الاختطاف.. التعذيب.. الموت: رحلة الضحايا في سجون الحوثي السرية
السبت 06/سبتمبر/2025 - 10:45 ص
طباعة

تشهد الساحة اليمنية تصاعدًا مقلقًا لجرائم الإخفاء القسري التي تمارسها مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، حيث تحولت هذه الجريمة إلى سياسة ممنهجة تستهدف المدنيين وترمي إلى بث الرعب وتكميم الأفواه وقمع المعارضين،. وفي ظل استمرار الحرب وما رافقها من انهيار المنظومة القانونية والرقابية، تتزايد أعداد الضحايا بشكل غير مسبوق، وسط صمت دولي يثير القلق ويضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لحماية حقوق الإنسان وصون الكرامة الإنسانية في اليمن.
وفي هذا السياق، أصدرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات تقريرًا شاملًا بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الإخفاء القسري، وثقت فيه (2678) جريمة إخفاء قسري ارتكبتها مليشيات الحوثي بحق المدنيين خلال الفترة من 1 يناير 2018 حتى 30 أبريل 2025 في (17) محافظة يمنية، ومن بين هؤلاء الضحايا (158) امرأة و(137) طفلًا، ولا تزال المليشيات ترفض الإفصاح عن مصيرهم حتى الآن، وقد توزعت الجرائم بين فئات المجتمع المختلفة على النحو التالي: (689) من العمال، (209) سياسيين، (301) عسكريين، (182) تربويين، (74) نشطاء، (93) طلاب، (108) تجار، (118) شخصيات اجتماعية، (51) إعلاميين، (49) وعاظ وخطباء مساجد، (23) أكاديميين، (52) محامين، (43) أطباء، إضافة إلى (392) من الأجانب اللاجئين الأفارقة.
وأشار التقرير إلى أن فريق الشبكة وثق (1937) مختطفًا تعرضوا لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، بينهم (117) طفلًا، و(43) امرأة، و(89) مسنًا.
كما كشف عن تعرض (476) مختطفًا لأشد وأقسى أنواع التعذيب المفضي إلى الموت، من بينهم (18) طفلًا، و(23) امرأة، و(25) مسنًا، حيث لقي الضحايا حتفهم إما داخل الزنازين الحوثية، أو بعد تدهور حالتهم الصحية، أو عقب الإفراج عنهم بأيام قليلة في محاولة للتنصل من الجريمة.
وسجلت الشبكة (56) حالة تصفية جسدية داخل سجون الحوثي، إضافة إلى حالات انتحار لمعتقلين للتخلص من قسوة التعذيب، فضلًا عن (79) حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، و(31) حالة وفاة نتيجة نوبات قلبية، كما أصيب نحو (218) مختطفًا بإعاقات دائمة، منها شلل كلي ونصفي، وأمراض مزمنة، وفقدان للذاكرة، وإعاقات بصرية وسمعية، بينما تعرض (1325) مختطفًا آخرين لمختلف أنواع التعذيب والمعاملة القاسية.
وأكد التقرير أن مليشيا الحوثي تدير نحو (641) سجنًا، منها (368) سجنًا رسميًا استولت عليها بعد انقلابها على الشرعية، و(273) سجنًا سريًا استحدثتها في أقبية المؤسسات الحكومية والمواقع العسكرية والمراكز المدنية، وحتى مقرات الأحزاب ومنازل السياسيين.
وجاءت أمانة العاصمة في صدارة المحافظات اليمنية من حيث عدد حالات التعذيب داخل السجون الحوثية، حيث سجلت (518) حالة تعذيب، بينهم (52) طفلًا، و(43) امرأة، و(61) مسنًا، إضافة إلى (67) حالة تعذيب حتى الموت شملت أطفالًا ونساء وكبار سن.
تلتها محافظة صنعاء بـ(456) حالة تعذيب جسدي ونفسي، بينهم (17) طفلًا، و(39) امرأة، و(64) مسنًا، مع (52) حالة تعذيب حتى الموت بينهم (10) نساء و(9) مسنين، حيث أقدمت (7) نساء على الانتحار في السجن المركزي بعد تعرضهن للاغتصاب والتعذيب الوحشي.
واحتلت محافظة حجة المرتبة الثالثة بـ(211) حالة تعذيب، بينهم (46) طفلًا، و(8) نساء، و(12) مسنًا، إضافة إلى (12) حالة وفاة تحت التعذيب، بينهم طفلان ورجل مسن.
وفي محافظة إب، سجل التقرير (161) حالة تعذيب، مع (47) وفاة تحت التعذيب، بينهم أطفال ومسنون، كما وثقت الشبكة (143) حالة تعذيب في الحديدة، بينهم (31) طفلًا، و(8) نساء، و(6) مسنين، إضافة إلى (41) وفاة تحت التعذيب.
وفي محافظة تعز، سجل التقرير (123) حالة تعذيب وحشي، أسفرت عن مقتل (28) مختطفًا، غالبيتهم في سجن مدينة الصالح سيئ السمعة بمنطقة الحوبان. وتوزعت بقية الحالات على محافظات الضالع والبيضاء وذمار وريمة وصعدة وعمران والمحويت.
وحذرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات من تفشي ظاهرة السجون السرية واستمرار ممارسة التعذيب، مشيرة إلى أن معظم المختطفين لا علاقة لهم بالحرب، وأن السجون باتت مكتظة بالمعتقلين الأبرياء، بينما خلت من أصحاب السوابق إلا من لا يمكن للمليشيات الاستفادة منهم.
وطالبت الشبكة الأمم المتحدة بالتدخل العاجل للإفراج عن جميع المخفيين قسرًا والمعتقلين تعسفًا، كما دعت مجلس الأمن الدولي إلى إلزام المليشيات بتنفيذ قراراته (2140) و(2201) و(2216)، وحثت مجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان على إدانة هذه الجرائم، ودعم جهود التحقيق، ومحاسبة الجناة، وتعويض الضحايا وجبر الضرر.
ويرى المراقبون أن ما كشفه التقرير يعكس تصاعدًا ممنهجًا لجرائم الإخفاء القسري والتعذيب في اليمن، ويؤكد أن مليشيا الحوثي حولت هذه الانتهاكات إلى سياسة ثابتة لإرهاب المجتمع وتصفية الخصوم، بما يهدد السلم الاجتماعي وينذر بكارثة إنسانية مستمرة، ويشير الخبراء إلى أن استمرار هذا الصمت الدولي يعزز بيئة الإفلات من العقاب، ويشجع المليشيات على المضي في ارتكاب المزيد من الجرائم، الأمر الذي يتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها.