"من يتصدى للمشروع الإيراني في اليمن؟": متابعات الصحف العربية والأجنبية
الأحد 12/أكتوبر/2025 - 12:12 م
طباعة

تقدم بوابة الحركات الاسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية والعالمية بخصوص الأزمة اليمنية، ومشاورات السويد، والدعم الإيراني للحوثيين، بكافة أشكال الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات– آراء) اليوم 12 أكتوبر 2025.
الاتحاد: 5400 انتهاك حوثي ضد القطاع الصحي في اليمن
أكد تقرير حقوقي أن ميليشيا الحوثي الإرهابية ارتكبت 5423 انتهاكاً بحق القطاع الصحي والعاملين فيه في عدد من المحافظات اليمنية، خلال الفترة من 2017 حتى 2024م.
وأوضحت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، في تقريرها، أن الانتهاكات شملت القتل والإصابة والاختطافات والإخفاء القسري وتدمير المرافق الصحية، إلى جانب الاستيلاء على سيارات الإسعاف والمساعدات الطبية وتحويلها لأغراض عسكرية.
تزامناً، تشهد بعض المحافظات اليمنية تفشياً متزايداً لمرض «الكوليرا»، مما يفاقم تداعيات الأزمة الإنسانية الحادة التي يُعانيها ملايين اليمنيين منذ أكثر من 10 أعوام. وبحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، فإن اليمن سجل في الـ18 شهراً الماضية أكثر من 332 ألف إصابة بالكوليرا، و1073 حالة وفاة.
واعتبر مدير مكتب حقوق الإنسان في أمانة العاصمة صنعاء، فهمي الزبيري، أن الكوليرا في اليمن يُعد وباءً يتغذى على الحرب التي أشعلتها جماعة الحوثي، وأدت لانهيار البنية التحتية، بما في ذلك شبكات المياه والصرف الصحي، مما أجبر ملايين السكان على استهلاك مياه ملوثة. وأوضح الزبيري، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن تلوث مياه الشرب واختلاطها بالصرف الصحي في القرى والمدن شكل بيئة مثالية لانتشار مرض الكوليرا، مشيراً إلى أن الفقر وانعدام الأمن الغذائي جعل أجساد الأطفال والنساء أكثر هشاشة أمام الأمراض المعدية. وقال: إن الأطفال والنساء هم الضحايا الأبرز للوباء، إذ يشكل الأطفال دون سن الخامسة الفئة الأكثر عرضة للوفاة، بسبب الجفاف الناجم عن الإسهال الحاد، إضافة إلى أن تفشي المرض يفاقم أزمات الفقر والنزوح.
من جانبه، أوضح وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان اليمنية، نبيل عبد الحفيظ، أن اليمن يواجه حالة صحية صعبة مع تزايد الإصابات بمرض الكوليرا خلال فصل الصيف، مشيراً إلى أن وزارة الصحة اليمنية تبذل جهوداً متواصلة للتعامل مع المرض في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، لكن المشكلة تكمن في مناطق سيطرة الحوثيين، لا سيما السواحل الغربية، حيث تزداد حالات الإصابة بالوباء.
وقال عبد الحفيظ، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن جماعة الحوثي تعمدت إغلاق بعض المستشفيات، وخصصت بعضها لعلاج عناصرها، فيما حرم المواطنون من خدماتها.
وأضاف أن الجماعة الانقلابية رفضت توزيع اللقاحات خلال جائحة «كورونا» واعتبرتها سلاحاً خارجياً، مما أدى إلى وفاة مئات المواطنين، مشيراً إلى أنها حولت وزارة الصحة في مناطق سيطرتها إلى سوق سوداء للأدوية بعد نهبها وإعادة بيعها بأسعار مرتفعة.
