"من يتصدى للمشروع الإيراني في اليمن؟": متابعات الصحف العربية والأجنبية
الأحد 27/يوليو/2025 - 11:24 ص
طباعة

تقدم بوابة الحركات الاسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية والعالمية بخصوص الأزمة اليمنية، ومشاورات السويد، والدعم الإيراني للحوثيين، بكافة أشكال الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات– آراء) اليوم 27 يوليو 2025.
الشرق الأوسط: لماذا تستثمر إيران في تزويد الحوثيين بالقدرات العسكرية؟
على الرغم من الضربات الإسرائيلية المتكررة والحملة الجوية الأميركية في عهدي بايدن وترمب، ما زالت الجماعة الحوثية تنفّذ هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة وتستهدف سفناً تجارية في البحر الأحمر، ما يجعلها رأس حربة متقدمة للأجندة الإيرانية.
تثير هذه القدرة الحوثية على مواصلة الهجوم على الرغم من الردود العسكرية والاستخباراتية الغربية تساؤلات متجددة حول أسباب إصرار إيران على الاستثمار العسكري المستمر في هذه الجماعة دون سواها في الوقت الراهن.
ففي الوقت الذي تتعرض فيه طهران لضغوط داخلية وخارجية، مع تراجع نفوذها في سوريا ولبنان والعراق، يبدو أنها وجدت في الحوثيين الورقة الأهم على طاولة اللعب الإقليمي مع انخفاض التكلفة وتجنب المواجهة المباشرة.
ولا يعود ذلك فقط، بحسب ما يقرأه المراقبون للمشهد اليمني، لقوة الجماعة العسكرية بل أيضاً إلى الموقع الجغرافي بأبعاده المختلفة، حيث التضاريس الصعبة، والمناطق الواسعة التي تسيطر عليها الجماعة، فضلاً عن السيطرة على جزء كبير من الساحل اليمني على البحر الأحمر.
وإلى جانب البعد العقائدي ذي المرجعية الأصولية التاريخية الذي يربط إيران بالحوثيين، يبدو أن طهران تريد أن تأكل الثوم بفم الجماعة دون التورط من جديد في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، كما حدث في حرب الـ12 يوماً في يونيو (حزيران) الماضي.
ويرى صالح البيضاني المستشار الإعلامي في السفارة اليمنية بالرياض أن إيران استثمرت لسنوات طويلة في الحوثيين باعتبارها ذراعاً عسكرية تتحرك وفق أجندة المصالح الاستراتيجية لطهران.
ويجزم البيضاني بأن حاجة النظام الإيراني لهذه الذراع زادت بعد الضربة التي تعرضت لها أذرعه في لبنان وسوريا، وفي ظل المؤشرات المتزايدة على احتمال تحجيم الجماعات المسلحة التابعة لإيران في العراق.
ذراع هجومية مباشرة
في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، يرى محمود شحرة، الباحث في المعهد الملكي البريطاني «شاتام هاوس»، أن طهران تعوّل على الحوثيين حالياً بشكل يفوق أي ذراع أخرى في المنطقة. ويقول: «كان هناك اعتقاد بأن إيران ستكون مشغولة بترميم وضعها الداخلي عوضاً عن دعم أبرز أذرعها مثل الحوثيين، ولكن الحقيقة أن إصرار إيران اتضح أنه أكثر، وأنها لن تتخلى عن استثمارها فيهم».
ويضيف: «الحوثيون ليسوا مجرد أداة دفاع عن إيران بل هم ذراع هجوم مباشر عنها. هم الأجرأ والأكثر مغامراتية بين حلفائها. لا يقيّدهم قانون أو حسابات دبلوماسية». ويصف دور الجماعة بأنه «هجوم بالنيابة»، في وقت تتراجع فيه قدرة طهران على استخدام أذرعها التقليدية كـ«حزب الله» في لبنان، أو الميليشيات في العراق وسوريا.
وخلال الأسبوع الحالي، أعلن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أن قواته نفّذت «11 هجوماً» بين صواريخ فرط صوتية وطائرات مسيرة على أهداف إسرائيلية، في كل من تل أبيب وأسدود والنقب وإيلات، مؤكداً أن ميناء إيلات «عاد إلى الإغلاق التام»، واصفاً الأمر بأنه «هزيمة كبيرة للعدو الإسرائيلي».
