تحالف كليم في ألمانيا وعلاقاته بالإخوان المسلمين وحجم تمويلاته

الثلاثاء 29/نوفمبر/2022 - 12:30 م
طباعة تحالف كليم في ألمانيا حسام الحداد
 
تحاول جماعة الإخوان الإرهابية بين كل ضربة وأخرى تتلقاها هنا أو هناك بتغيير جلدها كالحرباء، فحينما يتم فضح مؤسسة ما وعلاقتها بالتنظيم الدولي للجماعة تسرع الجماعة بتكوين مؤسسة أخرى باسم مختلف، أو التخفي داخل تحالف ينادي بالديمقراطية أو حقوق الإنسان، تلك الألعاب التي تقوم بها الجماعة وتنظيمها الدولي باتت مكشوفة للحكومات العربية، وظنا من الجماعة أن هذه الممارسات ما زالت تصلح في الغرب، عملت بعد الضربات المتلاحقة على مؤسساتها في أكثر من بلد أوروبي مثل ألمانيا والنمسا وفرنسا على الدخول في تحالف جديد في ألمانيا تحت ستار مناهضة التمييز ضد المسلمين في الحياة اليومية. ويضم التحالف 35 منظمة وأطلق على نفسه اسم "كليم Claim" في مسعى لتسليط الضوء على الأثر غير الإنساني لخطاب معاداة الإسلام في ألمانيا، كما أعلنت منسقة المشروع "نينا مويه" الثلاثاء 26 يونيو 2018 في برلين.
ويضم التحالف من بين ما يضم، منظمة رفاه العمال، والشبكة الاتحادية التركية للتصدي للتمييز في برلين – براندنبورغ، ويضم التحالف أيضا منظمة إنسان، وهي منظمة ضغط إخوانية تنشط في ألمانيا. وتحصل الشبكة على التمويل من البرنامج الاتحادي "لإنعاش الديمقراطية" الذي ترعاه وزارة شؤون الأسرة الاتحادية.
ومؤخرا كشفت صحيفة بيلد الألمانية، أن وزيرة الدولة لشؤون الاندماج ومفوضة مناهضة العنصرية ريم العابالي رادوفان وافقت على ما مجموعه 287 ألف يورو من أموال الضرائب كتمويل لتحالف كليم" الذي يفترض أن يكافح العنصرية، في عامي 2022 و2023.
الأكثر من ذلك، أن العابالي رعت حملة نظمها تحالف "كليم" حول "العنصرية المعادية للمسلمين" في يونيو الماضي.
لكن "كليم" تملك روابط واضحة مع الإخوان الإرهابية في ألمانيا. ووفق صحيفة بيلد الألمانية، يضم تحالف "كليم" أعضاء في جمعية "إنسان" المرتبطة بالإخوان، بحسب هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية".
من عام 2015 إلى عام 2022، شغل محمد حجاج منصب العضو المنتدب لمنظمة "إنسان"، على الرغم من أنه يشغل أيضًا منصب نائب رئيس مجلس إدارة جمعية "طيبة"، التي صنفها فرع برلين لهيئة حماية الدستور في عام 2016 على أنها قريبة من جماعة الإخوان.
كما أن أعضاء "إنسان" لهم صلات شخصية بـ"مركز الثقافة والتعليم الإسلامي"، الذي يعتبر ملتقى لمؤيدي حركة حماس. كما أن المركز وثيق الصلة بمنظمة "الجماعة المسلمة في ألمانيا"، المنظمة المظلية للإخوان في الأراضي الألمانية.
كل هذه الروابط المتشعبة بين تحالف كليم والإخوان، وردت في رد بلدية برلين على طلب إحاطة قدمه حزب البديل لأجل ألمانيا في برلمان الولاية.
وبخلاف روابط كليم مع الإخوان في ألمانيا، تعاون تحالف كليم "جماعة مناهضة الإسلاموفوبيا بلجيكا"، والأخير فرع للتجمع المناهض للإسلاموفوبيا فرنسا (CCIF).
وجرى حظر التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا بعد مقتل المعلم صامويل باتي في هجوم إرهابي قبل سنوات، بناء على اتهامات بالتحريض على الإرهاب.
وتعليقا على ذلك، قال السياسي الألماني المعارض، علي أرتان توبراك إنه يشعر بالقلق من وجود تمويل حكومي لتحالف كليم.
