جرائم حرب ممنهجة: 21,342 انتهاكاً حوثياً بحق الأطفال في اليمن خلال عشر سنوات
الثلاثاء 16/سبتمبر/2025 - 11:49 ص
طباعة

في سياق دولي متزايد الاهتمام بحقوق الإنسان وبالتحديد حماية الفئات الأكثر ضعفاً، عرضت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات بالتعاون مع رابطة معونة لحقوق الإنسان والهجرة ورقة عمل بعنوان "أطفال اليمن بين القتل والتجنيد" على هامش الدورة الـ60 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف السويسرية، سلطت الورقة الضوء على واقع مأساوي يعيشه الأطفال في اليمن نتيجة الانتهاكات الواسعة والمنهجية التي ترتكبها مليشيات الحوثي المدعومة من النظام الإيراني.
فقد كشفت الشبكة والرابطة أن الفترة الممتدة من 1 يناير 2015 وحتى 1 يوليو 2025 شهدت نحو 21,342 واقعة انتهاك بحق الأطفال، شملت مقتل 9,914 طفل وإصابة 6,417 آخرين، هذا الحجم الهائل من الجرائم يعكس مدى تفشي العنف ضد الأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث لم تقتصر الانتهاكات على القتل والإصابة، بل شملت أيضاً الاختطاف والتشريد وحرمان الأطفال من التعليم، وأعمال القنص، والتجنيد القسري، ومنع وصول العلاج والغذاء والماء، فضلاً عن دفع الأطفال إلى سوق العمل.
وأوضحت الشبكة اليمنية أن فرقها الميدانية سجلت 598 حالة اعتقال واختطاف لأطفال في 17 محافظة يمنية أغلبها بهدف ابتزاز أهاليهم، بالإضافة إلى توثيق 51 حالة اغتصاب لأطفال ارتبطت هذه الجرائم بقيادات ومشرفين حوثيين.
كما كشفت أن مليشيات الحوثي جندت أكثر من 30 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاماً، في مخالفة صارخة لكل القوانين والمواثيق الدولية الخاصة بحماية الأطفال.
وأشارت الشبكة كذلك إلى خطورة التعبئة الطائفية والفكرية التي غرستها مليشيات الحوثي في عقول هؤلاء الأطفال، والتي دفعت بعضهم لتنفيذ عمليات قتل بحق أقاربهم، حيث رصد الفريق الميداني أكثر من 314 جريمة قتل وإصابة ارتكبها أطفال مجندون بحق أقربائهم، منها 189 حالة قتل و125 إصابة خلال الفترة الزمنية للتقرير، هذا الواقع يكشف عن ظاهرة خطيرة تتجاوز الجوانب الإنسانية لتشكل تهديداً اجتماعياً وأمنياً طويل الأمد.
وفي إطار إبراز الأثر الأوسع لهذه الانتهاكات، لفتت الشبكة إلى أن انقلاب مليشيات الحوثي خلال السنوات العشر الماضية خلق وضعاً كارثياً أدى إلى أسوأ أزمة إنسانية في اليمن، وجعل أكثر من 17 مليون طفل بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة.
كما أكدت الشبكة أن الانقلاب الحوثي حرم آلاف الأطفال من آبائهم الذين يقبعون في السجون أو قتلوا في المعارك، وحرم نحو 2.5 مليون طفل من التعليم نتيجة التهجير والتشريد وتحويل المنشآت التعليمية إلى ثكنات عسكرية ومعسكرات تدريب أو مراكز إيواء للنازحين.
وأضافت أن المليشيات أجبرت آلاف الأطفال على ترك المدارس والانخراط في سوق عمل غير آمن، ما دفع أكثر من مليوني طفل إلى العمل القسري في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور وانقطاع الرواتب وارتفاع تكاليف المعيشة، ما جعل الكثير منهم فريسة سهلة لعصابات التجنيد الحوثية.
واختتمت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات ورابطة معونة تقريرهما بمناشدة المجتمع الدولي ولجان الخواص التابعة لمجلس حقوق الإنسان التدخل العاجل لإجبار مليشيات الحوثي على احترام القوانين الدولية التي تضمن للأطفال الحماية الكاملة من القتل والتجنيد القسري والمشاركة في النزاعات المسلحة، داعية إلى إدراج القيادات الحوثية المتورطة في انتهاكات الأطفال ضمن القائمة السوداء للأمم المتحدة والعمل على فتح تحقيقات جدية ومستقلة بشأن هذه الجرائم وإحالة مرتكبيها إلى القضاء الدولي.
ويرى المراقبون أن هذه الأرقام المفزعة تكشف حجم الكارثة الإنسانية التي صنعتها الحرب والانقلاب الحوثي، وأن استمرار صمت المجتمع الدولي وعدم اتخاذ إجراءات صارمة سيؤدي إلى ترسيخ هذه الانتهاكات وتهديد مستقبل جيل كامل من الأطفال اليمنيين، ما يستدعي موقفاً أكثر حدة ووضوحاً لوقف نزيف الطفولة في اليمن ووضع حد لجرائم الحرب بحقهم.