اليمن في قلب القمة الطارئة.. "العليمي" يدعو لمقاربة عربية وإسلامية جديدة لمواجهة الاحتلال والإرهاب
الثلاثاء 16/سبتمبر/2025 - 12:05 م
طباعة

في كلمةٍ حملت أبعاداً سياسية وأمنية عميقة، ألقى الرئيس رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، خطاباً مهماً أمام القمة العربية الطارئة المنعقدة في الدوحة، عكس من خلاله موقف الجمهورية اليمنية من المستجدات العربية والإقليمية، وخاصة الاعتداء الإسرائيلي الأخير على دولة قطر الشقيقة.
جاءت هذه الكلمة في لحظة وصفها الرئيس بأنها "فارقة" في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، حيث تجاوز العدوان الإسرائيلي جميع الخطوط الحمراء، وانتهك القوانين والأعراف الدولية، ليؤكد مجدداً أن الأمن العربي والإسلامي كلٌ لا يتجزأ، وأن نجاح أي مبادرات سلام مرهون بالقدرة على تعديل موازين القوى في المنطقة.
وأكد الرئيس العليمي أن سياسات التوسع الإسرائيلية وأوهام الهيمنة الإقليمية لا يمكن مواجهتها إلا من خلال تدابير جماعية ذات أثر ملموس وتراكمي، محذراً من استمرار الإبادة الجماعية في غزة دون أي محاسبة، ومن مواصلة الاعتداءات على دول المنطقة دون رادع، وهو ما قاد في نهاية المطاف إلى تجرؤ الاحتلال الإسرائيلي على مهاجمة دولة قطر الشقيقة.
كما شدد على أن اليمن بدوره يعاني من استهداف متواصل لمقدرات شعبه من قبل كيان الاحتلال، بذريعة الهجمات العبثية العابرة للحدود التي تنفذها مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيًا، والتي حولت البحر الأحمر إلى منطقة عسكرية واليمن إلى ساحة حرب بالوكالة.
وفي إطار تحليله للمشهد الإقليمي، أوضح الرئيس العليمي أن التحديات الجيوسياسية الحالية تثبت أن الدول التوسعية في المنطقة والجماعات الإرهابية المسلحة وجهان لعملة واحدة، كلاهما يوفر الذرائع للآخر، ويسعيان إلى تقويض الدولة الوطنية وتأجيج الصراعات الإقليمية.
ودعا في هذا السياق إلى تبني مقاربة أشمل للعمل العربي والإسلامي المشترك، تقوم على ثلاثة محاور أساسية: أولاً، الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام، ثانياً: دعم مؤسسات الدول الوطنية سياسياً واقتصادياً وأمنياً والعمل الجماعي لمكافحة الجماعات الإرهابية المسلحة، وثالثاً: ردع الدول المارقة ذات المشاريع التوسعية، وفي مقدمتها إسرائيل، وتعزيز التكامل العربي والإسلامي المشترك.
كما شدد الرئيس العليمي على أن ضمان السيادة الوطنية للدول المستقرة وتسريع الجهود نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة يتطلب تحركاً جماعياً لمساعدة الدول الهشة، موجهاً الشكر لتحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، الذي وصفه بأنه مثال حي للتضامن العربي في ردع التهديدات الأجنبية.
وأشاد في الوقت نفسه ببيان مجلس التعاون لدول الخليج العربية المساند للإصلاحات الاقتصادية والمؤسسية في اليمن، وبقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي ببحث إنشاء صندوق لإعمار اليمن.
وفي الشأن الفلسطيني، أشار الرئيس العليمي إلى أن الدبلوماسية العربية بقيادة المملكة العربية السعودية حققت تحولاً مهماً نحو الاعتراف العالمي بدولة فلسطين، مجدداً ترحيب الجمهورية اليمنية بالقرار التاريخي للجمعية العامة للأمم المتحدة الداعم لحل الدولتين، وتطلعها إلى أن يُترجم هذا القرار إلى إجراءات مزمنة لا رجعة فيها في المستقبل القريب.
كما أكد دعم اليمن الكامل لجهود الوساطة القطرية-المصرية-الأمريكية والمبادرة العربية لإعادة إعمار غزة، بما يضمن معالجة آثار الدمار ومنع سيناريو التهجير القسري.
ويرى المراقبون أن خطاب الرئيس العليمي أمام القمة العربية الطارئة بالدوحة مثّل خريطة طريق واضحة لمقاربة عربية-إسلامية جديدة تقوم على أسس الشراكة والتكامل والردع المشترك لمصادر الخطر، سواء تمثلت في الاحتلال الإسرائيلي أو المشاريع التوسعية الإقليمية أو الجماعات الإرهابية المسلحة، كما يعكس الخطاب إدراكاً عميقاً للترابط بين القضايا العربية الكبرى، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وبين استقرار الدول الوطنية، وعلى رأسها اليمن، بما يعزز من فرص بناء موقف عربي موحد أكثر قوة وتأثيراً في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية الراهنة.