شريف الجلاد يصور القصص المجهولة لرحلة العائلة المقدسة في ايقونات اثرية

الأربعاء 31/مايو/2023 - 05:53 م
طباعة شريف الجلاد  يصور روبير الفارس
 
- عند سن التاسعة من عمري طلبت من عائلتي ان يقصو لي حكاية رحلة العائلة المقدسة في مصر
- رسمت قصة البطيخ الذى اثمر علي الفور ليداري علي العائلة من الجنود الرومان 

أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" الاحتفالات الشعبية المرتبطة برحلة العائلة المقدسة في مصر على قائمتها للتراث الثقافي غير المادي.جاء ذلك خلال اجتماع للجنة التراث الثقافي غير المادي في المغرب وقالت وزيرة الثقافة المصرية، نيفين الكيلاني، في بيان صدر عقب الاعلان الرسمي لليونسكو : "تسجيل الاحتفالات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة على القائمة يعتبر رسالة سلام ومحبة وأمن من الأرض التي احتضنت العائلة المقدسة وأعادت إحياء مسارها وحافظت عبر مئات السنين على الاحتفاء برحلتها إلى مصر في الوقت الذي يشهد العالم صراعات على العقيدة". وعلي اثر هذا الادراج العالمي يقوم الفنان القبطي شريف الجلاد  المقيم بمحافظة المنيا جنوب مصر برسم عدد من الايقونات  توثق القصص الفلكلورية التى يتم تداولها في الاحتفالات الشعبية بالعائلة المقدسة .
شريف يعمل رئيس قسم الفنون التشكيلية بقصر ثقافة مدينة سمالوط بالمنيا وشارك في عدد كبير من المعارض منها معرض رؤية عام 2004 ومعرض الزهور 2005 ومعرض ملتقي الفنون 2006 ومعرض رحلة العائلة المقدسة الذى نظمته جمعية محبي التراث المصري في يونيو 2022
 وعن تاريخ علاقته الفنية برحلة المقدسة 
قال شريف  بداية معرفتي برحلة العائلة المقدسة  يعود الي طفولتى المبكرة حيث كنت اذهب مع عائلتي الي مولد السيدة العذراء بدير جبل الطير بسمالوط شرق النيل وكانت جدتي تقص لي الحكايات الممتزجة بالاسطورة عن العذراء والسيد المسيح والساحرة الشريرة التي تسكن احراش النيل (شرق البحر)واسقطت صخرة كبيرة علي المركب التي تستقلها العذراء مريم وابنها ويوسف النجار فمنع الطفل يسوع سقوط الصخرة  حيث رفع كفه فانطبع كف الطفل يسوع علي الصخرة وسقطت الساحرة واعوانها في اعماق النيل وغرقت فكانت تلك الحكايات بمثابة الشرارة التي اشعلت في داخلي الخيال والذائقة البصرية فكنت اسمع القصة من جدتي بعيني اراها احداثا ومشاهد مصورة وكل مره اذهب المولد اتسلل الي درب الكنيسة الاثرية التي بنتها الملكة هيلانة سنة ٣٢٨م واشاهد ايقونة العذراء مريم  وعند سن التاسعة من عمري قرات الاصحاح الثاني من انجيل متى واستوقفني الاية  التى قالها  الملاك ليوسف النجار عندما ظهر له  في حلم قائلا" قم وخذ الصبي وامه واهرب الي مصر وكن هناك حتى اقول لك لان هيرودس مزمع ان يطلب الصبي ليهلكه "فطلبت من عائلتي ان يقصو لي حكاية رحلة العائلة المقدسة في مصر
وماهي ملخص هذه الرحلة ؟
