رئيسي يهدد والاحتجاجات تشتد.. تصاعد صراع الشارع والسلطة في إيران

الجمعة 09/ديسمبر/2022 - 12:00 م
طباعة رئيسي يهدد والاحتجاجات أميرة الشريف
 
مع تسارع وتيرة الأحداث في إيران، توعد الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الجمعة 9 ديسمبر 2022، من وصفهم بأنهم "مثيرو الشغب" والمتسببين في مقتل قوات الأمن في البلاد بعقاب شديد.
وتشهد إيران اضطرابات في جميع أرجائها بعد وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني خلال احتجاز "شرطة الأخلاق" بدعوى ارتدائها حجابا بشكل غير لائق في سبتمبر الماضي، مما شكل أحد أقوى التحديات للجمهورية الإسلامية منذ ثورة 1979.
وأكد رئيسي على متابعة تحديد "مثيري الشغب"، قائلا إنه سيتم "محاكمتهم ومعاقبتهم بشدة"، وفق ما نقلته وكالة تسنيم للأنباء.
وتتواصل الإدانات الدولية والحقوقية منذ صباح الخميس وحتى اليوم، بعد الإعلان عن إعدام السلطات الإيرانية الشاب محسن شكاري.
فقد انهالت التنديدات الدولية ومنظمات للدفاع عن حقوق الإنسان بعد تنفيذ إيران منذ بدء التظاهرات أول حكم إعدام مرتبط بالاحتجاجات، وذلك وسط مخاوف من عمليات إعدام جديدة.
ونفذت إيران، الخميس 8 ديسمبر 2022، وللمرة الأولى منذ بدء التظاهرات التي تهز البلاد منذ منتصف سبتمبر الماضي، أول حكم بالإعدام مرتبط بالاحتجاجات، بالشاب شكاري بتهمة سحب سلاح أبيض بقصد القتل وإثارة الرعب وحرمان الناس من حريتهم وأمنهم مع جرح عنصر من الباسيج كان في مهمة بسلاح أبيض، وإغلاق شارع ستار خان، والإخلال بنظم وأمن المجتمع، وفق زعمه.
ووفق تقارير إعلامية لم يقتل الضحية أحداً بل جرح أحدهم خلال مشاركته في الاحتجاجات، ولهذا أعدم.
واعتبرت واشنطن عملية الإعدام  "تصعيدا مروعا" متعهدة مساءلة السلطات الإيرانية.
وقال الناطق باسم الخارجية الأمريكي نيد برايس "إعدام محسن شكاري يشكل تصعيدا مروعا للقضاء على أي معارضة وقمع الاحتجاجات".
واعتبرت مجموعات للدفاع عن حقوق الإنسان محاكمة شكاري "محاكمة صورية". وحذرت هذه المجموعات من أن عشرة أشخاص آخرين على الأقل يواجهون خطر إعدام وشيك بعد الحكم عليهم بالإعدام شنقا لوقائع مرتبطة بالاحتجاجات.
ووصفت منظمة العفو الدولية عملية إعدام شكاري بأنها "مروعة" بعد إدانته في "محاكمة صورية جائرة جدا" مضيفة أن "إعدامه يفضح وحشية ما يسمى بنظام العدالة في إيران حيث يواجه عشرات غيره المصير نفسه". 
ودعا محمود العامري مقدم مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها أوسلو، إلى رد دولي قوي وإلا "سنواجه عمليات إعدام جماعية للمتظاهرين". وقال إن "محسن شكاري أعدم بعد محاكمة متسرعة وجائرة بدون محام". 
وحذر المدافع عن حرية التعبير حسين رونقي الذي تم إطلاق سراحه مؤخرًا من السجن، السلطات في تغريدة على تويتر من أن "إعدام أي متظاهر سيكون له عواقب وخيمة عليك وإزهاق روح شخص واحد هو إزهاق لأرواحنا كلها".
