من ماكساس إلى محس: كيف تُعيد "الشباب" رسم خريطة السيطرة في وسط الصومال؟

الأحد 27/يوليو/2025 - 05:59 م
طباعة من ماكساس إلى محس: علي رجب
 
تشهد المنطقة الشرقية المحاصرة في الصومال تصعيدا خطيرا، وسط مؤشرات على انهيار أمني متسارع، بعد أن نشرت جماعة الشباب الإرهابية صورا تدعي من خلالها السيطرة الكاملة على بلدة ماكساس الاستراتيجية في إقليم هيران، وسط البلاد. وتظهر الصور، التي تداولتها منصات إعلامية تابعة للجماعة، مقاتلين مسلحين يتحركون بحرية داخل البلدة، ما أثار موجة قلق وتحذيرات من محللين إقليميين حول تآكل سلطة الحكومة المركزية في المناطق الريفية.

سقوط استراتيجي وتقدم ميداني
تأتي سيطرة "الشباب" على ماكساس بعد سلسلة من الانتصارات السريعة في بلدات مجاورة مثل موقوري، أدن يابال، غوماري، وتاردو، ضمن حملة عسكرية تبدو منسقة، تهدف إلى إعادة فرض هيمنة الجماعة على وسط الصومال. وتشير التقارير الميدانية إلى أن الجماعة المسلحة باتت على مشارف بلدة محس، أحد المواقع المحورية في منطقة هيران، والتي سبق أن شكلت قاعدة لحشد العشائر ضد الحركة عام 2022.

وبحسب محللين، فإن هذه التحركات لا تحمل طابعا رمزيا فقط، بل تؤكد أن "الشباب" تسعى إلى إملاء شروطها ميدانيا وسياسيا، في ظل غياب رد حكومي فعال. وقال أحد المحللين لشبكة سيركا نيوز:
"إذا كانت هذه الصور دقيقة، فهي ليست مجرد دعاية، بل إعلان واضح لتقدم ميداني يستحق الرد العاجل."
مؤشرات الانهيار
تمثل مدينة ماكساس نقطة عبور حيوية في شرق هيران، وسقوطها يعد نكسة تكتيكية كبيرة لقوات الحكومة والقوات المتحالفة معها، والتي انسحبت، وفق تقارير محلية، أو أعادت تجميع صفوفها خارج المدينة. كما يضاف إلى ذلك التقدم العسكري لحركة الشباب من وابهو في الشمال، ومن هابينو وموقوري جنوبا، ما يشير إلى خطة تطويق محكمة لبلدة محس.

تحذيرات ونداءات استغاثة
أثار الوضع الأمني المتدهور قلق الحاكم السابق لإقليم هيران، علي عثمان جيتي، الذي دعا – خلال تواجده في إثيوبيا – إلى تدخل عاجل من القوات الصومالية الإقليمية الموجودة هناك، محذرا من عواقب وخيمة إذا استمرت الحكومة في تجاهل نداءات الدعم.

كما أعرب عن أسفه لانحسار دور الميليشيات العشائرية المحلية المعروفة بـ"ماكاويسلاي"، التي كانت قد لعبت دورا حاسما في التصدي لهجمات الحركة في السنوات الماضية، لكنها أوقفت عملياتها الهجومية مؤخرا بسبب نقص التمويل والدعم الحكومي.

انسحاب الاتحاد الأفريقي وتضعضع الحكومة
أدى انسحاب بعثة الاتحاد الأفريقي (AUSSOM) من بعض المواقع، وتقليص عدد القوات الإثيوبية، إلى فراغ أمني واضح، جعل من بعض البلدات، كـ"موكوري"، فريسة سهلة لهجمات الجماعة، بعد أن كانت قد حررتها القوات الحكومية عام 2022 ضمن عملية عسكرية موسعة.

أزمة قيادة وتشتيت للجهود
في خضم هذا التصعيد، توجه انتقادات متزايدة إلى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بسبب تركيز حكومته على الصراعات السياسية الداخلية ومشاريع تعديل الدستور، بدلا من تكثيف الجهود لمواجهة الخطر الأمني الداهم. ويرى منتقدون أن ضعف التنسيق، والإرهاق الميداني، وتشتت الموارد ساهم في تسهيل تقدم حركة الشباب.

خطر دائم
تقاتل "الشباب"، المرتبطة بتنظيم القاعدة، منذ سنوات للإطاحة بالحكومة الفيدرالية، ويظهر هذا التصعيد الأخير أنها لا تزال قادرة على استعادة زمام المبادرة، خاصة في ظل التراجع المحلي والدولي لدعم القوات الصومالية.

حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تصدر الحكومة الفيدرالية في مقديشو أي رد رسمي على الصور التي نشرتها الحركة، ولم تؤكد أو تنف السيطرة على ماكساس، لكن المؤشرات على الأرض تنذر بأن الحرب على الإرهاب في الصومال لا تزال طويلة وشاقة، وتتطلب إعادة نظر استراتيجية شاملة من أجل حماية ما تبقى من الاستقرار النسبي في بعض مناطق البلاد.

شارك