العين: إنجاز وتهديد.. ماذا تكشف شحنات السلاح عن استراتيجية الحوثي؟
مع كل شحنة سلاح تُضبط للحوثيين، يتضح أن المعركة مع المليشيات لم تعد في الميدان فحسب، بل في الموانئ والممرات التجارية التي تحوّلت إلى شرايين تهريب معقدة.
فالشحنة الأخيرة في ميناء عدن -بما ضمته من معدات لتصنيع الطائرات المسيرة والمحركات- لم تكن مجرد إنجاز أمني، بل إنذار صريح بأن الحوثيين يقتربون من امتلاك قدرة إنتاج السلاح داخل اليمن، بدعمٍ إيراني يزداد خفاءً وتنظيماً، يهدد أمن اليمن والمنطقة على السواء.
استمرار ذلك الدعم رغم ما مُنيت به أذرع إيران في المنطقة من ضربات وخسائر، يطرح تساؤلات جمّة، حول أسباب مراهنة إيران على مليشيات الحوثي.
تساؤلات يجيب عنها باحثون وخبراء يمنيون، يرون أن التحول الأخطر هو انتقال مليشيات الحوثي من استخدام سلاح مهرب إلى امتلاك قدرة تصنيعه ذاتيا كما كشفت عنه شحنة ميناء عدن مؤخرا.
وضمت الشحنة المصادرة مؤخرا في ميناء عدن، أكثر من 2500 طن من الأسلحة بما فيه معدات متكاملة لإنشاء مصانع طائرات مسيرة ومحركات نفاثة وأنظمة اتصالات متطورة.
قلق متزايد
ورأى رئيس مركز سوث 24 للدرسات والبحوث في عدن يعقوب السفياني، أن تساقط شحنات السلاح الحوثية يبرهن على «أن الجماعة تسعى للانتقال من مجرد استخدام سلاح مهرب إلى امتلاك قدرة تصنيع ذاتي داخل اليمن، وهو تطور خطير يجعلها أكثر استقلاليتها في إدارة المعركة».
وفي حديث لـ«العين الإخبارية»، يعتقد السفياني، أن الرهان الإيراني على الحوثيين سيظل حاضرا، باعتبار أن أي تعزيز لقدراتهم العسكرية يصب مباشرة في خدمة النفوذ الإيراني الإقليمي.
ولفت إلى أن «ما يثير القلق هو أن عملية التهريب تتم بغطاء تجاري، عبر حاويات تبدو في ظاهرها مدنية؛ ما يعكس وجود شبكات منظمة تتقاطع مع التجارة الدولية وتستفيد من ثغرات الرقابة».
وأكد السفياني أهمية "تشديد الفحص في الموانئ باستخدام تقنيات حديثة، وربط بيانات الشحنات بأنظمة إنذار مبكر، إلى جانب تعاون إقليمي ودولي يركز على تبادل المعلومات عن الشحنات المشتبه بها".
وأشار إلى أن «استهداف الشركات الواجهة والكيانات المالية التي تغطي مثل هذه العمليات، مع إدراك أن نجاح أي عملية ضبط، مثل شحنة ميناء عدن الأخيرة، يمثل ضربة مزدوجة للحوثيين وللنفوذ الإيراني الذي يتغذى على استمرار هذه الإمدادات».
آخر مصد
في السياق نفسه، رأى الخبير العسكري اليمني العميد ركن ياسر صالح أن تساقط شحنات السلاح يكشف أن إيران «ما زالت تراهن على مليشيات الحوثي كسلاح استراتيجي، عقب خسارتها كثيرا من المصدات».
وأوضح صالح في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن إيران تراهن على الحوثي "نظراً لعوامل الحماسة والتهور التي تقوم عليها المليشيات، للضغط على المستوى الإقليمي وعلى المستوى الدولي بما يخدم أجندة إيران سواءً التوسعية أو أجندة مفاوضاتها الدولية وتستطيع من خلاله أن تفرض نفسها كرقم صعب في معادلة الأمن والسلم الإقليمي وكذلك معادلة الأمن والسلم الدولي".