تهديد استراتيجي
أشار الباحث اليمني فارس البيل، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «إيران تنظر إلى اليمن كموقع استراتيجي يضمن لها أوراق ضغط إقليمية ودولية هائلة، لا سيما مع إطلالته على باب المندب والبحر الأحمر». ويضيف: «عبر دعم الحوثيين، تضمن طهران خلق حالة دائمة من التوتر في أحد أهم الممرات البحرية في العالم، ما يجعلها لاعباً لا يمكن تجاهله في أي معادلات إقليمية أو مفاوضات مع الغرب».
وفي سياق ما تدعيه الجماعة من مناصرة للفلسطينيين في غزة، قال زعيمها عبد الملك الحوثي، في أحدث خطبه الخميس الماضي، إنها نفّذت منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 نحو 1679 هجوماً بالصواريخ والطائرات المسيرة، والزوارق المفخخة.
وعلى الرغم من الحملتين الأميركيتين والغارات الإسرائيلية الانتقامية لا تزال قدرات الجماعة الصاروخية قائمة، إذ يعتقد أن خبراء إيرانيين ومن «حزب الله» اللبناني هم مَن يتولون الإشراف على إعادة تجميع الأسلحة المهربة ومن ثم إطلاقها.
وبحسب مراقبين عسكريين، فإن طبيعة تضاريس محافظات صعدة وعمران وصنعاء، والتنظيم المغلق للجماعة الحوثية، يُعقّدان من عمليات الرصد والاستهداف.
وبالنظر إلى تفوق إسرائيل الاستخباراتي، إلا أنها تواجه صعوبات في تحديد أماكن إطلاق الصواريخ أو مواقع مخازن السلاح. وهذا يُفسّر استمرار إطلاق الصواريخ والمسيّرات، وقدرة الحوثيين على الاستمرار في شن الهجمات بغض النظر عن الأثر العسكري المباشر.
ومع إصرار الحوثيين على ربط عملياتهم بملف غزة، يسعون من جهة ثانية إلى تسويق هذه المواجهة على أنها معركة وجودية مع إسرائيل، بما يخدم تعبئتهم الداخلية وأجندتهم الانقلابية على المستويين السياسي والإعلامي.
دعم إيراني متواصل
تؤكد الحكومة اليمنية أن شحنات أسلحة متطورة لا تزال تصل إلى الجماعة الحوثية عبر الحرس الثوري الإيراني، تتضمن منظومات دفاع جوي وصواريخ بحرية وأخرى أرض- جو، ورادارات متقدمة، وطائرات مسيّرة، تم اعتراض بعضها خلال الأشهر الأخيرة والأيام القليلة الماضية.
وفي حين تنفي طهران علاقتها بذلك، تشير التقارير الغربية إلى أن إيران لم تُوقف عمليات التهريب، بل زادت من وتيرتها بعد حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل في يونيو الماضي.
ويقول فارس البيل: «تهريب الأسلحة للحوثيين لم يتوقف، بل يتم تطويره. اليمن أصبح ساحة لاختبار تقنيات إيرانية عسكرية في مجال الصواريخ والطائرات من دون طيار، واستعراض قدرات طهران عبر وكلائها».
وتواصلاً لهذه الهجمات، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع تنفيذ 3 عمليات في الساعات الماضية استهدفت أهدافاً إسرائيلية في إيلات وعسقلان والخضيرة»، زاعماً أنها حققت أهدافها، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض صاروخاً واحداً.
وأطلقت الجماعة نحو 54 صاروخاً باليستياً وعدداً غير محدد من المسيّرات منذ منتصف مارس (آذار) الماضي، كما تسببت هجماتها في البحر الأحمر بين 6 و8 يوليو (تموز) الحالي، في غرق سفينتين يونانيتين ومقتل 5 بحارة واحتجاز آخرين، ليصبح عدد السفن الغارقة 4 سفن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.
وتعاني إسرائيل رغم تفوقها العسكري في التعامل مع الحوثيين بسبب نقص المعلومات الاستخبارية الدقيقة حول مواقع قياداتهم أو منصات إطلاق الصواريخ، ما يدفعها إلى تكرار قصف البنى التحتية في الحديدة وصنعاء، دون القدرة على تحجيم قدراتهم فعلياً.
