دماء في المنطقة الخضراء.. اسباب انفجار الاوضاع بالعراق

الثلاثاء 30/أغسطس/2022 - 12:40 م
طباعة دماء في المنطقة الخضراء.. روبير الفارس
 
أعلنت خليّة الإعلام الأمني بالعراق اليوم الثلاثاء ، عن تعرّض المنطقة الخضراء لقصف بأربعة صواريخ. وقالت الخلية في بيان،  أنَّ "المنطقة الخضراء في بغداد تعرضت لقصف بأربعة صواريخ سقطت في المجمع السكني؛ ما أدَّى إلى حدوث أضرار فيه". وأضافت، أنَّ "مكان انطلاقها كان من منطقتي الحبيبية والبلديات شرقي العاصمة بغداد" وتتواصل اعمال العنف في عدد من مختلف محافظات العراق وبنظرة اعمق للوضع العراقي المتفجر الذى حول المنطقة الخضراء الي منطقة دموية "حمراء " حيث سقط عدد كبير من الشهداء . نجد ان اكثر من كاتب سبق و حذر من انفجار الوضع في العراق فكتب "صالح فتة "عن المخاطر التى تهدد العراق معدد امثلة هذه المخاطر قائلا  العراق مثالاً إذ لا يدرك الكثير من مواطنيه كمية الأخطار الداخلية والخارجية التي تتربص بهم وما الذي يضعضع بناء وطنهم وهم في غفله عما يجري ومنها :
-الفساد الذي يفتك بمؤسسات الدولة ويهدد ثروات البلد ومقدار الأموال المنهوبة التي قدرت بالمليارات حسب ما صرح بها معالي رئيس الجمهورية واليأس من استرداد تلك الأموال وكيف يمكن إيقاف تهريب وغسيل الأموال والدفع بالدولة للافلاس وبيع أصولها وشركاتها العامة وثرواتها للدول الأجنبية من أجل سداد التزاماتها أمام العالم وأمام مواطنيها. 
-البطالة وما تشكله الأيدي العاملة الشابة العاطلة عن العمل من مخاطر على المجتمع ومساهمتها في انتشار الجريمة والانحراف الأخلاقي واللجوء للأعمال غير الشرعية من أجل الكسب كالتجارة بالمخدرات والعمل لدى عصابات الجريمة المنظمة وأيضاً ربما يكونوا عامل زعزعة للسلم الاهلي بما يلجأون له من أساليب بالتعبير عن مطالبهم. 
-السلاح المنفلت وعدم قدرة الدولة على السيطرة علية بشكل كامل والقضاء على المليشيات المسلحة والعصابات المنفلته وعدم السماح للعشائر لاستعراض سلاحها في كل صغيرة وكبيرة وفرض هيبة الدولة بالقوة. 
-التغير المناخي والتصحر وجفاف نهري دجلة والفرات والأهوار وما يتبعها من الهجرة الجماعيه من الريف للمدن والضغط الذي تسببة الهجرة في الوظائف والاعمال والسكن والخدمات ونقص المحاصيل الزراعية التي ينتجها الريف. 
-أزمة الحكم وما تحتاج من خطوات جادة وتغليب للمصلحة الوطنية و ما يتبعها من إجراءات لتأسيس الحكم الرشيد والاستقرار السياسي كتعديل بعض مواد الدستور التي تحتاج للتعديل والقوانين التي تساهم في تقاسم الثروات الطبيعية والعدالة في الوظائف والمناصب والمشاريع الاستراتيجية. 
فلول داعش 
يوميا يعمل جهاز مكافحة الارهاب علي صيد فلول داعش والذين يبدو انهم بلا نهاية وقد صدر اخر بيان عن الجهاز وجاء فيه شرعت وحدات العمليات الخاصة بنصب كمين إحترافي بالقُرب من سايلو مخمور بمُحافظة نينوى. 
بعد إن رصدت استخباراتنا اليقظة خط سير مجموعة من الإرهابيين اشتبكت معهم مما أسفر عن مقتل (٣) من عصابات داعـش أحدهم قُتل أثناء الاشتباك والآثنين الآخرين تم قتلهم بعد تفتيش المنطقة 
وهُم :
* محمد طه محمد المُكنى ابو أنس أمني قاطع ( عبيدة ) في عصابات داعـش
* احمد عبد حسين عبود المُكنى ( أبو عبد ) وهو عسكري القاطع الشرقي في العصابات الإرهابيـة .
كما أُلقي القبض على أحد المُتعاونين مع الإرهابييـن والذي كان يُزودهم بالمؤن الغذائية .