عناصر تابعة لمليشيا الحوثي - أرشيفية
ولفت إلى أن شحنات السلاح المضبوطة تكشف عن تدخلات دولية تقف خلف تهريب السلاح للحوثيين وهو «منحنى جديد في منحنى العلاقات الحوثية وارتباطها بأبعاد إقليمية ودولية».
وأكد أن «التهريب كان يتم عبر سفن وقوارب صيد لكن اليوم بات عبر سفن تجارية ومكافحتها أمر غاية في الصعوبة مما يتطلب إيقاف كل الموانئ الخاضعة للحوثيين لمنع وصول مثل هذه السفن إضافة إلى تحرك دولي وإقليمي يتم من خلاله توجيه الضغط الدولي في كل من يحاول إرسال السلاح للحوثيين».
من جهة أخرى، يحتاج إحباط شحنات السلاح إلى عمل استخباراتي كبير من أصحاب المصالح الحيوية في البحر الأحمر ومن الحكومة اليمنية بشكل خاص، وزيادة وتفعيل آلية تفتيش الأمم المتحدة العاملة في جيبوتي وتزويدها بقدرات أكبر، وفقا لصالح.
العربية نت: تقرير: تصاعد مروع لحالات الانتحار في مناطق سيطرة الحوثيين
كشفت مؤسسة تمكين المرأة اليمنية (YWEF) في تقرير حقوقي جديد عن تصاعد مروّع في معدلات الانتحار خلال السنوات العشر الماضية، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي.
واعتبرت المنظمة في تقرير بعنوان "بين القهر والخذلان: الانتحار في اليمن"، الظاهرة "انعكاساً لانهيار منظومة الدعم النفسي والاجتماعي في البلاد".
وأوضح التقرير الصادر بالتزامن مع اليوم العالمي للصحة النفسية (10 أكتوبر)، أن الحرب والفقر واليأس المستمر دفع آلاف اليمنيين إلى إنهاء حياتهم، مشيراً إلى أن 78% من حالات الانتحار سُجلت في مناطق سيطرة الحوثيين.
وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، يسجل اليمن أكثر من 1,660 حالة انتحار سنوياً بمعدل 5.2 لكل 100 ألف نسمة، فيما يُقدّر عدد الحالات المسجلة خلال الفترة من 2015 إلى 2025 بما بين 13 و16 ألف حالة.
وذكرت المؤسسة أن فريقها الميداني وثق 200 حالة انتحار بالأسماء والتفاصيل في 18 محافظة، معظمها في مناطق الحوثيين، من بينها 34 طفلاً و32 امرأة و64 معلماً وموظفاً حكومياً، تصدرت محافظات إب وتعز وصنعاء وذمار قائمة المحافظات الأعلى في المعدلات.
وأشار التقرير إلى أن الابتزاز الإلكتروني والعاطفي كان سبباً مباشراً في نحو 22 في المئة من حالات انتحار النساء والفتيات، مؤكداً أن اليمن يشهد انهياراً شبه كامل في خدمات الصحة النفسية، حيث لا يتجاوز عدد الأطباء النفسيين 60 طبيباً فقط، فيما أُغلق نحو 80% من المراكز والعيادات المتخصصة.
وقال التقرير إن "الانتحار في اليمن لم يعد قراراً فردياً بل نتيجة تراكمات قهرية تواطأت فيها الحرب والفقر والعزلة وانعدام العدالة"، موضحاً أن المؤسسة وثّقت في ملحق خاص بعنوان "شهادات من الميدان" قصصاً إنسانية مؤلمة، منها انتحار طفل يبلغ 12 عاماً بعد حرمانه من المدرسة، وطالبة بعد تعرضها لابتزاز إلكتروني، ومعلم عقب انقطاع راتبه واعتقاله، إضافة إلى مخترع شاب أنهى حياته بعد مصادرة ابتكاراته.