واستأنفت الجماعة الحوثية هجماتها في مارس (آذار) الماضي بالتزامن مع الحملة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة، والتي نجحت في إجبار الحوثيين على التوقف عن استهداف السفن الأميركية، وفق اتفاق رعته سلطنة عمان في السادس من مايو (أيار)، لكنه لم يشمل إسرائيل.
ويتهم الوسط السياسي الموالي للحكومة اليمنية الجماعة الحوثية بأنها تسعى لاستخدام الهجمات ضد إسرائيل كـ«أداة دعاية» لتثبيت نفسها كلاعب إقليمي في محور المقاومة الذي تقوده إيران، رغم محدودية الأثر العسكري لهجماتها.
ورقة تفاوض واستنزاف
الحوثيون يمثلون، اليوم، إحدى أكثر الأدوات فاعلية بيد إيران. فهم لا يكلّفونها جندياً واحداً على الأرض، لكنهم يحققون مكاسب استراتيجية. يقول شحرة: «إيران تقوم بما يمكن تسميته توزيع الأحمال. تريد نقل الجبهة إلى اليمن، بحيث تنقل التركيز والمعركة على الحوثيين بدلاً من أن تتحملها في طهران أو بيروت أو دمشق».
ويوضح أن الدعم الإيراني للحوثيين لا ينبع من دافع آيديولوجي فقط، بل من حسابات واقعية. «هم ورقة ضغط على الغرب، ومصدر استنزاف لجيران طهران، وأداة ابتزاز للتأثير على مسارات التفاوض النووي، ورفع العقوبات، وتوسيع دائرة النفوذ».
في كل هذه التحولات المتسارعة، يرى صالح البيضاني أن الجماعة الحوثية باتت «الرهان الناجح لابتزاز العالم ومقايضة الأمن الإقليمي والدولي بمصالح إيران، في ظل الانقياد الكامل الذي تبديه الجماعة بعيداً عن أي حسابات قد تمس مصالح اليمنيين «وهو نموذج يتوافق تماماً مع احتياجات طهران السياسية والأمنية»، بحسب قوله.
ووفق الأكاديمي اليمني فارس البيل، فإن هذا الدعم للحوثيين «يمنح إيران القدرة على شن حرب استنزاف غير مكلفة ضد الغرب». ويضيف: «كلما زادت قدرات الحوثيين العسكرية، زادت قيمة هذه الورقة في يد طهران».
من جهة أخرى، يعتقد مراقبون يمنيون أن تحجيم نفوذ الحوثيين لن يتم عبر العقوبات أو الضربات الجوية فقط، بل يتطلب تحركاً دولياً لدعم «عملية عسكرية برية شاملة»، وهي رؤية الحكومة اليمنية ذاتها، إذ لا تنفك عن المطالبة المستمرة بدعم عسكري مباشر لاستعادة الدولة وإنهاء انقلاب الجماعة الحوثية.
وفي ضوء آراء المحللين اليمنيين والباحثين، يبدو أن إيران وجدت في الحوثيين أداة مثالية لإدارة حروبها بالوكالة، حيث يوفرون لها ذراعاً عسكرية فاعلة في جنوب الجزيرة العربية، وقاعدة بحرية متقدمة تتيح لها تهديد خطوط الملاحة الدولية بما يخدم صراعها الدولي المرتبط أساساً بملفها النووي وبرنامجها الصاروخي.
ولذلك، لا يبدو أن إيران ستتخلى عن دعم الحوثيين في المستقبل القريب، بل على العكس، فكل المؤشرات تشير إلى أن طهران تنقل اليوم مركز ثقلها الإقليمي من شمال الجزيرة العربية إلى جنوبها، حيث باتت الجماعة رأس الحربة الأكثر طواعية والأقل تكلفة لتنفيذ أجندة النظام في طهران.
وزير يمني يتهم الحوثيين بتحويل «الاتصالات» إلى أداة تمويل وقمع
اتهم وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، الجماعة الحوثية، بتحويل قطاع الاتصالات إلى أداة تمويل رئيسية لحربها ضد اليمنيين، وتمويل عملياتها العسكرية العابرة للحدود، وإثراء قياداتها وشبكاتها المالية، على حساب الخدمات الأساسية ورواتب الموظفين.
