تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق: رسائل الدم وأبعاد الصدمة

الأحد 22/يونيو/2025 - 08:35 م
طباعة تفجير كنيسة مار إلياس حسام الحداد
 
في صباح 22 يونيو 2025، اهتزت العاصمة السورية دمشق على وقع تفجير إرهابي دموي استهدف كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في حي الدويلة، في حادثة أعادت إلى الواجهة شبح العنف الطائفي والإرهاب الذي خيّم على البلاد في سنوات الحرب. الهجوم الذي نُفّذ بواسطة انتحاري فجر نفسه داخل الكنيسة أثناء قدّاس ديني، أودى بحياة ما لا يقل عن 15 إلى 25 شخصًا، مع إصابة العشرات بجروح متفاوتة، وفقًا لما أوردته وكالة الأنباء السورية "سانا" وعدد من وسائل الإعلام الإقليمية.

طقوس الصلاة تتحول إلى مأساة

طقوس الصلاة تتحول
بحسب الروايات الأولية، اقتحم الانتحاري الكنيسة وهو يرتدي حزامًا ناسفًا، ويُرجّح أنه أطلق النار على بعض المصلين قبل أن يفجّر نفسه وسط الحاضرين، ما ضاعف من عدد الضحايا وأثار ذعرًا واسعًا في الحي ذي الغالبية المسيحية. وخلّف الانفجار دمارًا واسعًا داخل الكنيسة التاريخية، فيما هرعت فرق الدفاع المدني والإسعاف إلى المكان وسط مشاهد مروعة لجثث وأشلاء بين مقاعد الصلاة.

داعش في الواجهة مجددًا؟

داعش في الواجهة مجددًا؟
رغم عدم تبنّي أي جهة الهجوم حتى ساعة كتابة هذا المقال، فإن تقارير أمنية وإعلامية عدة ربطت الحادث بتنظيم "داعش"، مستندة إلى نمط التنفيذ وتوقيت العملية، خاصة أن التنظيم سبق أن نفّذ عمليات مشابهة ضد أهداف دينية ومدنية في سوريا والعراق. ويأتي هذا التفجير بعد فترة من الهدوء النسبي في العاصمة السورية، ما يعيد التساؤلات حول قدرة التنظيمات الإرهابية على إعادة تموضعها في المشهد السوري بعد انحسارها العسكري خلال السنوات الماضية.

رسائل العنف: لماذا الكنيسة الآن؟

رسائل العنف: لماذا
إن استهداف دور العبادة، وخصوصًا كنيسة في قلب العاصمة، لا يمكن قراءته فقط كعمل إرهابي عابر، بل كمحاولة لزعزعة الاستقرار الهش في دمشق، وإشعال فتيل التوترات الطائفية والدينية في وقت تشهد فيه البلاد حالة من الخمول السياسي والجمود الاقتصادي. كما يُمكن تفسير الهجوم على أنه رسالة مزدوجة: من جهة إلى النظام السوري، بأن العاصمة ليست بمنأى عن الخطر، ومن جهة أخرى إلى المكوّن المسيحي الذي يشكّل جزءًا من النسيج السوري، في محاولة لعزله أو ترهيبه.

صدمة محلية ودولية

صدمة محلية ودولية
الهجوم أثار إدانات واسعة داخل سوريا وخارجها. وعبّر وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى عن "إدانته الشديدة لهذا العمل الإجرامي"، مؤكدًا أن "الإرهاب لن ينال من وحدة السوريين". كما صدرت مواقف تضامنية من قيادات كنسية وفعاليات مدنية في لبنان والعراق وروسيا، مع دعوات لحماية دور العبادة وفتح تحقيق شفاف لمحاسبة المتورطين.

ما بعد الانفجار: سيناريوهات وتحديات

ما بعد الانفجار:
هذا التفجير يعيد إلى الأذهان مرحلة دامية كانت فيها الكنائس والمساجد والأسواق أهدافًا مباشرة للعمليات الانتحارية، ويثير تساؤلات حول مدى استعداد الأجهزة الأمنية السورية لرصد وتفكيك خلايا نائمة قد تعاود النشاط في العاصمة. كما يسلّط الضوء على هشاشة الوضع الأمني رغم سيطرة النظام على معظم الأراضي، ويضع تحديات أمام الخطاب الرسمي الذي روّج لعودة "الأمان" إلى دمشق.

في الختام

في الختام
تفجير كنيسة مار إلياس ليس مجرد هجوم على مبنى ديني، بل رسالة مضمّخة بالدم إلى المجتمع السوري بأسره. في بلد أنهكته الحرب، ومرّ بتجارب مريرة من الاقتتال والتشظي، يبقى التحدي الأكبر اليوم هو منع الانزلاق إلى هاوية الفتنة مجددًا، وتحصين البلاد من عودة الإرهاب تحت أي مسمى أو عباءة.

شارك