سيناريو2006 .. هل يفتح حزب الله جبهة حرب جديدة تهدد لبنان؟

الثلاثاء 10/أكتوبر/2023 - 04:50 م
طباعة سيناريو2006 .. هل علي رجب
 
بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي هجومه على قطاع غزة لليوم الثاني على التوالي، استهدف حزب الله مواقع إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة جنوبي لبنان "تضامنا مع المقاومة الفلسطينية المظفرة والشعب الفلسطيني المجاهد والصابر"، على ما جاء في بيانه.

أعلن حزب الله السبت تأييده لعملية حماس، وقال إنه "على اتصال مباشر مع قيادة المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج".

لكن مبادرة الحزب باستهداف مواقع عسكرية تثير قلق إسرائيل، سيما أنها لا تزال تخوض اشتباكات مع مقاتلي "القسام"، الذراع العسكري لحركة حماس، في غلاف غزة.

وقال رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين تعقيبا على عملية الحزب إن "على نتنياهو أن يعلم بأن هذه المعركة ليست معركة غزة فحسب... نحن لسنا على الحياد"، وأضاف "المقاومة أرسلت صباحا رسالة في كفرشوبا، لتقول إن من حقنا أن نستهدف العدو الذي لازال يحتل أرضنا، وهذه رسالة يجب أن يتمعن بها الإسرائيلي جيدا".

وحذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ريتشارد هيخت قائلا "نوصي حزب الله بعدم التدخل. وإذا قام بذلك، فنحن مستعدون".

على الأثر، أعربت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا ورونيسكا، عن قلقها البالغ إزاء تبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق، داعية إلى "وقف العمليات العدائية والتزام تطبيق القرار 1701".

وفي وقت لاحق كشفت وسائل اعلام عبرية أن الجيش الإسرائيلي نشر جنودا ودبابات على الحدود مع لبنان، فيما أعلن تلفزيون آي 24 الإسرائيلي أن إسرائيل نصحت سكان المناطق المتاخمة للحدود اللبنانية بإخلاء منازلهم وسط مخاوف من التصعيد مع «حزب الله».

ومن ضمن إجراءات الاستنفار الإسرائيلي على الحدود مع لبنان، دخول جنود إلى منازل المستوطنين المحاذية للشريط الحدودي. ورصدت كاميرا «الشرق الأوسط» جنودا داخل بعض المنازل في مستعمرة المطلة.

في ضوء التطورات في جنوب لبنان، التي تأتي على وقع الهجوم الإسرائيلي على غزة وعملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس ضد الاحتلال، هل يدخل حزب الله في مواجهة عسكرية مفتوحة مع إسرائيل؟
ويقول مراقبون: إن "هذه المشاركة من جانب حزب الله ربما تكون نوعا من الرسالة التضامنية ليس لها فعلا أي قيمة عسكرية"، وفق وصفه.

وفيما يعتبر مراقبون أن الحزب يوجه رسالة إلى إسرائيل، مفادها أن أي تصعيد كبير في غزة قد يعني فتح الجبهة مع لبنان، يعتقد آخرون أن الحزب يحاول إرباك العملية الإسرائيلية في غزة وإشغالها، وإثبات تضامنه مع حماس مع دعوة القائد العسكري لحماس محمد الضيف كما قال الضيف "المقاومة بلبنان وإيران واليمن والعراق وسوريا للالتحام مع المقاومة بفلسطين".

ولكن يرى أخرون أنه من المستبعد حتى اللحظة أن يقبل حزب الله على فتح جبهة قتال جديدة وممتدة مع إسرائيل، وكان حزب الله قد حافظ على هدوء الجبهة اللبنانية طوال هذه السنوات بشكل لافت ولم ينجر في أي مرة إلى تسخين هذه الجبهة بموازاة أي حرب إسرائيلية على غزة مهما كانت مجرياتها قاسية ومؤلمة.
وكشف وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، عبد الله بو حبيب، عن "وعد تلقته الحكومة من "حزب الله" بأنه لن يتدخل في حرب غزة "إلا إذا تحرشت إسرائيل بلبنان".

ودعا بو حبيب، في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط"، "إسرائيل إلى عدم توسعة الحرب التي تخوضها ضد حركة حماس في غزة وغلافها"، معتبرا أن "انفجار الوضع في قطاع غزة خطير، وذلك بسبب تكبر إسرائيل وتعديها الدائم على الشعب الفلسطيني".

