معركة الأيام الثلاثة.. مكاسب حماس في مواجهة الجهاد الاسلامي

الخميس 18/أغسطس/2022 - 06:28 م
طباعة معركة الأيام الثلاثة.. على رجب
 
كشفت المواجهة الأخيرة بين الجهاد الاسلامي واسرائيل، عن موقف حركة حماس التي لم تدخل المواجهة وتركت تنظيم زياد النخالة وحيدا في مواجهة اسرائيل.
ويرى مراقبون ان حركة حماس أرادت أن تظهر مدى قدرتها على اتخاذ قرار التصعيد وخفضه، واظهار قوة حركة الجهاد الاسلامي، وان حماس هي صاحبة الكلمة الأولي في قطاع غزة.
وتسعى حماس من خلال هذه التكتيكات إلى الوصول إلى هدفها الأكبر وهو قيادة الشعب الفلسطيني بكل فئاته كما ترغب بأن تكون هي الشريك الوحيد للتفاوض مع إسرائيل لتكون بديلا عن حركة فتح وعن السلطة الوطنية الفلسطينية.
 وتقوم حماس بترتيبات للتفاوض بشأن الأسرى في السجون الإسرائيلية وبترتيبات لأجل زيادة أعداد العمال الفلسطينيين من القطاع الذين يسمح لهم بالعمل في إسرائيل وعددهم الآن يصل إلى عشرين ألف عامل.
كما نجحت مرة أخرى في إعادة تأكيد دورها كلاعب رئيسي في كافة الأمور المتعلّقة بغزة، إذ تعامل الوسطاء المصريون والقطريون والأمم المتحدة مع قادة "حماس" وكأنهم الحكام الشرعيون والوحيدون لقطاع غزة، وبابتعادها عن القتال، تصرّفت حماس كـ "الشخص المسؤول" الذي يضع مصالح شعبها فوق الاعتبارات الأخرى.
وأضاف المراقبون أن حماس أيضا قدرت على كسب تأييد اقليمي ودولي في عملية عدم المشاركة رغم الغضب من قبل قادة الجهاد الاسلامي ضد حماس، فقد جاء انتقاد زعيم الجهاد زياد النخالة المبطن لحركة حماس خلال مؤتمره الصحفي في طهران وكانت عباراته واضحة تماما بقوله: اليوم يوم تاريخي فإما أن نعمل موحدين أو أننا سندفع ثمن انقساماتنا"،  وعندما تصدر هذه العبارة من من النخالة فهي تكشف عن هوية الخلاف بين الجهاد وحماس، وقدرة الاخيرة على ضبط واشعال الأمور في قطاع غزة، أما غير المفهوم فهو عبارته المتعلقة بدفع ثمن الانقسامات. 
ويوضح المراقبون أن تصريحات النخالة أن الطرفين الجهاد وحماس سيخسران لعدم توحدهما حمل تهديدا لحركة حماس قد يعني التمرد عليها والاشتباك معها في غزة ثم توريطها في اشتباك كبير مع إسرائيل.
وتشير تقارير اعلامية عدة إلى "الكثير من أنصار "الجهاد الإسلامي" يشعرون بخيبة أمل وخيانة، لأن حماس لم تشارك في القتال"، مضيفة أن كبار مسؤولي الحركتين "لم يتحدثوا مع بعضهم بشكل مباشر خلال أيام القتال الثلاثة، بل كانوا يتواصلون فقط من خلال أطراف خارجية، وخاصة مصر وقطر".
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أشارت تقارير في العديد من وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية، إلى تصاعد التوتر بين الحركتين، حيث كانت "حماس" غير راضية عن تحوّل "الجهاد الإسلامي" إلى قوة مهيمنة ومستقلة داخل غزة.
كما بلغت التوترات ذروتها العام الماضي، بعد أن كشفت مصادر أن أعضاء في "كتائب عز الدين القسام" التابعة لحركة "حماس" اعتقلوا عناصر من حركة "الجهاد الإسلامي" كانوا يخططون لإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل.
وفي المواجهة الأخير لم تتكبد "حماس" أي خسائر مدنية أو عسكرية، على عكس حركة "الجهاد الإسلامي"،التي منيت بخسائر فادحة، حيث لم تستهدفها إسرائيل أثناء القتال.
وأضافت أن قدرة "الجهاد الإسلامي" على تشكيل تهديد حقيقي لحكم "حماس" في قطاع غزة تعرّضت لانتكاسة في ظل تصفية عدد من كبار قادتها، والضرر الهائل الذي لحق بترسانة أسلحتها، وبالتالي، يمكن لـ"حماس" الآن أن تنسب لنفسها الفضل في إنقاذ "الجهاد الإسلامي" من التدمير الكامل من قبل إسرائيل.
ويضيف المراقبون أن حركة حماس الحيادي من العمليات الاسرائيلية ضد الجهاد، يأتي بهدف المحافظ على المكاسب التي حققتها العام الماضي، ومحاولة استمرار وضعها في غزة وفرض سيطرتها وابقاء الدعم الدولي للقطاع في ظل الاوضاع الاقتصادية التي يمر بها قطاع غزة.
وقد لاحظ كثيرون أن سكان القطاع كانوا راضين عن موقف حماس التي لم تستمع لدعوات المشاركة في العملية العسكرية وأبدت مرونة في ضبط النفس واهتماما بمصلحة مواطنيها.
 فهي لا تريد تحويل المواجهات البسيطة إلى مواجهة شاملة لا تقدر على تحمل نتائجها وفي الوقت نفسه تريد حماية القطاع من ضحايا بشرية وخسائر في البنية التحتية لا تستطيع تبريرها.
وفقًا لمحللين، فإن أحد الأسباب حيادية حماس الأخيرة هو حقيقة أنه لم يمض سوى 15 شهرًا على صراع 2021 الذي أدى إلى أضرار كبيرة وموت الكثيرين في غزة. ولا يزال سكان القطاع يعيدون بناء منازلهم، وحماس تعيد بناء ترسانتها.
ويقول المراقبون أن حماس أصبحت مدركة معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والذي يئس من الحروب والدمار والخسائر المادية والبشرية، لذلك لا تريد الحركة  أي مواجهة بينها وبين إسرائيل يجعها تخسر مكانتها في غزة المهدد بفعل سياستها السابق، بل تريد تدعيم شؤونها الاقتصادية والعمرانية في القطاع لتحسين حياة الناس واكتساب قلوبهم وعقولهم وإحكام القبضة على القطاع واحتساب المزيد من النقاط في مواجهة السلطة الوطنية.
 ويرى خبراء أن موقف حماس في المواجهة الأخيرة لم يكن مجرد ضبط نفس بل أيضا خيارا عقلانيا بانتظار تحسن الظروف وزيادة الحوافز الاقتصادية لصالحها وهذا ما حدث بالضبط.








شارك