وأوضح الوزير اليمني -في تصريحات رسمية- أن قطاع الاتصالات الذي يُعد من أبرز القطاعات الإيرادية، يُدرّ على الحوثيين نحو نصف مليار دولار سنوياً، بإجمالي يتجاوز 5 مليارات دولار منذ انقلابهم على الدولة؛ مشيراً إلى أن الجماعة المدعومة من إيران استخدمت هذه الأموال في تغذية آلة الحرب والتوسع العسكري، لا في خدمة السكان في مناطق سيطرتها.
وقال الإرياني إن الجماعة استحوذت منذ سيطرتها على العاصمة المختطفة صنعاء في 2014 على الموارد الكاملة لقطاع الاتصالات، بما في ذلك مبيعات خدمات الإنترنت والاتصالات، وضرائب أرباح الشركات، ورسوم التراخيص، إضافة إلى سيطرتها على أصول شركات الاتصالات الخاصة، مثل «سبأ فون» و«واي» و«إم تي إن» سابقاً، إلى جانب «يمن موبايل» الحكومية التي تُدر الجزء الأكبر من إيرادات الهاتف الجوال في البلاد.
وزير الإعلام اليمني أشار إلى أن الجماعة تسيطر على البوابة الدولية للإنترنت ومحطات وأبراج الاتصالات، ما يمنحها صلاحية مراقبة شاملة لحركة البيانات والمكالمات، وتحويل هذا القطاع إلى أداة قمع وانتهاك للخصوصية، إلى جانب كونه أداة دائمة لتمويل «المجهود الحربي».
ووفق الإرياني، يبلغ عدد مشتركي الهاتف الجوال في اليمن 17.7 مليون مشترك، بينما تجاوز عدد مستخدمي الإنترنت عبر الهاتف الجوال 10 ملايين بنهاية 2021، بالإضافة إلى أكثر من 400 ألف مشترك في الإنترنت الثابت.
ويستخدم الإنترنت نحو 17.7 في المائة من اليمنيين؛ حسب تقارير دولية، وهو ما يعكس الأهمية الكبيرة لهذا القطاع في حياة السكان.
نهب وإثراء
وكشف الإرياني تفاصيل خطط الحوثيين للسيطرة على موارد القطاع، موضحاً أن الجماعة عيَّنت موالين لها في إدارة شركات الاتصالات الحكومية ومؤسسات التنظيم، وفرضت ضرائب غير قانونية على الشركات الخاصة وموزعي الخدمة، إضافة إلى فرض إتاوات مالية تحت اسم «المجهود الحربي»، وتحويل القطاع إلى شبكة مالية مغلقة تخدم أهدافها.
وقدّر الوزير اليمني عائدات خدمات الإنترنت بنحو 240 مليون دولار سنوياً، بينما تدرّ خدمات الاتصالات الصوتية والرسائل النصية ما بين 180 و220 مليون دولار.
أما الضرائب والرسوم المفروضة فتتراوح –حسب الوزير- بين 50 و80 مليون دولار سنوياً، إلى جانب تراخيص مزودي الإنترنت التي تبلغ 20 مليون دولار، وعائدات الكابلات البحرية الدولية التي تمر في المياه اليمنية، والتي تُدر مئات الملايين ويتم تحويلها عبر النظام المصرفي العالمي إلى حسابات الجماعة.
وأكد الإرياني أن استخدام الحوثيين للاتصالات لم يقتصر على الجانب المالي؛ بل امتد إلى الجانب الأمني والقمعي؛ حيث تستخدم الميليشيا هذا القطاع للتجسس على المواطنين، والتدخل في خصوصياتهم، وقطع الخدمة عنهم في أثناء الحملات الأمنية والعسكرية، ما يعمق الانتهاكات الحقوقية والإنسانية في مناطق سيطرتها.
دعوة للمحاسبة
وأشار وزير الإعلام اليمني إلى استمرار نهب القطاع، وحرمان الدولة من مليارات الدولارات التي كان يمكن استخدامها لدفع رواتب الموظفين وتحسين الخدمات، كما حرم اليمنيين من خدمات مستقرة وبأسعار عادلة؛ إذ أصبحت هذه الأموال توجَّه لتمويل شراء الأسلحة، ودفع رواتب المقاتلين، وتنفيذ الهجمات على خطوط الملاحة البحرية والتجارة العالمية.