وأثار تنفيذ حكم الإعدام تنديدا من الغرب ومن الأمم المتحدة، واعتبرت برلين أن "ازدراء النظام الإيراني للإنسانية لا حدود له" فيما دانت باريس عملية الإعدام التي تضاف إلى "انتهاكات جسيمة وغير مقبولة أخرى" ورأت لندن أنها "فضيحة"، كما أكدت روما أن "الأسرة الدولية لا يمكن أن تبقى غير مبالية حيال القمع غير المقبول من جانب السلطات الإيرانية".
وأعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن عقوبة الإعدام "لا تنسجم مع حقوق الإنسان".
ونشر مرصد "1500تصوير" الذي يتابع منصات التواصل الاجتماعي صورا قال إنها تظهر لحظة تبلغت عائلة شكاري خبر الإعدام أمام منزلها في طهران، ويمكن رؤية امرأة تنهار وتصيح "محسن!". 
وقال موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية إن "محسن شكاري، مثير الشغب الذي قطع شارع ستار خان في طهران في 25 سبتمبر وجرح أحد عناصر الأمن بساطور، أعدم هذا الصباح"، مضيفًا أن شكاري أدين بتهمة "الحرابة" في الأول من نوفمبر، وأنه طعن في الحكم لكن المحكمة العليا أكدته في 20 نوفمبر.
وقالت السلطة القضائية إن شكاري أدين "بإشهار سلاحه بنية القتل وإثارة الرعب وتعكير صفو المجتمع وأمنه". 
ونشرت وكالة الأنباء الإيرانية فارس تسجيل فيديو لشكاري يتحدث عن الهجوم أثناء احتجازه في مقطع اعتبرته المنظمات الدولية "اعترافا تحت الإكراه".
وأصدر القضاء الإيراني أحكاما بالإعدام على خمسة أشخاص لقتلهم أحد عناصر الباسيج خلال التظاهرات، ليرتفع عدد المحكومين بالإعدام إلى 11 شخصا.
وأدى قمع التظاهرات إلى مقتل 458 شخصا على الأقل بينهم 63 طفلا منذ منتصف سبتمبر، بحسب حصيلة جديدة نشرتها منظمة حقوق الإنسان في إيران.
وقبل عملية الإعدام الأخيرة، قالت منظمة العفو الدولية التي تتخذ من لندن مقرا إن 28 شخصا على الأقل، بينهم ثلاثة قاصرين قد يحكم عليهم بالإعدام على خلفية التظاهرات.
وأفادت تقارير المنظمة بأن إيران تعدم عددًا من المدانين أكبر من أي دولة أخرى باستثناء الصين، ونفذت عقوبات الإعدام في أكثر من 500 شخص في إيران في 2022، حسب منظمة حقوق الإنسان في إيران.
ودعت مجموعة الدفاع عن حرية التعبير "المادة 19" إلى اتخاذ إجراءات عاجلة "لأن هناك خطرًا داهمًا على حياة محكومين آخرين بالإعدام" في قضايا مرتبطة بالاحتجاجات،  وقالت المجموعة إن "إعدام محسن شكاري بعد محاكمة زائفة سريعة أمر مروع".
وكتب نجم كرة القدم الإيراني السابق علي كريمي المؤيد للتظاهرات، في تغريدة على تويتر، محذرا "إذا بقينا صامتين اليوم فسنستخدم غدًا وسم #لا تعدموا الأطفال الآخرين في إيران".
وتشهد الجمهورية الإسلامية تحرّكات احتجاجية منذ وفاة الشابة الإيرانية الكردية، مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاماً بعدما أوقفتها "شرطة الأخلاق" في 16 سبتمبر لمخالفتها قواعد اللباس الصارمة في إيران.
يعد مشهد دوريات شرطة الأخلاق مألوفاً في شوارع طهران منذ العام 2006 عندما أُدخلت في عهد الرئيس المحافظ المتشدد حينذاك محمود أحمدي نجاد، لكن القيادة الدينية تطبق القواعد التي تشمل فرض الحجاب منذ ما قبل ذلك بكثير.
والأسبوع الماضي، أعلن قائد بالحرس الثوري أن أكثر من 300 شخص قتلوا في الاضطرابات، بينهم العشرات من أفراد قوات الأمن، كما تم اعتقال آلاف الأشخاص.

شارك