وفي بيان مرفق بالتقرير، قالت المؤسسة إن "الحرب لم تكتفِ بقتل اليمنيين بالقذائف، بل دفعت الآلاف منهم إلى قتل أنفسهم تحت وطأة الفقر والخذلان واليأس"، معتبرة أن "السكوت عن الانتحار تواطؤ مع الألم".
وطالبت مؤسسة تمكين المرأة اليمنية بإنشاء برنامج وطني للدعم النفسي والاجتماعي بإشراف منظمة الصحة العالمية واليونيسف، وإعادة تفعيل إدارة الصحة النفسية في وزارة الصحة اليمنية، وإطلاق خط ساخن وطني مجاني لتقديم الدعم النفسي، وتمكين منظمات المجتمع المدني من تنفيذ حملات توعية لكسر الصمت حول الظاهرة.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن "الانتحار في اليمن لم يعد فعلاً فردياً بل نتيجة مباشرة للسياسات القهرية والفقر المدقع وانهيار قيم الأمل"، داعياً المجتمع الدولي إلى التعامل مع الظاهرة باعتبارها قضية حقوق إنسان تستدعي استجابة عاجلة.
الشرق الأوسط: برلين تدعو الحوثيين لمراجعة أنفسهم: إمّا الشراكة والسلام أو الصراع
منذ اندلاع الصراع في اليمن، انتهجت الدبلوماسية الألمانية نهجاً حذراً وهادئاً في التعاطي مع هذا الملف بالغ التعقيد، ما جعل إجراء أول حوار صحافي مع سفير ألماني يأتي بعد مرور عقدٍ كامل على نزاعٍ خلّف واحدةً من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
سعى توماس شنايدر، السفير الألماني لدى اليمن، في حواره مع «الشرق الأوسط»، إلى توضيح الرؤية الألمانية حيال الأوضاع في البلاد، مشيراً إلى أن برلين تتعامل مع الملف اليمني من منظورٍ شاملٍ يراعي خصوصية المنطقة، ويركّز على مساعدة اليمنيين في إيجاد السبل الكفيلة بالمضي قدماً نحو استقرار بلادهم ونهوضها.
وفيما لم يخفِ شنايدر، الذي عُيّن في أغسطس (آب) الماضي، قلق بلاده البالغ إزاء الهجمات الحوثية التي تستهدف الملاحة المدنية في البحر الأحمر، واحتجاز موظفي الأمم المتحدة، دعاهم إلى أن « يراجعوا أنفسهم، فيما إذا كانوا يريدون أن يكونوا شركاء في السلام أم الاستمرار في طريق الصراع والانقسام».
وقال الدبلوماسي الألماني، الذي يعكف حالياً على قراءة مذكرات المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، إن «اليمن بحاجة إلى حكومة قوية وموحّدة، كما أن المجتمع الدولي يحتاج إلى شريك يمني فاعل يمكن الاعتماد عليه»، داعياً الأطراف اليمنية إلى مناقشة خلافاتهم الداخلية والتوصّل إلى تسويات وتوافقات تُمكّنهم من التحرك بشكلٍ مشترك وفعّال.
عن التنسيق مع السعودية التي خدم فيها سابقاً، أكّد السفير الألماني أن المملكة دولة محورية ورائدة في العالمين العربي والإسلامي، وأن ما تقوله بشأن اليمن مهم جداً بالنسبة لألمانيا، مضيفاً: «لا يمكن التوصل إلى حلّ للأزمة اليمنية من دون السعودية».
وتعتقد برلين، بحسب السفير، أن على طهران التصّرف بما لا يشكّل تهديداً لجيرانها أو للمجتمع الدولي، مشيراً إلى أن إيران «إن كانت جادة في سعيها لتعزيز الاستقرار الإقليمي، فإن اليمن يمثّل الاختبار الحقيقي لإثبات حسن نيتها».
