تصاعد التوتر.. مخاوف من اشتباكات مسلحة بين الحكومة وميليشيات زوارة على معبر رأس جدير

الخميس 28/مارس/2024 - 02:48 م
طباعة تصاعد التوتر.. مخاوف أميرة الشريف
 
تفاقمت دائرة القلق من احتمال اندلاع مواجهات مسلحة مجددا بين القوات الحكومية الليبية وميليشيات مدينة زوارة، التي تقع شمال غرب البلاد، بعد سيطرتها على معبر رأس جدير المشترك مع تونس منذ الثلاثاء الماضي، حيث قررت حكومة الوحدة الوطنية إغلاقه إلى أجل غير مسمى.
و اندلعت اشتباكات عنيفة مفاجئة، الأسبوع الماضي، بين ميليشيات مسلحة تابعة لوزارة الدفاع وأخرى تابعة لوزارة الداخلية، للسيطرة على معبر رأس جدير الحدودي مع تونس.
والخلافات والتنافس بين المجلس العسكري بزوارة وحكومة عبدالحميد الدبيبة على إدارة معبر راس جدير، بدأت منذ شهر نوفمبر من العام الماضي، عقب قرار يقضي بتشكيل غرفة أمنية مشتركة تابعة لحكومة الوحدة الوطنية، وتكليفها بالسيطرة على المعبر لمكافحة التهريب وضبط الأمن، رفضته مكونات الأمازيغ واعتبرته تهديدا لها.
ومدينة زوارة تقع في شمال غرب ليبيا، حيث تُعتبر واحدة من المدن الرئيسية في المنطقة، وتشهد تواجدًا لعدة تشكيلات مسلحة قد تتنوع في أهدافها وتنظيماتها، بما في ذلك المجموعات المسلحة المرتبطة بالقبائل المحلية أو الجماعات الإسلامية أو الفصائل العسكرية التي تنشط في الصراعات الداخلية في ليبيا.
وأكد المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا أنه إذا اندلعت الحرب في مدينة زوارة، فإن كل المدن الأمازيغية ستشارك بكل قوتها، مشيراً إلى الاتفاق على تفعيل مبدأ المصير المشترك وإرسال قوة عسكرية مختلفة، بما في ذلك سرايا الوحدات العسكرية النشطة في الجيش الليبي.
ويرى مراقبون أن أيّ محاولة لطرد القوات الأمازيغية من معبر رأس جدير ستدفع نحو مواجهات مفتوحة قد تكون مؤشرا على العودة بالمنطقة الغربية إلى مربع العنف والفوضى.
ووسط تصاعد الخلافات بين الأطراف المتصارعة، تتخوّف أوساط ليبية من تصاعد التوتر على الحدود مع تونس، خصوصاً بعد دعوة وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي معاون رئيس الأركان العامة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، الفريق صلاح النمروش، إلى السيطرة على منفذ رأس جدير بالقوة.
وفي وقت تسعى فيه السلطات الليبية إلى تهدئة الأوضاع قبل أن تتفاقم الأمور، أكدت وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوحدة في بيان مختصر أن "الشعب الليبي بأسره يدرك الآن من يحاول زعزعة الاستقرار والتخريب والتورط في الفوضى وتهريب الممنوعات"، مشددة على أن "لا أحد فوق القانون، الذي سيتم استخدامه كوسيلة لقطع دابر المجرمين والفاسدين".
وأعاد الطرابلسي تأكيد تهديده بالرد على ما اعتبره "إهانة لعناصر الشرطة في معبر رأس جدير مؤخراً"، مع التأكيد على أن الرد على هذا الأمر "لن يكون بسهولة كما في المرات السابقة".
في السياق ذاته، وصلت تعزيزات بالأفراد والسلاح إلى مدينة زوارة بهدف تعزيز قدراتها على التصدي لأي هجوم محتمل من القوات الحكومية، وذلك لاستعادة السيطرة على المعبر وإعادة بناء نفوذ الدولة فيه.
ودعت السلطات الليبية جميع الراغبين في الدخول إلى تونس أو ليبيا إلى التوجه نحو معبر ذهيبة - وازن، بما في ذلك سيارات الإسعاف الليبية والتونسيين العائدين من ليبيا، وذلك في ضوء توتر الأوضاع في منفذ رأس جدير الحدودي الذي شهد إغلاقه الأسبوع الماضي.
وكان شهد منفذ رأس جدير بين ليبيا وتونس حالة توتر أدت إلى إغلاقه الأسبوع الماضي، حيث أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة أن "أطرافًا خارجة عن القانون" هاجمت المعبر الحدودي مع تونس، الذي يشهد تدفقًا كبيرًا لليبيين والبضائع في الاتجاهين.
ومنذ الإطاحة بنظام القذافي في عام 2011، بدأت ميليشيات مسلحة من مدينة زوارة في بسط نفوذها على معبر رأس جدير من الجانب الليبي.
و يُعَدُّ معبر رأس جدير شريان حياة أساسيًا بالنسبة للمناطق الشمالية الغربية من ليبيا، فمن خلاله يتم نقل المرضى والمصابين للعلاج في تونس، بالإضافة إلى دخول الكثير من البضائع والسلع الحيوية إلى مدن زوارة والجميل وصبراته والزنتان، وحتى العاصمة طرابلس.
ومع هذا الدور الحيوي الذي يلعبه المعبر، يرى بعض المراقبين أنه يشكل أيضًا نقطة تهريب للوقود وأحيانًا الأسلحة، فالتحكم في المعبر يُعتَبَرُ وسيلة لجمع الرسوم والضرائب على البضائع المهربة، وهو ما يجعل المنطقة محط أنظار الفصائل المسلحة التي تسعى للسيطرة على هذا المصدر المالي.
تاريخيًا، شهد المعبر توترات وصراعات بين مختلف الفصائل المسلحة التي تنشط في المنطقة، مما أدى إلى حدوث حالات من عدم الاستقرار والاشتباكات المسلحة.
وبالتالي، يظل المعبر مركز اهتمام للعديد من الجهات المعنية بالأمن والاستقرار في المنطقة، ويشكل تحكمه وسيطرته تحديًا مستمرًا للسلطات الليبية والجهات الدولية ذات الصلة.

شارك