"من يتصدى للمشروع الإيراني في اليمن؟": متابعات الصحف العربية والأجنبية
السبت 11/أكتوبر/2025 - 10:40 ص
طباعة

تقدم بوابة الحركات الاسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية والعالمية بخصوص الأزمة اليمنية، ومشاورات السويد، والدعم الإيراني للحوثيين، بكافة أشكال الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات– آراء) اليوم 11 أكتوبر 2025.
الشرق الأوسط: زعيم الحوثيين يستعرض قوته ويتوجّس من مرحلة ما بعد غزة
أبدى زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي، مخاوف واضحة من مرحلة ما بعد اتفاق غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مشيراً إلى أن جماعته تتابع «بدقة وعناية» تنفيذ الاتفاق، في ظل ما وصفه بـ«انعدام الثقة» في جدية تل أبيب وواشنطن في وقف الحرب.
وفي خطبته الأسبوعية، قال الحوثي إن جماعته ستبقى «في حالة انتباه وجهوزية تامة»، لرصد ما إذا كان الاتفاق سيفضي فعلاً إلى وقف إطلاق النار ودخول المساعدات إلى قطاع غزة، أو أن ما يجري مجرد «خدعة مؤقتة».
وفي حين أكد الحوثي مواصلة الحشد الشعبي والسياسي والعسكري دعماً للفلسطينيين «حتى تتضح النوايا الحقيقية» لإسرائيل، ظهرت في خطبته مخاوف ضمنية من أن تصبح جماعته الهدف المقبل لإسرائيل في سياق حملة أوسع بعد أن تكون الأخيرة قد ضمنت الهدوء في غزة.
وقال الحوثي إن التطورات الجارية (اتفاق وقف الحرب) لا تمثل نهاية الصراع؛ بل «جولة من جولات المواجهة مع مشروع الهيمنة الأميركي والإسرائيلي»، داعياً أنصاره إلى الاستعداد لجولات مقبلة قد تشمل المنطقة كلها. وقال إن على جماعته «تطوير قدراتها العسكرية باستمرار، ومتابعة كل ما يستجد من تقنيات إسرائيلية» تحسباً لأي «عدوان جديد»، وفق تعبيره.
وفيما بدا أنه استعراض لقدرات جماعته خلال العامين الماضيين، ادعى الحوثي أن ما سماها «العمليات الإسنادية» التي نفذتها قواته بلغت 1835 عملية، تنوعت بين إطلاق صواريخ باليستية ومجنحة وفرط صوتية، وهجمات بطائرات مسيّرة وزوارق حربية. ووصف هذا الرقم بأنه «إنجاز كبير».
كما عرض الحوثي أرقاماً ضخمة لما وصفه بـ«الأنشطة الشعبية المساندة»، موضحاً أن جماعته نظمت خلال عامين، أكثر من 49 ألف مسيرة ومظاهرة، و94 ألف فعالية شعبية، ونحو 550 ألف ندوة، و350 ألف وقفة طلابية، إضافة إلى أكثر من ألف عرض عسكري و3 آلاف مسير عسكري.
وفي سياق المخاوف الحوثية، كرر زعيم الجماعة أن «العدو الإسرائيلي» يعدّ لجولات جديدة بعد اتفاق غزة، محذراً من أن «انشغال بعض الأطراف بالهدنة» قد يتيح لتل أبيب فرصة لإعادة ترتيب أوراقها. وأضاف أن جماعته «لن تركن إلى الهدوء المؤقت».
ويعكس خطاب الحوثي - كما يبدو - توجس الجماعة من أن يؤدي أي استقرار في غزة إلى تراجع مبررات التصعيد في البحر الأحمر، ما قد يضعف ذرائعها في الاستمرار بالهجمات التي تسببت في تصنيفها جماعةً تهدد أمن الملاحة الإقليمية.
خلفية المواجهة
منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» بغزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تحولت جماعة الحوثيين إلى طرف في المواجهة الإقليمية، بعد أن أعلنت «الانخراط العسكري نصرةً للفلسطينيين».