علاقات تاريخية
وأوضح السفير شنايدر أن العلاقات بين اليمن وألمانيا قديمة وتاريخية وعميقة جداً، في ظل وجود تعاون وثيق في مجال التنمية، وحضور واسع للوكالات والمؤسسات التنموية الألمانية في اليمن. وأضاف: «أما اليوم، فاهتمامنا ينصبّ على أصدقائنا اليمنيين الذين يمرّون بمرحلة صعبة من تاريخهم، ونحن نحاول مساعدتهم على إيجاد سبل للمضي قدماً والنهوض ببلادهم».
وتابع بقوله: «بطبيعة الحال، ألمانيا لديها مصالحها أيضاً، فنحن معنيون بضمان أمن وسلامة الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب، وهو أمر في غاية الأهمية، كما نهتم بالحدّ من الهجرة غير النظامية التي تمرّ عبر اليمن من أفريقيا إلى أوروبا، لكننا نهتم أولاً وقبل كل شيء بسلامة ورفاه الشعب اليمني، ونسعى لضمان عدم حدوث أزمة غذاء أو مجاعة نتيجة الظروف الحالية».
وأضاف السفير قائلاً: «أودّ أن أضيف أننا نرى اليوم أن الترابط بين أزمات المنطقة أصبح أوثق من أي وقت مضى، فكل ما يحدث في اليمن يؤثر على ما يحدث في غزة، والعكس صحيح. لذلك نتعامل مع المنطقة بمنظور شامل، واليمن يشكّل جزءاً محورياً من هذا المنظور».
حكومة يمنية قوية
اليمن يحتاج إلى حكومة قوية وموحدة، والمجتمع الدولي يحتاج إلى شريك يمني قوي وفاعل، بحسب السفير الألماني، الذي أكّد أن «أي حكومة تزداد قوة، كلما كانت أكثر وحدة، وهذا مبدأ ينطبق على كل الحكومات في العالم».
وقال: «من المهم أن يتأكد اليمنيون من أن جميع الأطراف الفاعلة تسير وفق رؤية واحدة، وتنسّق مواقفها، وتتوصل إلى موقف مشترك، لأن ذلك يصبّ في مصلحة الشعب اليمني أولاً، ويسهّل التعامل مع المجتمع الدولي ثانياً».
وتابع: «نحن نشجّع أصدقاءنا في اليمن على مناقشة خلافاتهم الداخلية والتوصل إلى تسويات وتوافقات تسمح لهم بالتحرك بشكل مشترك وفعّال، فذلك ضروري لليمن ولشركائه على حد سواء».
إما السلام أو الصراع
في ردّه على سؤال بشأن الموقف الألماني من جماعة الحوثي، وسيطرتها على العاصمة صنعاء، أفاد شنايدر أن برلين تتابع على مدى السنوات العشر الماضية ما حدث في اليمن. وقال: «للأسف شهدنا عسكرة الصراع، وسيطرة الجماعات المسلحة على مساحات واسعة من البلاد، وهذا وضع يجب تجاوزه سريعاً. على جميع أصحاب المسؤولية في اليمن أن يعملوا على إنهاء العنف واللجوء إلى الحوار لإيجاد حلّ سلمي للأزمة، بيد أنه لا يبدو في الوقت الحالي أن الحوثيين يساهمون في هذا الاتجاه».
وأضاف: «نحن قلقون للغاية من هجمات الحوثيين على الملاحة المدنية في البحر الأحمر، إذ يُستهدف مدنيون وعمال على متن السفن، وهذا أمر غير مقبول إطلاقاً، كما شهدنا احتجاز موظفين تابعين للأمم المتحدة، وهو تصرّف نُدينه بشدة، لأن موظفي الأمم المتحدة موجودون لخدمة الشعب اليمني، وهم يمثلون المجتمع الدولي، ومن يرتكب مثل هذه الأفعال يجب أن يسأل نفسه؛ إلى أي مدى يمكن اعتباره شريكاً في تحقيق السلام؟».
