حسام بدران.. رجل حماس بين نابلس والدوحة والقاهرة
الأربعاء 10/سبتمبر/2025 - 12:24 م
طباعة
حسام الحداد
حسام بدران يعد أحد أبرز القيادات السياسية داخل حركة حماس، ويجمع بين دور استراتيجي في اتخاذ القرار وواجهة إعلامية تمثل الحركة في الداخل والخارج. يشغل بدران منصب عضو المكتب السياسي، وهو المركز الذي يجعله جزءا من القيادة العليا المسؤولة عن رسم السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بالقضية الفلسطينية. بفضل خبرته الطويلة، أصبح بدران صوتا مؤثرا في صياغة مواقف الحركة تجاه القضايا الفلسطينية المختلفة، لا سيما المفاوضات مع إسرائيل وملفات الأسرى ووقف إطلاق النار.
إلى جانب دوره السياسي، يرأس حسام بدران مكتب العلاقات الوطنية، المسؤول عن التنسيق مع الفصائل الفلسطينية الأخرى وبناء جسور التواصل مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالقضية الفلسطينية. ويشمل دوره متابعة تنفيذ السياسات التنسيقية التي تهدف إلى توحيد الموقف الفلسطيني وتعزيز قدرة الحركة على التأثير في أي مفاوضات أو اتفاقيات محتملة.
حياته الشخصية تعكس جزءا من مساره السياسي والإداري؛ فقد ولد عام 1966 في نابلس بالضفة الغربية، ويقيم حاليا في الدوحة، قطر، بعد الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل عام 2011. هذا الانتقال لم يؤثر على موقعه القيادي داخل الحركة، إذ استمر بدران في ممارسة دوره السياسي والإعلامي، مع الحفاظ على دوره كحلقة وصل بين الحركة والفصائل الفلسطينية المختلفة، وكذلك مع الأطراف الإقليمية والدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.
الدور الإعلامي والسياسي
حسام بدران يعرف بظهوره الإعلامي المنتظم، حيث يمثل أحد الوجوه البارزة التي تعبر عن مواقف حركة حماس تجاه القضايا السياسية والأحداث الميدانية في فلسطين. غالبا ما يظهر في مقابلات حصرية وتقارير إخبارية على قنوات عربية ودولية، مثل الجزيرة والميادين وسكاي نيوز عربية، ليشرح وجهة نظر الحركة ويرد على التطورات السياسية والعسكرية، ما يجعله مصدرا مهما لفهم سياسات الحركة واستراتيجياتها.
إلى جانب دوره الإعلامي، يشارك بدران في المفاوضات السياسية غير المباشرة مع إسرائيل، والتي تركز بشكل خاص على ملفات حساسة مثل تبادل الأسرى، وقف إطلاق النار، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وتعتبر مساهمته في هذه المفاوضات جزءا من الجهود التي تقوم بها قيادة الحركة لتأمين مصالح الفلسطينيين والحفاظ على الثوابت الوطنية، مع العمل على إيجاد حلول مؤقتة للأزمات الإنسانية التي يعاني منها السكان.
كما يحرص بدران على تسليط الضوء على القضايا الإنسانية والسياسية في خطابه، مؤكدا على أهمية إدخال المساعدات وإعادة الإعمار، وعودة النازحين إلى منازلهم، مع الدعوة إلى وقف أي عدوان يؤثر على المدنيين. وتظهر تصريحاته اهتمامه بالموازنة بين الجانب السياسي والدور الإنساني للحركة، وهو ما يعكس توجه الحركة نحو إبراز قضية غزة في أبعادها الإنسانية والاجتماعية، إلى جانب البعد السياسي والتفاوضي.
أبرز المواقف والتصريحات
حسام بدران يولي أهمية كبيرة لانتقاد السياسات الإسرائيلية، ويظهر ذلك بوضوح في تصريحاته الإعلامية. ففي فبراير 2024، وصف التصريحات التي أدلى بها مسؤولون إسرائيليون بأنها "كاذبة" وتعكس أزمة داخلية، مشيرا إلى عدم قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها العسكرية في قطاع غزة. وتعكس هذه التصريحات نهج بدران في متابعة التطورات الميدانية والسياسية وانتقاد ما يعتبره تناقضا بين التصريحات الإسرائيلية والواقع على الأرض.
فيما يتعلق بالمفاوضات، شدد بدران في أبريل 2024 على أن أي مفاوضات مستقبلية يجب أن تبدأ بانسحاب القوات الإسرائيلية بشكل كامل من قطاع غزة، مؤكدا أن الحركة ملتزمة بحماية مصالح الشعب الفلسطيني. ويظهر هذا الموقف حرصه على وضع شروط واضحة في أي تفاوض، لضمان أن تكون أي اتفاقيات مستقبلية مبنية على مصلحة الفلسطينيين أولا، وعدم القبول بمبادرات قد تضعف حقوقهم أو مصالحهم الأساسية.