غير أن هذا الانخراط سرعان ما اتخذ بُعداً يتجاوز الدعم الرمزي، مع تنفيذ الجماعة مئات الهجمات بالصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، إلى جانب مئات الهجمات البحرية التي استهدفت السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، بذريعة ارتباطها بإسرائيل.
وخلال العامين الماضيين، نفذت الجماعة - وفق ادعاء زعيمها عبد الملك الحوثي - أكثر من 228 هجوماً ضد سفن تجارية، تسببت في غرق 4 سفن وقرصنة خامسة، إضافة إلى مقتل 9 بحارة، فيما لا يزال 12 بحاراً محتجزين حتى اليوم.
وأدت هذه الهجمات إلى إرباك حركة التجارة العالمية وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، وسط تحذيرات دولية من أن أكثر من 55 دولة تأثرت مصالحها جراء التصعيد الحوثي في أحد أهم الممرات الملاحية بالعالم.
وفي حين لم يكن للهجمات المباشرة باتجاه إسرائيل أي تأثير عسكري باستثناء مقتل شخص في تل أبيب جراء انفجار مسيرة بشقته في 19 يوليو (تموز) 2024، إلى جانب بعض الإصابات في هجمات أخرى، فإنها مثلت إشغالاً للدفاعات الإسرائيلية، فضلاً عن التسبب في تفعيل الإنذارات وتعليق حركة الطيران من وقت لآخر.
موجات انتقامية
مع تصاعد خطر الهجمات الحوثية، ردّت إسرائيل بـ18 موجة من الغارات الجوية ابتداء من 20 يوليو (تموز) 2024 وحتى 25 سبتمبر (أيلول) 2025، استهدفت خلالها مواني الحديدة ومطار صنعاء ومنشآت طاقة ومصانع إسمنت ومقار أمنية وعسكرية خاضعة للجماعة.
وكان أبرز الضربات الإسرائيلية على صنعاء في 28 أغسطس (آب) الماضي، حين قُتل رئيس حكومة الحوثيين أحمد غالب الرهوي و9 من وزرائه.
كما استقبلت الجماعة نحو ألفي ضربة أميركية شاركت في بعض موجاتها بريطانيا ابتداء منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وحتى مايو (أيار) 2025، حيث توسطت سلطنة عمان في اتفاق أوقف الرئيس ترمب بموجبه الحملة الواسعة ضد الجماعة في مقابل تعهدها بعدم مهاجمة السفن الأميركية.
غير أن هذه الضربات لم توقف وتيرة التصعيد، إذ استمر الحوثيون في إطلاق صواريخ باليستية ومجنحة وفرط صوتية باتجاه البحر الأحمر وإسرائيل، في خطوة تهدف إلى تأكيد دور الجماعة فيما يسمى «محور المقاومة» الذي تقوده إيران.
وفي أحدث إحصائية، قالت الجماعة الحوثية إن الضربات الغربية والإسرائيلية تسببت في مقتل وجرح 1.676 شخصاً من المدنيين، من ضمنهم 319 قتيلاً، لكن الجماعة تواصل التعتيم على خسائرها العسكرية جراء هذه الضربات.
وإذ تتهم الحكومة الشرعية الحوثيين باستخدام القضية الفلسطينية للتملص من استحقاقات السلام وتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، تسود المخاوف على الصعيد اليمني من أن تلجأ الجماعة إلى تفجير الوضع الميداني داخلياً بعد اتفاق وقف النار في غزة، وبخاصة بعد أن تمكنت من تعبئة وتجنيد مئات الآلاف من السكان الخاضعين لها خلال العامين الماضيين.
وفي المقابل، قد يدفع الهدوء الإقليمي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، إلى إنعاش مسار السلام المتعثر بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في أواخر 2023، قبل أن تنخرط الجماعة الحوثية في تصعيدها الإقليمي والبحري.
