إيران ترفع "راية الدم" بعد الضربة الإسرائيلية في العمق.. هل اقترب سقوط النظام في طهران؟

الجمعة 13/يونيو/2025 - 12:41 م
طباعة إيران ترفع راية الدم أميرة الشريف
 
في سابقة خطيرة تعيد خلط أوراق الشرق الأوسط بالكامل، رفعت إيران ما وصفه إعلامها بـ"راية الدم" بعد أعنف ضربة جوية إسرائيلية تطال عمق أراضيها منذ عقود،  منشآت نووية، مقار عسكرية، وقيادات بارزة في الحرس الثوري والعلماء النوويين سقطوا خلال ساعات، بينما التزمت منظومات الدفاع الإيرانية الصمت المطبق، وسط شلل شبه كامل في أنظمة القيادة والتحكم.
وفيما يتحدث المسؤولون الإيرانيون عن "رد قاسٍ بلا حدود"، تتساءل العواصم الإقليمية والدولية، هل ما حدث هو بداية نهاية النظام الإيراني؟ وهل أصبح سقوط طهران مسألة وقت لا أكثر؟
وفي تصعيد خطير غير مسبوق قد يُعيد رسم توازنات القوى في الشرق الأوسط، شنت إسرائيل فجر الجمعة 13 يونيو 2025 سلسلة ضربات جوية مركزة على العمق الإيراني، استهدفت منشآت نووية ومقار عسكرية وشخصيات قيادية بارزة، في هجوم خاطف يؤكد أن إيران، بعلمها ومنشآتها وساحتها الداخلية، باتت مكشوفة بالكامل أمام الذراع الطويلة لإسرائيل وجهاز الموساد.
وعقب ذلك، وفي مشهد رمزي محمّل بالدلالات العقائدية والسياسية، رُفع فجر الجمعة العلم الأحمر فوق القبة الفيروزية لمسجد جمكران في مدينة قم الإيرانية، الراية الحمراء، التي كُتب عليها "يالثارات الحسين"، لا تُرفع في التقليد الشيعي إلا عند إعلان حالة الثأر، وهي عادة مرتبطة تاريخيًا بمظلمة كربلاء والمطالبة بالانتقام لدم الحسين بن علي، لكنها هنا اتخذت بُعدًا سياسيًا مباشرًا، لتصبح إعلانًا رمزيًا بأن "دم القادة الإيرانيين لن يذهب سُدى"، وفق ما ردّده المشاركون في المراسم.
حشود من الزائرين والمقيمين تجمّعت في محيط المسجد، وهتف المتظاهرون بشعارات نارية منها "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل"، وسط دعوات صريحة للانتقام من العملية العسكرية التي أطلق عليها جيش الاحتلال اسم "الأسد الصاعد". 
 العملية، التي تمت بتنسيق استخباراتي غير مباشر مع الولايات المتحدة وفق تقارير دولية، مثّلت خديعة استراتيجية نجحت في شل منظومات الدفاع الجوي الإيراني، وتعطيل شبكات القيادة والتحكم، وفتحت الأجواء الإيرانية أمام الطيران الإسرائيلي وكأنها بلا سيادة.
جاءت الضربة بعد أسابيع من التوترات المتصاعدة، لكن المفاجأة لم تكن في توقيت العملية فقط، بل في مدى العمق الذي استطاعت إسرائيل الوصول إليه.
 في غضون دقائق، انهالت الصواريخ الإسرائيلية على أكثر من 20 هدفًا حساسًا في طهران، أصفهان، مشهد، شيراز ومدن إيرانية أخرى.
ولم يقتصر القصف على المنشآت النووية مثل نطنز وفوردو، بل شمل كذلك مقار للحرس الثوري ومراكز أبحاث نووية، في هجوم أعاد إلى الأذهان التكتيكات التي استخدمها الموساد سابقًا في عمليات اغتيال علماء إيران النوويين، لكنه هذه المرة اتخذ طابع الحرب الشاملة.
إسرائيل لم تكتفِ بالقصف الجوي، بل استخدمت أيضًا خلايا ميدانية لتنفيذ عمليات اغتيال دقيقة ومتزامنة مع الهجوم الجوي. 
وقد تأكد حتى الآن اغتيال شخصيات بالغة الأهمية،  رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري، قائد الحرس الثوري حسين سلامي، نائب رئيس الأركان غلام علي رشيد، العالم النووي فريدون عباسي، والعالم البارز محمد مهدي طهرانجي. بعضهم قُتل في تفجيرات طالت شققهم السكنية أو مقار الحرس الثوري، وهي طريقة تُظهر مدى اختراق الموساد لأجهزة الأمن الإيرانية وقدرته على ضربها من الداخل.
في طهران، سادت حالة من الفوضى والارتباك، انفجارات عنيفة هزت العاصمة، وسرعان ما أقر التلفزيون الإيراني الرسمي بالضربة، في اعتراف نادر يُظهر حجم الصدمة.
ولم تنجح منظومات الدفاع الجوي في التصدي للهجوم، ويبدو أنها تعرضت للتعطيل الإلكتروني أو اختراق مباشر، مما سمح للطائرات الإسرائيلية بتنفيذ عملياتها بدقة شبه كاملة.
 هذا الشلل في القيادة والسيطرة أضعف قدرة إيران على الرد الفوري، وهو ما أكدته تقارير تفيد بأن الطائرات المقاتلة الإيرانية لم تقلع إلا بعد فوات الأوان.
ويري مراقبون أن العملية أربكت الحسابات الدولية، وخلقت تداعيات اقتصادية وأمنية فورية.