ودعا السفير الألماني الحوثيين إلى أن «يراجعوا أنفسهم فيما إذا كانوا يريدون أن يكونوا شركاء في السلام أم الاستمرار في طريق الصراع والانقسام». وتابع: «وزير خارجيتنا أوضح ذلك قبل أيام في الكويت، عندما أكّد أننا لا نقبل الطريقة التي يتصرف بها الحوثيون، وندعو الجميع في اليمن إلى بذل جهد إضافي وإثبات استعدادهم الفعلي لتسوية سلمية للأزمة».
تنسيق قوي مع السعودية
وأكّد السفير توماس شنادير دعم بلاده بشكل كامل للأمم المتحدة ومبعوثها الخاص هانس غروندبرغ، مبيناً أنه يقوم بعمل ممتاز في بيئة بالغة الصعوبة، مضيفاً: «علينا جميعاً أن نقدّر حجم التحديات التي يواجهها، فهو يمتلك خبرة طويلة ويفهم جيداً ما هو على المحك، ندعو جميع الأطراف إلى التعامل بإيجابية مع مقترحاته، والتعاون معه لتحقيق تقدم فعلي».
وتحدث شنايدر عن تنسيق قوي وعميق مع السعودية في الملف اليمني، مؤكداً أن «المملكة العربية السعودية دولة محورية ورائدة في العالمين العربي والإسلامي، وهي الجار المباشر لليمن، وتربطهما علاقات تاريخية متجذّرة».
وقال: «نحن نقدر السفير محمد آل جابر، الذي يمتلك معرفة عميقة وخبرة طويلة في الملف اليمني، وقد سعدت بلقائه أكثر من مرة، كما يعيش كثير من اليمنيين في المملكة، وما تقوله السعودية بشأن اليمن مهم جداً بالنسبة لنا، لدينا مصالح وتحليلات مشتركة، ونقدّر الثقة التي تعززت بين برلين والرياض في الآونة الأخيرة حول عدد من القضايا الإقليمية، من بينها الملف اليمني».
وتابع: «من الواضح أنه لا يمكن التوصل إلى حلّ للأزمة اليمنية من دون السعودية، وقد أكّدت المملكة بوضوح أنها تريد حلاً سلمياً، ونحن نتفق تماماً معها في هذا الهدف».
ولألمانيا حضور طويل في اليمن في مجالات التنمية الاقتصادية والمساعدة الإنسانية، وفقاً للسفير شنايدر. مبيناً أنه «منذ عام 2015، قدّمنا دعماً كبيراً لليمن في مجالات المساعدات الإنسانية والتنمية، حيث بلغ حجم الدعم المقدم مليارات الدولارات، وعلى الرغم من تغير هذا المبلغ سنوياً، فإن مساهمتنا كانت بارزة في السنوات الماضية، ليس من حيث التمويل فقط، ولكن أيضاً من خلال تقديم الخبرة المتخصصة والموظفين الذين عملوا في اليمن».
وأضاف: «نواصل تقديم المساعدات الإنسانية، خصوصاً مع مخاوفنا من عودة أزمة الغذاء، وسنستمر في دعم اليمنيين، كما سنفعل كل ما بوسعنا لتفادي تفاقم الوضع الإنساني».
دور إيران في اليمن
اليمن هو الاختبار الحقيقي لإثبات حسن نوايا إيران، واستعدادها للمساهمة في استقرار المنطقة. على حدّ تعبير السفير الألماني، الذي أضاف قائلاً: «كان وزيرنا واضحاً تماماً في هذا الشأن (الدور الإيراني في اليمن) خلال اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، ومجلس التعاون في الكويت، لقد قال إن الحوثيين يشكلون تهديداً لأمن الملاحة البحرية، وبالتالي للتجارة العالمية. ومن الواضح أن وراءهم أطراف داعمة، وعلى رأسها إيران، التي ينبغي أن تسأل نفسها عن الدور الذي تريد أن تلعبه في المنطقة؛ هل تريد أن تكون جزءاً من الحل أم من المشكلة؟».