العين: نهاية الحرب في غزة «تحشر» الحوثي في زاوية تحديات الداخل
مع هدوء الأوضاع في غزة تجد مليشيات الحوثي نفسها في مواجهة تحديات الداخل، من دون أوراق تذكر.
ووضعت الحرب في غزة أوزارها باتفاق طرحته أمريكا ودعمته بقوة، لتنهي مأساة غزة التي سعت مليشيات الحوثي لاستغلالها على ما يرى مراقبون.
وتعرضت مناطق سيطرة الحوثيين لضربات إسرائيلية وأمريكية وبريطانية خلال العامين الماضيين، بعدما شنت هجمات على الملاحة الدولية وفي إسرائيل.
وقالت مليشيات الحوثي، أمس الخميس، إنها استخدمت في هجماتها على إسرائيل وسفن الشحن نحو 1835 صاروخا باليستيا وطائرة مسيرة، وزورقا حربيا ضمن عملياتها لما أسمته "معركة إسناد غزة".
انكشاف
ورأى رئيس الدائرة الإعلامية في المكتب السياسي للمقاومة الوطنية اليمنية محمد أنعم أن "مليشيات الحوثي تعيش حالة صدمة (بعد نهاية الحرب في غزة) فقد سقوط ورقة طالما تاجرت بها للتعمية على أزمات الداخل".
وأوضح أنعم في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "مليشيات الحوثي كانت تتخذ حرب غزة ورقة للمتاجرة بالقضية الفلسطينية والتهرب من استحقاقات السلام ومطالب الشعب اليمني".
وأضاف أن المليشيات "استغلت حرب غزة كذريعة لقمع الشارع اليمني بتهم العمالة لأمريكا وإسرائيل ولهذا هي أكثر طرف سوف يتضرر من إيقاف حرب غزة".
وقال إن "هجمات مليشيات الحوثي لم تكن سوى مجرد ضجيج ولم تلحق بإسرائيل أي ضرر"، مشيرا إلى "تعرض اليمن بسبب طيش الحوثي وممارسته لتدمير بنيته التحتية كما هو حال ميناء الحديدة ومساكن المدنيين فيما أفلت زعيم المليشيات وقيادته من دفع الثمن".
وعن السيناريوهات المحتملة بعد انتهاء حرب غزة، قال أنعم إن ذلك" يضع مليشيات الحوثي أمام استحقاقات داخلية ومطالب شعبية ويزيح الغطاء الذي استغلته المليشيات ذريعة لهجماتها على سفن الشحن وتحويل البحر الأحمر إلى بحيرة إيرانية".
وتعد طهران الداعم الرئيسي لمليشيات الحوثي في الإقليم.
وأشار إلى أن "مليشيات الحوثي كانت تنفذ أعمال القرصنة في البحر الأحمر بدعوى ارتباط السفن بإسرائيل لكن في الوقع كان الأمر يتعلق بتخفيف الضغط عن طهران".
وفسر أنعم إعلان الحوثي نهاية الهدنة مع واشنطن باستشعار المليشيات خطر انكشافها داخليا.
مأزق سياسي
من جانبه، يعتقد المحلل السياسي هائل الشارحي أن "توقف الحرب في غزة سيضع المليشيات في مأزق سياسي وإعلامي يفقدها الذريعة التي استخدمتها سابقا لتغطية تحركاتها خدمة لأجندة طهران".
ورأى الشارحي في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن انتهاء حرب غزة يضع المليشيات أمام انكشاف سياسي حقيقي بوصفها ذراعا ضمن مشروع توسعي إقليمي، لا فصيل يحمل مشروعا لنهضة اليمن.
وتوقع المحلل السياسي أن تتجه المليشيات لافتعال توترات عسكرية في السواحل الغربية لليمن لجعلها بؤر تهديد للملاحة في باب المندب والبحر الأحمر، مشيرا إلى أن انتهاء الحرب سيجبر الحوثيين على إعادة تموضع تكتيكي للحفاظ على دورهم الإقليمي.
