تصاعد العمليات المسلحة في خيبر و بلوشستان.. و باكستان تتهم الهند بدعم الإرهاب
الأحد 25/مايو/2025 - 09:54 م
طباعة

أعلن الجيش الباكستاني، يوم الأحد، مقتل تسعة مسلحين وصفهم بـ"الإرهابيين الذين ترعاهم الهند"، وذلك خلال ثلاث عمليات أمنية منفصلة نُفذت في إقليم خيبر باختونخوا شمال غربي البلاد، في تطور يعكس تصعيدًا جديدًا في الخطاب الأمني الباكستاني تجاه نيودلهي.
وذكرت إدارة العلاقات العامة في الجيش أن العملية الأولى نُفذت في منطقة "ديرا إسماعيل خان"، بناءً على معلومات استخباراتية عن وجود مسلحين ينفذون أنشطة عدائية بدعم من الهند. وأسفرت الاشتباكات عن مقتل أربعة مسلحين.
وأضاف البيان أن قوات الأمن نفذت عمليتين أخريين في منطقتي "تانك" و"باغ" أسفرتا عن مقتل خمسة عناصر آخرين، ليرتفع عدد القتلى إلى تسعة. كما تم ضبط كميات من الأسلحة والذخائر، وأكد البيان أن القتلى كانوا متورطين في "أنشطة إرهابية" استهدفت استقرار الإقليم.
وشدد الجيش في بيانه على أن قوات الأمن "عازمة على القضاء على خطر الإرهاب الذي ترعاه الهند من البلاد"، في إشارة مباشرة إلى اتهامات متكررة توجهها إسلام آباد إلى نيودلهي بدعم جماعات مسلحة تنشط داخل الأراضي الباكستانية، لاسيما في المناطق الحدودية.
تصعيد أمني في خيبر باختونخوا
تأتي هذه العمليات الأمنية في وقت تواجه فيه باكستان تصاعدًا مستمرًا في الأنشطة الإرهابية، لا سيما في إقليمي خيبر باختونخوا وبلوشستان، عقب عودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان عام 2021. وقد خلق هذا التحول الجيوسياسي فراغًا أمنيًا استغلته جماعات مسلحة على غرار "تحريك طالبان باكستان" وجماعات انفصالية في بلوشستان.
ورغم تسجيل تحسن نسبي في الوضع الأمني خلال الربع الأول من عام 2025، حيث تجاوزت خسائر المسلحين عدد ضحايا المدنيين والعسكريين لأول مرة منذ سنوات، إلا أن التقارير تشير إلى أن وتيرة العنف لا تزال مرتفعة، إذ تشير توقعات مراكز بحثية إلى إمكانية تجاوز عدد القتلى 3600 شخص بنهاية العام، ما قد يجعل 2025 من أكثر الأعوام دموية في تاريخ البلاد الحديث.
بحسب مركز البحوث والدراسات الأمنية، فإن 98% من الوفيات المرتبطة بالإرهاب تتركز في خيبر باختونخوا وبلوشستان، وهما الإقليمان الأكثر هشاشة أمنيًا، حيث يُظهر المسلحون تطورًا متسارعًا في التكتيكات، من بينها اختطاف قطارات، وتفجير المنشآت الحيوية، واستهداف قوافل الجيش.
وقد سجلت بلوشستان وحدها 35% من إجمالي الوفيات خلال الربع الأول من العام، بزيادة ملحوظة بلغت 15% مقارنة بالفترة السابقة، وهو ما يضع ضغوطًا كبيرة على قوات الأمن هناك.
اتهامات باكستان للهند
تصريحات الجيش الأخيرة تعيد إلى الواجهة اتهامات باكستان المتكررة للهند بدعم الإرهاب داخل أراضيها. ورغم نفي نيودلهي المستمر لتلك المزاعم، إلا أن المسؤولين الباكستانيين يشيرون إلى ما يصفونه بـ"أدلة دامغة" على دعم هندي لجماعات انفصالية ومسلحة تنشط على الحدود، خصوصًا في بلوشستان.
وترى إسلام آباد أن الهند تسعى من خلال هذه الأنشطة لزعزعة الاستقرار الداخلي، وإضعاف الموقف الإقليمي لباكستان، خصوصًا في ظل المنافسة المتصاعدة بين البلدين في ملفات متعددة أبرزها كشمير، والتقارب الأمني بين الهند والغرب.
ويرى مراقبون أن اتهام باكستان للهند برعاية الإرهاب لا يقتصر على البعد الأمني فحسب، بل يُوظف أيضًا ضمن سياق سياسي ودبلوماسي أوسع، يهدف إلى كسب الدعم الدولي، والضغط على نيودلهي في المحافل الدولية، خاصة مع تعثر أي تقدم في مسار المفاوضات الثنائية.
انعكاسات على العلاقات الثنائية
أثّرت هذه التوترات الأمنية بشكل مباشر على العلاقات بين الجارتين النوويتين، التي تمر بفترة جمود حاد منذ عام 2019 بعد إلغاء الهند الوضع الخاص لإقليم جامو وكشمير. ومنذ ذلك الحين، زادت حدة التصريحات العدائية، وعلّقت المحادثات الثنائية، في حين تمسكت كل طرف بموقفه تجاه الملفات الخلافية.
الاتهامات الأخيرة من الجيش الباكستاني تكرس هذا التوتر، وقد تؤدي إلى مزيد من التصعيد في الخطاب الدبلوماسي، أو حتى إلى اشتباكات حدودية محدودة كما حدث في أوقات سابقة.
في المقابل، تواصل الهند استثمار حضورها الإقليمي والدولي، وتتهم باكستان بالتقاعس عن ملاحقة جماعات تعتبرها "إرهابية"، على غرار "جماعة جيش محمد" و"لشكر طيبة"، ما يعقد المشهد أكثر ويغلق أبواب الحوار.