وبالتالي فهو ليس مهتما اليوم بشن حرب على إسرائيل خاصة أن حماس لا تحتاج حتى اللحظة لتشتيت الجانب الإسرائيلي وصرف انتباهه إلى الشمال فما حققته حماس حتى اللحظة هو كاف لتشتيت إسرائيل بالفعل على حدودها الجنوبية مع غزة. ولكن رغم ذلك فالقذائف التي وجهها حزب الله للمواقع الإسرائيلية في النقاط اللبنانية التي لا تزال محتلة جاءت للتذكير بأنه لا يزال للحزب الحق في تحرير هذه النقاط، ولكن الوقت الراهن ليس بالضرورة الوقت المناسب لإنجاز هذه المهمة. بل إن اقتصار قصف حزب الله على النقاط اللبنانية المحتلة فقط وعدم امتداده إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة يعني وبشكل واضح جدا أن الحزب لا ينوي تغيير قواعد الاشتباك بل ما يعنيه هو ما تبقى من الأرض اللبنانية المحتلة. وفي ذلك فإن حزب الله يدرك جيدا بأن الصدمة الإسرائيلية من هجوم حماس صباح السابع من أكتوبر كفيلة بتغيير معادلات كثيرة في الإدراك الإسرائيلي ولا يريد إعطاء الذريعة للإسرائيليين للتوجه شمالا نحو لبنان.

تحذير أسرائيلي امريكي
من جانبها قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن إسرائيل حذرت الأمين العام لحزب الله في لبنان حسن نصر الله، من مغبة الانضمام إلى حركة حماس في الحرب الجارية مع إسرائيل، وقالت إنه في حال حدوث ذلك سيتوجب عليه مواجهة القوة الكاملة للجيش الإسرائيلي، والمدعومة بالقوة البحرية الأميركية التي تشق طريقها إلى شرق البحر المتوسط.

وذكرت الصحيفة الإسرائيلية، أن التحذيرات الإسرائيلية وصلت إلى "نصر الله" عبر رسائل نقلها مسؤولون كبار في الحكومة الفرنسية.

وقالت إن الرسائل تضمنت تحذيره من أن انضمامه إلى المعركة سيدفع إسرائيل إلى التصرف بأسلوب "صاحب البيت الذي جن جنونه"، وستلحق الضرر بحليفه المهم، الرئيس السوري بشار الأسد، كما سيتم تدمير العاصمة السورية دمشق والضاحية الجنوبية (معقل حزب الله) في العاصمة بيروت على حد سواء، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.

من جهة أخرى، حذر مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية "حزب الله" اللبناني من اتخاذ "القرار الخاطئ" بفتح جبهة ثانية ضد إسرائيل، بينما يركز الجيش الإسرائيلي ضرباته على قطاع غزة.

وقال المسؤول الأمريكي للصحافيين في واشنطن: "نشعر بقلق عميق من إمكانية اتخاذ حزب الله القرار الخاطئ، واختيار فتح جبهة ثانية لهذا الصراع".

وأعلن "حزب الله" في وقت سابق، ضرب أهداف عسكرية في إسرائيل، ردا على قصف أودى بحياة 3 من عناصره في جنوب لبنان.

ويرى أن "ثمة قراءة ثانية، تعتبر أن إسرائيل تستدرج حزب الله إلى حرب. والحزب لن يقع في هذا الفخ، لأنه ليس في الوارد. (فهو) حريص على بيئته، ويواجه أعتى الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وأي انفجار قد يؤدي إلى خسارة مكتسبات كثيرة.
ولازال لبنان يعاني من حرب 2006 فحجم الدمار الذي ألحقته إسرائيل بلبنان شكل تحديا أمام خطاب النصر الذي روج له حزب الله.

وبالإضافة إلى القتلى والجرحى، هجر ما يقارب المليون شخص منازلهم، ودمر 15000 منزل، 900 معمل، إضافة إلى الطرقات والجسور وأجزاء من مطار بيروت الدولي وغير ذلك من البنى التحتي
بحسب تقرير لوزارة المالية صدر بعد شهرين من حرب تموز العام 2006، بلغ حجم الخسائر على الاقتصاد اللبناني والمالية العامة بسبب حرب تموز 2006 حوالي 2,419 مليار ليرة (1.6 مليار دولار)، وذلك مع عدم الأخذ في الاعتبار، عند احتساب النفقات، الكلفة الإجمالية لأضرار البنى التحتية، وما تحملته الخزينة من نفقات إعادة الأعمار.

وأشار التقرير إلى "أنه خلال السنوات التي سبقت وقوع الحرب، خصوصا خلال العام المنصرم، نجحت الحكومة اللبنانية في تعزيز الاستقرار المالي والنقدي، وتجلى ذلك في التحسن الملموس الذي طرأ على الفائض الأولي الإجمالي خلال النصف الأول من عام 2006، وقبل اندلاع الحرب وبدء الاجتياح الإسرائيلي، والذي بلغ نحو 994 مليار ليرة لبنانية (660 مليون دولار) أي بزيادة تجاوزت أربعة أضعاف الفائض الأولي الإجمالي المحقق خلال النصف الأول من عام 2005.

ووصل إجمالي الدين العام إلى حدود 62 ألف مليار ليرة (41 مليار دولار) مع نهاية 2006.

شارك