وعن السيناريوهات المحتملة لردة فعل الحوثي بعد انتهاء حرب غزة، توقع الشارحي أن ينتقل التصعيد إلى الجبهات الداخلية، تحت شعار "حماية السيادة"، مع استمرار تنفيذها هجمات محدودة على الملاحة الدولية عقب استكشافها قيمة ورقة البحر الأحمر وأهميته لابتزاز المجتمع الدولي.
يمن فيوتشر: تحليل: بعد أفول حماس… الحوثيون يظلون آخر أوراق إيران في الشرق الأوسط
إن موافقة حركة حماس على مبادرة الرئيس دونالد ترامب في بيانها الصادر في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2025 — والتي جاءت بـ«نعم واحدة» و«العديد من الرفضات» — شكّلت بداية أفولها السياسي.
فالمقترح الأميركي، الذي حظي بدعم واسع من الفلسطينيين والعرب والمسلمين، مثّل فرصة نادرة لانتشال غزة من دوامة العنف، وتحييد أحد آخر الوكلاء الإرهابيين لإيران الذين خنقوا القطاع منذ انقلاب عام 2007، مخلفين الدمار والموت.
وتدرك حماس أن اعتراضاتها لم تعد ذات أثر، بعد أن اتفقت السلطة الفلسطينية والعالمان العربي والإسلامي على إنهاء مأساة غزة في إطار تعهد من ترامب بإطلاق برنامجٍ لإعادة الإعمار والسلام والازدهار على غرار “خطة مارشال”.
في الأشهر الأولى من ولايته الثانية، كثّف الرئيس ترامب وفريقه جهودهم لحل النزاعات المستعصية في الشرق الأوسط، سعيًا لإبراز صورة جديدة لأمريكا كقوة فاعلة من أجل السلام والتعاون والازدهار — وهي جهود تستحق تقديرًا دوليًا مستحقًا.
ومع ذلك، لا يزال أمام الإدارة الأميركية مهمة حاسمة غير مكتملة في المنطقة، تتمثل في استكمال عملية “الفارس الخشن” (Operation Rough Rider)، الرامية إلى إنهاء التهديد الحوثي للملاحة الدولية.
توقفت الحملة في أعقاب الوساطة العُمانية ووعود الحوثيين بوقف الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن، لكن الجماعة سرعان ما نكثت وعودها.
واليوم، يجدد الحوثيون تهديداتهم مجددًا، بل أعلنوا فرض عقوبات على شركات شحن أميركية، مدفوعين بوهم الانتماء إلى ما يسمى بـ”محور المقاومة” الإيراني.
ولذلك، فإن الحلّ يجب أن يكون شاملًا — سياسيًا وأمنيًا ومستدامًا.
لا يُبدي الحوثيون أي اكتراثٍ لمعاناة اليمنيين الخاضعين لسيطرتهم؛ فالموت والنزوح والمجاعة لا تعني لهم شيئًا ما داموا يخدمون أجندة إيران التوسعية. ومن ثم، تتطلب الاستراتيجية الفاعلة خنق مصادر تمويلهم ودعمهم اللوجستي، وقطع خطوط الإمداد جوًا وبرًا وبحرًا، عبر رقابة دولية مشددة على الموانئ والمعابر، وتعزيز قدرات خفر السواحل والأمن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن، وتقديم حوافز واقعية لقوات الأمن المحلية، وصولًا إلى تحييد موانئ الحديدة الثلاثة نهائيًا.
ومن دون هذه الإجراءات، سيستحيل تفكيك شبكات التمويل والتسليح التابعة للحوثيين، والتي تُغذَّى عبر إيران وأحيانًا من خلال الصين وكوريا الشمالية وروسيا، باستخدام الموانئ والمسارات البرية في مناطق خاضعة للحكومة المعترف بها دوليًا، إضافة إلى الممرات غير المشروعة عبر القرن الأفريقي.
ويُحسب للقوات الأمنية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي والمقاومة الوطنية نجاحها مؤخرًا في إحباط عدة محاولات تهريب، مما يؤكد موثوقيتها كشريك جدير بثقة المجتمع الدولي، في مقابل تقارير تشير إلى تورّط أطراف داخلية في التواطؤ مع الحوثيين.