يقول شريف عرفت منهم إنه في كتب  الكنيسة وسير القديسين كتب عن الرحلة البطريرك  ثيوفيلس بابا الكنيسة القبطية رقم 23 وانبا زخارياس الاسقف  الرحلة بدات من الفرما بسيناء ووصلت الي اسيوط جنوب مصر وتركت اثار عبارة عن كنيسة واديرة فينحو 22 نقطة سميت بمسار العائلة المقدسة وتضمن القصة الشيقة امور غريبة كثيرة منها ارتعاب وسقوط الاوثان امام الطفل يسوع في كل من تل بسطة وبابليون ومنف (ميت رهينه) وان المعبد بتلك البلدة اغلق ابوابه من تلقاء نفسه امام الطفل يسوع وتحول فيما بعد لكنيسة وايضا في الاشمونين سقط معبودهم  وكان تمثال علي شكل حصان من نحاس وايضا هناك قصة   شجرة  المطرية  التي يتبارك بها اهل البلدة وقصة جنود نابليون بونابرت عندما حاولوا  قطعها لاخذ الاخشاب ليطهوا عليها الطعام وحين ارتطم الفاس بالشجرة بدات تنزف دم فارتعب الجنود وتركوها !وفيما بعد اخذوا يتباركون بها  وحفروا اسمائهم عليها و هناك شجرة الاشمونين التى سجدت للطفل يسوع وكانت بها شياطين هربت منها ومن القصص المتداولة ايضا  قصه طبع قدم المسيح علي نصف عمود في سخا وسمي المكان بكعب يسوع وايضا تفجر عيون المياه تحت اقدام المسيح في تل بسطة مدينة الزقازيق وكذلك سمنود ودير الجرنوس اما في المطرية استحم الطفل يسوع ومن هذا الماء المتروك انبتت شجره البلسم  ذات العطر النادر وفي ديروط ام نخله باسيوط سجد النخل للعائلة المقدسة وقصه البطيخ المبذور في الحال وانبت ونضج حين ما سال الجنود الذين كانوا يطاردون العائلة لقتلها . الفلاح الذى راي البذور وقد اثمرت في الحال بصورة عجيبة  
متي مرت عليك اسرة غريبة  معهم طفل؟ قال عندما كنت ازرع بذور البطيخ  فتراجعوا عن الطريق  ومن القصص ايضا  المحطات التي مرت بها العائلة المقدسة بداية من رفح العريش الفرمه تل بسطة مدينة الزقازيق ثم سخا بكفر الشيخ ثم وادي النطرون ثم المطربة (شجرة مريم) ثم مصر القديمه والمغارة التي تحولت ل (كنيسه ابو سرجه) ثم المعادي (كنيسة السيده العذراء مريم) ثم دير جبل الطير بسمالوط ثم اسيوط دير المحرق باسيوط اخر محطات رحله العائله المقدسة ونقطه انطلاق للعودة الي القدس
ومتى رسمت اول ايقونة للعائلة المقدسة ؟
كانت اول ايقونة رسمتها للسيدة العذراء مريم كان عمري عشرسنوات واستخدمت بفطرتي الطريقة الفرعونية في النقل والتكبير فكانت كخطوط مساعده في نقلي لرسم الايقونة ثم تطور الامرسريعا لدي ولم اعتمد علي رسم الايقونات المنقولة من ايقونات موجودة في الكنيسة الملاصقه لمنزل العائلة ومرت السنوات ثم التحقت بكلية الفنون الجميلة ودرست بها كافة الاتجاهات الحديثة والمدارس الفنية المختلفة 
ثم مارست فن التصوير (الرسم الملون) بكافه خاماته من تصوير زيتي وجداري بكافة المدارس الفنية القديمة والحديثة ولكن الجذور وقصص الطفولة كانت دائما ابدا محركا دائم بداخلي  ووجدت ضالتي في كلا من الفن الفرعوني والقبطي والزخارف الاسلامية بالوانها فكانت زيارتي المستمرة لاثار بني حسن وتوناالجبل بالمنيا  فكنت نهم لمعرفة الجداريات المرسومة وكيفية الرسم والالوان المستخدمة والمجموعة الونيه المستخدمة