المملكة المتحدة تواجه تدقيقًا بشأن عدم مقاضاة مقاتلي داعش العائدين

الثلاثاء 13/مايو/2025 - 01:44 م
طباعة المملكة المتحدة تواجه حسام الحداد
 
كشف تقرير لصحيفة تيليجراف عن تصاعد الضغوط على الحكومة البريطانية بسبب فشلها في محاكمة مئات من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) العائدين إلى البلاد، رغم تورطهم في فظائع إرهابية في سوريا والعراق، وفق ما جاء في تقرير حديث للجنة المشتركة لحقوق الإنسان في البرلمان البريطاني.
وتواجه المملكة المتحدة ضغوطًا متزايدة، إذ لا يُحاكم مئات الأفراد الذين قاتلوا في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وعادوا إلى البلاد على جرائمهم. وقد حذّرت لجنة من أعضاء البرلمان والنبلاء من أن أكثر من 400 مقاتل سابق في داعش، انضموا إلى الجماعة الإرهابية في الشرق الأوسط، يُعتقد أنهم عادوا إلى بريطانيا دون مواجهة أي عواقب قانونية.

إرث داعش
سيطر تنظيم الدولة الإسلامية، المعروف أيضًا باسم داعش، على مساحات شاسعة في سوريا والعراق، وكان مسؤولًا عن حملات وحشية من الإرهاب والقتل والعنف الجنسي. وكان من بين ضحايا التنظيم الأقليات الدينية، مع استهداف الإيزيديين بشكل خاص. قُتل حوالي 5000 إيزيدي، ونُزح أكثر من 200 ألف من ديارهم خلال حملة داعش.
على الرغم من فظائع التنظيم، كشفت اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان (JCHR) في تقرير حديث لها أنه لم تتم محاكمة أيٍّ من العائدين من داعش، والذين يزيد عددهم عن 400، بنجاح في المملكة المتحدة لتورطهم في هذه الجرائم. ودعت اللجنة حكومة المملكة المتحدة إلى اتخاذ إجراءات فورية لضمان محاكمة هؤلاء الأفراد في المحاكم البريطانية، بدلاً من العراق أو سوريا، حيث وقعت الجرائم. وكانت حكومة المملكة المتحدة قد أكدت سابقًا على ضرورة التحقيق في مثل هذه الجرائم ومحاكمتها بموجب القوانين المحلية، إلا أن اللجنة سلّطت الضوء على تحديات السعي لتحقيق العدالة في البلدان التي وقعت فيها هذه الجرائم.

المقاضاة في محاكم المملكة المتحدة
يؤكد تقرير اللجنة على ضرورة سعي المملكة المتحدة إلى مقاضاة جرائم مثل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، وخاصةً عندما يتعلق الأمر بمواطنين بريطانيين. وأشار إلى أن العائق الرئيسي الذي يحول دون الملاحقات القضائية في محاكم المملكة المتحدة هو الإطار القانوني الحالي، الذي يقيد الملاحقات القضائية لجرائم الحرب والإبادة الجماعية ما لم يكن الأفراد مواطنين بريطانيين أو مقيمين أو خاضعين لقوانين أفراد الخدمة.
دعت اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان الحكومة إلى سد هذه الثغرة القانونية من خلال مشروع قانون الجريمة والشرطة الجاري العمل به. كما دعا التقرير إلى تحسين التنسيق بين هيئة الادعاء الملكية وأجهزة إنفاذ القانون المعنية بالتحقيق في جرائم الإبادة الجماعية، لضمان عدم ضياع أدلة حاسمة في هذه العملية.
أعرب اللورد ألتون، رئيس اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان، عن استيائه من عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة حاليًا، قائلاً: "هذا أمر لا يمكن للمملكة المتحدة التغاضي عنه ببساطة لمجرد وقوعه في الخارج. نعلم أن مواطنين بريطانيين ارتكبوا أفظع الجرائم في العراق وسوريا في ظل نظام داعش، وعلينا واجب تقديمهم للعدالة".

استخدام الحرمان من الجنسية
أثار التقرير أيضًا مخاوف بشأن استخدام المملكة المتحدة لأوامر الحرمان من الجنسية، التي تسمح للحكومة بسحب جنسية الأفراد المرتبطين بتنظيم داعش. وتُعد شميمة بيغوم، التي انضمت إلى داعش في سن الخامسة عشرة، إحدى أشهر حالات هذه الممارسة. ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن المملكة المتحدة تستخدم الحرمان من الجنسية بشكل أكثر تواترًا من أي دولة أخرى تقريبًا في العالم، ودعا إلى مزيد من الشفافية في كيفية استخدام هذه السلطة.
كما سلّطت اللجنة الضوء على الحاجة إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات لإعادة الأطفال المحتجزين في مخيمات شمال شرق سوريا، حيث الظروف المعيشية مزرية. وشدد اللورد ألتون على أهمية إعادة هؤلاء الأطفال إلى المملكة المتحدة، محذرًا من أن عدم القيام بذلك قد يُعرّض جيلًا جديدًا من الأفراد المتطرفين للخطر.
دعوة للتحرك
أثارت نتائج اللجنة دعوات متجددة لحكومة المملكة المتحدة لبذل المزيد من الجهود لمحاسبة العائدين من داعش على أفعالهم. ومع عدم وجود محاكمات ناجحة حتى الآن، وتزايد المخاوف بشأن استخدام أوامر الحرمان من الجنسية، يتزايد الضغط على الحكومة للتحرك. وأكد اللورد ألتون أن أمن المملكة المتحدة على المدى الطويل يعتمد على ضمان تقديم المتورطين في فظائع داعش إلى العدالة، وإعادة الأفراد الضعفاء، وخاصة الأطفال، إلى أوطانهم وإعادة دمجهم في المجتمع.

شارك