جرائم الحوثيين ترتفع بنسبة 500%.. انهيار الأمن وتحول مناطق المليشيا إلى بؤر للعنف والفوضى
الجمعة 10/أكتوبر/2025 - 11:32 ص
طباعة

يشهد اليمن في السنوات الأخيرة انهياراً مروعاً في منظومة الأمن والقيم المجتمعية داخل المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، التي حولت هذه المناطق إلى بيئة خصبة للجريمة والعنف والفوضى، ومع تفاقم الأوضاع المعيشية والنفسية وانتشار السلاح بين السكان، تتزايد التقارير الحقوقية التي ترصد تصاعداً غير مسبوق في معدلات الجريمة المنظمة، وخصوصاً جرائم القتل والعنف الأسري والاعتداءات ضد النساء والأطفال.
وقد كشفت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات عن ارتفاع معدل الجريمة في مناطق سيطرة الحوثيين بنسبة 500% خلال العام الجاري، وهو رقم يعكس الانهيار الكامل في منظومة الأمن، ويؤكد أن هذه الجرائم ليست أحداثاً فردية بل نتيجة مباشرة للفكر الطائفي والتعبوي الذي تفرضه المليشيا على عناصرها والسكان بالقوة.
وفي هذا السياق، شهدت الأسابيع الماضية موجة من الجرائم البشعة في ست محافظات يمنية تخضع للحوثيين، توزعت بين جرائم قتل أقارب واعتداءات جنسية وانتهاكات ضد أطفال ونساء.
ففي محافظة ريمة، أقدم القيادي الحوثي عبده إبراهيم جريد على قتل زوجته البالغة من العمر 17 عاماً وتقطيع جثتها بمشاركة عصابة يُشتبه بارتباطها بتجارة الأعضاء البشرية، في جريمة هزّت الرأي العام اليمني لبشاعتها.
وفي محافظة إب، قُتلت امرأة على يد زوجها في مديرية بعدان، كما ارتكب أحد عناصر الحوثي جريمة أخرى بحق زوجة أبيه. أما في محافظة الجوف، فقد أقدم المواطن مطر أشول على قتل طفلته البالغة من العمر 12 عاماً بعد أن ضربها على رأسها حتى الموت، في مشهد يبرز تفشي العنف الأسري وانعدام الرقابة القانونية والاجتماعية. وفي البيضاء، عثر على رجل مشنوق في ظروف غامضة وسط مؤشرات على شبهة جنائية.
وفي العاصمة صنعاء، التي يفترض أن تكون أكثر المناطق ضبطاً بحكم السيطرة الأمنية للمليشيا، سجلت جرائم مروعة بحق الأطفال، منها اختطاف واغتصاب طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات في مديرية بني الحارث على مدى يومين متواصلين، إلى جانب اختطاف الطفل هشام عبدالله (12 عاماً) وضربه وتهديده بالذبح من قبل عصابة مسلحة.
وفي محافظة عمران، تتواصل الجرائم الأسرية المروعة، إذ أقدم شاب على خنق زوجة أبيه (خالته) حتى الموت، قبل أن يفرّ إلى محافظة صعدة حيث النفوذ الحوثي الأشد.
وأوضحت الشبكة اليمنية أن هذه الجرائم ليست سوى جزء يسير من سلسلة طويلة من الانتهاكات اليومية التي تشهدها مناطق سيطرة المليشيا، مشيرة إلى أنها وثّقت خلال النصف الأول من العام الجاري 123 جريمة قتل و46 حالة إصابة في 14 محافظة، معظمها نُفذت على أيدي عناصر حوثية أو عائدين من جبهات القتال والدورات الطائفية.
كما أكدت الشبكة أن تصاعد جرائم قتل الأقارب والعنف الأسري والاعتداءات على الأطفال والنساء يُظهر خطورة الفكر المتطرف الذي تعمل المليشيا على غرسه في عقول أتباعها، في ظل غياب القانون وانهيار مؤسسات العدالة، وانتشار الحماية القبلية التي توفرها القيادات الحوثية للجناة.
ويرى مراقبون أن تفشي الجريمة في مناطق سيطرة الحوثيين لم يعد مجرد نتيجة جانبية للحرب، بل تحوّل إلى أداة ممنهجة لإخضاع المجتمع عبر نشر الخوف والترويع وإضعاف النسيج الاجتماعي، بما يضمن بقاء المليشيا كقوة قهر مسيطرة.
ويشيرون إلى أن البيئة الأمنية هناك أصبحت ملوثة بالعنف والتحريض المذهبي، وأن المليشيا تستخدم الدورات التعبوية في "الثقافة القرآنية" كوسيلة لغسل أدمغة أتباعها وتحويلهم إلى أدوات قتل وعدوان داخل أسرهم ومجتمعاتهم، كما أن الإفلات من العقاب بات قاعدة ثابتة، إذ يهرب الجناة من العدالة بحماية مشرفين نافذين أو وساطات قبلية موالية للمليشيا، ما يجعل القانون غائباً تماماً ويحول الضحايا إلى مجرد أرقام في تقارير حقوقية.
وفي ضوء هذه المعطيات، يرى المراقبون أن ارتفاع معدل الجريمة بنسبة 500% يعكس تفككاً مجتمعياً غير مسبوق وانهياراً أخلاقياً تغذيه أيديولوجيا الكراهية التي تزرعها المليشيا الحوثية منذ سنوات في المدارس والمخيمات والدورات التعبوية، كما يشيرون إلى أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى كارثة اجتماعية طويلة الأمد، تتجاوز آثار الحرب العسكرية، إذ يجري تدمير بنية المجتمع اليمني من الداخل عبر تحويل عناصر المليشيا إلى أدوات عنف داخل أسرهم ومحيطهم، في ظل غياب كامل للعدالة والردع.
ويخلص المراقبون إلى أن معالجة هذا الانهيار الأمني لا يمكن أن تتم بمعزل عن تفكيك المنظومة الحوثية الفكرية والعسكرية التي جعلت من العنف أسلوب حياة ومن الجريمة وسيلة للسيطرة، محذرين من أن استمرار هذا الواقع يهدد بانهيار القيم الاجتماعية اليمنية، وتحويل المجتمع إلى فضاء فوضوي تسوده الكراهية والدماء.