واختزال الاشكال مع وضوح تام لكركتر العناصر المراد رسمها والتعبير عنها بخطوط قويه محددة للشكل بجانب ذلك كنت نهم في زيارة الاديرة القديمة في صعيد مصر ومشاهدة الايقونات الموجودة وايضا طرز المباني والقلالي والادوات المستخدمة البسيطة وانعكاس ذلك علي تقنيه رسم الايقونة عند الرهبان مع بحثي المستمر في رسوم واجهات المنازل القديمة وتحليل  الاشكال الادمية والحيوانات الاسطورية والقيم اللونيهة  للفن الشعبي الفطري فقمت بتجارب وابحاث عديده علي طرق الرسم المختلفه بتقنيات ومدارس عده وهضمت كل ذلك بداخلي لاخرج بمدرسه حديثة للفن القبطي تعد حلقة تربط مابين العصر القبطي المنصرم والوقت الحاضر وكان عجله التاريخ لم تتوقف بعد فالتصق القديم بالحديث دون خلل ولكن بتقنيه واداء اجدادي المصريين القدماء مع هضم مفردات العصر الحديث قيم لونيه وتكوين وجماليات الكتلة والخط واللون ليخرج عمل فني  حديث ولكن بطعم ومزيج واحساس الايقونة الاثرية القديمة
وكيف ترسم الايقونات القبطية الحديثة بهذه التقنية التى تجعلها وكانها ايقونات اثرية قديمة ؟
قال شريف 
كما ذكرت الأمر بدأ باهتمامى وحبى وشغفى بمعرفة المراحل التى مر بها الفنان المصرى القديم وتأثير الديانات المختلفة على فكره، وبالتالى على الإبداع ومنها بدأت بحثى من جداريات مقابر بنى حسن وتونا الجبل بالمنيا، ومعرفه تاريخ وتطور وتقنيات فن التصوير الجدارى من الفريسك والتمبرا ثم التعمق فى الفن القبطى وخاصة بورتريهات الفيوم ورسم المئات منها بتاثيرات مختلفة وأشكالها قبل دخول الديانة المسيحية مصر وما بعد دخولها»، وأضاف الجلاد قائلا، ثم اتجهت إلى الجداريات القبطية الأثرية بوادى النطرون ودراسة التكوين والتصميم والتقنيات المختلفة لعناصر الجدارية من أول طبقه الملاط إلى الألوان والأصباغ المختلفة وكيفية إعداد اللون والوسط المتاح للقيام بالرسم عليه والوسيط لدمج الأكسيد وهى مادة صمغية «صفار البيض»
وحول تجربته فى رسم الأيقونات بالشكل الأثرى قال شريف: التجارب بدأتها منذ أكثر من عشر سنين وظهرت النتائج من خمس سنوات وأدركت من الموضوع أنه لا بد من وجود وسط للرسم عليه يخص الفنان نفسه ويحقق له شغفه ودهشته أثناء العملية الإبداعية فتأثرت تأثرا جليا من زياراتى لقلالى الرهبان بالأديرة القديمة وبيوت القرى المصرية وبالعمق بالنظر إلى الطلاء وطبقة الملاط على الجدار والطوب اللبن والأخشاب القديمة فى الأبواب والشبابيك، ومن هنا تبلورت الفكرة فالوسط الذى يتم الرسم عليه نتاج العملية الإبداعية لا يقل أهمية أو هو جزء لا يتجزأ من الإبداع والدهشة المصاحبة لمتعة البصيرة والبصر.
وقررت إحياء وإبراز دور وقيمة الفنون المصرية عبر التاريخ بالرسم على الأخشاب القديمة التى أحصل عليها من أطلال المنازل القديمة أو أقوم بعملية تحويل الأخشاب الحديثة لتبدو قديمة وذلك بطمرها فى جوف الأرض لبعض من الوقت مع إضافة الزيوت المختلفة لها وبعض الماء ثم طرحها لمدة فى العراء للتعرض لعوامل الجو.

شارك