ووصف الإرياني استمرار الحوثيين في استغلال قطاع الاتصالات بأنه «جريمة اقتصادية جسيمة»، داعياً المجتمع الدولي إلى إدانة هذه الممارسات، والعمل على نقل إدارة القطاع إلى الحكومة الشرعية، بما يضمن استعادة الموارد وتطوير الخدمات لصالح جميع اليمنيين.
وأكد الوزير اليمني أن «سلسلة ملفات الاقتصاد الموازي» التي يديرها الحوثيون ستُكشف تباعاً، بما في ذلك شبكات الصرافة، وغسل الأموال، ونهب المساعدات الإنسانية، ضمن جهود تجفيف تمويل الانقلاب، واستعادة الدولة اليمنية، وإنهاء معاناة الشعب اليمني المستمرة منذ سنوات.
نافذة اليمن: الحوثيون يُسلّحون أنفسهم عبر ثغرات أمريكية: أسلحة من أفغانستان إلى اليمن بتوقيع إيراني
أكد تحليل جديد صادر عن مركز صوفان الاستراتيجي أن المليشيات الحوثية الإرهابية، تستغل ثغرات في نظام العقوبات الأمريكي لتمرير وتهريب أسلحة متنوعة، بعضها أمريكي الصنع، جرى تركها في ميادين قتال خارج اليمن.
وبحسب المركز، فقد رصد مشروع الشفافية التقنية نشاطًا مكثفًا لتجار أسلحة مرتبطين بالحوثيين عبر أكثر من 130 منصة تواصل اجتماعي يمنية، إلى جانب استخدامهم لتطبيقات مشفّرة مثل واتساب بزنس لتسويق أسلحة متطورة، شملت بنادق هجومية عالية الدقة، وقاذفات، وأنظمة متقدمة تحمل أختامًا أمريكية. وتشير البيانات إلى أن هذه الأسلحة وصلت إلى اليمن عبر مسارات تهريب من مناطق نزاع مثل أفغانستان.
ويأتي هذا الكشف في ظل استمرار الحوثيين بالعمل كذراع إقليمي لإيران، دون أي مؤشرات على الانفكاك من سياساتها، رغم الضربات العسكرية الكبرى التي تلقتها طهران خلال الحرب الإسرائيلية-الأمريكية الأخيرة. ولفت مركز صوفان إلى أن الحوثيين حافظوا على قدراتهم في شن هجمات صاروخية وطائرات مسيرة ضد السفن الدولية في البحر الأحمر، وحتى إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، متحدّين الهدنة الأمريكية المعلنة منذ مايو الماضي.
وفي ذات السياق، حذّرت مجلة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية من أن الجماعة الحوثية تعتبر الهدن بمثابة فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة التسلّح، وليس التهدئة أو الاستجابة للمساعي الدبلوماسية. ودعت المجلة الإدارة الأمريكية إلى التخلي عن الرهان على الاتفاقيات، معتبرة أن الحوثيين لا يفهمون سوى لغة الردع العسكري والعزلة الصارمة.
ورغم العقوبات التي تطال شبكات التهريب التابعة للحوثيين، إلا أن الجماعة لا تزال تستفيد من الفراغ الأمني في اليمن وتطور تقنيات التشفير الإلكتروني لتوسيع شبكاتها وتهريب الأسلحة، ما يعقّد جهود الرقابة الدولية.
وتحذر تقارير استخباراتية من أن استمرار هذا النمط سيفتح الباب واسعًا أمام إدخال المزيد من الأسلحة المتقدمة إلى ساحات المعارك، ما يعني إطالة أمد الحرب في اليمن وتعاظم التهديد لأمن المنطقة والملاحة الدولية، خاصة في ممرات استراتيجية كالبحر الأحمر وخليج عدن.
الحوثي يُعلن الحرب على النساء: ممنوعات من الهواتف والانترنت والتنقل.. والمخالفات تُغرم بالملايين
فرضت مليشيا الحوثي، عبر ما يسمى بـ"وثيقة أعراف مجتمعية"، قيودًا صارمة ومهينة على النساء في منطقة العسادي بمديرية وصاب العالي، التابعة لمحافظة ذمار جنوب صنعاء المحتلة، وسط استياء واسع من الأهالي وناشطين حقوقيين.
