"ذمار" تحت القمع الحوثي.. أكثر من 15 ألف انتهاك في سبع سنوات

الإثنين 02/يونيو/2025 - 11:40 ص
طباعة ذمار تحت القمع الحوثي.. فاطمة عبدالغني
 
كشفت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات في تقرير مفصل عن ارتكاب ميليشيات الحوثي الإرهابية، المدعومة من النظام الإيراني، أكثر من 15,400 انتهاك في محافظة ذمار، خلال الفترة من الأول من يناير 2018 وحتى 30 مايو 2025، في واحدة من أكثر الحملات الممنهجة عنفاً بحق المدنيين والبنية الاجتماعية في المحافظة. 
هذا التقرير، الذي تلقته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، يعكس صورة دامغة لحجم الفظائع والانتهاكات التي لم تقتصر على الأعمال القتالية، بل امتدت إلى كل تفاصيل الحياة اليومية لسكان المحافظة، واستهدفت الفرد والمجتمع والمؤسسات على حد سواء.
وأفادت الشبكة بأن الانتهاكات شملت القتل العمد، الإصابات، الاختطافات، الإخفاء القسري، التعذيب، اقتحام المنازل والمرافق، نهب وتفجير المنازل، احتلال المؤسسات العامة والخاصة، مصادرة المقرات الحزبية ودور العبادة، وزرع الألغام وتجنيد الأطفال، وإنشاء محاكم وسجون غير قانونية، ونصب نقاط تفتيش، وتخزين أسلحة في الأحياء السكنية، إضافة إلى تشريد الأسر ونهب المساعدات الإغاثية والطبية، وإعاقة حركة المدنيين عبر تقطع الطرقات وفرض الجبايات.
وبحسب التقرير، قُتل نحو 474 مدنياً، بينهم 32 طفلاً و12 امرأة، وتم تنفيذ 19 عملية اغتيال طالت شخصيات اجتماعية وقبلية وسياسية وعسكرية، في ظل انفلات أمني متعمد تفرضه ميليشيات الحوثي باعتبارها سلطة أمر واقع، كما تم تسجيل 218 إصابة، بينهم 34 طفلاً وتسع نساء، إضافة إلى اعتقال واختطاف 1183 مدنياً، شملت نشطاء سياسيين، أكاديميين، تربويين، إعلاميين، عسكريين، أطفالاً، وعمالاً، كثير منهم ما يزالون في سجون الحوثيين في ظروف مجهولة، ومن بين هؤلاء رُصد 435 منتمين لأحزاب مناهضة، و26 صحفياً وناشطاً حقوقياً، و133 تربوياً، و89 عسكرياً، و218 عاملاً، و52 طفلاً اعتقلوا بتهم تتعلق بـ"التخابر" أو "موالاة الشرعية".
وأورد التقرير أيضاً 72 حالة إخفاء قسري، و27 رهينة، و614 توقيفاً تعسفياً استهدفت مسافرين بسبب الانتماء المناطقي أو الموقف السياسي، و315 حالة فصل من الوظيفة العامة بدوافع انتقامية. 
كما وثقت الشبكة تسع حالات اغتصاب بحق نساء وأطفال، إلى جانب الإكراه على الدعارة، و274 حالة تعذيب نفسي وجسدي، أدت 12 منها إلى الوفاة، و105 اعتداءات جسدية، بينها 98 حالة اعتداء على عمال نظافة خلال احتجاجات مطالبة بصرف الرواتب.
ووثق التقرير تفجير 39 منزلاً، وستة محلات تجارية، وحالتي تفجير مساجد، وتفجير دار للقرآن الكريم، بالإضافة إلى 1304 حالة اقتحام منازل، خمس حالات إحراق، 150 حالة نهب، و52 مصادرة لأملاك خاصة، و17 حالة نهب لممتلكات عامة، كما رُصد 109 حالات اقتحام لمرافق حكومية، وتحويل تسعة منها إلى ثكنات عسكرية، واستخدام 18 منشأة مدنية لأغراض قتالية، و32 اعتداء على دور عبادة، و166 عملية اقتحام لمرافق تعليمية، و32 اعتداء على مرافق صحية، وإغلاق واحتلال سبع مدارس دينية، و42 عملية استيلاء على أراضٍ قيد النزاع القضائي، و138 عملية استيلاء وبيع لأملاك الدولة.
وأجبرت الميليشيا أكثر من 2143 أسرة على النزوح القسري، فيما وثق الفريق الميداني 4671 حالة تقويض لمؤسسات الدولة، و203 تعيينات وإقصاءات غير قانونية، و64 حالة إنشاء معسكرات أو تخزين أسلحة، و56 حاجز تفتيش، و1304 حالة فرض جبايات ورسوم غير مشروعة، و18 حالة حرمان من الخدمات، و455 حالة مصادرة مرتبات، و42 حالة سطو على المساعدات الإنسانية.
أما في ملف تجنيد الأطفال، فقد جندت ميليشيا الحوثي 4481 طفلاً، تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عاماً، قتل منهم 2019 في الجبهات، وأصيب 1475، وهو ما يعكس مدى الاستغلال القاسي والممنهج للطفولة في النزاع. 
وعلى مستوى السجون والمقابر السرية، تم رصد 65 سجناً سرياً و30 مقبرة، ما يعكس حجم الجرائم التي تمارس بعيداً عن أعين القانون والرأي العام.
ونالت حرية الرأي والتعبير نصيبها من القمع، حيث وثقت الشبكة 154 انتهاكاً بحق الصحفيين، من بينها 65 حالة اختطاف واختفاء قسري، و28 حالة منع من التغطية، و56 حالة استهداف أقارب الصحفيين، وتوقيف خمس صحف محلية، ومنع بيع المطبوعات في الأكشاك والمكتبات.
ورغم ضخامة الأرقام وتشعب الانتهاكات، نبهت الشبكة إلى أن ما ورد في التقرير لا يمثل كل ما جرى، بل يعكس فقط الحالات التي تمكن الفريق الميداني من توثيقها في بيئة أمنية شديدة الخطورة تهدد حياة الراصدين وتعرقل عملية التوثيق.
ويرى المراقبون أن هذا التقرير يرسّخ حقيقة مرة بأن الانتهاكات التي ترتكبها ميليشيات الحوثي في محافظة ذمار ليست حالات عشوائية أو استثناءات ظرفية، بل هي جزء من منظومة متكاملة من القمع والترويع والسيطرة، تقودها جماعة تعمل على إفراغ المجتمع من قواه الحية، وتدمير النسيج المدني والمؤسسي من خلال التخريب والتجنيد والتفجير والتهجير، وتكمن خطورة هذه الأرقام في صمت المجتمع الدولي عن التعامل الجاد مع مرتكبي هذه الجرائم، إذ لا تزال ميليشيا الحوثي تتصرف من موقع فوق القانون، مستفيدة من غياب الردع ومحدودية المساءلة، وإن استمرار هذا الوضع يهدد ليس فقط حياة المدنيين في ذمار، بل مستقبل اليمن كدولة قابلة للحياة، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية في منع تكرار هذه الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها.

شارك