🔹 الاستراتيجية المقترحة:
أولًا: تشكيل تحالف منضبط.
على واشنطن بناء تحالف عملي يضم دولًا إقليمية وغربية لتنسيق الجهود الأمنية، وفرض حصار لوجستي على الحوثيين، وتطبيق العقوبات بصرامة.
ثانيًا: تعزيز المراقبة والسيطرة.
يتعين على الولايات المتحدة وشركائها تدريب وتمويل وحدات خفر السواحل والأمن البحري في خليج عدن، وتمكين الأجهزة الأمنية المحلية بالتعاون مع الدول المانحة، للحد من عمليات التهريب.
ثالثًا: ربط الأمن بالاستقرار الإنساني.
ينبغي ألا يغفل التحالف المناهض للحوثيين البُعد الاقتصادي والإنساني، عبر مشاريع إغاثة وتنمية في المناطق المحررة ترتبط بشبكات أمنية محكمة تحول دون عودة الفوضى أو تسلل السلاح.
هزيمة المشروع الحوثي ليست ترفًا سياسيًا، بل ضرورة أمنية دولية.
فاستكمال المسار الذي أطلقته إدارة ترامب يتطلب إرادةً سياسية تُمكِّن السلطات الشرعية المحلية وتُضعِف وكلاء إيران في المنطقة. فالواقع القائم لم يعد كافيًا، والمهام المتبقية يجب أن تُستكمل على نحوٍ متكامل — سياسيًا وأمنيًا وإنسانيًا — وبالتزام مشترك من القوى الكبرى والدول الإقليمية.
إمّا إتمام المهمة والقضاء على التهديد الحوثي نهائيًا، أو تركها ناقصة ومشاهدة دورة العنف تعود من جديد. وهذه مسؤولية جماعية.
وفي ظل قيادة ترامب، فإن استكمال هذه المهمة سيكون تجسيدًا لالتزام أميركا ببناء شرق أوسط يسوده السلام والازدهار
يمن مونيتور: صدمة “خطة ترامب”.. هل فقد الحوثيون “ورقة فلسطين”؟ إرباك أيديولوجي يضرب الجماعة بعد موافقة حماس
أحدثت الموافقة الجزئية لحركة حماس على اتفاقية السلام وتبادل الأسرى التي طرحتها إدارة ترامب ارتباكًا واضحًا داخل الأوساط الحوثية، القيادة السياسية والدينية في صنعاء اعتبرت ما جرى طعنةً في ظهر «محور المقاومة»، فيما تباينت ردود الفعل بين سلوكٍ رسمي متوازن نسبياً وخطاب حاد خرج من أذرع إعلامية وصفوف صفّ ثاني من القيادات، في محاولةٍ تُقرأ كجهد لإعادة تشكيل السرد الداخلي وتدارك فراغ الرمزية الذي أحدثته التطورات الفلسطينية.
الرد الحوثي اتخذ وجهاً مزدوجاً، من جهة بدا محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي، حريصًا على نبرة هادئة نسبياً حين قال إن «السلام لا يُبنى بالتهديد، والولايات المتحدة ليست وسيطًا بل طرفًا في العدوان»، واصفًا ما يُعرف بصفقة ترامب بـ«صفقة العار». ومن جهة أخرى ظهرت تغريدات ومقالات من قيادات أدنى حدةً تصف الاتفاق بـ«الاستسلام التاريخي» و«الصفقة الملعونة» التي تمنح الاحتلال غطاءً شرعياً جديدًا، ما دفع بساحة التواصل الحوثية إلى حالة من الارتباك الإعلامي وتضارب الرسائل.