وبحسب الوثيقة التي تداولها نشطاء محليون، ألزمت المليشيا المواطنين بمنع النساء تمامًا من استخدام الهواتف الحديثة، وفرضت غرامة باهظة تصل إلى مليون ريال يمني على كل من يخالف هذا البند، ما يعكس وجهًا قمعيًا جديدًا للحوثيين تجاه المرأة اليمنية.
ولم تكتفي المليشيا بذلك، بل منعت أيضًا استخدام شبكة الإنترنت (الواي فاي) في المنازل، وحرّمت استخدام مكبرات الصوت في الأعراس، كما أدرجت قيودًا على سفر النساء دون "محرم"، مهددة المخالفين بالطرد من المنطقة ومصادرة ممتلكاتهم الخاصة.
الوثيقة، التي أُجبر على توقيعها عدد من مشايخ وأعيان المنطقة، تضمنت تحديد مهور الفتيات، ومنع استخدام الجوالات نهائيًا للأطفال والنساء، في محاولة لإحكام الرقابة المجتمعية وتضييق الخناق على الخصوصية والحريات.
يُشار إلى أن مليشيا الحوثي سبق وأن فرضت قيودًا مماثلة في مناطق أخرى مثل بني حشيش بصنعاء وعمران، ضمن سياسة ممنهجة لفرض سلطة قمعية تُلغي الحقوق الفردية، وخصوصًا حقوق المرأة، تحت ذرائع دينية أو مجتمعية.
مجلة أمريكية: سيستمر الحوثيون في تهديد البحر الأحمر حتى يروا ثمن أفعالهم
إلى أن يرى الحوثيون تكاليف عدوانهم، ستستمر الجماعة الإسلامية اليمنية في تهديد الاستقرار في البحر الأحمر.
بينما تلعق إيران وحزب الله جراحهما بعد اشتباكات مكلفة مع إسرائيل، تواصل إحدى أخطر وكلاء طهران إطلاق الصواريخ على الدولة اليهودية. في 22 يوليو/تموز، أطلق الحوثيون اليمنيون صاروخاً باليستياً على مطار بن غوريون، بعد أربعة أيام فقط من إطلاق آخر. هذه ليست استفزازات معزولة. إنها إشارة واضحة: لم يتم ردع الحوثيين.
اتبعت استجابة واشنطن نمطاً مألوفاً حتى الآن – نمطاً فشل مراراً وتكراراً. مثل المملكة العربية السعودية من قبلها، اتبعت الولايات المتحدة مساراً دبلوماسياً، وعرضت وقف إطلاق النار والحوافز على أمل أن يتوقف الحوثيون. ومع ذلك، يخبرنا التاريخ بخلاف ذلك: يتعامل الحوثيون مع كل توقف كفرصة لإعادة التسلح وإعادة التجمع والعودة إلى ساحة المعركة أقوى.
بدلاً من الاسترضاء، يجب على الولايات المتحدة أن تتبنى حملة مستمرة من العقوبات، والضغط الدبلوماسي، وعند الضرورة، القوة العسكرية. أي شيء أقل من ذلك هي دعوة إلى المزيد من إراقة الدماء.
هذه ليست مشكلة إسرائيل فقط. شن الحوثيون عشرات الهجمات على الشحن المدني في البحر الأحمر، مما سبب فوضى في سلاسل التوريد العالمية وتهديد أحد أهم الممرات البحرية الحيوية في العالم. تتحدى هذه الهجمات التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حرية الملاحة – وهو حجر الزاوية في الرخاء العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
في مايو/أيار، ساعدت واشنطن في التوسط لوقف إطلاق النار عبر عمان. كان الهدف مباشراً: إنهاء الهجمات على الشحن الدولي. لكن في غضون أسابيع، حطم الحوثيون الاتفاق. في 7 و 9 يوليو، هاجموا سفينتي شحن، مما أسفر عن مقتل ثلاثة بحارة وورد أنهم احتجزوا ستة آخرين كرهائن.
كما اعتقدت المملكة العربية السعودية ذات مرة أنها تستطيع التفاوض مع الحوثيين. بعد دخول الحرب الأهلية اليمنية في عام 2015 للدفاع عن الحكومة المعترف بها دولياً، وجدت الرياض نفسها عالقة في مأزق خانق. تطور الصراع إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، وكانت ردود الفعل سريعة.