الفقر 
 يقول  إياد العناز الباحث في مركز الأمّة للدراسات والتطوير ان العراق يمتلك خامس احتياطي للنفط عالميا بواقع 143مليار برميل وينتج منذ عام 2012  ما يعادل 3,4 مليون برميل يوميا ويمتلك من الغاز الطبيعي 132 تريليون قدم مكعب ، وهذه الإمكانيات والموارد الطبيعية لم يتم استغلالها بشكل إيجابي يساهم في تعزيز البنية الاقتصادية بإقامة المشاريع الإستراتيجية التي تعزز ميادين التنمية الاجتماعية بل ابقت البلاد وخاصة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في التاسع من ابريل  عام 2003 في حالة من التخلف وابتعد عن التطور التكنولوجي والصحي والعلمي بسبب الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل المحتل الأمريكي الذي أسس لسياسة الاقتصاد الحر واقتصاد السوق وهي التي عمقت أزمة الفقر واتساعه وادت إلى نشوء طبقة طفيلية مستغلة من عدد من الشخوص التي تمتلك علاقات واسعة ضمن الإطار الحكومي المؤسساتي وحتى بين مسؤولي أحزاب السلطة الحاكمة في بغداد وهم الذين شكلوا طبقة اجتماعية من الأغنياء والحواسم مما أدى إلى هبوط المستوى المعاشي للطبقة المتوسطة وتدني الأحوال المعاشية للطبقة الكادحة .
ولهذه الأسباب والوقائع الاقتصادية والاجتماعية حل العراق في المرتبة (79) عالميا من أصل(192) دولة ضمن قائمة أفقر شعوب العالم واحتل المرتبة (الثامنة) عربيا وفقا للدراسة التي قدمتها مجلة (جلوبال فينانس) الأمريكية والتي رأت أن شعب العراق يعيش أقسى فترات التدهور الاقتصادي والوضع الإنساني المأساوي وسوء الأحوال المعاشية إذ زادت نسبة البطالة والفقر بشكل ملحوظ بسبب غياب الإجراءات اللازمة بالحد من مشكلة الفقر وأصبح ربع سكان العراق ونسبتهم 25% تحت خط الفقر وفق آخر دراسة أجراها وزارة التخطيط العراقية بالتعاون مع البنك الدولي أي أن قرابة (10) مليون مواطن في البلاد يعيشون باقل من دولار ين في اليوم الواحد حسب الوصف المالي الميداني للبنك الدولي،  واعتمدت الدراسة على تحديد النسبة الخاصة بمعدلات التضخم وحجم الانفاق والدخل الأسري للعراقيين وأسعار المواد الغذائية وارتفاعها في الأسواق المحلية الذي أكده برنامج الأمم المتحدة الغذائي باشارته إلى ارتفاع نسبة أسعار السلة الغذائية بنحو 14% نتيجة تغيير سعر صرف الدولار وعدم وجود إمكانية ميدانية لمعالجة أسباب الارتفاع المالي الذي أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطن العراقي .
لم تتمكن أي من الحكومات العراقية التي تلت الاحتلال الأمريكي من إيجاد مفاعيل حقيقية ورؤى اقتصادية فعالة في مواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي الت إليها البلاد والتي أدت إلى غياب فرص العمل وانخفاض الناتج المحلي بنحو 30% وعدم إقرار الموازنة المالية لعام 2022 لحد الان وسيطرة الأحزاب والمليشيات والكتل السياسية على الوظائف العامة والأموال الحكومية ومشاريع القطاعين الخاص والعام  بحيث وصلت نسبة البطالة في المجتمع العراقي  إلى 36%  وشكلت أعلى نسبة الفقر في محافظات (البصرة وميسان والمثنى والناصرية ) .
ساهمت عدة عوامل في اتساع ظاهرة الفقر في العراق كان منها تدهور وتدني مستوى التعليم في البلاد الذي أسهم في ابراز ظاهرة التخلف والجهل وتأثيرها على التنمية وسوء إدارة الموارد المائية وضعف الإمكانيات العلمية والطاقات الشبابية الفاعلة المنتجة وساهمت الظروف القاسية في انخفاض استهلاك الغذاء وتدني الصحة العامة وزيادة نسبة الأمراض والوفيات وعدم توفر السكن الصحي الملائم وانعدام الدخل المادي ومحدوديته ، كما أن النتائج التي الت إليها البلاد بسبب الاحتلال الامريكي والنفوذ والتمدد الإيراني قد أدت إلى سوء توزيع الثروة الوطنية وحرمان فئات عديدة منها وظهور الفساد المالي والإداري الذي أصبح سمة من سمات المؤسسة الاقتصادية والتي مكنت أدوات التبعية السياسية من تثبيت مفهوم المحاصصة الطائفية وعدم الانتباه الى  مصالح أبناء الشعب العراقي  وأصبح العراق من بين الدول الثلاث الأولى الأكثر فسادا حسب منظمة الشفافية الدولية
الطائفية والمليشيات 
ويري الباحث جهاد بشير في حادثة مقتل عدد من الأشخاص بعد وقوع  انهيارات ترابية في منطقة تتخذها جهات تجمع بين الطائفية والسياسة "مزارًا دينيًا" في مدينة كربلاء؛ نموذجا من منهجية الوهم والتجهيل التي تمارسها أحزاب العملية السياسية وتحاول من خلالها تمرير برامجها على حساب حياة الناس وأفهامهم وعواطفهم غير المنضبطة، في ظل أجواء الأزمة السياسية التي أمست تعج بشعارات فارغة وموقف متكلفة لا مقصد فيها سوى إطالة أمد الفوضى قدر الإمكان!  فيقول بشير منذ أن تأسست العملية السياسية قبل عشرين سنة وهي تقوم على ديمومة الفوضى وعدم الاستقرار، ويسعى المتحكمون بها على إبقاء حالة الاضطراب سارية  على الصعيدين الأمني والسياسي، وعلى مستوى الاقتصاد، علاوة على محاولات غير مستكينة للإضرار العميق بالنظام المجتمعي العراقي وإفساده بطرق شتى بحيث يغدو ممزقًا وباليًا لا قبل له في التصدي للمخاطر التي تواجهه ولا يقوى على اتخاذ خطوات للتغيير أو الثورة على النظام السياسي العقيم الذي لا يولّد غير الأزمات المتفاوتة في تعقيداتها وأعماقها، وعلى هذا المنوال تتمحور مسالك أحزاب السلطة وحوله تدور أهدافها المرحلية.
