الدكتورة نادين عباس :البحث جاري عن المساهمات النسائية في التراث العربي المسيحي

الإثنين 25/مارس/2024 - 02:48 م
طباعة الدكتورة نادين عباس حوار روبير الفارس – لبنان
 
* رواد التراث استخدموا منهج التاؤيل لفهم النصوص وافضل ان تنشره الجامعات لا الكنائس

الدكتورة نادين عباس متخصصة في الفلسفة العربية في العصور الوسطى والفلسفة العربية الكلاسيكية، وتعمل أستاذة جامعية ومدرسة في جامعة القديس يوسف  في بيروت،  ,مديرة مركز أبحاث لويس بوزية  لدراسة الحضارات القديمة.  وبوزية كان استاذًا ومديرًا في جامعة القديس يوسف، تعشق الدكتورة نادين التراث العربي المسيحي واصدرت رسالة الدكتوراه الخاصة بها في كتاب بعنوان  "نظريات التوحيد والتثليث الفلسفية عند يحيى بن عدي في كتابه الرد على الوراق". حيث قامت بتحقيق مخطوطات كتاب يحيى بن عدي في الرد على الوراق، ونشرت القسم الخاص بالتثليث، وقامت بتحقيق نص الكتاب وأجرت تحليلاً نقديًا له.التميز الاكاديمي والتفرد في قراءة التراث العربي المسيحي بعيون امراة قادني للبحث عن الدكتورة نادين في بيروت وكان هذا الحوار معها
-    في البداية ماهي العقبات التى تواجه المراة العربية فيدراسة اللاهوت ؟
فيما يتعلق بعقبات التى تواجه المرأة العربية في الدراسات اللاهوتية، يُلاحَظ أن النساء ليسوا منتشرين بشكل كبير في هذا المجال. حيث  تتنوع التحديات بين دراسة الفكر العربي المسيحي واللاهوت الغربي. في لبنان وغيرها من البلدان حيث يُدرَس اللاهوت، يتم التركيز على اللاهوت الغربي بشكل أكبر، مما يجعل العدد قليلًا للمتخصصين في اللاهوت العربي المسيحي. هناك قلة من الرجال والنساء المتخصصين مقارنة بالمستشرقين، وذلك لعدة أسباب منها عدم التوجيه اللازم للطلاب وصعوبة دراسة الفلسفة العربية الكلاسيكية واللاهوت العربي المسيحي.
ماهو التعريف العلمي الدقيق لمصطلح التراث العربي المسيحي ؟
التراث العربي المسيحي يشير إلى كل ما كتبه العرب المسيحيون باللغة العربية ويشمل مختلف المجالات مثل الأدب وعلم الكلام والتاريخ والجغرافيا والفلك والشعر وغيرها. وينصب التركيز غالبًا على العقيدة المسيحية، ولكن يشمل أيضًا مختلف العلوم. تواجد هذا التراث يعود إلى القرون الوسطى ويمتد منذ القرن الثامن الميلادي، ويعتبر ثالث أكبر تراث بعد اللاتيني واليوناني من حيث السعة والشمولية.
لماذا كان هذا التراث غائبا لفترة طويلة ؟
لم يغب التراث العربي المسيحي، وإنما لم يحظَ بالاهتمام الكافي بسبب انتشار الطباعة والاهتمام بطباعة المحتوى غير المسيحي. وكان الاهتمام بالتراث المسيحي متواضعًا في بداية الأمر وزاد مع اهتمام المستشرقين، وقد انتشرت المخطوطات العربية المسيحية في جميع أنحاء العالم.
وما اهمية هذا التراث ؟
يجب الاهتمام بالتراث العربي المسيحي وتعريف الناس به، فهو ليس فقط قديمًا بل يحمل قيمًا هامة. قد يساعد التعرف على قيمته على تغيير النظرة السلبية نحوه، وقد يسهم في فهم القضايا اللاهوتية الصعبة بشكل أفضل.
هل كل ما في التراث العربي نصوص جميلة؟ من حيث المضمون واللغة ؟
الحقيقة بكل تجرد وموضوعية بخصوص المضمون كل شيء جميل اتفقت او لم اتفق معه انا لي عشرين سنة كل حياتي كل وقتي ادرس هذا المضمون ويزداد تقديري لهذا التراث. واجد امور مقنعة خاصة في الموضوعات الفلسفية الشارحة للاهوت ، وفيما يتعلق باللغة عندنا لغة ابتداء من القرن الثامن الميلادي مع بداية الكتابات  العربية وهي لغة خاصة بالعصر العباسي والاموي فهي لغة ثمينة جدا لا تشبه لغة اليوم ، و بعد القرن الثاني عشر هناك  لغة عربية وسطى وهي اللغة التى  كتب  بها المسيحين والمسلمين هي بين الفصحى والعامية، ولابد من نشرها  بهذا الشكل والا سنعطيها هوية مختلفة، إذا كانت جميع النصوص في التراث العربي المسيحي جميلة، فالإجابة على ذلك تعتمد على التعريف الذي نطبقه على "الجمال". قد تحتوي بعض النصوص على جمالية لغوية وروحية تثير الإعجاب، في حين قد تكون البعض الآخر أقل جاذبية بالنسبة لبعض الأشخاص. إن القيمة الفنية للنصوص تعتمد على تفاعل الفرد معها والسياق الثقافي الذي ينتمي إليه.
لكن اكرر هل لا يوجد  نص ضعيف ؟