وأضاف شنايدر: «لدينا خلافات مع طهران حول ملفات، مثل الانتشار النووي، لكنها تبقى دولة مهمة في المنطقة، ومن الضروري أن تتصرف بطريقة لا تشكل تهديداً لجيرانها أو للعالم، وإذا كانت إيران ترغب فعلاً في تعزيز الاستقرار الإقليمي، فإن اليمن هو الاختبار الحقيقي لإثبات حسن نيتها، واستعدادها للمساهمة في استقرار المنطقة».
هل انتهى موسم استثمار الحوثيين مأساة غزة؟
مع بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بدت الجماعة الحوثية في حالة ارتباك وتوجس من المرحلة المقبلة، وسط مؤشرات على سعيها لإيجاد مبررات جديدة لاستمرار التصعيد العسكري في البحر الأحمر، وتجنّب مواجهة الغضب الشعبي المتصاعد في مناطق سيطرتها نتيجة تفاقم الأزمة المعيشية وتوقف المساعدات الإنسانية.
فإلى ما قبل عامَيْن، كانت الجماعة تواجه أوسع حركة احتجاج منذ انقلابها على الحكومة الشرعية في نهاية عام 2014، عندما قاد نادي المعلمين والنقابات الموازية مظاهرات، مطالبة بصرف الرواتب وتحسين الأوضاع المعيشية.
غير أن اندلاع الحرب في غزة شكّل طوق نجاة للجماعة التي قمعت المحتجين بتهمة «التعاون مع إسرائيل» و«الانشغال عن نصرة الفلسطينيين»، مستثمرة التعاطف الشعبي مع مأساة غزة لتثبيت قبضتها الأمنية وتبرير فشلها الاقتصادي والإداري.
ومع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، لا يبدو أن الحوثيين سيتخلّون بسهولة عن هذا الاستثمار السياسي والإعلامي؛ فقد وضع زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، ما يمكن وصفها بـ«اشتراطات» لوقف الهجمات على الملاحة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن واستهداف إسرائيل، محذراً مما سمّاه «جولات إسرائيلية جديدة بعد الاتفاق».
وقال الحوثي، في خطابه الأخير، إن جماعته لا تعلم «ما إذا كانت الاعتداءات الإسرائيلية على المنطقة ستتوقف أو تستمر»، في إشارة فُسرت على نطاق واسع بأنها تمهيد لمرحلة جديدة من التصعيد، وربما لاستخدام التهدئة في غزة ذريعة لإشعال جبهة أخرى.
فزع داخلي ومبررات جديدة
يرى سكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء أن حديث الحوثي يعكس نية مبيّتة للبحث عن مبرر جديد لإقحام البلاد في صراع إقليمي للهروب من الاستحقاقات الداخلية، فوفقاً لبيانات الأمم المتحدة، يواجه نحو 3 ملايين شخص في مناطق سيطرة الجماعة خطر الجوع بعد توقف المساعدات الإنسانية بسبب نقص التمويل واستهداف العاملين الإغاثيين من قِبل الحوثيين.
وقال منصور (اسم مستعار لسياسي كبير في صنعاء) لـ«الشرق الأوسط»، إن حديث زعيم الحوثيين عن احتمال استئناف إسرائيل لعدوان جديد، واشتراطه وقف الضربات على اليمن والمنطقة شرطاً لإنهاء هجماته في البحر الأحمر؛ «خلّف حالة من الإحباط لدى قطاع واسع من السكان».
ويضيف أن اليمنيين في مناطق الجماعة «كانوا يأملون أن يفتح اتفاق غزة باباً لتسوية سياسية داخلية تضع حداً لمعاناتهم الممتدة منذ أكثر من 10 سنوات، لكنهم فوجئوا بخطاب يشي باستعداد الحوثيين لإطالة أمد الحرب تحت مبررات جديدة».