بحلول عام 2020، وصلت آراء الرأي العام الأمريكي تجاه السعودية إلى مستويات تاريخية متدنية. كمرشح، وعد جو بايدن بجعل الحكومة السعودية “منبوذة”. كرئيس، قلص مبيعات الأسلحة وألغى تصنيف إدارة ترامب للحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية.
ومع ذلك، بينما خفف بايدن سياسة الولايات المتحدة تجاه الحوثيين، لم يرد الحوثيون بالمثل.
وكما أشار السفير مايكل راتني، المبعوث الأمريكي السابق إلى السعودية، في بودكاست “إيران بريكداون” التابع لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إلى أن هجمات الحوثيين على المدن السعودية والمطارات والبنية التحتية للطاقة لم تلحق أضراراً في الوقت الحاضر فحسب – بل عرضت خطط التنمية السعودية طويلة الأجل للخطر.
في عام 2022، توصلت الرياض إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر مع الحوثيين، وتحديداً، امتنعت عن الرد حتى بعد أن شن الحوثيون هجمات بطائرات مسيرة على البنية التحتية اليمنية الحيوية. عقيدة السعودية الإقليمية الجديدة واضحة: خفض التصعيد، لا تصعد.
لكن هذه العقيدة لا تعمل إلا إذا شارك العدو هذا الهدف. الحوثيون لا يفعلون. لقد عطلوا مفاوضات السلام، وفرضوا حظراً نفطياً على اليمن، واستمروا في تهريب الأسلحة المتقدمة – بما في ذلك مكونات الصواريخ – من إيران.
والأسوأ من ذلك، وسع الحوثيون عدوانهم بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. لقد أطلقوا صواريخ على إسرائيل، واختطفوا سفينة غالاكسي ليدر وطاقمها المكون من 25 شخصاً، وشنوا أكثر من 100 هجوم على السفن التجارية. بين أكتوبر 2023 ويناير/كانون الثاني 2025، أطلقوا مئات القذائف على إسرائيل – كل ذلك بينما كانوا يتمتعون بهدنتهم مع السعودية ويعمقون قدراتهم.
ولصالحها، ردت الولايات المتحدة في مارس/آذار 2025 بعملية (Rough Rider)، وهي حملة عسكرية استهدفت أكثر من 1000 هدف، وقضت على قادة حوثيين رئيسيين، وأضعفت القوة العملياتية للجماعة. ولكن بحلول أوائل مايو/أيار، كانت واشنطن تسعى مرة أخرى إلى وقف إطلاق النار. أعلن الرئيس دونالد ترامب أنه “سيأخذ بكلمة الحوثيين” بأنهم سيتوقفون عن مهاجمة السفن.
بعد شهرين، هذه الكلمة لا تساوي شيئاً. عاد الحوثيون إلى قتل المدنيين واحتجاز الرهائن.
هذه هي التكلفة الحقيقية لـ “خفض التصعيد بأي ثمن”. إنها ترسل رسالة مفادها أن العنف يجلب المكافآت – وأن انتهاك وقف إطلاق النار مع أقوى جيش في العالم ليس له عواقب حقيقية. يعرف الحوثيون أنه طالما قدموا تأكيدات غامضة، فإن الولايات المتحدة ستتردد في التصرف بحسم.
لقد رأينا هذا السيناريو من قبل – مع إيران نفسها. لسنوات، قامت طهران بتضليل المجتمع الدولي بمفاوضات نووية لا نهاية لها بينما كانت تتقدم في برنامج أسلحتها. ثم، في تحول مذهل، دعم ترامب الغارات الجوية الإسرائيلية على البنية التحتية النووية الإيرانية وأمر قاذفات القنابل الأمريكية بتدمير ثلاثة أهداف رئيسية عندما فاتت طهران الموعد النهائي الذي حدده لصفقة.
هذا النوع من المصداقية مهم. لكن المصداقية تتطلب الاستعداد. يجب أن تكون الولايات المتحدة مستعدة للتحرك عندما تفشل الدبلوماسية. يجب أن لا تدع الحوثيين أو إيران يفعلون ذلك.
إلى أن يعتقد الحوثيون أن هناك ثمناً حقيقياً لعدوانهم – ثمناً في العقوبات، وفي التكاليف العسكرية، وفي العزلة الدبلوماسية – سيستمرون في طريق الحرب. يجب كسب وقف إطلاق النار، لا منحه. والاتفاقيات مع الإرهابيين ليست اتفاقيات على الإطلاق.