وتابع في تصريحات صحفية: "هنا يمكنك أن ترى العواقب الخطيرة لوضع مكافحة العنصرية ضد المسلمين، في أيدي جماعات الضغط من الإسلام السياسي".
حزب البديل وطلب الاحاطة
قدم حزب البديل في أكتوبر الماضي طلب احاطة للبرلمان حث فيه الحكومة على تقديم توضيح للفعاليات التي نظمها تحالف "كليم" وحصلت على تمويلات من الحكومة الاتحادية في ألمانيا، منذ 1 يناير 2017، وحجم الأموال الإجمالي الذي حصل عليه التحالف.
ولم يذكر طلب الإحاطة صراحة أي ارتباط بين تحالف "كليم"، والإخوان الإرهابية، لكنه سأل عن موقف هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" من المنظمات والجمعيات المشكلة لهذا التحالف، وهل تراقب الهيئة أيا منها؟.
هذا الطلب المقتضب الذي قدمه حزب "البديل لأجل ألمانيا" (شعبوي)، كان بمثابة نقطة الضوء الكاشفة عن "علاقة الإخوان بتحالف كليم"، وكيفية إدارة الجماعة للأخير من خلف ستار "ناعم" لتحقيق أهدافها ونشر أفكارها المتطرفة.
أما نقطة الضوء الثانية فكانت رد الحكومة الألمانية على طلب الإحاطة سالف الذكر، والمؤرخ بـ7 نوفمبر الجاري، فالحكومة كشفت في الرد الذي أرسلته للبرلمان، أن تحالف كليم حصل على تمويلات حكومية اتحادية بين 1 يناير 2017، و30 سبتمبر 2022، في إطار عدد من المشاريع، مثل مشروع "مو تك" الهادف لتعزيز ثقافة تلاميذ المدارس في ألمانيا، ومشروع "الديمقراطية الحية".
ووفق المذكرة الحكومية، فإن تحالف كليم حصل على تمويل من وزارة الداخلية الألمانية، في إطار مشروع مكافحة "العداء للإسلام"، يقدر بنحو 70 ألف يورو في عام ٢٠٢١.
كما يدعم مفوض الحكومة الاتحادية لشؤون الهجرة واللاجئين والاندماج مشروع تحالف كليم المعنون بـ “هذه عنصرية معادية للمسلمين.. التمييز العنصري ضد المسلمين"، بميزانية تقدر بـ55 ألف يورو في عام 2022.
وفيما يتعلق ببرنامج الديمقراطية الحية والتمويلات التي يحصل عليها "كليم" من خلاله، ذكرت المذكرة "في البرنامج الفيدرالي للديمقراطية الحية، يتم تمويل الأحداث في إطار مشاريع تعمل على تحقيق الهدف الأساسي (تعزيز الديمقراطية)، لذلك ليس من الممكن تحديد نفقات معينة".
وتعليقا على موقف هيئة حماية الدستور من المنظمات المنضوية تحت تحالف كليم ومدى خضوع بعضها للمراقبة من الهيئة، جاء في المذكرة الحكومية: "تقوم هيئة حماية الدستور بجمع وتقييم المعلومات كجزء من ولايته القانونية".
وتابعت "يسمح بيان حول حالة المراقبة للمنظمة (محل الرقابة) باستخلاص استنتاجات حول مستوى المعرفة وأساليب العمل العامة لهيئة حماية الدستور، ما سيكون له تأثير سلبي دائم على الهيئة".
ومضت قائلة "بعد دراسة متأنية للحق البرلماني في طرح أسئلة، والقدرة المستقبلية لهيئة حماية الدستور على العمل، اتضح أن هذا السؤال لا يمكن الإجابة عليه من حيث المبدأ".
ورغم التحفظ الواضح في مذكرة الحكومة الألمانية أيضا، فإن تقريرا سابقا لصحيفة "دي فيلت" الألمانية، كشف أن تحالف كليم حصل على تمويل أيضا من وزارة شؤون الأسرة وصل إلى 728 ألف يورو بين عامي 2017 و2019.
بالإضافة إلى ذلك، حصل تحالف كليم على ما مجموعه 960 ألف يورو، في عامي 2020 و 2021 كجزء من شبكة مشروع مكافحة الإسلاموفوبيا والعداء للمسلمين التابع لوزارة شؤون الأسرة.
الظهور والارتباط بالإخوان
وقد ظهر تحالف كليم للنور بعد أن لعبت منظمة تنشط أيضا في المجتمع المدني، ومعروفة باسم "إنسان"، غير أنها مرتبطة بشكل قوي بالإخوان الإرهابية.
