موانئ تحت الحصار.. الحوثيون يستخدمون السفن رهائن للضغط السياسي والعسكري

الإثنين 05/مايو/2025 - 09:46 ص
طباعة موانئ تحت الحصار.. فاطمة عبدالغني
 
في تصعيد جديد يهدد أمن الملاحة البحرية ويضاعف من تعقيدات المشهد الإنساني والاقتصادي في اليمن، أقدمت ميليشيا الحوثي على احتجاز 15 سفينة راسية في ميناء رأس عيسى النفطي بمحافظة الحديدة، غرب اليمن، ومنعتها من مغادرة الميناء الذي تعرض لغارات أمريكية متكررة على مدى الأيام الماضية.
كما طالبت هذه السفن بالتوجه إلى الأرصفة المجاورة لإفراغ المشتقات النفطية بطرق بدائية وذلك رغم الحظر الأمريكي على شحن الوقود للموانئ الخاضعة للحوثيين.
وكانت الهيئة البحرية البريطانية أكدت في لها بيان الخميس، أن الحوثيين منعوا السفن من المغادرة، رغم حصولها على تصريح من مكتب الأمم المتحدة في جيبوتي، المخصص لآلية التحقق وتفتيش السفن المتجهة إلى موانئ الحديدة، الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وأشارت الهيئة إلى أوامر وجهتها سلطات الحوثيين "تحت تهديد العنف، مع إطلاق طلقات تحذيرية، وصعود أفراد مسلحين على متن سفن أخرى"، لإجبار السفن على "التوجه إلى الأرصفة بجانب مرساها".
وأفادت الهيئة البريطانية بأن هذه الحوادث المبلغ عنها "تعزز التهديد الذي تتعرض له السفن التي تزور الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيين من احتمال احتجازها أو تقييدها من المغادرة بأمان".
ومن جانبها أعربت الحكومة اليمنية عن إدانتها الشديدة واستنكارها للإجراء الحوثي بحق عدد من السفن المحملة بالمشتقات النفطية في ميناء رأس عيسى، رغم إدراكها الكامل لما يمثله ذلك من مخاطر جسيمة على أرواح الطواقم البحرية، في ظل تواجد السفن داخل منطقة عمليات عسكرية نشطة، نتيجة استخدام المليشيا للميناء ومحيطه في أنشطة إرهابية متكررة جاء ذلك على لسان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني.
وقال الإرياني في تغريدة له على منصة أكس أن "التقارير الصادرة عن جهات موثوقة تشير إلى أن السفن المحتجزة تضم على متنها عشرات البحارة من جنسيات مختلفة، بينهم مواطنون هنود، ظلوا عالقين منذ أشهر في أوضاع بالغة الخطورة، في وقت تتصاعد فيه وتيرة الضربات على الميناء نتيجة الأنشطة العسكرية غير المشروعة للمليشيا، ما يضع حياة هؤلاء البحارة في خطر داهم"
وأضاف الإرياني "وجه عدد من أفراد الطواقم العالقة مناشدات إنسانية مؤثرة إلى حكوماتهم، طالبين التدخل العاجل لإنقاذهم من هذا الوضع الكارثي، بعد أن مُنعت سفنهم من المغادرة، وتعرضوا للتهديد من قبل مليشيا الحوثي، كما أفادت التقارير بإصابة عدد من البحارة في قصف استهدف الميناء مؤخرا، ما يعكس حجم التهديد المتفاقم الذي يواجهه العالقون".
وحذر الإرياني من إصرار مليشيا الحوثي على تفريغ شحنات الوقود من تلك السفن بصورة غير قانونية، في تحد سافر للحظر المفروض عليها، وانتهاك صارخ لقواعد الملاحة البحرية، ما يشكّل تهديدا مباشرا لسلامة الطواقم، بالإضافة إلى كونه خرقا فاضحا للقانون الدولي الإنساني
وأكد الوزير اليمني على أن هذه الممارسات العدوانية والانتهاكات الممنهجة تجسد الطبيعة الإرهابية لمليشيا الحوثي، التي لا تتوانى عن استخدام المدنيين والعاملين في القطاعات الحيوية، بغض النظر عن جنسياتهم، كرهائن وأوراق ضغط لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية، دون أي اعتبار لأرواح الأبرياء.
وعلى صعيد متصل، يرى المراقبون أن احتجاز ميليشيا الحوثي لـ15 سفينة في ميناء رأس عيسى يمثل تصعيدًا خطيرًا في مسار استخدام الموانئ اليمنية كورقة ابتزاز سياسي وعسكري، ويكشف عن نمط متكرر من الانتهاكات التي تهدد الأمن البحري الإقليمي والدولي، كما يعكس هذا السلوك تحوّل الميليشيا إلى لاعب خارج عن القانون، يستخدم المنشآت المدنية لتحقيق مكاسب استراتيجية، ضاربًا بعرض الحائط الاتفاقيات الدولية، وآلية التفتيش التي تقودها الأمم المتحدة لضمان تدفق الإمدادات الإنسانية.
ويؤكد المراقبون أن فرض الحوثيين تفريغ الوقود بطرق بدائية وتحت التهديد، في منطقة شهدت مؤخرًا ضربات عسكرية، لا يهدد فقط سلامة الطواقم البحرية العالقة، بل يفتح الباب أمام كارثة إنسانية وبيئية محتملة، كما يرون أن الخطوة تأتي في سياق محاولات الميليشيا الرد على الضربات الأمريكية الأخيرة باستخدام وسائل ضغط ذات طابع إنساني وتجاري، ما يُظهر استعداد الجماعة لتوظيف أي أداة متاحة، بما في ذلك أرواح الأبرياء، من أجل تعزيز موقفها السياسي والعسكري.
ويرى بعض المحللين أن الموقف الأممي المتراخي، والتباطؤ في الاستجابة الدولية لهذه التجاوزات، يشجع الحوثيين على الاستمرار في هذه الممارسات، ويضع مصداقية المؤسسات الدولية على المحك، لا سيما في ظل تزايد الأدلة على تحوّل الموانئ الخاضعة لسيطرة الجماعة إلى بؤر تهديد نشط للملاحة والتجارة العالمية.

شارك