تصاعدت المواقف على مستوى قواعد الحوثيين. تناقلت حسابات وحشود إلكترونية عبارات تندد وتستنفر؛ من ذلك منشور لأكرم حجر، صحفي حوثي على منصة X، جاء فيه:” هل تدركون حجم الجرائم التي ارتكبتها السعودية ولازالت بحق الشعب اليمني؟! لقد مزقت نسيج الوطن الواحد، وبعثرت النسيج الاجتماعي، وزرعت أفاعي سامة تلسع الشعب بسمومها الخبيثة، هذه ليست حربًا عابرة، إنها إبادة ممنهجة تستهدف الوجود اليمني كله!”
هذا النوع من الخطاب يعكس غضبًا حوثياً ملموسًا يحول الانتباه من أزمة الهوية الرمزية (فقدان موضع فلسطين كقضية تبريرية موحّدة) إلى تأجيج مشاعر العداء تجاه خصوم إقليميين، وتغذية روايات انتقامية من دول الخليج تحديدا.
منشورات مثل منشور أكرم تُستخدم كوقودٍ تعبوي لإضفاء شرعية تاريخية على سياسات الجماعة واليات تعبئتها، وتعمل كدليل على أن الساحة الداخلية ليست في حالة صمت أو قبول؛ بل في طور إعادة إنتاج خطاب يستبدل الرمز الخارجي المفقود بمشاعر استياء محلية موجهة.
انقسام غير معلن
يقول نبيل البكاري، محلل سياسي،: ” حتى الآن لا يوجد موقف حوثي صريح من موقف حماس تجاه مبادرة ترمب بالسلام ووقف الحرب في غزة مما يعني أنهم أيضا في حالة ارتباك تام مما جرى”.
ويرى البكاري في حديثه لـ”يمن مونيتور”، أن الحوثيين مستاؤون من موقف حماس؛ لأنه في حال تحقق السلام في غزة سيفقد الحوثيون أهم ورقة سياسية يزايدوا بها ويدغدغوا بها العواطف ويستخدمونها للمناورة في الداخل اليمني لضرب كل صوت يطالبهم بحقوقه وخدمات باعتبارهم سلطة الأمر الواقع في مناطق سيطرتهم.
داخل صفوف الجماعة، ثمة انقسام غير معلن، جناح يُطالب بضبط النبرة وعدم مهاجمة الفصائل الفلسطينية علنًا خشية تفكك «محور المقاومة»، وآخر يرى في أي صمت موقفًا مخاتلاً قد يُفهم على أنه تواطؤ. مصادر محلية تشير إلى أن قيادة الجماعة لجأت إلى بث خطابات قديمة لعبدالملك الحوثي وتكرار مفردات مثل «القدس رمز لا يُساوم عليه» و«الحق لا يقاس بالأشخاص» لتثبيت حالة الولاء، وإقناع القواعد بأن ما يحدث اختبار إيماني أكثر منه فشلًا سياسياً.
الضغوط تظهر أيضًا من القواعد الشعبية الميدانية؛ عناصر شابة ومقاتلون سابقون عبّروا عن خيبة أمل وشكّ في المشروعية الرمزية التي كانت تُقدّم لهم في دورات تدريبية وثقافية عامّة. بعض القنوات والمجموعات على تيليغرام وفيسبوك دعت إلى معاقبة المطبعين وتوجيه اللوم لإيران على «صمتها»، بينما ظهر منسوب عالٍ من رسائل التحريض التي تطالب بالاستعداد لمرحلة جديدة من الصراع.
ردود قيادية أخرى أعادت صياغة الأجندة لتشمل شماعات جديدة: الخطاب تحول إلى تحذير من «الخطر الأمريكي والإسرائيلي في البحر الأحمر وباب المندب»، وإلى تكرار اتهامات لدول خليجية بأنها «خُذلت الأمة» و«تتآمر على القضية». هذا التحول ليس بريئًا؛ فهو يخدم غرضين متوازيين، هما تشتيت الانتباه عن الفشل الاقتصادي والاختراقات الأمنية الداخلية، وإعادة تعبئة القواعد عبر خلق عدو خارجي قابل للعدّ وخصومة.
