الانسحاب الأمريكي من الصومال.. هل يفتح الباب لتوسع حركة الشباب؟
الأربعاء 28/مايو/2025 - 03:34 م
طباعة

في ظل مراجعة السياسة الأمريكية في أفريقيا خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية، والتي ترافقت مع خفض برامج المساعدات الخارجية وتقليص الدعم للقوات المتحالفة في المنطقة، تتواصل جماعة حركة الشباب المسلحة في الصومال بعمليات زحف واستعادة سيطرة على بلدات استراتيجية كانت قد خسرتها خلال الفترة الماضية.
حركة الشباب، التي تعتبر من أكثر فصائل تنظيم القاعدة تمويلا ودموية، شنت هجمات عدة في السنوات الماضية، من بينها هجوم على مطار أمريكي في كينيا، كما خططت لهجمات داخل الأراضي الأمريكية. لكن إدارة ترامب لم توضح بعد مدى اعتبارها أن المعركة ضد الحركة أولوية، خاصة في ظل الفساد المستشري داخل الحكومة الصومالية، ما أثار تساؤلات حول قدرة الحكومة على قيادة القتال بفعالية.
تحديات الانسحاب الأمريكي
خلال ولاية ترامب الأولى، أمر بسحب القوات الأمريكية من الصومال والاعتماد على عمليات من دول مجاورة، وهو ما وصفه جنود بأنه استراتيجية غير فعالة وخطيرة. رغم عودة القوات لاحقا، خفضت واشنطن دعمها للقوات الخاصة الصومالية وأعادت النظر في خطط نشر مئات الجنود على الأراضي الصومالية، ما أدى إلى انسحاب معظم المدربين الأجانب وتراجع معنويات القوات المحلية.
كما تشهد العلاقة بين المسؤولين الأمريكيين والحكومة الصومالية توترا متصاعدا، حيث أعرب مسؤولون سابقون عن مخاوفهم من أن التراجع الأمريكي قد يترك الصومال يعاني دون دعم كاف، وقد يؤثر ذلك على الاستقرار الإقليمي.
الانسحاب الأمريكي وتأثيره على مواجهة حركة الشباب
يمثل الانسحاب الأمريكي من الصومال تحديا كبيرا أمام جهود الحكومة الصومالية في محاربة حركة الشباب، التي تعد من أكثر الجماعات المسلحة تطرفا ودموية في أفريقيا. وقد انعكس غياب الدعم الأميركي في عدة جوانب تؤثر مباشرة على القدرات العسكرية والأمنية للحكومة الصومالية، ومن أبرز هذه التأثيرات:
ضعف الدعم الاستخباراتي واللوجستي
القوات الأمريكية لعبت دورا محوريا في توفير معلومات استخباراتية عالية الدقة، إضافة إلى تنفيذ ضربات جوية تستهدف قادة حركة الشباب. ومع الانسحاب، تراجعت هذه القدرات، ما أضعف قدرة الجيش الصومالي على تنفيذ عمليات استباقية دقيقة ضد الحركة.
تراجع المعنويات العسكرية
الانسحاب أضعف الروح المعنوية بين القوات الصومالية التي لطالما اعتمدت على الدعم الأميركي كعامل موازن أمام قدرات حركة الشباب. ومع توقف برامج التدريب والدعم المباشر، تشعر القوات الصومالية بالعزلة والضعف، خاصة في المناطق الريفية والنائية.
فراغ أمني تستغله حركة الشباب
استغل مقاتلو حركة الشباب تراجع الحضور الأمريكي لإعادة تجميع صفوفهم وشن هجمات مضادة، كما استعادت الحركة السيطرة على بلدات ومواقع كانت قد خسرتها في وقت سابق. ويدق هذا ناقوس الخطر بأن هناك إمكانية لعودة انتشارها بشكل أوسع.
تزايد الاعتماد على شركاء جدد
في ظل الانسحاب الأميركي، تتجه الحكومة الصومالية نحو قوى إقليمية مثل تركيا، التي قدمت دعما تدريبيا وأرسلت قوات لتقوية الجيش الصومالي. كما تحاول مقديشو تنويع علاقاتها الأمنية، لكن استبدال الدور الأمريكي لا يزال تحديا كبيرا على المدى القريب.
تراجع ثقة السكان بالحكومة
في غياب الدعم الدولي الفعال، وخاصة من الولايات المتحدة، تتآكل ثقة المدنيين بالحكومة الصومالية وقدرتها على حمايتهم. هذا الوضع قد يعزز من دعم بعض المجتمعات المحلية لحركة الشباب، سواء عن قناعة أو بدافع الخوف.
الانسحاب الأمريكي ترك فراغا أمنيا واستراتيجيا، لا يزال يلقي بظلاله على قدرة الحكومة الصومالية في صد هجمات حركة الشباب والحفاظ على المناطق المحررة. ما لم يتم تعويض هذا الانسحاب عبر دعم إقليمي أو إعادة تقييم أميركي لسياسة الانخراط، فإن خطر تمدد الجماعة سيبقى قائما، مع انعكاسات كارثية على أمن الصومال والمنطقة بأكملها.