نهب جماعة الحوثي لممتلكات منظمة دولية يهدد مستقبل العمل الإنساني
الثلاثاء 10/يونيو/2025 - 01:20 م
طباعة

كشفت مصادر يمنية مطلعة عن قيام جماعة الحوثي بمصادرة جميع الأصول التابعة لمنظمة رعاية الأطفال (Save the Children) في مناطق سيطرتها، بعد إعلان المنظمة عن إغلاق مكاتبها في صنعاء وعدد من المحافظات أواخر مايو الماضي، وأوضحت المعلومات أن عملية المصادرة شملت الأصول الموجودة في المقر القطري بصنعاء، وكذلك فروع المنظمة في عمران، حجة، صعدة، الحديدة، وإب، حيث استولت الجماعة على سيارات ومولدات كهربائية وأجهزة كمبيوتر وأدوية ومستلزمات مكتبية، قدرت قيمتها بنحو أربعة ملايين دولار.
وبحسب المصادر، أشرف قياديون نافذون في الجماعة بشكل مباشر على اقتحام المكاتب، واستولوا حتى على البوابات الحديدية والسواتر الأمنية وأعمدة الإنارة وبعض التعديلات التي أُدخلت على المباني.
ويأتي هذا التطور في سياق حملة أوسع مارستها الجماعة ضد المنظمات الإنسانية، دفعت منظمة رعاية الأطفال إلى وقف أنشطتها وإنهاء عقود نحو 400 موظف وموظفة، وهو ما حرم أكثر من 1.2 مليون طفل في تلك المحافظات من الخدمات التي كانت تقدمها المنظمة عبر برامجها المباشرة وغير المباشرة، بحسب ما أفاد به موظفون سابقون، وقد سبق للجماعة أن داهمت مكتب المنظمة في ذمار عام 2018 ونهبت تجهيزاته بالكامل، كما قامت باحتجاز عدد من موظفيها، أبرزهم الدكتور توفيق المخلافي المحتجز منذ يناير 2024، وهشام الحكيمي الذي توفي تحت التعذيب أثناء احتجازه في سبتمبر من العام الماضي.
وفي هذا السياق، أدان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني بأشد العبارات ما وصفه بجريمة اقتحام ونهب مكاتب منظمة رعاية الأطفال من قبل مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، معتبراً ما جرى حلقة جديدة في سلسلة الاعتداءات الممنهجة على المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية، والتي تجاوز عددها 95 حالة منذ عام 2015.
وأكد الإرياني أن هذه الاعتداءات تكشف الطبيعة الإجرامية للجماعة التي تمعن في انتهاك القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك المادتين (55) و(59) من اتفاقية جنيف الرابعة، اللتين تنصان على تسهيل وصول المساعدات وضمان حماية العاملين في المجال الإغاثي.
وأشار الوزير إلى أن ما تتعرض له المنظمات من تدخلات مباشرة، وفرض عناصر حوثية داخل مكاتبها، وتحويل مسار المساعدات لخدمة آلة الحرب، ثم نهب الأصول والمنشآت، يجعل من المستحيل على أي منظمة إنسانية أن تعمل بحياد أو استقلال في مناطق سيطرة الجماعة، ودعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى إدانة هذه الانتهاكات بوضوح واتخاذ تدابير رادعة لضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب، بما في ذلك تصنيف الجماعة منظمة إرهابية في بريطانيا وبقية دول الاتحاد الأوروبي، كما جدد دعوة ما تبقى من المنظمات الدولية إلى نقل مقارها إلى العاصمة المؤقتة عدن والعمل بالشراكة مع الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً.
ويرى مراقبون أن ما جرى مع منظمة رعاية الأطفال ليس حادثة معزولة، بل هو نموذج صارخ لانهيار البيئة الإنسانية في مناطق الحوثيين، حيث بات العمل الإغاثي رهينة لدى سلطة لا تعترف بالقانون أو المبادئ، وتتعامل مع المنظمات كأدوات سياسية ومالية ضمن مشروعها العسكري، ويعتبر هؤلاء أن الانتهاكات المتكررة، التي تشمل الاقتحام والنهب والاختطاف والتعذيب، تجعل من الاستمرار في العمل هناك مخاطرة بالموارد والكوادر والمبادئ، كما يشيرون إلى أن تواطؤ الصمت الدولي أو الاكتفاء بالتعبير عن "القلق" يشجع الجماعة على المضي في سياساتها العدوانية ضد العمل الإنساني، مما يتطلب تحركاً دولياً أكثر حزماً يربط بين الحماية الفعلية للمنظمات وبين محاسبة الجهات المعتدية، بما يضمن بقاء المساعدات خارج حسابات الحرب والسيطرة القسرية.