الحوثيون ينفذون أخطر عملية سرقة بيانات في تاريخ اليمن لصالح إيران

الأحد 31/أغسطس/2025 - 12:31 م
طباعة الحوثيون ينفذون أخطر فاطمة عبدالغني
 
في تصعيد خطير يهدد الأمن القومي اليمني والعربي على حد سواء، كشفت مصادر حكومية عن مشروع ممنهج تنفذه ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران منذ سنوات، يقوم على جمع وسرقة قواعد بيانات شاملة تخص ملايين اليمنيين، ونقلها إلى خوادم مركزية تديرها إيران، وتشمل هذه البيانات قطاعات حيوية كالاتصالات، والجوازات، والأحوال المدنية، والتعليم، والصحة، ما يمنح المليشيا سيطرة غير مسبوقة على تفاصيل حياة المواطنين، ويفتح الباب أمام عمليات اختراق رقمي واجتماعي واسعة النطاق تستهدف إعادة تشكيل المجتمع اليمني بما يخدم مشروعها الطائفي.
وبحسب المعلومات الموثقة، أنشأت المليشيا ما يسمى بـ"مركز تحليل سكاني" في العاصمة صنعاء، يخضع لإشراف مباشر من خبراء إيرانيين وآخرين تابعين لحزب الله اللبناني، يقوم هذا المركز بتحليل البيانات الضخمة المستولى عليها ضمن مشروع يهدف إلى تنفيذ هندسة ديموغرافية خطيرة بدأت ملامحها تتشكل في صنعاء ومحيطها، حيث يتم تصنيف السكان وفق معايير الولاء للمليشيا، ورسم خرائط تحدد درجة القرب أو البعد عن المشروع الحوثي–الإيراني، بما يسمح باستخدام هذه المعلومات في التحكم السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وتوجيه سياسات التوطين والتهجير القسري، واستهداف مناطق محددة ببرامج تغيير سكاني ممنهجة.
ووفق تصريحات معمر الإرياني وزير الإعلام اليمني، فإن هذا المشروع يمثل أداة خطيرة تمنح المليشيا قدرة هائلة على ابتزاز الشخصيات العامة والمسؤولين والناشطين، عبر امتلاك معلومات حساسة عنهم وعن عائلاتهم وأملاكهم، كما يمكنها من فرض التجنيد القسري على الشباب، والتلاعب بالسلوك الاجتماعي والسياسي للفئات المستهدفة، سواء بالترغيب أو بالتهديد. 
وأشار الوزير إلى أن القواعد المسروقة تُستخدم أيضاً في إعداد قوائم سوداء تضم الناشطين والمعارضين، وتسهيل عمليات الملاحقة والاعتقال، وإعادة تشكيل الخارطة القبلية والسياسية بما يتماشى مع المشروع الإيراني في اليمن والمنطقة.
وأضاف أن الخطر لا يتوقف عند حدود اليمن، إذ يمكن لإيران، عبر هذه البيانات، بناء شبكة نفوذ إقليمية تستغل الروابط العائلية والعشائرية والاقتصادية، بما يتيح لها التدخل في شؤون الدول العربية المجاورة، وابتزاز مجتمعاتها واختراق نسيجها الداخلي، وأكد أن المشروع يهدد الخصوصية العائلية للمواطنين اليمنيين، ويشكل أداة قمعية هائلة تتيح مراقبة كل تفصيل في حياتهم اليومية، وتحويل المجتمع إلى ساحة مفتوحة للرقابة والتجنيد القسري والتعبئة الأيديولوجية.
ومن الناحية القانونية، يشكل هذا السلوك انتهاكاً صارخاً لكل المواثيق والمعاهدات الدولية، إذ يعد استهدافاً مباشراً للهوية والخصوصية والأمن الاجتماعي للشعب اليمني، ويصنف كجريمة ضد الإنسانية وفق القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويمثل خرقاً واضحاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يكفل حماية البيانات والخصوصية الشخصية، كما يمكن إدراجه ضمن جرائم الحرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، نظراً لاستخدامه كأداة ضمن صراع مسلح يهدف إلى إخضاع السكان وإعادة هندسة المجتمع بالقوة.
وتحمل إيران مسؤولية مباشرة في هذا المشروع، ليس فقط من خلال الدعم التقني واللوجستي، بل أيضاً عبر استضافة الخوادم التي تحفظ عليها تلك البيانات، ما يجعلها شريكاً في الجريمة ويفتح الباب أمام محاسبتها أمام المحاكم الدولية، ويدعو إلى تحرك قانوني ودبلوماسي واسع على المستويين الأممي والعربي لوقف هذا المخطط، وحماية خصوصية الشعوب العربية من أي اختراق مماثل قد يتسع نطاقه مستقبلاً.
ويرى المراقبون أن هذا المشروع يمثل نقلة نوعية في أساليب السيطرة الحوثية، حيث لم تعد المليشيا تكتفي باستخدام السلاح والقمع المباشر، بل انتقلت إلى بناء منظومة رقابية رقمية شاملة تمكّنها من التنبؤ بردود الأفعال المجتمعية، وتحديد الأشخاص والمناطق التي يمكن استهدافها أو استقطابها أو قمعها، وفق قاعدة بيانات دقيقة يتم تحديثها باستمرار، ويرجح هؤلاء أن هذا النهج إذا لم تتم مواجهته بصرامة سيؤسس لمرحلة جديدة من التحكم الشمولي تشبه أساليب الأنظمة الأكثر قمعاً في التاريخ المعاصر، بما فيها أنظمة الرقابة الشاملة التي حولت المجتمعات إلى كيانات مراقبة ومعزولة وخاضعة بالكامل لأجهزة الاستخبارات.
ويحذر المراقبون من أن تجاهل هذا المشروع سيؤدي إلى تداعيات كارثية، تبدأ بإضعاف الهوية الوطنية اليمنية، وتمر بإعادة تشكيل البنية السكانية بما يخدم مشروع إيران الإقليمي، ولا تنتهي عند حدود اليمن، بل تمتد لتهدد الأمن القومي العربي والإقليمي، ويؤكدون أن الحاجة باتت ملحة لتحرك أممي وعربي عاجل يشمل فرض عقوبات مشددة على الأطراف المتورطة، وإطلاق مسار قانوني لملاحقة الجرائم الرقمية التي تمارسها المليشيا، وإعادة بناء مؤسسات الدولة اليمنية بما يضمن حماية بيانات المواطنين واستعادة سيادة القرار الوطني.
ويخلص المراقبون إلى أن مشروع الحوثي–الإيراني لجمع وتحليل البيانات يمثل شكلاً حديثاً من أشكال الاحتلال والسيطرة، يستخدم التكنولوجيا كسلاح ناعم لإخضاع المجتمع اليمني، وتفكيك بنيته الاجتماعية والسياسية، وتوظيفها في مشروع توسعي يتجاوز حدود اليمن إلى المنطقة العربية بأكملها.

شارك