عودة أزمة الوقود الليبي .. محتجون يغلقون حقل الشرارة النفطي بإقليم فزان

الأربعاء 03/يناير/2024 - 01:40 م
طباعة عودة أزمة الوقود أميرة الشريف
 
لا يزال ملف توزيع موارد النفط الليبي والإنفاق الحكومي يشغل البلاد، حيث أغلق محتجون محليّون من إقليم فزان، حقل الشرارة النفطي الواقع جنوب غرب ليبيا، احتجاجا على انقطاع الوقود والغاز وضعف الخدمات العامة والأساسية، وتزايد عمليات التهريب، مهدّدين بالتصعيد وإغلاق حقل الفيل في حال عدم تحقيق مطالبهم.
وتعاني مدن الجنوب الليبي الغنية بالموارد النفطية، منذ أيام، من نقص في التزود بالمحروقات، حيث شوهدت طوابير من السيارات وهي تقف عند محطات توزيع الوقود للتزود بالبنزين.
وطالب أهالي إقليم فزّان بتوفير الوقود ومشتقاته، وتفعيل قرار إنشاء مصفاة بالجنوب، وصيانة الطرق المتهالكة بمدن فزان، وتعيين الخريجين من أبناء المنطقة وإعادة هيكلة صندوق إعمار فزان.
وقال المحتجون في بيان، إن إغلاق حقل الشرارة جاء بعد انتهاء مهلة الاستجابة لمطالبهم المتمثلة في ضعف الخدمات وانقطاع الوقود والغاز، محملين المؤسسة الوطنية للنفط والحكومات، المسؤولية الكاملة في حال عدم تحقيق مطالبهم.
كما ينادي المحتجون بإلغاء الاتفاق الموقع بين وزارة الصحة والمؤسسة الوطنية للنفط بخصوص مستشفى أوباري العام، وإلزام المؤسسة بإنشاء مستشفى خاص بفزان.
ووفق تقارير إعلامية من المتوقع أن تخسر ليبيا يوميا حوالي ثلث إنتاجها من النفط، كما سيتكبد الاقتصاد الليبي خسائر مالية يومية، إذ ينتج هذا الحقل 315 ألف برميل يوميا.
وتأتي هذه الأحداث في الوقت الذي يتواصل فيه النزاع بين الأطراف الرئيسية بالبلاد على السلطة والثروة، وتستمر فيه حالة الجمود السياسي دون الاقتراب من الحل.
وبدأ فرض الحصار على النفط في ليبيا منذ انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي، والتي أدت إلى سنوات من الحرب والفوضى، إذ يقطع كل من الجماعات المحلية والفصائل الرئيسية الإمدادات.
ويعد النفط الليبي موضع الصراع في الساحة الليبية، لارتباطه بمصالح قوى خارجية على صعيدي الدول والشركات عاملًا حاسمًا في مسار صراع السلطة والنفوذ، وتعد المؤسسة الوطنية للنفط من أهم المؤسسات السيادية في ليبيا، فهي المسؤولة عن ۹٠٪ من دخل ليبيا النفطي، وتختص المؤسسة، والتي تم إنشاؤها عام ١۹٧٠، بإدارة إنتاج وتكرير وتصدير النفط، وتتحكم في أسعار المنتجات النفطية داخل ليبيا، فضلًا عن القيام بإجراء المفاوضات ومنح رخص التنقيب والإنتاج النفطي داخل الأراضي الليبية.
ويعتمد اقتصاد ليبيا البالغ عدد سكانها حوالي ٦ ملايين نسمة بشكل أساسي على قطاع النفط الذي يشكل حوالي ٦۹٪ من عوائد الصادرات، وتسهم العوائد الكبيرة المحققة من قطاع الطاقة، إلى جانب انخفاض عدد السكان، في جعل ليبيا واحدة من أعلى الدول في أفريقيا من ناحية نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
وتعد ليبيا من أبرز الدول ذات الاحتياطات النفطية الكبيرة، والقيمة التصديرية العالية للنفط على مستوى العالم، حيث بلغت احتياطاتها حوالي ٤۸٬٤٧ مليار برميل وذلك في عام ٢٠١٥، وبلغ إنتاجها حوالي ١٬٠۸٣ مليون برميل يوميًا من النفط الخام، و١٬١٣٣ مليون من إجمالي السوائل، وأدت الفوضى المنتشرة في ليبيا منذ بداية عام ٢٠١١، إلى انخفاض معدلات إنتاج النفط إلى ما دون ١٬٦ مليون برميل، وتم إعفاء ليبيا، إلى جانب نيجيريا، من الصفقة الأولية لخفض الإنتاج التي وضعتها منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وعشرة منتجين من خارج المنظمة وذلك في نهاية عام ٢٠١٦.
وكان إجمالي الإيرادات النفطية الليبية ارتفع إلى 105.5 مليار دينار ليبي (22.03 مليار دولار) خلال العام الماضي مقارنة بـ 103.4 مليار دينار في عام 2021، يحسب بيانات سابقة لمصرف ليبيا المركزي.
وتنتج ليبيا حاليا حوالي 1.2 مليون برميل يوميا، وتستهدف زيادة زيادة إنتاجها من النفط الخام خلال الأشهر الستة المتبقية من العام الجاري، لتصل إلى 1.3 مليون برميل يوميا، وصولا إلى 2 مليون برميل خلال خمس سنوات.
وتسعى ليبيا إلى رفع إنتاجها من النفط إلى مليوني برميل يومياً، لا سيما في ظل الاستقرار الحذر الذي تشهده البلاد منذ توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار قبل سنتين ونصف السنة.
وتدار عائدات النفط، المصدر الرئيسي للدخل في ليبيا، من قبل المؤسسة الوطنية للنفط والبنك المركزي الليبي ومقرهما العاصمة طرابلس، حيث يقع مقر حكومة الدبيبة.
وتواجه ليبيا أزمة سياسية منذ العام الماضي عندما رفض البرلمان تفويض حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة الدبيبة في طرابلس، وكلف بتشكيل حكومة جديدة لم تتمكن من تولي زمام الأمور في العاصمة، وتم الإطاحة برئيسها فتحي باشاغا، وتعيين أسامة حماد خلفا له.
وتعد مسألة التوزيع العادل لإيرادات النفط الليبي إحدى الأزمات في البلاد، حيث تتنازع الحكومة المعينة من مجلس النواب مع حكومة الدبيبة للسيطرة على هذه الإيرادات.
ويرى مراقبون أن عودة الصراع على عائدات النفط ترجع إلى خشية بعض الأطراف وعلى رأسها مجلس النواب من توظيف الدبيبة لتلك العائدات لأغراض انتخابية.

شارك