كما حذر بدران في مارس 2025 من أن أي خروج إسرائيلي عن اتفاقات وقف إطلاق النار سيعيد المفاوضات إلى "الصفر"، مشددا على تمسك الفلسطينيين بحقهم في أرضهم بغض النظر عن الضغوط أو المواقف الدولية. وتعكس هذه التصريحات اهتمامه بضمان استمرار التزامات الأطراف كافة في الاتفاقات السابقة، وإرسال رسالة واضحة مفادها أن التراجع أو الخروج عن الاتفاقات لن يكون مقبولا، وأن موقف الحركة يظل ثابتا تجاه حماية الحقوق الفلسطينية والمصالح الإنسانية في غزة.
العلاقات الإقليمية والدولية
حسام بدران يولي أهمية كبيرة للعلاقات الإقليمية والدولية، حيث يسعى إلى تعزيز التنسيق مع الفصائل الفلسطينية الأخرى لضمان توحيد الموقف الفلسطيني أمام التحديات السياسية والمفاوضات. كما يحرص على إبراز التواصل مع الأطراف الإقليمية التي لها تأثير على القضية الفلسطينية، مثل بعض القوى السياسية في لبنان والمنطقة، مع التأكيد على أن وحدة الموقف الفلسطيني تمثل أولوية أساسية في أي حوار أو تفاوض.
على الصعيد الإعلامي، يعتبر بدران أحد الوجوه البارزة التي تمثل الحركة في وسائل الإعلام العربية والدولية. غالبا ما تنشر تصريحاته عبر قنوات مثل الجزيرة والميادين وسكاي نيوز عربية، حيث يوضح سياسات الحركة ويشرح مواقفها تجاه القضايا الإقليمية والميدانية. ويتيح هذا الظهور الإعلامي للحركة إيصال رسائلها بشكل مباشر إلى جمهور واسع، سواء فيما يتعلق بالمفاوضات أو الأحداث الميدانية في غزة والضفة الغربية.
بالإضافة إلى البعد السياسي والإقليمي، يحرص بدران على إبراز القضايا الإنسانية والاجتماعية في خطابه. ويركز بشكل خاص على أهمية إدخال المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، ودعم السكان المتضررين من النزاعات، مع التأكيد على أن أي جهود سياسية يجب أن تراعي الاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني. يعكس هذا التوجه مزيجا بين البعد السياسي والإنساني في خطاب الحركة، ويبرز التزامها بالقضايا التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر.
موقفه من النظام المصري:
حسام بدران، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، يظهر موقفا متوازنا ومؤسسيا تجاه مصر ونظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع التركيز على مصلحة الشعب الفلسطيني وتعزيز العلاقات الثنائية.
في مايو 2021، أعرب بدران عن تقديره لقرار الرئيس السيسي التبرع بنصف مليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة، مؤكدا أن هذا ليس غريبا على مصر، الحاضنة الدائمة للقضية الفلسطينية. وأشار إلى أن هذا التبرع يظهر التزام مصر القومي تجاه فلسطين، ويعد ترجمة حقيقية لهذا الالتزام. كما أشاد بجهود مصر في وقف إطلاق النار وفتح معبر رفح وإسعاف وعلاج المصابين.
بدران يشارك بفعالية في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بقضايا تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. في هذا السياق، يظهر استعدادا للتنسيق مع مصر، التي تلعب دورا محوريا في هذه الملفات. على سبيل المثال، في أكتوبر 2024، ناقش بدران مع مسؤولين مصريين مقترحات لوقف إطلاق النار، مؤكدا على ضرورة أن تظل إسرائيل ملتزمة بما تم الاتفاق عليه.
بدران يؤكد على أهمية وحدة الموقف الفلسطيني في مواجهة التحديات، ويظهر استعدادا للتعاون مع كافة الأطراف الفلسطينية، بما في ذلك السلطة الوطنية الفلسطينية، لتعزيز هذه الوحدة. في نوفمبر 2024، شارك في مفاوضات مع حركة فتح في القاهرة، برعاية جهاز المخابرات العامة المصرية، للتوصل إلى توافق حول تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، مما يظهر التزامه بالعمل المشترك مع الأطراف الفلسطينية تحت إشراف مصري.
رغم التنسيق مع مصر، يؤكد بدران على استقلالية القرار الفلسطيني، مشيرا إلى أن أي تفاهمات أو اتفاقات يجب أن تكون نابعة من إرادة الشعب الفلسطيني ومؤسساته الشرعية. هذا يظهر حرص حماس على الحفاظ على سيادتها واستقلالية قرارها، مع الاستفادة من الجهود الإقليمية والدولية التي تدعم القضية الفلسطينية.
اخيرا حسام بدران يظهر موقفا متوازنا تجاه مصر، مع التركيز على تعزيز التعاون في الملفات ذات الاهتمام المشترك، مثل التهدئة والمصالحة، مع الحفاظ على استقلالية القرار الفلسطيني. هذا يعكس حرص حماس على تعزيز العلاقات مع مصر بما يخدم مصلحة الشعب الفلسطيني، دون التأثير على سيادتها واستقلال قرارها.
