الدبيبة بعد فشله في السيطرة على الإرهاب يوجه اتهاماته لتونس

الخميس 03/نوفمبر/2022 - 07:42 م
طباعة الدبيبة بعد فشله حسام الحداد
 
شغل الرأي العام واحدة من استراتيجيات الحكومات للسيطرة على الشعوب، تلك الاستراتيجيات تقوم بها جماعة الاخوان وتنظيمها الدولي بشكل كبير خلال الفترات الماضية خصوصا بعدما فقدوا أماكنهم في الشارع السياسي بعد عزلهم مجتمعيا من قبل الشعوب العربية خصوصا في مصر وتونس، وفي محاولة منه لشغل الرأي العام الليبي والهائه عن القضايا المهمة التي تضغط على المواطن بأزمات اقتصادية وسياسية خرج رئيس الحكومة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة، ليتهم تونس، بتصدير الإرهاب إلى ليبيا، بعد تداول خبرٍ على نطاق واسع مفاده استعداد مجموعات إرهابية تتلقى التدريب في قاعدة الوطية العسكرية التي تديرها تركيا للتسلل إلى تونس؛ لتنفيذ عمليات إرهابية.
اتهامات وجهها الدبيبة بشكلٍ مباشر وبأسلوبٍ يفتقر إلى كل الدبلوماسية، ليثير، من جهة، جدلاً جانبياً يغطي على الضغوط التي يتعرض إليها من البرلمان الليبي، والذي بات يلوح بسحب الثقة منه، ومن جهةٍ أخرى حتى يتجنب الخوض في ملف آلاف الإرهابيين والمرتزقة الذين أدخلتهم تركيا، والمتمركزين في مناطق واسعة من الغرب الليبي، بعد أن أثبت فشله حتى الآن في التعاطي مع هذه القضية وظهور مؤشرات تؤكد سيره على خطى السراج في ما يتعلق بالعلاقة مع تركيا.
وقال الدبيبة، في خطابٍ وجهه إلى الليبيين، رداً على الإجراء التونسي بغلق الحدود: “لن نقبل باتهامنا بالإرهاب.. أنتم من جلبتم إلينا الإرهابيين (يقصد تونس)، وحاسبوا أنفسكم قبل الاتهام. نحن شعب حر، ولا يمكن أن نقبل اتهامنا بالإرهاب، وأنتم حاسبوا أنفسكم يا مَن تتهموننا بالإرهاب”.
وتابع مخاطباً السلطات التونسية: “إذا كانت تونس تريد بناء علاقات حقيقية وصادقة معنا، لا بد من احترام دول الجوار؛ نحن أصبحنا فطنين للألاعيب الدولية، ولا يمكن أن نقبل تكرار المشاهد السابقة، ولا يمكن أن نرضى بأن يتم الضحك على الليبيين مرة أخرى”.
وجاءت تصريحات الدبيبة بعد أن زار وفد ليبي تترأسه وزيرة خارجية ليبيا، نجلاء المنقوش، لبحث إمكانية فتح الحدود بين البلدين التي أغلقتها تونس بسبب تفشي وباء كورونا في ليبيا، رغم أن هناك إجماعاً على أن السبب الحقيقي للقرار التونسي هو أمني بحت؛ خصوصاً بعد إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد، تعرضه إلى محاولة اغتيال، حيث شددت تونس غداة هذا الإعلان إجراءاتها الأمنية والعسكرية، على حدودها الجنوبية الشرقية مع ليبيا، وأغلقتها بشكل تام.
وكذَّب وزير الخارجية التونسي الأخبارَ التي تم تداولها عن دخول إرهابيين من ليبيا إلى الأراضي التونسية، من أجل تنفيذ عملياتٍ إرهابية، كما نفى الطرف الليبي ذلك في رسالة موثقة صادرة عن وزير الداخلية خالد مازن الخبر؛ لكن الدبيبة أراد إثارة الملف مجدداً بالتهجم على تونس رغم تهديد بعض الميليشيات الليبية للرئيس التونسي صراحةً، بعد اتخاذه قرار تجميد البرلمان، وحل الحكومة في ٢٥ يوليو الماضي، ومهاجمة مفتي إخوان ليبيا الصادق الغرياني، أيضاً لسعيّد ووصفه إياه بالانقلابي، ورغم تأكيد بعض الأطراف الليبية صحة التقارير التي تم تداولها.