فمحمد حجاج العضو المنتدب لمنظمة إنسان، هو أيضا نائب رئيس "مركز طيبة الثقافي"، الذي تصنفه تقارير أصدرتها هيئة حماية الدستور، كجزء من شبكة الإخوان في ألمانيا.
وبخلاف حجاج، هناك جسر آخر يربط "إنسان" بـ"كليم"، ويوطد الراوبط مع شبكة الإخوان، يتمثل في شخصية مثيرة للجدل تعد وجها ناعما للجماعة الإرهابية في ألمانيا، وهي نينا موهي.
موهي التي تتولى دورا قياديا في مجلس إدارة جمعية إنسان، تشغل عضوية مجموعة الخبراء ضد العداء للمسلمين التي أسستها وزارة الداخلية الألمانية قبل عامين، وفق صحيفة "دي فيلت".
وتلعب موهي دوراً أخطر عبر تحالف "كليم"،  إذ تشغل منصب منسقة منظمة "كليم" والمتحكمة فيها.
وتستخدم الإخوان تحالف "كليم" في مهاجمة منتقديها وشيطنة مواقفهم، والضغط على الحكومة الألمانية لتحقيق أهدافها، عبر ادّعاء المظلومية والتعرّض لانتهاكات واعتداءات عنصرية
وفي 1 أبريل 2021، قدم حزب البديل لأجل ألمانيا طلب إحاطة في برلمان شمال الراين وستفاليا، جاء فيه إن منظمة إنسان، أحد المؤسسين الرئيسيين لتحالف كليم، "تملك روابط شخصية مؤسسية بمنظمة الجالية المسلمة الألمانية"، وهي المنظمة المظلية للإخوان في ألمانيا.
و المنظمة الثانية المرتبطة بالإخوان في تحالف كليم، هي منظمة "الشباب المسلم" في ألمانيا، وكانت دراسة سابقة للمركز الاتحادي للتعليم السياسي (حكومي) في ألمانيا، ذكرت مؤخرا أن منظمة الشباب المسلم جزء من شبكة الإخوان، وجزء من منظمة "فيميسو"، المنظمة المظلية للمنظمات الشبابية الإخوانية في أوروبا.
أما المنظمة الثالثة المرتبطة بالإخوان في تحالف كليم، فهي المركز الإسلامي للبنات والمرأة والأسرة، والمعروف اختصارا باسم "رحمة".
وذكرت دراسة للخبيرة الألمانية في شؤون الإسلام السياسي، سيغريد هيرمان مرشال، أن مؤسسة رحمة جزء من شبكة منظمة الجالية المسلمة الألمانية، مظلة الإخوان، في مدينة فرانكفورت.
اشكاليات المؤسسات الألمانية في المواجهة
هناك اشكاليات كثيرة تواجه المؤسسات الألمانية في كشف ومواجهة المؤسسات المتطرفة والإرهابية حيث تقع المؤسسات الحكومية الألمانية أحيانا في فخ استراتيجية الخداع التي تتبعها الإخوان الإرهابية، إذ ترمي الأخيرة لتشكيل شبكة واسعة من المؤسسات والجمعيات الوهمية تحت لافتات حقوقية ومجتمعية، وأحيانا تحت لافتة النشاط ضد التطرف ومعاداة المسلمين، وتقدم نفسها على أنها شريك موثوق للحكومة.
كما أن أحداث كثيرة في ألمانيا، خاصة الهجوم الإرهابي في برلين في ديسمبر 2016، أثبت ضعف التعاون بين المؤسسات الأمنية وباقي مؤسسات الحكومة في ألمانيا، وبطء وتيرة تمرير المعلومات بين هذه الجهات، ما يترك بعض المؤسسات الألمانية بدون معلومات واضحة ومثبتة عن الشركاء المحتملين.
هذا القصور ظهر أيضا في قضية تفجرت مؤخرا، هي قضية مجلس أئمة برلين، حيث مول برنامج حكومي ألماني، جمعية مرتبطة بالإخوان، والتي بدورها استخدمت الأموال في تأسيس مجلس أئمة يضم متطرفين ومجرمين مدانين قضائيا، ولم تتحرك السلطات وتفتح تحقيق إلى أن نشر تحقيق صحفي يكشف هويات أعضاء مجلس الأئمة.

شارك