تغطية أخبار الضربات الإسرائيلية
تكتيك الإعلام الحوثي احتوى بعدًا عمليًا آخر، تضخيم وترويج أخبار الضربات الإسرائيلية على غزة، مع التركيز على صور الضحايا والقصص الإنسانية المأساوية. هذا التضخيم يخدم وظيفة مزدوجة؛ أولاهما تشتيت داخلي عن نقاط الضعف، وثانيتهما محاولةٌ لإعادة حشد مشاعر الغضب التي قد تدفع فصائل فلسطينية لإعادة التفكير في توازناتها أو حتى الانسحاب من بنود الاتفاق، ما يطيل أمد الصراع ويُحمّل الحوثيين نصيبًا من «الاستمرار في القضية» التي طالما وظفوها لتبرير سلطتهم. واستخدامه كأداة استراتيجـية لإبقاء الملف الفلسطيني عاملاً حيويًا في حساباتهم الداخلية والخارجية.
في المشهد التكتيكي، صدرت تصريحات أخرى تُحيك هذا السرد؛ من بينها تصريحات نسبت إلى قيادات داخل الحركة تقول إن «الكرة الآن في ملعب الدول العربية والإسلامية لمساندة حماس»، بينما نادت أصوات شعبية موالية للحوثيين على منصات التواصل بمواقف عدائية تجاه دول خليجية، معتبرةً أن حكوماتها مسؤولة عن المآسي في اليمن. هذه الخطابات تعمل على خلق عداءٍ داخلي يتحول بدوره إلى ملصق لحشد الجماهير، ويبرر تَشديد القبضة الأمنية وتكثيف الدعوات للتعبئة والجباية تحت عنوان «الاستعداد للمواجهة».
أزمة السلام
“ربما إذا ما مضى مبادرة ترمب إلى نهايته وتوقف الحرب في غزة، سيتجه ترمب وحلفائه إلى تصفية حساباتهم مع إيران ووكلائها في المنطقة وفي مقدمتهم الحوثيين الذين دخلوا في دائرة الاستهداف الأمريكي والإسرائيلي”، يضيف البكاري.
ويرى عبدالستار الشميري، محلل سياسي أيضا، أن الاحتياجات الايرانية الحالية تستدعي ان تنشط المصد الحوثي؛ لأنه لا مصد اخر يمكن تنشيطه. وبما ان الحوثي هو رادار لاتجاهات السياسة الخارجية الايرانية، فاعتقد انه سيواصل نشاطه على الاقل في البحر الاحمر، بحجج جديدة.
“إيران ستخترع للحوثي شماعة جديدة”، يقول الشميري، و “لكن واقع الامر أن المجتمع الدولي والاتحاد الاوروبي تحديدا سيتحسن موقفه تجاه الغضب نحو الحوثي والانتقال من دائرة الدفاع على السفن فقط إلى دائرة الانخراط مع امريكا وبريطانيا في الهجوم المباشر على الحوثي”.
بمعنى أخر أن هناك شرط موضوعي متوفر الان وهو الغضب الخارجي وإذا ما تعانق هذا الشرط مع الشرط الذاتي وهو جاهزية الشرعية للزحف وضرب الحوثي من الداخل في حال توفر الدعم‘ فإن الحوثي سيسقط. ولكن ليس ضربة واحدة ولكن ستجفف مصادر التمويل سيتلقى ضربات موقعة، كما يعتقد الشميري.
ويضيف في حديثه لـ”يمن مونيتور”:” مع الزمن يمكن أن يحاصر أو يضعف تدريجيا وبعد فترة من الزمن قد تطول أو تقصر، يمكن أن نقول أن الجماعة الحوثية أزمة، وسوف تعود إلى أماكن محددة في الخارطة المتسعة التي هم فيها مثل عمران. لكن هذا ليس بالقريب. وهذا التنبؤ مشروط بجاهزية الشرعية وتحركها، أما إذا بقيت في هذا الموقف دون حركة والاعتماد على الخارج فقط. فاعتقد أننا امام سيناريو أخر يقول ان الحوثي سيظل قادر على البقاء والاستمرار لكن لا يملك القدرة على الاستقرار”.