وكذلك تأكيد العديد من المسئولين في وقتٍ سابق، تورط مسؤول ليبي كبير في محاولة اغتيال الرئيس سعيّد، كما نشرت مواقع ليبية منشوراً سرياً وجهه وزير الداخلية الليبي خالد أحمد التجاني مازن، إلى أجهزة أمنية وعسكرية ليبية عُليا، يطلب ضمنه تكثيف عمليات البحث والتحري وجمع المعلومات، تفادياً لتسلل نحو مئة عنصر إرهابي من منطقة الوطية الليبية للهجوم على مدينة بن قردان التونسية، وقد تلقفته الصحافة التونسية.
وعزز موقف الدبيبة غير الدبلوماسي ما يتم تداوله من معلوماتٍ مفادها أنه بصدد السير على خطى السراج في مسألة التقارب مع تركيا. ولهذا يبدو أنه بصدد تقديم ضمانات لأنقرة عبر العلاقات الخارجية، بعد أن قدمها في الداخل الليبي عندما رفض التعاطي والتحاور مع الأطراف الليبية التي لا تحظى برضا تركيا.
وتخشى تونس أن تسعى طرابلس التي تخضع لسيطرة الإسلاميين وميليشياتهم، وتركيا ومرتزقتها، إلى التحرك من أجل دعم حلفائهم الإسلاميين في تونس (حركة النهضة) الذين أزاحهم سعيّد عن السلطة، وذلك عبر استخدام المجموعات الإرهابية والميليشيات الناشطة بكثافة في العاصمة الليبية. ولهذا سارعت بمنع قائمة من قادة الإسلاميين في ليبيا من دخول البلاد على غرار رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، والمفتي المعزول الصادق الغرياني، وقد تم تعميم منشور المنع على المنافذ البحرية والبرية والجوية.
ومن جهةٍ أخرى، تزامنت تصريحات الدبيبة مع الضغوط عليه من قِبل البرلمان الذي لوَّح بسحب الثقة منه؛ حيث طالب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، الأسبوع الماضي، بمثول الدبيبة أمام المجلس المنتخب عام 2014؛ لاستجوابه بشأن أداء حكومته أو مواجهة تصويت بحجب الثقة. وقبل أيام، تقدم نحو 30 نائباً في البرلمان الليبي بطلب سحب الثقة من الحكومة.
وبهذه التصرفات يحاول الدبيبة أن يصدر أزمته داخل ليبيا إلى تونس، متجاهلاً اتساع نفوذ مرتزقة تركيا وميليشياتها في الداخل الليبي.
وبعد أن فشل  الدبيبة في إيجاد حل لمشكلات بلاده، ورفض إحراج حلفائه الأتراك، وإيقاف عربدتهم وإجرام ميليشياتهم على كامل التراب الليبي، يحاول اليوم في خطابه تبرير فشله عبر تصدير أزمة حكومته إلى تونس”؛ حيث ذكر أن تونس صدرت إلى بلده عشرة آلاف إرهابي؛ ولكنه رفض ذكر بقية الحقيقة، ولم يقل مَن المسؤول عن تسفير هذا الشباب المغرر به إلى بؤر التوتر من ليبيا إلى سوريا فالعراق.. وغيرها.
وأثارت تصريحات الدبيبة ردود فعل ليبية رافضة لها؛ حيث أدانت أحزاب سياسية ليبية، منها (الحزب المدني الديمقراطي، وتكتل إحياء ليبيا، واتحاد نساء ليبيا، والحزب الوطني الوسطي، وحزب شباب التغير، والتكتل الوطني للبناء الديمقراطي، والحراك الوطني الليبي، وتكتل الإرادة الوطنية)، في بيانٍ مشترك، محاولات استهداف أمن واستقرار الشعب التونسي، والنيل من قيادته وتعريض حياته إلى الخطر باستخدام العنف والإرهاب، معربةً عن دعمها خيارات الشعب التونسي، وحقه في اتخاذ ما يراه مناسباً للحفاظ على أمن واستقرار البلاد.

شارك