ويتابع «منصور» بالقول إن «تأكيد الحوثي استمرار الجهوزية والحذر يعكس فزع الجماعة من انتهاء الأسباب التي بررت صراعاتها الخارجية، ويكشف تصميمها على استثمار التعاطف الشعبي مع الفلسطينيين لتبرير استمرار القمع والجباية وحرمان الموظفين من رواتبهم».
خوف من صراع جديد
من جانبها، تؤكد «منى» (اسم مستعار لناشطة من صنعاء) لـ«الشرق الأوسط» أن الخطاب الحوثي الأخير «أصابها بخيبة أمل كبيرة»، مضيفة أن «الناس كانوا يتطلعون إلى انفراجة قريبة بعد اتفاق غزة، لكن الحوثيين يبدون كمن يبحث عن ذريعة جديدة لإشعال الحرب».
وترى أن «هناك تناغماً واضحاً بين خطاب الحوثيين وتصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين الذين قالوا إن انتهاء الحرب في غزة سيعني انتهاء الهدنة في مكان آخر، في إشارة إلى احتمال نقل التوتر إلى اليمن ولبنان والعراق».
وتضيف منى أن حديث الحوثي عن «استمرار المؤامرات والأطماع الأميركية والإسرائيلية» و«امتداد المعركة إلى كل الأمة»، يشير إلى أن الجماعة تستعد لأداء دور جديد في المنطقة بالنيابة عن طهران، في وقت يرزح فيه ملايين اليمنيين تحت خط الفقر ويُحرمون من الخدمات الأساسية والرواتب منذ سنوات.
توظيف الأزمات الخارجية
يقدم المحلل السياسي أحمد محمود رؤية مغايرة؛ إذ يرى أن خطاب الحوثي ليس سوى استمرار لنهج توظيف الأزمات الخارجية لخدمة بقاء الجماعة في الداخل.
ويقول إن الحوثيين «كانوا قبل أحداث غزة يواجهون موجات من الغضب الشعبي بسبب إضراب المعلمين وفضائح الفساد ونهب الإيرادات العامة، لكنهم استخدموا الحرب في غزة ذريعة لقمع تلك الاحتجاجات واعتقال المئات من الناشطين».
ويضيف أن الجماعة «برعت في استخدام لغة العداء لإسرائيل والولايات المتحدة لتصفية خصومها ووصم أي صوت معارض بالخيانة والعمالة».
ويحذر محمود من أن الحوثيين «سيبحثون الآن عن مبرر جديد للبقاء في حالة حرب؛ لأن أي تهدئة حقيقية ستعني انكشافهم أمام الشعب الذي يئن تحت وطأة الجوع والفقر، وقد تشهد مناطقهم انفجاراً شعبياً غير مسبوق إذا لم يجدوا ذريعة خارجية لتبرير فشلهم».
ويشير إلى أن اعتقال العشرات من موظفي الأمم المتحدة خلال الأشهر الماضية والسيطرة على مكاتبها في صنعاء وصعدة أدى إلى توقف معظم الأنشطة الإغاثية، وهو ما يفاقم الأزمة الإنسانية ويزيد من عزلة الجماعة أمام المجتمع الدولي.
ومع تزايد المخاوف من انخراط الحوثيين في صراع إقليمي جديد مع تصاعد التوتر الإيراني-الأميركي، كان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، تومي بيغوت، أكد أن بلاده «تسعى إلى ممارسة أقصى ضغط على إيران وتستهدف (قوة القدس) التابعة لـ(الحرس الثوري) والمجموعات الموالية لها في المنطقة».
وأشار إلى أن هذه الجماعات، بما فيها تلك التي تنشط في العراق واليمن ولبنان، «تُقوّض سيادة الدول وتشن هجمات على المصالح الأميركية».