الطائفية وثقافة التجهيل التي تنتهجها أحزاب حكومة بغداد عبر قصص واهية ومواقف مؤلفة لا أساس لها في الواقع أو التأريخ ولا يقبلها عقل أو يقرّها منطق؛ سبل مقصودة تتعكز عليها أدوات العملية السياسة لإنتاج حالة الفوضى المقصودة، وإشغال الناس بما لا يحقق لهم في المآل مصلحة أو يلبي لهم حاجة، سوى تحصيل مزيد من المكاسب التي تستأثر بها السلطة وميليشياتها، والتغطية على فسادها وسرقاتها واستحواذها على أموال العراقيين ومقدرات بلدهم.
بين الفوضى والطائفية علاقة طردية، فكلما كان المد الطائفي حاضرًا تصاعدت نسبة الفوضى واتسعت مساحات الأرضية الممهدة لها، وما جرى في حادثة "مزار كربلاء" حيث قضى أشخاص وأصيب آخرون؛ انعكاس واضح لذلك، وهو نتيجة لا تقف عندها الرؤى كثيرًا إلا فيما يتعلق بالأوهام، فبعد ابتداع المكان واختلاق قصته، ثم حث الناس على التوجه إليه حينما أعلنت السلطات المحلية قبل سنوات قليلة تبديدها أكثر من مليار دينار على ترميمه وتطويره، وقع الحادث وسقط الضحايا فتبين فورًا أن المكان عارٍ عن الإعمار، ومفتقر للتطوير، وسرعان ما تنصلت الجهات التي كانت تستدرج الناس وتحثهم على التوجه إليه من مسؤوليتها عن الموضوع كلّه، وتبعتها بذلك وسائل الإعلام الحكومية والحزبية التي انصرفت عن المشهد بعدما كسبت جولة طائفية جديدة، لتعود صوب الأزمة الجارية بين أحزاب العملية السياسية، وتستعرض مشهدًا آخر بانتظار ضوء أخضر من المتحكمين بها للانتقال نحو خطوة لائحقة
وتأتي مسرحية تعطيل عمل السلطة القضائية في العراق عشية حادثة المزار لتكمل مشهد استجلاب الفوضى، ومرة أخرى تقع شريحة من الجماهير التي وُظفت حزبيًا نتيجة تردي حالاتها المادية وتفاقم عوزها وفقرها، ضحية خداع سياسي وتبارٍ بين تيار الصدر وإطار التنسيق وميليشياتهما؛ لتأخذ الأحداث منحى أفقيًا آخر هدفه إطالة أمد الأزمة واستمرار حالة اللانظام والتي تعني بالضرورة تواصل تحقيق المصالح الحزبية والمكاسب المادية التي لا يراها الشعب ولا تقترب منه بحال.
وبالحديث عن الأزمات وامتدادها الأفقي في إطار العملية السياسية، فإن محاولات التعويل على ما يجري من خلافات بين طرفي الأزمة بوصفه سببًا لانهيار العملية ونظامها السياسي، وهم لا يختلف كثيرًا عن الوهم الذي يقع فيه سذج الناس المستدرجين طائفيًا والذين لا يجنون من تبعيتهم شيئًا سوى المصائب والأزمات، إذ إن "ضوابط" و"أصول" العملية السياسية لا تسمح لأزماتها المفتعلة أن تأخذ منحًى عموديًا يقود إلى انهيارها، وكل من فيها من شخصيات وأحزاب وميليشيات لا تستطيع أن تتجاوز السقف الممنوح لها في تصعيد أو تطوّر أحداث أو تهديد من أينوع؛  لذلك نجدها تتردد جيئة وذهابًا على خطوط أفقية مكررة غير مسموح لها بالصعود.. والله غالب على أمره.

شارك