اكيد هناك  لكن لن اقول  ضعيف ولكن اقول اقل قوة، مثلا عندما اقرن نص ليحيى بن عدي بنص اخر  ، لان يحيى كان يعتمد على العقل اكثر من  غيره  كان يعتمد العقل والدين وليس العاطفة بالعكس ولا يعني الاعتماد علي العاطفة في مجال المناظرات والدفاع اللاهوتي  لا يعني انهم  ضعاف اذا اعتمدوا علي هذا، بالعكس هذا امر ضروري.
اجد حب جارف للتراث العربي المسيحي ظاهر  في الحماس والنطق والانفعال وتعبيرات وجهك.كيف ننشر هذا التراث  في البلاد العربية ؟
للاسف الجامعات العربية قليلة منها التى تهتم وتدرس  التراث العربي المسيحي، وهذا التراث يجب تفصيليه موضوعيا ليدرس في  كل الاقسام التاريخ تدرس التاريخ الجغرافيا الادب الفلسفة علم الكلام، لانه يضم  موضوعات متعدده .
لكن  البداية تكون من خلال محورين  اولا  لابد من دراسة  المخطوطات ليعرف الباحث كيف يدرس المخطوطات وليس ان  يدرس نص ويمضي، ثانيا التخصص من خلال التخصص من خلال المجالات يتعلم علم المخطوطات ويعرف تاريخ العصور الوسطى، ليعرف السياق المكاني والزماني الذى كتب فيه النص .فتتعرف على علم المخطوطات وكيف تحصل عليها وتعمل مقارنة وتختار المخطوط الافضل وكيف تحقق النص وبعدين كيف تعمل دراسات، المخطوطات علم قائم بذاته. ولنشر هذا التراث في راي  يكون من جهتين الجهة الاولى توجيه طلاب الدراسات العليا الماجستير والدكتوراة على دراسة هذا التراث لانهم سوف يخرجون اشياء  جديدة، مثلا  دراسة  لاهوت الفارابي واكتشاف مخطوطاته لان البعض يتعامل مع بعض الاسماء  كمترجمين من الحضارات الاخري فقط .
ثانيا وجود  برامج تليفزيونية حوارية واذكر تجربة رائعة في برنامج بيت الحكمة للدكتور  القس وجيه يوسف ، كان جميل جدا والاعلام الان  دوره  مهم اليوم  من خلال كل اشكاله  المقروء والمسموع والمشاهد  انه الوصول لمختلف الفئات
هل استخدم رواد التراث العرب يالمسيحي التاؤيل في تقسير النصوص ؟
هناك الكثير من استخدموا ذلك وهناك تفاسير للعهد القديم والعهد الجديد الى حد ما،  ومهم الاشارة الي  سعدي بن يوسف وهو يهودي مصري من الفيوم  عنده  تفسير للعهد القديم كامل  ورواد التراث العرب يالمسيحي هما سبقوا في التأويل وفكرة التأويل قبل مفكرين غربيين  
كما ان  يحيى بن عدي  كان بيستخدم  التأويل مثلا تفسيره لجهنم وفد وردت طبعا بالانجيل هي ليست نارا حسية  بل هي الحزن الذى يصيب الانسان بسبب بعده عن الله ، الانفصال الروحي، توجد  عنده اشياء  جميلة جدا، هي تختلف عن اليوم لكن الى حد ما لا تتناقض ولكن بتختلف،  وتكشف كيفية تفسيرهم للنصوص
كنت اجري حوار مع احد المتخصصين وقال اننا نعاني نقص من الدراسات العربية في اللاهوت هل التراث العربي المسيحي يرد علي هذا ؟
 الترث العربي المسيحي ثري عندنا دراسات تسطيع  ان تقف الى جوار الدراسات الغربية ، المشكلة ان اغلب هذا التراث غير منشور  
هل الافضل  لهذا التراث ان تنشره الكنائس ام  الجامعات ؟
افضل الجامعات لا الكنائس لانه لا يكفي لان الكنيسة اذا  اعتمت بالجانب العقيدي  وقد تعتمد علي واحد دارس لاهوت فقط  . وهذا لايكفي  لانه ضروري في نفس الوقت ان يعرف الباحث السياق الاسلامي اي  الفلسفة الاسلامية وعلم الكلام الاسلامي.
واقول  الجامعات لان الكنيسة قد تاخذ نص معين او تروج لشكل معين او هتوظفه للمذهب، لكن اذا لم يكن  هناك نصا لايعنيها لن تهتم به  ثانيا اذا قاموا بالنشر اشخاص من الكهنة والرهبان  فقد لايملكون التفرغ والوقت الكافي للدراسة  ، لكن في الجامعة بما لها من منهج وموضوعية علمية سيكون  افضل،
.
نعرف الكثير من الشاعرات في العصر الجاهلي وما بعده هل توجد سيدات لهن دور في كتابة هذا التراث نحن نسمع عن رجال فقط مثل يحي بن عدي وغيره ؟
بالنسبة لسؤالك عن دور النساء في هذا التراث، فإن وجودهن يظل قضية هامة يجب بحثها بشكل أكبر. كما لفتت انتباهي إلى النقطة التي تشير فيها إلى وجود بعض الشاعرات العربيات في العصور الجاهلية والإسلامية الأولى، ولكن يبدو أن وجودهن في مجالات أخرى مثل الفلسفة واللاهوت قد كان محدودًا. قد يكون هذا ناتجًا عن الظروف الاجتماعية والثقافية في تلك الفترات التي قد لا سمحت بمشاركة النساء بشكل واسع في هذه المجالات.
لكن من الجدير بالذكر أن البحث المستمر وقد يكشف عن مزيدا من المساهمات للنساء في هذا التراث، وهو ما يبرز أهمية الدراسات النسوية ودورها في تسليط الضوء على تاريخ وثقافة النساء ودورهن في تطور المجتمعات.

شارك