من جانب أخر، قفزت أسعار النفط بأكثر من 5%، وسط مخاوف من رد إيراني قد يستهدف منشآت نفطية في الخليج، أو يؤدي إلى تعطيل الملاحة في مضيق هرمز. 
أما العملات الرقمية فقد شهدت انهيارات محدودة، حيث تراجعت بيتكوين بنسبة 3%، في حين فقدت إيثيريوم 5% من قيمتها، أما الذهب لم يتضح مساره بعد، لكن من المرجح أن يشهد ارتفاعًا كبيرًا مع افتتاح الأسواق.
وفي تل أبيب، سادت أجواء تأهب قصوى، حيث أعلنت الحكومة الإسرائيلية حالة طوارئ عامة، وأغلقت المجال الجوي، وطلبت من المواطنين البقاء في الملاجئ تحسبًا لهجمات صاروخية أو بطائرات مسيرة. وزير الدفاع يسرائيل كاتس صرح أن الهدف من العملية هو منع إيران من الوصول إلى إنتاج قنابل نووية، قائلاً إن المعلومات الاستخباراتية تؤكد اقتراب طهران من إنتاج ما لا يقل عن 15 قنبلة خلال الأشهر المقبلة.
بحسب تصريحات مسؤولين في الولايات المتحدة، كانت على علم مسبق بالعملية لكنها لم تشارك فيها بشكل مباشر.
ويعكس هذا الموقف رغبة واشنطن في النأي بنفسها عن تداعيات الرد الإيراني المحتمل، وهو ما فُهم من عمليات الإجلاء التي بدأت السفارات الأميركية في العراق والكويت والبحرين بتنفيذها قبل يوم واحد من الهجوم.
رغم حجم الضربة، لم يُعلن رسميًا عن تدمير كامل للبرنامج النووي الإيراني، لكن المؤشرات تؤكد أن المنشآت الرئيسية تعرضت لأضرار جسيمة، وأن شبكة العلماء التي تقود المشروع باتت في حالة انهيار بعد اغتيال قياداتها. ومع ذلك، يرى مراقبون أن ما تبقى من البرنامج النووي قد يكون كافيًا لإنتاج القنبلة النووية خلال فترة قصيرة، خاصة إذا استعادت إيران توازنها وتمكنت من الرد أو حماية ما تبقى من بنيتها التحتية النووية.
السؤال الملح الآن، كيف سيكون رد إيران؟ السيناريو الأكثر تطرفًا يتوقع قصفًا صاروخيًا مباشرًا على تل أبيب، واستهداف قواعد أميركية في العراق وسوريا، وفتح جبهات عبر حزب الله في الجنوب اللبناني والحوثيين في اليمن، وربما حتى إشعال جبهات داخل البحرين والعراق عبر مليشيات شيعية موالية لطهران. لكن ردًا ضعيفًا أو مترددًا قد يُسقط هيبة النظام ويهز صورته داخليًا، ويفتح الباب أمام موجة احتجاجات شعبية أو حتى انشقاقات داخل الحرس الثوري، خاصة بعد خسارة قياداته الأبرز خلال ساعات.
في هذا السياق، أكدت القوات المسلحة الإيرانية، أن «لا حدود» في الرد على إسرائيل، عقب الضربات الواسعة النطاق التي شنَّتها الدولة العبرية، فجر الجمعة، على مدن عدة ومنشآت نووية إيرانية، وأسفرت عن مقتل قادة عسكريين وعلماء.
وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة: «الآن وقد تجاوز النظام المحتل للقدس كل الخطوط الحمر... (لن تكون ثمة) حدود في الرد على هذه الجريمة.
وأعلنت وزارة الدفاع الإيرانية، استعدادها لتنفيذ «عقاب قاسٍ ورادع» ضد إسرائيل، حيث أفادت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء، بأن العلاقات العامة لوزارة الدفاع الإيرانية قالت إن «الكيان الصهيوني المزيف والإجرامي كشف مرة أخرى عن وجهه الخبيث والمعادي للإنسانية فجر اليوم، وارتكب جريمةً سافرةً عبر هجوم جبان على مجمع سكني داخل الأراضي الإيرانية».
وأضافت: «في هذا العدوان الوحشي، الذي يتعارض مع القوانين الدولية كافة، قُتل عددٌ من المدنيين الأبرياء، بمَن فيهم نساء وأطفال، إلى جانب عدد من قادة القوات المسلحة، والعلماء في هذا الوطن».
وتابعت، استناداً إلى أوامر القائد العام للقوات المسلحة وبدعم من الشعب، أنها «مستعدة لتنفيذ عقاب قاسٍ ورادع، وستدفع إسرائيل ثمن الجريمة التي ارتكبتها».
وبات مصير النظام الإيراني بات على المحك، حيث أن الرسالة الإسرائيلية واضحة لا خطوط حمراء بعد الآن، السماء الإيرانية مستباحة، وشبكة العلماء والضباط رُسمت عليها علامات الاستهداف، والمرشد الأعلى علي خامنئي نفسه قد يكون الهدف القادم إذا استمر الصمت أو جاء الرد دون المستوى المتوقع من الشارع الإيراني وقادة النظام.
الساعات القادمة ستكشف ما إذا كان الشرق الأوسط سيدخل فعليًا أكبر حرب إقليمية منذ غزو العراق، أم أن التوازن الرادع سيفرض نفسه من جديد. 
ما حدث الليلة غيّر قواعد اللعبة، وفتح الباب لعصر جديد لا مكان فيه للمناورات السياسية، بل لصراعات مفتوحة لن تُحسم إلا في السماء، وتحت الأرض، وفي عقول من يملكون قرار الرد أو الانحناء للعاصفة.

شارك