، على أن يستأنف الدوام الرسمي الثلاثاء المقبل.
والراحل الشيخ خلفية بن زايد هو ثاني رئيس للإمارات، منذ توليه المنصب عام 2004، خلفا لوالده الشيخ زايد بن سلطان مؤسس الدولة، في عام 1971.
كما قدم العديد من قادة الدول تعازيهم في وفاة الشيخ خليفة، بينهم الرئيس الأمريكي والتركي والمصري والعماني وغيرهم.

شارك